أما آنَ الأوان كي أصرخ في حناياي واُنادي بنداء الروح والضمير : مَن أنا ، ماذا اُريد ، أين المقصد يا تُرى؟ هل لي من هواء عطر نقيٍّ أشمّ فيه رحيق التحرّر من قيود التيه والضياع ، الخلاص من قضبان الاحتباس والضيق ، صوب آفاق العقل السليم المتسامي فوق العِرق والإثن واللون ... صوب أنوار فيوضات السماء التي عرّفتها لنا حجج السماء الظاهرة والباطنة؟
أما آنَ لنا أن نؤمن حقّاً بقاعدة اللطف الإلهيّ إيماناً فاعلاً بالعمل لا بالقول فقط؟ القاعدة التي يترتّب عليها نظمنا الدينيّ وتفكيرنا العَقَديّ بلوازمه وتواليه .. الذي يعني في ما يعني : ضرورة ممارسة الوظائف طبق الظرف الذي نحياه ، ظرف غيبة الإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف ، إمّا الاجتهاد أو الاحتياط أو التقليد في الفروع ، وعلى الثالث السواد الأعظم من الناس ، حيث يرجعون إلى الفقيه الجامع للشرائط.
هذا الفقيه هو النائب العامّ للإمام عجّل الله تعالى فرجه الشريف زمن الغيبة ، وأكثر ما يشدّنا إليه أنّه طبق مقبولة عمر بن حنظلة : رافضٌ لكلّ الأوهام التي تعطّل حركة العقل والفكر وداعمٌ لكلّ الرؤى التي تشيّد للذاكرة الأزليّة القديمة ـ ذاكرة العبوديّة للواحد الأحد القهّار ـ في الذهن البشريّ أرسى الاُسس وأتقن البنيان .. فنجده ـ أي هذا الفقيه ـ حاضراً في الوجدان ، مخترقَ الشعور والإحساس دون استئذان.
فلا عجب أن يكون المراجع العظام صمّام الأمان ومصداق الاطمئنان والملجأ والملاذ لطرّ بني الإنسان.