وجدتك يا علي
عشتك في يقظتي ، بكامل وعيي وصحوتي ، في ذروة عقلانيّتي وهدوتي ، منسلخاً من غنوصيّتي ، متحرّراً من تخندقي واصطفافي وعصبيّتي ، مسترخصاً أحاسيسي وعاطفتي ، مستنفداً أدوات المنهج المعرفي والبحث العلمي ، بدءاً بالألف حتى الياء : فاحصاً ، مستقرئاً ، مقارناً ، متمسّحاً ، مبعثراً ، حافراً ، مراجعاً ، قارئاً ، مستنتجاً ... غائراً في أعماق الزمن الغابر غور المحلّل المستنطق ، مستشرفاً آتي الأيّام استشراف العارف المتحقّق ، مستوعباً آنات الحاضر استيعاب الخبير المدقّق ...
حُكِمْتُ نهاية المطاف ، حكمني لصالحك قاطع الدليل وساطع البرهان وباهر الحجّة ، ناهيك عمّا للقرينة والشاهد والمؤيّد من تكثّر وحضور وعدّة ، فهيمن على أفكاري وتبادر إلى خاطري نصّ المعرفة «يا علي لا يعرفك إلاّ الله وأنا ...» واستيقنت أنّي مهما عرفتك فلم أعرفك إلاّ كمعرفة النسبي إزاء المطلق ; إذ هي حيال بحرك كالقطرة ، كالحرف قبال قرآن ينطق.