ما يدوم بدوام رواشح القرآن الكريم ومنابعه التي لا تجفّ وبطون علومه التي تبقى عميقة مهما ولجها الوالجون ، وتظلّ أسراره خافية لا تكشف إلاّ لذوي المعايير الخاصّة وأصحاب الهمم العالية والأنظار الثاقبة والعقول الوهّاجة التي تشعّ إيماناً وإخلاصاً وولاءً.
التبيان في تفسير القرآن
دواعي التأليف
يقول الشيخ أبوجعفر محمّد بن الحسن بن علي الطوسي (قدس سره) (٣٨٥ هـ ـ ٤٦٠ هـ) في معرض إشارته إلى الدواعي والأسباب التي حدت به لتأليف تفسير التبيان :
فإنّ الذي حملني على الشروع في عمل هذا الكتاب أنّي لم أجد أحداً من أصحابنا ـ قديماً وحديثاً ـ من عمل كتاباً يحتوي على تفسير جميع القرآن ، ويشتمل على فنونه ومعانيه ، وإنّما سلك جماعة منهم في جمع ما رواه ونقله وانتهى إليه في الكتب المروية في الحديث ، ولم يتعرّض أحدٌ منهم لاستيفاء ذلك وتفسير ما يحتاج إليه.
فوجدت من شرع في تفسير القرآن من علماء الأُمّة بين مُطيل في جمع معانيه واستيعاب ما قيل فيه من فنونه ، كالطبري وغيره ، وبين مُقْصر اقتصر على ذكر غريبه ومعاني ألفاظه.
وسلك الباقون المتوسّطون في ذلك مسلك ما قويتْ فيه منّتهم وتركوا ما لا معرفة لهم به ..