لماذا الحسين؟
بينا كنت اُطالع بنوع من الانهماك الجزء الأوّل من مشروع محمّد عابد الجابري في العقل العربي ، المختصّ بتكوينه ، الذي يظهر منه أنّ مراده به الفكر والثقافة والمعرفة العربيّة والإسلاميّة .. اُطالع تمحوره حول العقل العربي والإسلامي ، واليوناني ، والاُوربّي ، إذ يرى أنّ هؤلاء الثلاثة وحدهم قد مارسوا التفكير النظري العقلاني بالشكل الذي سمح بقيام معرفة علميّة أو فلسفيّة أو تشريعيّة منفصلة عن الاُسطورة والخرافة ، ومتحرّرة إلى حدّ كبير من النظرة «الإحيائيّة» التي تتعامل مع أشياء الطبيعة كأشياء حيّة ذات نفوس تمارس تأثيرها على الإنسان وعلى إمكانيّات المعرفة ..
ثم يخوض في كلّ واحد من العقول الثلاثة باقتضاب ، فيبدأ باليوناني وأنّ هراقليطس هو أوّل من قال بفكرة «اللوغوس» أو العقل الكوني ، أي عقل كلّي يحكم الظواهر ويتحكّم في صيرورتها الدائمة الأبديّة وأنّ العقول البشريّة تستطيع التوصّل إلى معرفة صحيحة عن ظواهر الطبيعة إذ هي شاركت في العقل الكلّي. لقد تصوّر هراقليطس