أين نحن من محمّد؟
بين هذا الذي تنفّس الصعداء بوأده وليدته مصدر العار ومبعث الذلّ ومنطلق الشؤم ، وذاك الذي استراح حيث أنجز تكاليفه العباديّة بأدائه الطقوس والتوسّلات بهُبل واللاّت والعزّى ، والثالث الذي فاخر بنصره عشيرته وقبيلته بتسجيله أرقى مراتب التعصّب من قتل وترويع وإرهاب وثأر وسلب ... بين كلّ اُولاء نهض محمّد بن عبدالله (صلى الله عليه وآله) بمشروع عُدّ مجازفةً وتمرّداً وانتحاراً ومهزلةً جنونية تلفظها اُصول العقل والمنطق والأعراف الحاكمة آنذاك.
أمّا هو (صلى الله عليه وآله) فأرادها حضارةً تسمو بالإنسان فوق قِيَم الوأد والشرك والانتماءات الضيّقة إلى عالم رحب يمنحه الحبّ والحرّيّة والنموّ والأمان والفلاح. وكان همّه الأوّل تمرين العقول والقلوب على السفر خارج حدود المفاهيم المعتمة ، إلى حيث ينعم الذهن والفكر بمراتع المعرفة التي تذيب جمود العقل وتمسح عنه أدران القوانين الظالمة والأحكام القاسية.
أراد (صلى الله عليه وآله) بالإنسان أن يشمخ إلى منصّة القناعة التي تقذفه إلى أسمى