اليوم الأوّل
طهران ـ النجف الأشرف
لا ريب أنّ كلّ واحد منّا يجد في هذا السفر تفاوتاً ملحوظاً رغم تشرّفه بزيارة العتبات المقدّسة كراراً ومراراً ، فما بالك بمن حالت بينه وبين الأولياء الطاهرين عليهم السلام عقودٌ من الشوق والانتظار ، وما يدريك فلحظات العمر لا ضمان لها وأنفاسنا رهينة قضائه تبارك وتعالى.
ها نحن الآن في النجف الأشرف ، حاضرة التشيّع ، سناءُ الولاية وضياء العقيدة يزيدُ فضاءاتها إشعاعاً وتوهّجاً ، معقل الحوزة العلميّة العريقة التي خرّجت آلاف العلماء والمجتهدين ، ذات الخصوصيّات التي تنفرد بها عن سائر البلدان والأصقاع ، نعم فالرائحة والطعم واللون كلّه نجفيٌّ بامتياز .. وأنت هناك ، لا شعوريّاً ، تجد شيئاً ما يربطك بهذا التراب ، علقةً ما لا تجد تفسيراً مادّياً لها ، الأرض أرضك والهواء هواؤك ، والهوى يجتذبك إلى حيث تعشق وتهوى ، وأنت هناك قد تمنح الحقّ لمن قرّر الرجوع والمكوث أو التفكير بالبقاء ، إنّها وشائج الانتماء وأواصر الهوية