عن المعلى أنّ الأئمّة محدّثون بمنزلة الأنبياء ، بل قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : علماء أمتي كأنبياء بني اسرائيل ، فتوهّموا أنّه يقول إنّهم أنبياء» (١).
وممّن ذهب إلى هذا القول صاحب تنقيح المقال حيث قال ما ملخّصه : إنّ المتتبّع النَّيْقد يجد أنّ أكثر من رُمي بالغلوّ بريء من الغلوّ في الحقيقة ، وأنّ أكثر ما يُعد اليوم من ضروريّات المذهب في أوصاف الأئمّة عليهمالسلام كان القول به معدوداً في العهد السابق من الغلوّ ، ... وذلك أنّ الأئمّة عليهمالسلام حذّروا شيعتهم من القول في حقّهم بجملة من مراتبهم ، إبعاداً لهم عمّا هو غلوّ حقيقة ، فهم منعوا الشيعة من القول بجملة من شئونهم ، حفظاً لشئون الله جلّت عظمته ، حيث كان أهمّ من حفظ شئونهم ، لأنّه الأصل وشئونهم فرع شأنه ، نشأت من قربهم لديه ومنزلتهم عنده ، وهذا هو الجامع بين الأخبار المثبتة لجملة من الشئون لهم والنافية لها (٢).
أقول : الصحيح التفصيل في ذلك ، فإنّ الغلو كان عند المتقدّمين على أقسام ، كما يظهر ذلك جليّاً من الشواهد التي ذكرت لكلّ من القولين ، فإنّ العنوان قد أطلق واستعمل في الفرق المنحرفة التي كانت تؤلّه الأئمّة عليهمالسلام ، نظير الخطّابية والبنانية والمغيرية وغيرهم ممّن ذهب مذهبهم. كما أنّ القمّيّين يطلقوها على من يروي في صفات الأئمّة عليهمالسلام ممّا يوهم للسامع في أوّل وهلة أنّها من صفات واجب الوجود تعالى ذكره ، أو من يروي في خوارق افعالهم التي من سنخ نشأة الملكوت.
وعليه فيجب تدبّر القرائن بحسب الموارد ، ويعين في ذلك الاطّلاع على أنحاء
__________________
(١) الفوائد الرجاليّة / الوحيد البهبهاني : الفائدة الثانية.
(٢) تنقيح المقال : الفائدة الخامسة والعشرون من المقدّمة.