ومع أنّ النجاشي متخصّص في الأنساب ، وقد ألّف كتاباً في أنساب بني نصر بن قعين ، وأيّامهم وأشعارهم ، ليس أيضاً قوله مقدّماً على قول الشيخ مطلقاً ، فسيأتي في أبان بن تغلب أنّ الصواب قول الشيخ : «إنّه مولى بني جرير بن عباد بن ضبيعة» دون قول النجاشي : «ابن عبادة بن ضبيعة» ، وفي أحمد بن إبراهيم بن أبي رافع أنّ الصواب قول الشيخ : «من ولد عُبيد بن عازب» ، دون قول النجاشي : «ابن عبيد بن عازب» ، وسيأتي في إسماعيل بن الفضل أنّ الصواب قول الشيخ في نسبه ، دون قول النجاشي» (١).
إلّا أنّه قال مع ذلك : «إنّ النجاشي أضبط من الشيخ نوعاً ، إلّا أنّه لا يحكم بتقدّم قوله على قول الشيخ مطلقاً بل يجب رعاية القرائن» (٢).
أقول : والحاصل من النقاط السابقة أنّ المدار في تقديم قول أحدهما على الآخر هو إمّا الترجيح بالقرائن ، وهو يعني مسلك الاستنباط والاجتهاد الرجالي ، والذي عبّرنا عنه في الفصل الأوّل عند استعراض وجوه حجّية قول الرجالي بمسلك تحصيل الاطمينان بتراكم القرائن ، وتعيين درجتها كمّاً وكيفاً ، مع ملاحظة الكسر والانكسار بينها ، أي جهات التضعيف والتقوية ، وهو عمدة وديدن روّاد هذا الفن. وإمّا التفصيل في التقديم.
فوجهه : أنّ النجاشي قد امتاز بموارد هو أضبط فيها ، كالنسب وتميز المشتركات ولواحقها ، وهكذا الشيخ في جهات أخرى ، لأجل امتيازات هو مقدّم فيها كمباني الجرح والتعديل ، وهذا التفصيل في التقديم مبنيّ على الأخذ بقول الرجالي من باب أهل الخبرة.
__________________
(١) قاموس الرجال ١ / ٥٤.
(٢) قاموس الرجال / التستري ١ / ٥٣.