المجيز للمجاز بروايات ذلك الكتاب ، لا سيّما مع ديدن شيوخ الإجازة في المناولة من قراءة مقتطف من أحاديث الكتاب من مواضع متفرقة في ذلك الكتاب ، مع إخبار المجيز بعدد الروايات المتضمّن لها النسخة ، وخصوصيّات تلك النسخة ، وأهمّها عدد روايات ذلك الكتاب ، فالمناولة بهذه الصورة نحو توثيق معتمد عليه بين العقلاء في سيرهم ، فضلاً عن المتشرّعة وبين المسلمين أجمع.
ومن ثمّ نُسب الاعتراض الأوّل إليه قدسسره بصياغة أخرى ، وهو التوقّف في الاعتماد على الدلالة والتركيب اللفظي في متون أحاديث تلك الكتب ، لعدم الوثوق بضبط ألفاظ المتون ، وإن اطمئنّ بالنسخة والكتاب إجمالاً.
وإلى ذلك يشير مفاد رواية محمّد بن الحسن بن أبي خالد شينولة ، قال : قلت لأبي جعفر الثاني عليهالسلام : جعلت فداك إنّ مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهمالسلام وكانت التقيّة شديدة ، فكتموا كتبهم فلم تروا عنهم ، فلمّا ماتوا صارت تلك الكتب إلينا ، فقال : «حدّثوا بها فإنّها حقّ» (١).
ولكنّ الاعتراض بصياغته الثانية هذه أيضاً مدفوع بنفس الجواب السالف ، وغاية هذه الصياغة الثانية هو أرجحيّة متون روايات الكتب الأربعة ودلالتها اللفظية على متون الكتب المشهورة الاخرى عند الاختلاف ، لا الإسقاط عن الحجّية التفصيلية ابتداءً ، والوجه في ذلك إنّ الإجازات عن طريق المناولة لا محالة تؤول بالنهاية إلى أخذها عن طريق السماع ، أو الإملاء والمقابلة ، إذ المناولة إمّا تكون بتمليك المجيز نسخة كتابه للمستجيز مع كون المجيز قد
__________________
(١) الوسائل : باب ٨ ، أبواب صفات القاضي ، الحديث ٢٧.