ولا يخفى أنّ عبارته ليس في مطلق شيخ الإجازة ، بل في خصوص ما اشتهر منهم. وقريب منه ما عن الشيخ البهائي في الحبل المتين ، حيث عدّ الشيخوخة ممّا يوجب الظن بالعدالة.
وعدّ جماعة من مشايخ الإجازة ممّن لم يرد فيهم توثيق كأحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد وأحمد بن محمّد بن يحيى العطار ـ الذين روى عنهما كبار وجوه الطائفة كالشيخ المفيد ونحوه ـ وكالحسين بن الحسن بن أبان ، وأبي الحسين علي بن أبي جيّد.
أقول : ويضاف إلى أمثلة مشايخ الإجازة عبد الواحد بن عبدوس ، ومحمّد بن موسى بن المتوكّل ، وعلي بن الحسين السعدآبادي ، وغيرهم من مشايخ الصدوق ، الذين أكثرهم عنهم الرواية لا مطلق من روى عنهم.
وفي مقباس الهداية (١) التفرقة بين شيخوخة الإجازة وشيخوخة الرواية ، في إفادة الحسن أو الوثاقة تبعاً لصاحب التكملة ، حيث ذكر في ترجمة أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد أنّ الأوّل منهما من ليس له كتاب يروى ، ولا رواية تُنقل ، بل يُخبر عن كتب غيره ، ويُذكر في السند لمحض اتّصاله ، بخلاف الثاني فهو ممّن تؤخذ الرواية عنه أو يكون صاحب كتاب.
أقول : ما أفاده من التفرقة موضوعاً وإن كان له وجه ، إلّا أنّه على اطلاقه ليس بسديد ، وكأنه قد ارتكز في هذه التفرقة على ما جرى عليه التعارف في الأعصار الأخيرة من الاستجازة من أكابر الأعلام في الكتب المتواترة والمشهورة للطائفة ، وإلّا فكيف يُعدّ سلسلة المشيخة التي ذكرها الصدوق في الفقيه ، والتي ذكرها
__________________
(١). مقباس الهداية ٤ / ٢٢٢.