في المرحلة
التاريخية للحديث الهامّة التي قام بها الرواة القميون ، ويدلّل على ذلك في خصوص
المقام أنّ الذي استثنى من كتاب النوادر في عبارة النجاشي هو محمّد بن الحسن بن
الوليد.
وقد عرفت ديدنه في
أصْلَي زيد الزرّاد ، والنرسي ، وإنّه ذكر في الاستثناءات استثناءهم ما كان فيها
من غلوّ أو تخليط ، حيث إنّ بناءهم في روايات الغلوّ على إنّها موضوعة ، والتخليط
عبارة عن الخلط في الإسناد ، والخلط في المتن ، ممّا يساوي الموضوع والمدسوس وإن
لم يكن بعمد ، ويدلّ على ذلك أيضاً أنّ مَن استثنوه لم يقتصر فيه على مشايخ صاحب
النوادر كما هو الحال في وهب بن منبّه مع أنّ وفاته في سنة (١١٤ ه)
فتحصّل : إنّ استثناء القميين من كتاب النوادر يريدون به عدم
روايتهم لتلك الروايات ، لما لاح لهم من قرائن الوضع والتدليس ، ولو بحسب المباني
المختصّة بهم ، وأنّ الذي يروونه من كتاب النوادر ليس بمعنى التوثيق المصطلح ، بل
بمعنى نقاء تلك الروايات عن شوب التدليس والوضع ، وهو درجة من التوثيق ، لكنّه ليس
بالمعنى المصطلح له ، بل بمعنى تشكّل الخبر المتواتر منه أو المستفيض وصلاحيّته
للاعتضاد به ، بخلاف الخبر المدسوس والموضوع فإنّه لا يتولّد منه التواتر
والاستفاضة مهما بلغ العدد.
وأمّا الخدشة في
كون عدم استثنائهم توثيقاً استناداً إلى احتمال بناء (ابن الوليد) على أصالة
العدالة في كلّ من لم يظهر منه الفسق ، فقد تقدّم مبسوطاً وهن هذه الدعوى ، إذ ليس
في المتقدّمين ولا الشيخ الطوسي ولا العلّامة الحلّي من يبني على أصالة العدالة
بمجرّد عدم إحراز الفسق من دون ضميمة وجود أمارات على الوثاقة ، فلاحظ.