ومن المضحك قوله : « ليكون أهيب في عيون المباهلين » ، فإنّه لو كان الداعي لوجودهم هو الهيبة ، فلم خصّ شابّا وامرأة وطفلين ، وترك المشايخ الكبار ، والحفدة (١) ، والأنصار؟!
وقد مرّ في الآية السادسة ما يزيدك تحقيقا وبيانا للمطلوب (٢).
ثمّ إنّ غاية ما قلنا هو استسعاد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم واستعانته في الدعاء على المبطلين بمن طهّرهم الله عن الرجس تطهيرا ، وقد زعم القوم أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم استسعد بالدعاء لنفسه الشريفة بعمر بن الخطّاب ، وهو أعظم من الاستسعاد في الأوّل ، ولم يستنكره القوم ؛ لأنّه متعلّق بأوليائهم! ..
روى ابن حجر في « الصوّاعق » ، في فضائل عمر ، أنّ رسول الله قال له : « لا تنسنا يا أخي من دعائك ». (٣)
وفي رواية أخرى قال له : « يا أخي أشركنا في صالح دعائك ، ولا تنسنا » (٤).
بل رووا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم استسعد بأبي بكر وعمر وعثمان في حفظ نفسه المقدّسة ، وجعلهم واسطة لسلامته! ..
__________________
(١) الحفدة : الأعوان والخدمة ، واحدهم : حافد ؛ انظر : لسان العرب ٣ / ٢٣٥ مادّة « حفد ».
(٢) راجع : ج ٤ / ٤٠٢ وما بعدها من هذا الكتاب ، وانظر مبحث آية المباهلة في : تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات ١ / ٣٤٢ ـ ٤٦٦.
(٣) الصواعق المحرقة : ١٤٩ ح ٦١ ؛ وانظر : سنن أبي داود ٢ / ٨١ ح ٤٩٨ ، مسند أحمد ١ / ٢٩.
(٤) الصواعق المحرقة : ١٤٩ ح ٦٢ ؛ وانظر : سنن ابن ماجة ٢ / ٩٦٦ ح ٢٨٩٤ ، سنن الترمذي ٥ / ٥٢٣ ح ٣٥٦٢ ، مسند أحمد ٢ / ٥٩.