وبالجملة : المباهلة إنّما تقع بين الخصمين ، ومن المعلوم أنّ خصم أهل نجران هو النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خاصّة ، لكن لمّا كان إدخال عليّ وفاطمة والحسنين معه في المباهلة يشتمل على فوائد ، أدخلهم معه ..
الأولى : إظهار اعتماده على أنّه المحقّ ؛ فإنّ إدخال أعزّ الناس في محلّ الخطر دليل على ذلك ، وعلى اعتقاده بالنجاح والسلامة.
الثانية : الاستسعاد بهم والاستعانة بدعائهم ؛ ولذا أمرهم بالتأمين على دعائه ، ولا وجه لما قاله الفضل من أنّ سرّ طلب التأمين شمول البهلة لهم لا الاستعانة بدعائهم ؛ فإنّ خروجهم معه كاف في شمول البهلة لهم بلا حاجة إلى تأمينهم.
ولو كان التأمين هو السرّ في شمول البهلة لهم ، فمن أين علم شمولها لقوم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأتباعه ، ولم يأخذهم معه ، وما أراد تأمينهم؟!
الثالثة : بيان فضلهم على الأمّة بإشراكهم معه كما أمر الله تعالى ، دون أقاربه وخاصّته ، في إثبات دعوى النبوّة بالمقام الشهير المشهود ؛ فإنّه منزلة عظمى ، لا سيّما لعليّ عليهالسلام الذي عبّر الله سبحانه عنه بنفس النبيّ.
ودعوى أنّ عادة المباهلة أن يجمع الرجل أهله وقومه وأولاده ، كاذبة ـ كما سبق في الآية السادسة (١) ، وإلّا لما خالفها النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولاعترض عليه النصارى في المخالفة ـ ؛ كدعوى شمول البهلة للأتباع ، وإلّا لأدخل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم معه ولو واحدا منهم!
وكون وجوده هو الأصل والمدار فيستغني عن وجودهم ، وارد في المرأة والطفلين بالأولويّة ، فلم لا استغنى عنهم؟!
__________________
(١) راجع : ج ٤ / ٤٠٢ من هذا الكتاب.