وأقول :
تكرّر هذا الكلام بينهم وتشدّقوا به ، وهو جهل وتعصّب ؛ إذ ليس المراد بقوله تعالى : ( وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى ) هو الثناء على الأتقى بأنّه لا يد لأحد عنده ؛ إذ لا يوجد أحد من بني آدم إلّا ولأحد نعمة عليه ، إذ لا أقلّ من أحد أبويه ، أو غيرهما من المربّين والكافلين ، سواء في ذلك عليّ ، أم أبو بكر ، أم غيرهما!
بل المراد : هو الثناء عليه بأنّه لم ينفق ماله لأجل مكافأة أحد بنعمة له عليه ، بل أنفق ماله ابتغاء وجه ربّه الأعلى.
ولذا صحّ الاستثناء في الآية ، فإنّه لا معنى لاستثناء قوله : ( إِلأَابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى ) (١) من مجرّد مدح الشخص بأن لا يد لأحد عليه.
ثمّ كيف جاز لهم أن ينفوا نعمة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على أبي بكر؟!
ألم ينعم عليه بدعوته إلى الإسلام ورفع شأنه؟!
ألم ينعم عليه بالغنائم وغيرها؟!
( وَما نَقَمُوا إِلأَأَنْ أَغْناهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ ... ) (٢).
وأمّا قوله : « ولم يقدر أحد من الشيعة أن يدّعي أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم غزا غزوة وتخلّف عنه أبو بكر » ..
فلو صحّ ، فهم يقدرون على إثبات تخلّفه عن أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في
__________________
(١) سورة الليل ٩٢ : ٢٠.
(٢) سورة التوبة ٩ : ٧٤.