ولذا قال سبحانه : ( لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلى ... * إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى ) (١).
فليس نهيه نهي تحريم ، بل للتطمين بالنصر السريع بإلقاء عصاه.
ومنه يعلم الوجه في قوله تعالى : ( وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ ) (٢) ، وقوله سبحانه : ( فَلا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ ... ) (٣).
وأمّا نهي الله تعالى له عن الحزن على الكافرين وكفرهم ، فالمراد به التنبيه على عدم الاعتناء بهم ، وعدم استحقاقهم للحزن والأسف عليهم بإهلاكهم أنفسهم ، كما قال تعالى : ( فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ ) (٤).
وهذا هو ظاهر الآيات بلا حاجة إلى تكلّف ، بخلاف نهي أبي بكر!
على أنّ تلك الآيات لو لم تكن ظاهرة بما قلنا ، فلا بدّ من حملها عليه ؛ للعلم بكمال الأنبياء وعصمتهم ، بخلاف أبي بكر ، ولا سيّما مع سهولة الحمل في تلك الآيات دون ما يتعلّق بأبي بكر ، بل هو متّضح الحال ، وأنّ حزنه لإشفاقه من القتل ، كما تدلّ عليه الأخبار.
وأمّا قوله : « وأثنى عليه في كتابه العزيز في مواضع عديدة » ..
فهو كذب مفترى ، بدليل ما رواه البخاري في سورة الأحقاف من
__________________
(١) سورة طه ٢٠ : ٦٨ و ٦٩.
(٢) سورة النحل ١٦ : ١٢٧.
(٣) سورة يس ٣٦ : ٧٦.
(٤) سورة فاطر ٣٥ : ٨.