وأمّا إنكار دلالته على نفي خلافة الآخرين ؛ فمكابرة للضرورة ؛ إذ أيّ دليل أصرح في نفيها من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « خليفتي من بعدي »؟!
ولو كان التقليد بقوله : « من بعدي » غير دالّ على ذلك ، لم تثبت خلافة أحد بلا فصل بالنصّ!
وليت شعري! ما بال وصيّة أبي بكر لعمر كانت نصّا في خلافته له بلا فصل دون وصيّة النبيّ لأمير المؤمنين ، وهي ليست بأصرح منها في الدلالة على عدم الفصل ، وكذا وصايا سائر السلاطين لولاة عهدهم ، كما سبق في الآية الثانية من الآيات التي ذكرها المصنّف رحمهالله (١)؟!
ومن جملة الأخبار المصرّحة بخلافة أمير المؤمنين عليهالسلام ، ما في « ميزان الاعتدال » بترجمة عبد الله بن داهر ، حيث ذكر أنّه روى بسنده عن ابن عبّاس : « ستكون فتنة ، فمن أدركها فعليه بالقرآن وعليّ بن أبي طالب.
قال : فإنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم [ وهو آخذ بيد عليّ ] يقول : هذا أوّل من آمن بي ، وأوّل من يصافحني ، وهو فاروق هذه الأمّة ، ويعسوب المؤمنين ، والمال يعسوب الظلمة ، وهو الصدّيق الأكبر ، وهو خليفتي من بعدي » (٢).
قال في « الميزان » : قال ابن عديّ : عامّة ما يرويه في فضائل عليّ ،
__________________
(١) راجع : ج ٤ / ٣٤٨ من هذا الكتاب.
(٢) ميزان الاعتدال ٤ / ٩٣ رقم ٤٣٠٠ ؛ وانظر : المعجم الكبير ٦ / ٢٦٩ ح ٦١٨٤ ، الاستيعاب ٤ / ١٧٤٤ رقم ٣١٥٧ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٤١ ـ ٤٣ ، كفاية الطالب : ١٨٧ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٠٢ ، كنز العمّال ١١ / ٦١٢ ح ٣٢٩٦٤ وص ٦١٦ ح ٣٢٩٩٠ ، أسد الغابة ٥ / ٢٧٠ رقم ٦٢٠٧.