وأجاب عنه هو والشارح بأمرين :
الأوّل : إنّه معارض بالنصوص الدالّة على إمامة أبي بكر (١).
وفيه : إنّه لو سلّم وجودها ودلالتها فليست حجّة علينا ؛ لأنّها من أخبارهم الخاصّة بهم (٢) ، بل هي من الكذب المسلّم ؛ لإقرارهم بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يخلّفه (٣).
الثاني : منع صحّة الحديث ؛ للدليل القاطع على عدم النصّ الجليّ ؛ لأنّه لو وجد لتواتر ، ولعارض عليّ أبا بكر في الإمامة ، ولصلابة الأصحاب في الدين ؛ فكيف لا يتّبعون النصّ المبين؟! (٤).
ويرد على الأوّل : إنّ حصول التواتر مشروط بعدم الشبهة ، وهي ثابتة لهم ، بل الثابت أعظم منها ، وهو التعصّب ، الذي هو قذى البصائر.
وهل تبقى شبهة مع نصّ الكتاب العزيز بانحصار الولاية بالله ورسوله وأمير المؤمنين ، ونصّ حديث الغدير والمنزلة والثقلين ، وغيرها ، فإنّها متواترة ، ونصّ في إمامته ـ ولو بمجموعها ـ لو أنصفوا؟!
__________________
(١) المواقف : ٤٠٦ ، شرح المواقف ٨ / ٣٦٣.
(٢) كان ابن حزم ممّن اعترف بهذا وقرّره ، فقد قال ما نصّه : « لا معنى لاحتجاجنا عليهم برواياتنا ، فهم لا يصدّقونها ، ولا معنى لاحتجاجهم علينا برواياتهم ، فنحن لا نصدّقها ؛ وإنّما يجب أن يحتجّ الخصوم بعضهم على بعض بما يصدّقه الذي تقام عليه الحجّة به ، سواء صدّقه المحتجّ أو لم يصدّقه ؛ لأنّ من صدّق بشيء لزمه القول به أو بما يوجبه العلم الضروري ، فيصير حينئذ مكابرا منقطعا إن ثبت على ما كان عليه ».
انظر : الفصل في الملل والأهواء والنحل ٣ / ١٢.
(٣) ومن المقرّين بذلك القاضي الإيجي والشريف الجرجاني.
انظر : المواقف : ٤٠٠ ، شرح المواقف ٨ / ٣٥٤.
(٤) المواقف : ٤٠٤ ، شرح المواقف ٨ / ٣٥٩.