اشتماله على أنّ الرجل منهم كان يأكل الجذعة (١) ، ويشرب الفرق (٢) ، مدّعيا أنّهم لم يكونوا معروفين بمثل هذه الكثرة من الأكل والشرب (٣) ؛ وذلك لأنّ غاية ما يلزم منه مبالغة الراوي ، أو الخطأ في ذلك ، وهو غير ضارّ في صحّة أصل الواقعة (٤).
على أنّ عدم معروفيّتهم به لا تدلّ على العدم ، لا سيّما وقد كان الكثير من قريش كذلك ، كما تشهد به كتب التاريخ (٥).
وقد أورد ابن تيميّة على الحديث بأنّه كيف يقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم للجماعة : من يؤازرني على أمري يكن وصيّي وخليفتي من بعدي؟ والحال أنّ مجرّد الإجابة إلى مثل ذلك لا يوجب الخلافة ؛ فإنّ جميع
__________________
(١) الجذعة ـ والجمع : جذعات ـ : الأنثى الصغيرة السنّ من الإبل والخيل والبقر والضأن والمعز ، ولا يقال لها جذعة في الإبل إلّا إذا أتمّت أربعة أعوام ودخلت في السنة الخامسة ، وفي الخيل إذا استتمّ الفرس سنتين ودخل في الثالثة ، وكذا في البقر ، وفي الضأن إذا أتمّت سنة وقيل : ثمانية أو تسعة أشهر ، وفي المعز إذا أتمّت سنة من عمرها.
انظر : لسان العرب ٢ / ٢١٩ ـ ٢٢٠ مادّة « جذع ».
(٢) الفرق ـ بالتحريك ـ : مكيال يسع ستّة عشر رطلا ، وهي اثنا عشر مدّا ، وثلاثة أصوع عند أهل الحجاز ؛ وقيل الفرق : خمسة أقساط ، والقسط : نصف صاع ؛ فأمّا الفرق ـ بالسكون ـ : فمئة وعشرون رطلا ، وفيه الحديث : « ما أسكر منه الفرق فالحسوة منه حرام ».
انظر : لسان العرب ١٠ / ٢٤٨ مادّة « فرق ».
(٣) منهاج السنّة ٧ / ٣٠٦.
(٤) نقول : المراد هنا : بيان إعجاز رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ إذ شبع هؤلاء القوم ورووا وعددهم أربعون رجلا ، وحالهم في الأكل والشرب ما تقدّم ذكره آنفا ، من ذاك الطعام القليل!!
(٥) انظر : العقد الفريد ٣ / ٤٠٥ ـ ٤٠٦ ، ربيع الأبرار ٢ / ٦٨٢ و ٧٣٧ ، المستطرف ١ / ١٨٠ ـ ١٨١.