ولو سلّم ولادة حكيم بالكعبة ، فهي من باب الاتّفاق ، كما يدلّ عليه خبر ولادته ، لا لكرامة له ، فإنّه من مسلمة الفتح ، ومن المؤلّفة قلوبهم ، كما ذكره في « الاستيعاب » (١).
وهذا بخلاف ولادة أمير المؤمنين عليهالسلام ؛ فإنّها كجنابته في المسجد ، من طهارته وعناية الله به ، كما يشهد له ما رواه صاحب كتاب « بشائر المصطفى » على ما حكاه عنه في « كشف الغمّة » ، قال :
ومن « بشائر المصطفى » ، مرفوعا إلى يزيد بن قعنب ، قال : كنت جالسا مع العبّاس بن عبد المطّلب وفريق من بني عبد العزّى بإزاء بيت الله الحرام ، إذ أقبلت فاطمة بنت أسد أمّ أمير المؤمنين عليهالسلام ، وكانت حاملا به لتسعة أشهر ، وقد أخذها الطلق ، فقالت : يا ربّ! إنّي مؤمنة بك ، وبما جاء من عندك من رسل وكتب ، وإنّي مصدّقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل ، وإنّه بنى بيتك العتيق ، فبحقّ الذي بنى هذا البيت ، والمولود الذي في بطني ، إلّا ما يسّرت عليّ ولادتي.
قال يزيد بن قعنب : فرأيت البيت قد انشقّ من ظهره ، ودخلت فاطمة فيه ، وغابت عن أبصارنا ، وعاد إلى حاله ، فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح ، فعلمنا أنّ ذلك من أمر الله تعالى.
ثمّ خرجت في اليوم الرابع وعلى يدها أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب.
ثمّ قالت : إنّي فضّلت على من تقدّمني من النساء ؛ لأنّ آسية بنت مزاحم عبدت الله سرّا في موضع لا يحبّ الله أن يعبد فيه إلّا اضطرارا.
__________________
(١) الاستيعاب ١ / ٣٦٢ رقم ٥٣٥.