ينقل عن كتبهم ؛ لإلزامهم ، لا لحاجة به إليها ؛ لغناه عنها بالأدلّة القطعيّة ؛ العقليّة والنقليّة ، التي اشتملت عليها كتب أصحابه.
وقد تجاهل في معرفتها ومعرفة علماء الإمامية ورواتهم ظنّا منه أن يخدع الجهّال بذلك ، وهيهات أن تخفى الشمس على ذي عين!
نعم ، ما زالوا ـ وإلى الآن ـ يتغافلون عن كتب الشيعة ، ويتعامون عن النظر إليها ، كراهة لاتّضاح الحقّ ، ورغبة في ملّة الآباء!
وأمّا قوله : « فهو يترك المنقولات في الصحاح » ..
فكذب ظاهر ؛ لأنّ المصنّف رحمهالله ينقل عنها وعن غيرها ، كما ستعرف ، وكلّها عنده بمنزلة واحدة في الوهن ، لكنّه يروي عن الجميع ما يحتجّ به عليهم.
ولا يمكن أن نصحّح شيئا منها سوى ما يتعلّق بفضائل أهل البيت ونقائص أعدائهم ، كما سبق وجهه في المقدّمة ، وبيّنا فيها حال صحاحهم ، وأنّها بالسقم أحرى (١).
ومن الطرائف إنكاره بلوغ عدد الشيعة إلى عصره حدّ الكثرة ، فلو صدق فما باله فرّ من بلاده إلى ما وراء النهر ، ثمّ استغاث في آخر هذا الكتاب من استيلائهم على ما هنالك؟!
وإن جهل كثرتهم ، فليسأل عنهم أئمّته بني أميّة يوم الدار وصفّين ، ويوم استولى عليهم بنو العبّاس ، وليسأل عنهم بني العبّاس أيّام البويهيّين والحمدانيّين والفاطميّين!
وقد ذكر المؤرّخون أنّ بليّة معاوية على الكوفة أشدّ ؛ لكثرة من
__________________
(١) راجع : ج ١ / ٤١ وما بعدها من هذا الكتاب.