أقول : ولا ريب لمصنف في صحّته ؛ لاستفاضة طرقه ، بل تواترها ، لا سيّما بضميمة أخبارنا (١) ، وله شواهد من الكتاب والسنّة
__________________
« منكر جدّا إسنادا ومتنا » ؛ [ اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٠٧ ـ ٣٠٨ ، وانظر : تاريخ دمشق ٤٥ / ٣٢١ رقم ٥٢٦٥ ].
أقول : حقّ له أن يستنكره ؛ لأنّ واضع الزيادة في الحديث أراد مشاركة القوم لأمير المؤمنين عليه السلام في الفضل ، فذمّهم من حيث مدحهم ؛ لأنّه جعلهم سورا لمدينة علم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، والسور حاجب ومانع عن الوصول إلى علمه ، بخلاف الباب!
ثم نقل السيوطي ، عن ابن عساكر ، أنّه روى عن غيث بن عليّ الخطيب ، عن أبي الفرج الأسفرايني ، قال : كان أبو أسعد إسماعيل بن المثنّى الأسترابادي يعظ بدمشق فقام إليه رجل فقال : أيّها الشيخ! ما تقول في قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : « أنا مدينة العلم وعليّ بابها »؟
قال : فأطرق لحظة ثمّ رفع رأسه وقال : نعم ، لا يعرف هذا الحديث على التمام إلّا من كان صدرا في الإسلام! إنّما قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : « أنا مدينة العلم ، وأبو بكر أساسها ، وعمر حيطانها ، وعثمان سقفها ، وعليّ بابها ».
قال : فاستحسن الحاضرون ذلك وهو يردّده ؛ ثمّ سألوه أن يخرّج له إسناده ، فاغتمّ ولم يخرّجه لهم. انتهى. [ اللآلئ المصنوعة ١ / ٣٠٨ ، وانظر : تاريخ دمشق ٩ / ٢٠ ].
أقول : كان يجمل بالحاضرين ـ لو لم تكن قلوبهم قدّت من حجر ـ أن يستقبحوا ذلك لا أن يستحسنوه ؛ لأنّ الحيطان حاجبة ، والمدينة لا سقف لها ، والأساس هو الأصل ، فيكون علم أبي بكر أقوى وأثبت من علم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم! وما هذا إلّا كقولهم : « أبو بكر وعمر سيّدا كهول أهل الجنّة » مناظرة لقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « الحسن والحسين سيّدا شباب اهل الجنّة » ، وقولهم : « فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على الطعام » مناقضة لقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « فاطمة سيّدة نساء العالمين ».
هذا ، وللحديث طرق أخر يمنعنا عن ذكرها طول المقام وعدم الحاجة ، يعرفها المتتبّع بلا كلفة.
منه قدسسره.
(١) انظر : صحيفة الإمام الرضا عليهالسلام : ٥١ ح ٨٢ ، الخصال ٢ / ٥٧٤ ح ١ ، عيون أخبار