بأخذها ، وبيّن أنّ صلاته سكن لهم ، وهذه الصفات لا تتحقّق في غير النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ».
وأمّا الحديث الثاني : فهو ـ أيضا ـ دالّ على المدّعى ؛ لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وصف فيه الرجل الذي يبعثه الله تعالى بأنّه قد امتحن الله قلبه ، أي ابتلاه بأنواع المحن ، فوجده خالص الإيمان ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، ولا يصانع أحدا في دينه.
وهذا يفيد بمفهومه أنّ غير هذا الرجل ليس كذلك ، لا سيّما الشيخان ؛ للتصريح بهما ، ولأنّهما أشارا بردّ المؤمنين إلى بلاد الكفر ، وجعل السبيل للكافرين عليهم خلافا لحكم الله ورسوله ، ووفاقا لرغبة الكافرين ، لا سيّما عمر ، فإنّه وافق أبا بكر على قوله : « صدقوا » ، ولم يبال باستياء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من أبي بكر وتغيّر وجهه الشريف من قوله ، كما سبق في بعض الأخبار المصحّحة عندهم ، المذكورة في الآية الثانية والعشرين (١).
ولو كانا ممّن امتحن الله قلبه للإيمان وخالصي الإيمان لما فعلا ذلك.
بل يستفاد من وصف النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم للرجل الذي يبعثه الله بأنّه امتحن الله قلبه للإيمان ، ويضرب أعناقهم على الدين ، بعد موافقة الشيخين لقريش ، أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد التعريض بهما بأنّهما ليسا بهذا الوصف.
وبالضرورة أنّ من ليس كذلك ، ولم يبال بالنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مواجهة في حياته ، ولا بكتاب الله وحكمه ، أحقّ وأولى بعدم المبالاة بأحكام الله ودينه
__________________
(١) راجع : ج ٥ / ٨٦ وما بعدها من هذا الكتاب.