وقد أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله : ( أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ) (١) ، وصرّحت به السنّة المستفيضة ، كأخبار الحوض ، التي منها ما رواه البخاري في « باب الحوض » ، من أنّ الأصحاب ارتدّوا على أدبارهم القهقرى ، ولا يخلص منهم إلّا مثل همل النّعم (٢) ، كما مرّ (٣) ويأتي إن شاء الله تعالى.
وأمّا ما زعمه من أنّ أهل السنّة يحبّون عليّا حبّا شديدا ، فلا نعرف منه إلّا الدعوى ، ولو كشف الله سبحانه حجاب ضمائرهم لعرفت أنّهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ..
بل الوجدان يشهد بخلافه ، فهذه أقلامهم عند تلاوة آيات فضله ، وهذه أرقامهم (٤) عند سماع نصوص إمامته ، وهذا ولاؤهم لأظهر مبغضيه وأعدائه ، كمعاوية وأشباهه ..
تودّ عدوّي ثمّ تزعم أنّني |
|
صديقك إنّ الرأي عنك لعازب (٥) |
__________________
مجمع الزوائد ٥ / ٢١٨ و ٢٢٤ ؛ علاوة على ما مرّ في مقدّمة الكتاب ص ٣١ ، وفي ج ٤ / ٢١٤ ه ١ ـ ٤ ، من تخريج ألفاظ حديث : « من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية ».
(١) سورة آل عمران ٣ : ١٤٤.
(٢) صحيح البخاري ٨ / ٢١٧ ح ١٦٦.
(٣) انظر ما تقدّم في ج ٢ / ٢٧ ه ١ وج ٤ / ٢١٢ ـ ٢١٣ من هذا الكتاب.
(٤) الرّقم : الكتابة والختم ؛ والرّقم والتّرقيم : تعجيم الكتاب ، ورقم الكتاب يرقمه رقما : أعجمه وبيّنه ، وكتاب مرقوم أي قد بيّنت حروفه بعلاماتها من التنقيط ؛ انظر : لسان العرب ٥ / ٢٩٠ مادّة « رقم ».
والمراد هنا هو ما كتبوه ويكتبونه في إنكار إمامة أمير المؤمنين الإمام عليّ عليهالسلام.
(٥) البيت من بحر الطويل ، وقد نسبه ابن عبد ربّه إلى العتابي ؛ انظر : العقد الفريد ٢ / ٧٥ باب أصناف الإخوان من كتاب « الياقوتة في العلم والأدب » ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ٢٠ / ١٥.