وهو كلام حسن ، سوى إنّ مؤاخاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ ليست للارتزاق ؛ لغنى عليّ عليهالسلام حينئذ بالغنائم وغيرها ، وبلوغه منزلة يعول بها ولا يعال به.
وإنّما الغرض من مؤاخاته لعليّ تعريف منزلته ، وبيان فضله على غيره ؛ لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يؤاخي بين الرجل ونظيره ، كما دلّ عليه بعض الأخبار (١) ؛ لأنّ ذلك أقرب إلى التعاون والتعاضد ، وأوجب للتأليف ، فيكون أمير المؤمنين عليهالسلام هو النظير لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
كما جعلته آية المباهلة نفسه ؛ وذلك رمز لإمامته ؛ ولذا احتجّ به أمير المؤمنين يوم الشورى (٢).
كما أشار رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أيضا ـ إلى ذلك بقوله في كثير من هذه الأحاديث : « أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ».
وقوله : أنت أخي ووارثي ؛ فقال عليّ : وما أرث منك؟ قال : ما ورّث الأنبياء قبلي ؛ قال : وما ورّثوا؟ قال : كتاب الله وسنن أنبيائه ؛ كما سبق في الآية الثانية والثلاثين (٣).
فإنّ عليّا عليهالسلام إذا ورث مواريث الأنبياء كان من خلفائهم وإمام الأمّة ؛ إذ ليس الإمام إلّا من كان كذلك.
ويشهد لذلك وصف عليّ عليهالسلام بالأخوّة في عرض وصف النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالرسالة ، في ما هو مكتوب على باب الجنّة ، كما في الخبر
__________________
(١) انظر علاوة على أحاديث المؤاخاة المتقدّمة : مطالب السؤول : ٨٧ ـ ٨٨ ، كفاية الطالب : ١٩٤ ، الرياض النضرة ٣ / ١٨٧ ، ينابيع المودّة ١ / ١٧٨.
(٢) انظر مبحث آية المباهلة في ج ٤ / ٣٩٩ وما بعدها من هذا الكتاب.
(٣) انظر : ج ٥ / ١٤٣ وما بعدها من هذا الكتاب.