فأنت ترى أنّ هذين الحديثين غير ما حكاه المصنّف رحمهالله ، وراويهما ـ وهو الخطيب ـ غير راوي أخبار المصنّف رحمهالله ؛ فخان الفضل في النقل عن ابن الجوزي!
ولو كان محمّد بن خلف هو الراوي لحديث النور وطعن فيه ابن الجوزي ، لذكره السيوطي مع حديثه الأوّل ؛ لاتّحاد وجه الطعن ، وهو رواية ابن خلف له.
ويشهد لذلك أنّ الذهبي في « ميزان الاعتدال » ذكر بترجمة محمّد بن خلف الحديث الأوّل مع طعن ابن الجوزي فيه (١).
ولو كان ابن خلف راويا لحديث النور ، وكان ابن الجوزي قائلا بوضعه ، لكان ذكر الذهبي له أولى ؛ لأنّه أدّل على فضل أمير المؤمنين وإمامته ، والذهبي أشدّ اهتماما بإنكار مثله.
ولو سلّم رواية محمّد بن خلف لحديث النور ، وطعن ابن الجوزي فيه ، فهو لا يستلزم كذب جميع رواة حديث النور ، بل يكون تعدّد طرقه دليلا على صدقه.
على أنّ ابن الجوزي أيضا طرف النزاع ، فكيف يعتبر قوله بوضع حديث النور ، مع أنّا نرى القوم أنفسهم لا يعتبرون كلامه؟!
قال السيوطي في ديباجة « اللآلئ المصنوعة » : « جمع الحافظ أبو الفرج ابن الجوزي كتابا فأكثر فيه من إخراج الضعيف الذي لم ينحطّ إلى رتبة الوضع ، بل ومن الحسن ، ومن الصحيح ، كما نبّه على ذلك الأئمّة الحفّاظ ، ومنهم : ابن الصلاح في ( علوم الحديث ) ، وأتباعه » (٢).
__________________
(١) ميزان الاعتدال ٦ / ١٣٥ رقم ٧٤٩٦.
(٢) اللآلئ المصنوعة ١ / ٩ ، وانظر : علوم الحديث : ٩٩.