ولكن ثمة نص آخر يقول : إن المشركين التقوا بالمسلمين ، وهم في طريقهم ، للتعرف على مصير صاحبهم الذي أرسلوه بالكتاب إلى بني عامر.
نضيف إلى ما تقدم : أننا لا نجد مبررا لإرساله «صلى الله عليه وآله» سبعين رجلا أو أربعين أو أقل ، لأجل التعليم ، وذلك لأنه «صلى الله عليه وآله» قد أرسل ستة نفر أو عشرة فقط في سرية ، حينما طلبت منه «صلى الله عليه وآله» عضل والقارة أن يرسل إليهم من يعلمهم ، كما أنه قد أرسل مصعب بن عمير ـ فقط ـ إلى المدينة قبل الهجرة لغرض التعليم ، وليلاحظ أيضا قلة من أرسلهم إلى اليمن ، فما باله يرسل إلى بئر معونة سبعين رجلا؟
فإن كان ذلك لأجل مباشرة الحرب ، فهذا العدد لا يكفي لمواجهة أهل نجد ، وإن كان الهدف هو الدعوة وكانت زيادة العدد لأجل الاحتراز منهم ـ لو كانت نياتهم سيئة ـ فإن هذا العدد لا يكفي للاحتراز.
وإن كان لأجل المراقبة ، وليكونوا عيونا ، فإن العشرة فما دون يكفون لذلك.
ولعل مما يشير إلى : أنهم كانوا عيونا : خفاء أمرهم ، وسرية عملهم ، فإن عامر بن الطفيل وقومه ما كانوا يعلمون بوجودهم ، فقد قال عامر بن الطفيل بعد قتل حرام بن ملحان :
«لا أحسبه إلا أن له أصحابا ، فاقتصوا أثره حتى أتوهم ، فقتلوهم» (١).
__________________
(١) تاريخ الأمم والملوك (ط دار المعارف) ج ٢ ص ٥٥٠ والدر المنثور ج ٢ ص ٩٥ عن ابن جرير وابن المنذر.