قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

اللّباب في علوم الكتاب [ ج ٧ ]

74/640
*

قال قتادة : هم اليهود ؛ آمنوا بموسى ، ثم كفروا من بعد بعبادتهم العجل ، [ثم آمنوا بالتّوراة](١) ، ثم كفروا بعيسى ـ عليه‌السلام ـ ، ثم ازدادوا كفرا بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم (٢).

وقيل : هو في جميع أهل الكتاب آمنوا بنبيّهم ، ثم كفروا به ، وآمنوا بالكتاب الذي نزّل عليه ، ثم كفروا به ، وكفرهم به : تركهم إيّاه ، أي : ثم ازدادوا كفرا بمحمّد صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

وقيل : هذا في قوم مرتدّين ، آمنوا ثم ارتدّوا ، ومثل هذا هل تقبل توبته؟ حكي عن عليّ : أنه لا تقبل توبته ، بل يقتل ؛ لقوله ـ تعالى ـ : (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) وذلك لأن تكرار الكفر منهم بعد الإيمان مرات ، يدلّ على أنّه لا وقع للإيمان في قلوبهم ، إذ لو كان للإيمان وقع في قلوبهم ، لما تركوه بأدنى سبب ، ومن كان كذلك ، فالظّاهر أنّه لا يؤمن إيمانا صحيحا ، فهذا هو المراد بقوله : (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) وليس المراد : أنه لو أتى بالإيمان الصّحيح ، لم يكن معتبرا ، بل المراد منه : الاستبعاد ، وأكثر أهل العلم على قبول توبته.

وقال مجاهد : (ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً) أي : ماتوا عليه ، (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) : ما أقاموا على ذلك ، (وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً) أي : طريقا إلى الحقّ.

وقيل : المراد طائفة من أهل الكتاب ، قصدوا تشكيك المسلمين ، فكانوا يظهرون الإيمان تارة والكفر تارة أخرى ، على ما أخبر الله ـ تعالى ـ عنهم قولهم : (آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا)(٣)(وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [آل عمران : ٧٢] وقوله : (ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً) أن بلغوا في ذلك إلى حدّ الاستهزاء ، والسّخرية بالإسلام.

فصل

دلّت الآية على أنّ الكفر يقبل الزّيادة والنّقصان ؛ فوجب أن يكون الإيمان كذلك ؛ لأنهما ضدّان متنافيان ؛ فإذا (٤) قبل أحدهما التّفاوت ، فكذلك الآخر.

فإن قيل : الحكم المذكور في هذه الآية : إمّا أن يكون مشروطا بما قبل التّوبة (٥) ، أو بما بعدها.

والأوّل : باطل ؛ لأن الكفر قبل التّوبة غير مغفور على الإطلاق ، وحينئذ تضيع الشّروط المذكورة.

والثاني : باطل ؛ لأن الكفر [يغفر](٦) بعد التّوبة ، ولو كان بعد ألف مرّة ، فعلى التّقديرين يلزم السّؤال.

__________________

(١) سقط في ب.

(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٩ / ٣١٥) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٢ / ٤١٥) وزاد نسبته لعبد بن حميد.

(٣) سقط في أ.

(٤) في ب : وإذا.

(٥) في ب : التوراة.

(٦) سقط في أ.