حيث إطلاق الأخبار المتقدمة. ولا ريب أن الاحتياط في ما ذكروه والاحتياط التام ما ذكره في المدارك من دفع ما يحصل به يقين البراءة.
وأما ما ذكره السيد السند في المدارك في الصورة المتفق عليها بينهم ـ من إن المطابق للأصول وجوب عزل ما يتيقن انتفاؤه عنه والتفحص عن مالكه إلى أن يحصل اليأس من العلم به فيتصدق به على الفقراء كما في غيره من الأموال المجهولة المالك. إلى آخره ـ ففيه أولا ـ ما عرفت من أن مورد تلك الأخبار إنما هو المال المتميز في حد ذاته لا ما كان مشتركا وأحدهما غير الآخر كما عرفت. و (ثانيا) ـ أن ما ذكره موجب لاطراح هذه النصوص رأسا ، فإنها صريحة الدلالة في وجوب إخراج الخمس وحل الباقي بذلك أعمّ من أن يتيقن انتفاء شيء منه عنه أم لا ، بل التيقن البتة حاصل ولو جزء يسيرا مع أنه عليهالسلام حكم بوجوب إخراج الخمس وحل الباقي ولم يلتفت إلى هذا التيقن بالكلية. وطرحها مع تكررها في الأصول واتفاق الأصحاب على القول بها من ما لا يجترئ عليه ذو مسكة. وبالجملة فإن الحق أن مورد تلك الأخبار غير مورد هذه فيعمل بكل منهما في ما ورد فيه ولا إشكال ولا منافاة.
المقام الثاني ـ في مصرف هذا الخمس ، جمهور الأصحاب (رضوان الله عليهم) على أن مصرفه هو مصرف غيره من المصارف التي تضمنتها الآية (١) وظاهر جملة من محققي متأخري المتأخرين المناقشة في ذلك.
قال المحدث الكاشاني في الوافي ـ بعد نقل خبر أرض الذمي أولا ثم خبر الحسن بن زياد وخبر الفقيه التي قدمناها ـ ما لفظه : وهذا الخبران والذي قبلهما لا دلالة في شيء منها على أن مصرف الخمس المذكور فيه هو المصرف المذكور في آية الخمس كما فهمه جماعة من أصحابنا ، بل يحتمل أن يكون المراد بالأول تضعيف الزكاة على الذمي المشتري من المسلم أرضه أو الخراج وبالأخيرين التصدق على
__________________
(١) وهي قوله تعالى «وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ...» سورة الأنفال الآية ٤٣.