باعتبار الرد لما جرت عليه الجاهلية من أنهم إذا تبنوا يتيما واتخذوه ولدا جعلوا حكمه حكم الولد الحقيقي ، ولهذا عابوا على رسول الله صلىاللهعليهوآله تزويجه بزينب زوجة زيد بن حارثة مع أنه ابنه بزعمهم حيث أنه صلىاللهعليهوآله تبناه صغيرا فكان يدعى زيد بن محمد فنزلت الآية في الرد عليهم في ما زعموه من بنوة المتبنى حقيقة وأمرهم بأن يدعوه بأبيه النسبي وأنه هو الأقسط عند الله.
وبالجملة فإنه عليهالسلام علل جواز أخذ الأب من مال ابنه بغير إذنه بعلل : منها ـ أنه موهوب له والإنسان مخير في ما يوهب له ويملكه بالهبة ، ومنها أنه يدعى به فيقال فلان بن فلان وهو الشائع المتعارف ، ومنها قوله صلىاللهعليهوآله «أنت ومالك لأبيك». ومن الظاهر أنها علل تقريبية ومناسبات حكمية للتقريب إلى الأذهان كما في سائر العلل المذكورة في الكتاب المذكور.
المطلب الثالث ـ في حكم الخمس في زمن الغيبة ، وهذه المسألة من أمهات المسائل ومعضلات المشاكل وقد اضطربت فيها أفهام الأعلام وزلت فيها أقدام الأقلام ودحضت فيها حجج أقوام واتسعت فيها دائرة النقض والإبرام ، والسبب في ذلك كله اختلاف الأخبار وتصادم الآثار الواردة عن السادة الأطهار (صلوات الله وسلامه عليهم آناء الليل وأطراف النهار) وها أنا باسط فيها القول إن شاء الله تعالى بما لم يسبق له سابق في المقام ولا حام حوله أحد من فقهائنا الكرام مستوف لنقل ما وقفت عليه من الأخبار والأقوال كاشف عن وجوه تلك الأخبار إن شاء الله تعالى غشاوة الإشكال بما تجتمع به على وجه لا يتطرق إليه إن شاء الله تعالى الاختلال.
فأقول ـ وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ـ اعلم أن الكلام في هذه المسألة يقتضي بسطه في مقامات ثلاثة :
المقام الأول ـ في نقل الأخبار المتعلقة بالمسألة وهي على أربعة أقسام :
الأول ـ ما يدل على وجوب إخراج الخمس مطلقا في غيبة الإمام عليهالسلام أو حضوره