تطويل الكلام بنقل ذلك مزيد فائدة.
والأظهر في بيان وجه التغاير ما دل عليه صحيح محمد بن مسلم عن أحدهما (عليهماالسلام) (١) «أنه سأله عن الفقير والمسكين فقال الفقير الذي لا يسأل والمسكين الذي هو أجهد منه الذي يسأل».
وحسنة أبي بصير (٢) قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام قول الله تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ)؟ (٣) فقال الفقير الذي لا يسأل الناس والمسكين أجهد منه والبائس أجهدهم. الحديث».
وقال الشيخ في التهذيب (٤) : ذكر علي بن إبراهيم في كتاب التفسير تفصيل هذه الثمانية الأصناف فقال : فسرهم العالم عليهالسلام فقال الفقراء هم الذين لا يسألون لقول الله تعالى في سورة البقرة (٥) (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النّاسَ إِلْحافاً). والمساكين هم أهل الديانات. الحديث».
والجميع صريح في المغايرة كما ترى ، ودل الخبران الأولان على أن المسكين أسوأ حالا من الفقير.
ولا يخفى أن ثمرة هذا الخلاف لا مظهر لها في هذا الباب للإجماع على جواز إعطاء كل منهما وإنما تظهر في ما لو نذر أو وقف أو أوصى لأسوئهما حالا ، وظاهر الأصحاب أنه متى ذكر أحدهما خاصة دخل فيه الآخر بغير خلاف كما في آية الكفارة المخصوصة بالمسكين (٦) فيدخل فيه الفقير ، وإنما الخلاف في ما لو جمعا كما في آية الزكاة لا غير ، ولا يخلو من إشكال لأنه متى ثبت التغاير كما ذكرناه وهو المشهور عندهم فدخول أحدهما تحت الآخر مجاز لا يصار إليه إلا بالقرينة ، اللهمّ
__________________
(١ و ٢ و ٤) الوسائل الباب ١ من المستحقين للزكاة.
(٣) سورة التوبة الآية ٦١.
(٥) الآية ٢٧٥.
(٦) وهي قوله تعالى في سورة المائدة الآية ٩٢ «وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفّارَتُهُ ...».