عن العالم عليهالسلام : (والمؤلفة قلوبهم) قال هم قوم وحدوا الله وخلعوا عبادة من دون الله ولم تدخل المعرفة قلوبهم إن محمدا رسول الله صلىاللهعليهوآله فكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يتألفهم ويعلمهم ويعرفهم كيما يعرفوا فجعل لهم نصيبا في الصدقات لكي يعرفوا ويرغبوا».
وهذه الأخبار كلها كما ترى ظاهرة في أن المؤلفة قلوبهم قوم مسلمون قد أقروا بالإسلام ودخلوا فيه لكنه لم يستقر في قلوبهم ولم يثبت ثبوتا راسخا فأمر الله تعالى نبيه بتألفهم بالمال لكي تقوى عزائمهم وتشتد قلوبهم على البقاء على هذا الدين ، فالتأليف إنما هو لأجل البقاء على الدين والثبات عليه لا لما زعموه (رضوان الله عليهم) من الجهاد كفارا كانوا أو مسلمين وأنهم يتألفون بهذا السهم لأجل الجهاد.
بقي الكلام في قوله عليهالسلام في رواية زرارة الثالثة «الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ لم يكونوا قط أكثر منهم اليوم». ونحوها رواية موسى بن بكر ، ولعل معناه ـ والله سبحانه وقائله أعلم ـ أن ضعفة الدين المحتاجين إلى التأليف لأجل البقاء عليه ورسوخه في قلوبهم ليسوا مخصوصين بوقته صلىاللهعليهوآله بل هم أكثر كثير في هذه الأوقات ، ولعل ذلك باعتبار عدم الإقرار بإمامتهم والاعتقاد بها التي هي أعظم ما جاء به النبي صلىاللهعليهوآله فإن الشكاك في إمامتهم وهم القسم الثالث المتوسط بين النصاب والمؤمنين ـ ويعبر عنهم في الأخبار تارة بالشكاك وتارة بالضلال وتارة بالمستضعفين ـ أكثر الناس في زمانهم (عليهمالسلام) كما دلت عليه الأخبار ، وقد دلت الأخبار على أن حكمهم في الدنيا حكم أهل الإسلام وأنهم في الآخرة من المرجئين لأمر الله.
وأما قوله عليهالسلام في رواية إسحاق «كم ترى أهل هذه الآية فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا ... إلى آخره» فالظاهر أن المعنى فيها ما أفاده المحدث الكاشاني في معنى خبر زرارة المتقدم وهو بهذا الخبر أنسب ، حيث قال : وذلك لأن أكثر المسلمين في أكثر الأزمنة والبلاد دينهم مبتن على دنياهم إن أعطوا من الدنيا رضوا الدين وإن