ولا ينافي هذا الخبر ما رواه الكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم الذي هو صحيح عندي عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام (١) قال : «إن الصدقة والزكاة لا يحابى بها قريب ولا يمنعها بعيد». لحمل الأول على استحباب تفضيل الرحم بالزيادة على غيره وحمل هذا الخبر على المنع من دفع الجميع إلى القريب وحرمان البعيد بالكلية بل يقسم ذلك على القريب والبعيد وإن فضل القريب لقربه بالزيادة وقد تقدم في بعض الأخبار (٢) «لا تعطين قرابتك الزكاة كلها ولكن أعطهم بعضا واقسم بعضا في سائر المسلمين».
وبالجملة فإن أصل الحكم من ما لا إشكال فيه ولا خلاف بين الأصحاب إلا أنه قد روى الشيخ في التهذيب بسنده عن حفص بن غياث (٣) قال : «سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول وسئل عن قسمة بيت المال فقال أهل الإسلام هم أبناء الإسلام أسوي بينهم في العطاء وفضائلهم بينهم وبين الله أجعلهم كبني رجل واحد لا يفضل أحد منهم لفضله وصلاحه في الميراث على آخر ضعيف منقوص ، قال وهذا هو فعل رسول الله صلىاللهعليهوآله في بدو أمره ، وقد قال غيرنا أقدمهم في العطاء بما قد فضلهم الله تعالى بسوابقهم في الإسلام إذا كانوا بالإسلام قد أصابوا ذلك فأنزلهم على مواريث ذوي الأرحام بعضهم أقرب من بعض وأوفر نصيبا لقربه من الميّت وإنما ورثوا برحمهم ، وكذلك كان عمر يفعله».
ولا يخفى ما في هذا الخبر من الإشكال فإنه ظاهر في أن ما كان مالا لله سبحانه كمال الخراج والزكاة فإنه يقسم على السوية والتفضيل إنما يكون في الصدقات المستحبة التي هي من مال الإنسان.
ولم أر بمضمونه قائلا إلا ما يظهر من المحدث الكاشاني في الوافي حيث قال بعد نقل خبر عبد الله بن عجلان المذكور : بيان ـ إنما رخص له التفضيل على الفقه والدين لأنه إنما يصلهم بماله وليس له ذلك في قسمة حق الله فيهم كما يأتي. ثم أورد
__________________
(١) الوسائل الباب ٤ من المستحقين للزكاة.
(٢) هذا اللفظ في حديث أبي خديجة المتقدم بعضه ص ٢١٤ ولم يتقدم هو.
(٣) الوسائل الباب ٢٩ من أبواب جهاد العدو.