عن كتاب قرب الإسناد لعبد الله بن جعفر الحميري أنه روى فيه عن محمد بن الوليد عن يونس بن يعقوب قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام عيال المسلمين أعطيهم من الزكاة فأشتري لهم منها ثيابا وطعاما وأرى أن ذلك خير لهم؟ قال فقال لا بأس».
وقد جمع بين هذا الخبر وما قبله بحمل الأول على استحباب الإخراج من العين وإن جاز بالقيمة كما دل عليه هذا الخبر. وفيه بعد فإن الزكاة في الخبر لا يتعين كونها من الدراهم بخصوصها حتى يصير الأمر بالدراهم من العين بل ظاهرها العموم وأن المخرج إذا أعطى على جهة القيمة فالواجب أن يكون دراهم ، وذكر الدراهم هنا خرج مخرج التمثيل فلا ينافي إعطاء الدنانير.
وبالجملة فالرواية ظاهرة في أنه لا يجوز إلا النقدان أصالة أو قيمة ، والمسألة لا تخلو من إشكال والاحتياط في الوقوف على ظواهر تلك الأخبار ويؤيده أيضا ما يأتي إن شاء الله تعالى في مسألة أقل ما يعطى الفقير من الزكاة.
ثم لا يخفى أنه على تقدير القول بالقيمة كائنا ما كان فهل يكون الاعتبار بوقت الإخراج مطلقا لأنه وقت الانتقال إليها أو يقيد ذلك بما إذا لم يقوم الزكاة على نفسه فلو قومها على نفسه وضمن القيمة فالواجب هنا ما ضمنه زاد السوق قبل الإخراج أو انخفض؟ وجهان محتملان اختار أولهما السيد السند في المدارك والفاضل الخراساني في الذخيرة وثانيهما العلامة في التذكرة ، والمسألة لا تخلو من توقف وإن كان ما ذكره العلامة أقرب لأنه متى كان التقويم جائزا والضمان صحيحا فإن المستقر في الذمة هو القيمة. وقول السيد (قدسسره) إن وقت الإخراج هو وقت الانتقال إلى القيمة ممنوع في هذه الصورة بل الانتقال من حين التقويم والضمان.
المقام الثاني عشر ـ لا ريب أن ما زاد من هذه الغلات على مئونة السنة فإنه يجب فيه الخمس كما صرح به جملة من الأصحاب كما سيجيء تحقيقه إن شاء الله في كتاب الخمس ، ويدل على ذلك هنا ما قدمناه من رواية محمد بن علي بن شجاع المتقدمة في