عندي هو صرف حصة الأصناف عليهم كما عليه جمهور أصحابنا في ما مضى من نقل أقوالهم عملا بما دل على ذلك من الآية والأخبار المتقدمة في القسم الأول المؤكدة بالأخبار المذكورة في القسم الثاني ، فيجب إيصالها إليهم لعدم المانع من ذلك. وأما حقه عليهالسلام فالظاهر تحليله للشيعة للتوقيع عن صاحب الزمان عليهالسلام المتقدم في أخبار القسم الثالث (١) والاحتياط في صرفه على السادة المستحقين.
بقي الكلام في بعض أخبار القسم الثالث فإنه ربما دل على التحليل من الخمس كملا في زمن وجودهم وغيبتهم (عليهمالسلام) إلى يوم القيامة ، وهو مشكل جدا لمنافاته لظاهر الآية والأخبار المتقدمة في القسم الأول والثاني ، بل أخبار القسم الثاني ما بين صريح وظاهر كالصريح في رد ذلك باعتبار زمان وجودهم (عليهمالسلام) كما علمت من كلامه عليهالسلام في كتاب الفقه الرضوي والخبرين المرويين عنه (عليهالسلام) أيضا وصحيح إبراهيم بن هاشم المروي عن أبي جعفر (عليهالسلام) (٢).
وأما ما أجاب به شيخنا المحدث الصالح الشيخ عبد الله بن صالح البحراني (قدسسره) عن خبري محمد بن زيد الطبري المتقدمين (٣) ـ حيث إنه ممن اختار العمل بأخبار التحليل مطلقا من أن الخمس حقه (عليهالسلام) فله الخيار إن شاء أباحه وإلا فلا ـ فهو مع الإغماض عن المناقشة في كون الخمس كملا حقه (عليهالسلام) خروج عن محل البحث ، لأن الفرض أن تلك الأخبار بحسب ظاهرها دالة على أن الخمس مباح للشيعة مطلقا كما اختاره (قدسسره) وجنح إليه وحينئذ فلا يحتاج في حله إلى رجوع إلى الإمام (عليهالسلام) ولا إلى استئذانه فيه ، ومقتضى كلامه هنا أنه يجب الرجوع إلى الإمام (عليهالسلام) واستئذانه فإن أباحه كان مباحا وإلا فلا ، وهذا من ما لا إشكال فيه كما أسلفناه ، وهذا هو الذي اخترناه في صدر الكلام بالنسبة إلى وقت وجودهم (عليهمالسلام) من أنه يجب إيصاله إليهم واستئذانهم فيه ، ولكنه خارج عن ظواهر تلك الأخبار المشار إليها لأن ظاهرها كما عرفت هو التحليل مطلقا إلى يوم القيامة من غير مراجعة إلى الإمام (عليهالسلام) وإن
__________________
(١) ص ٤٣١.
(٢) ص ٤٢٥ و ٤٢٦ و ٤٢٧.
(٣) ص ٤٢٦.