الثالث ـ أن قوله عليهالسلام : «وإنما أوجب عليهم الخمس في سنتي هذه من الذهب والفضة التي قد حال عليها الحول» خلاف المعهود إذ الحول يعتبر في وجوب الزكاة في الذهب والفضة لا الخمس. وكذا قوله : «ولم أوجب ذلك عليهم في متاع ولا آنية ولا دواب ولا خدم» فإن تعلق الخمس بهذه الأشياء غير معروف.
الرابع ـ أن الوجه في الاقتصار على نصف السدس غير ظاهر بعد ما علم من وجوب الخمس في الضياع التي تحصل منها المئونة كما يستفاد من الخبر الذي قبل هذا وغيره من ما سيأتي.
إذا تقرر ذلك فاعلم أن الإشكال الأول مبني على ما اتفقت فيه كلمة المتأخرين من استواء جميع أنواع الخمس في المصرف ، ونحن نطالبهم بدليله ونضايقهم في بيان مأخذ هذه التسوية ، كيف وفي الأخبار التي بها تمسكهم وعليها اعتمادهم ما يؤذن بخلافها بل ينادي بالاختلاف كالخبر السابق عن أبي علي بن راشد (١) ويعزى إلى جماعة من القدماء في هذا الباب ما يليق أن يكون ناظرا إلى ذلك ، وفي خبر لا يخلو من جهالة في الطريق تصريح به أيضا فهو عاضد للصحيح ، والخبر يرويه الشيخ بإسناده عن سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن علي بن مهزيار قال حدثني محمد بن علي بن شجاع النيسابوري (٢) «أنه سأل أبا الحسن الثالث عليهالسلام عن رجل أصاب من ضيعته مائة كر ...». ثم نقل الخبر بتمامه كما قدمناه ، ثم قال : وإذا قام احتمال الاختلاف فضلا عن إيضاح سبيله باختصاص بعض الأنواع بالإمام عليهالسلام فهذا الحديث مخرج عليه وشاهد به ، وإشكال نسبة الإيجاب فيه بالإثبات والنفي إلى نفسه عليهالسلام مرتفع معه فإن له التصرف في ماله بأيّ وجه شاء أخذا وتركا.
وبهذا ينحل الإشكال الرابع أيضا فإنه في معنى الأول ، وإنما يتوجه السؤال عن وجه الاقتصار على نصف السدس بتقدير عدم استحقاقه للكل ، فأما مع كون
__________________
(١ و ٢) ص ٣٤٨.