المراد إذا بلغ كل واحد مائتي درهم ففيه الزكاة ، ويجري هذا مجرى قوله تعالى «وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً» (١) والمراد كل واحد منهم ثمانين جلدة. إلى آخر كلامه. ومرجعه إلى ما ذكره أيضا من أن قيمة عشرين دينارا كانت في ذلك الوقت مائتي درهم ، قال : ولذا تراهم يجعلون الدينار في مقابلة عشرة دراهم في الديات وغيرها. وجعل في التهذيب المشار إليه في قوله «فبلغ ذلك مائتي درهم» في صدر الخبر الأول كل واحد من الذهب والفضة باعتبار القيمة في الذهب لأنهم كانوا يقومون الدنانير على هذا الوجه كل دينار بعشرة دراهم في الديات وغيرها. واحتمل في الإستبصار حمله على التقية ، قال لأن ذلك مذهب العامة (٢). أقول : والحمل الأول قريب في حسنة محمد بن مسلم ولا بأس به في رواية إسحاق إلا أن الأظهر حملهما على التقية.
واحتمل بعض الأصحاب حمل الخبر الأول على زكاة التجارة ، والظاهر أنه مبني على أن اتخاذ الذهب فيه للتجارة ليتم الحمل المذكور فإن المرجع فيه إلى القيمة ، ويؤيده آخر الحديث. وهذا الاحتمال يمكن إجراؤه أيضا في الحديث الثاني إلا أن الأظهر ما ذكرناه من الحمل على التقية.
الثالثة ـ اتفق الأصحاب (رضوان الله عليهم) على أنه لا زكاة في المغشوش من النقدين ما لم يبلغ الصافي نصابا لعموم أدلة الوجوب.
وخصوص ما رواه ثقة الإسلام في الكافي عن زيد الصائغ (٣) قال
__________________
(١) سورة النور الآية ٥.
(٢) في المغني ج ٣ ص ٣ : إذا كان له من كل واحد من الذهب والفضة ما لا يبلغ نصابا بمفرده أو كان له نصاب من أحدهما وأقل من نصاب الآخر فذكر الخرقي فيه روايتان إحداهما لا يضم وهو قول ابن أبي ليلى والحسن بن صالح وشريك والشافعي وأبي عبيد وأبي ثور واختاره أبو بكر عبد العزيز. وثانيهما يضم أحدهما إلى الآخر في تكميل النصاب وهو قول الحسن وقتادة ومالك والأوزاعي والثوري وأصحاب الرأي ، وروى الأثرم عن أحمد التوقف فيه ، وفي رواية حنبل عنه أنه قطع بالضم.
(٣) الوسائل الباب ٧ من زكاة الذهب والفضة.