والظاهر أنه لا خلاف فيه ، واستدلوا بما قدمنا نقله عنهم في الموجود في أرض دار الحرب ، ولهذا إن شيخنا الشهيد في البيان شرط وجوب الخمس في الكنز بأمرين : أحدهما النصاب عشرون دينارا وثانيهما وجوده في دار الحرب مطلقا أو دار الإسلام وليس عليه أثر الإسلام.
وإنما الخلاف والإشكال في ما وجد في دار الإسلام وعليه أثره فهل هو كما تقدم أو يكون لقطة؟ قولان مشهوران ، اختار أولهما الشيخ في الخلاف حيث قال : إذا وجد دراهم مضروبة في الجاهلية فهو ركاز ويجب فيه الخمس سواء كان ذلك في دار الإسلام أو دار الحرب ، وإن وجد كنزا عليه أثر الإسلام بأن تكون الدراهم والدنانير مضروبة في دار الإسلام وليس عليها أثر ملك يؤخذ منه الخمس. وهو ظاهر في إيجابه الخمس في ما وجد في دار الإسلام وعليه أثره أعمّ من أن يكون في أرض مباحة أو مملوكة ولم يعترف به المالك. وإلى هذا القول ذهب ابن إدريس وغيره ومنهم المحقق في كتاب اللقطة. واختار ثانيهما الشيخ في المبسوط حيث قال : الكنوز التي تؤخذ من دار الحرب من الذهب والفضة والدراهم والدنانير سواء كان عليها أثر الإسلام أم لم يكن يجب فيها الخمس وأما التي تؤخذ من بلد الإسلام فإن وجدت في ملك إنسان وجب أن يعرف أهله فإن عرفه كان له وإن لم يعرفه أو وجدت في أرض لا مالك لها ، فإن كان عليها أثر الإسلام فهي بمنزلة اللقطة سواء ، وإن لم يكن عليها أثر الإسلام أخرج منها الخمس وكان الباقي لواجدها. وإلى هذا القول ذهب جل المتأخرين : منهم ـ العلامة في المختلف والمحقق في كتاب الخمس. وظاهره في المعتبر التوقف حيث اقتصر على نقل الخلاف عن الشيخ في الكتابين المذكورين. وظاهر الشهيد في البيان الفرق بين الموجود في الأرض المباحة والموجود في المملوكة ولم يعترف المالك به حيث وافق الخلاف في الأرض المملوكة إذا لم يعترف به المالك ووافق المبسوط في الأرض المباحة ، وهو غريب.