من هدى القرآن - ج ١١

السيّد محمّد تقي المدرّسي

من هدى القرآن - ج ١١

المؤلف:

السيّد محمّد تقي المدرّسي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار محبّي الحسين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-5648-14-9
ISBN الدورة:
964-5648-03-3

الصفحات: ٥٤٩

[٩٩] اما إبراهيم (ع) فقد مضى في طريق الجهاد قدما حيث هاجر في سبيل الله ، ولعله كان قادرا على البقاء في تلك المدينة لأنه تحدى طواغيتها وانتصر عليهم ، لكنه لم ير أن يعاشر الكفّار ، بل أراد ان يبني مجتمع الايمان بعيدا عن البيئة المنحرفة.

(وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي سَيَهْدِينِ)

يعني مهاجر في سبيل الله ، ومن الطبيعي ان من يهاجر مجاهدا سوف يهديه ربه الى الحق والخير ، وربما تفسير هذه الآية الكريمة : (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (١)

[١٠٠] وكان همّ إبراهيم وتطلعه الآخر ان يلتحق به في الدرب آخرون يؤمنون به ويحملون رسالته فقال :

(رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ)

وقد حدد لنا نبي الله بهذه الكلمة ، نوعية الطموح الذي ينبغي للإنسان ان يتطلع اليه ، وهو يبحث عن أولاد أو عن أنصار واتباع للرسالة ، وذلك بأن يبحث عن النوع لا عن الكم وحسب.

[١٠١] ومما لا شك فيه ان للدعاء أثرا حاسما في النتائج التي يصل إليها الإنسان ، فالذي يخلص نيته ويحسن عمله ويدعو الله سوف يعطيه ما تقرّبه عينه ، وهكذا فعل ربّنا مع نبيه (ع).

(فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ)

__________________

(١) العنكبوت / (٦٩).

٢٦١

اي عالم عاقل حكيم لا تهزه النوائب.

[١٠٢] وهنا أراد الله ان يبلو خليله إبراهيم ، ومدى تسليمه له.

(فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ) والبلوغ بمعنى الوصول للسعي أو التمكن منه.

(قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى)

ووضع ولده امام القرار الحاسم والصعب ، وكان بامكانه (ع) ـ كسائر الناس الذين يلتفون على احكام الله للتهرب من مسئوليتها ـ ان يتهرب هو أيضا ، بحجة ان الأمر كان مجرد حلم رآه في المنام ، ولكنه يعلم ان الرؤيا لون من ألوان الوحي عند الأنبياء ، ويجب عليه العمل وفقه.

والذي لا ريب فيه ان إسماعيل (ع) كان أعز ما يملكه إبراهيم (ع) في حياته بعد الايمان بالله ، فأراد ربّنا ان يمتحن مستوى تضحيته في سبيله ، فوجده مسلّما وهكذا كان ولده عليهما السلام.

(قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)

ويتضح لنا من هذه الآية ان الأنبياء لا يتجاوزون الامتحانات الالهية بالاعجاز انما يتذوقون مرارتها وصعوباتها ، فهذا إسماعيل (ع) يصرّح عن حاجته لمشيئة الله حتى يتجاوز أهواء نفسه ، والى الصبر حتى يقاوم صعوبات الامتحان.

[١٠٣] (فَلَمَّا أَسْلَما)

لله تعالى ، فصدق الأب الرؤيا ، واستجاب الابن الى والده.

٢٦٢

(وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ)

يعني أضجعه على الأرض ، وفي الخبر «فلما عزم ـ إبراهيم (ع) ـ على الذبح قال الغلام : يا أبت اخمر وجهي (اي استره) ، وشد وثاقي» (١) وكان هدف إسماعيل (ع) من ذلك ان يمضي أبوه في تنفيذ امر الله ، فلا تثنيه عاطفة الابوة لولاح له وجهه.

[١٠٤ ـ ١٠٥] وفي تلك اللحظة جاءه النداء الإلهي :

(وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ* قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا)

وتجاوزت الامتحان فكانت العاقبة في صالحه فهو لم يخسر دنياه ، إذ فدى الله ولده بالكبش ، وعمّر آخرته حيث أطاع الله ، وهو عزّ وجل يؤكد بأنّ هذه عاقبة كل المحسنين المطيعين لأوامره سبحانه.

(إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)

الذين يخرجون من قيود الذات والهوى ، والعلاقات السلبية ويتوجهون بكلهم الى ربهم عزّ وجل.

وفي تفسير هذه الآية قال الامام الصادق (ع) :

«ما بدا لله بداء كما بدا له في إسماعيل إذ أمر أباه بذبحه ثم فداه بذبح عظيم» (٢)

__________________

(١) نور الثقلين / ج (٤) / ص (٤٢٣).

(٢) المصدر / ص (٤٢٠).

٢٦٣

إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٠٨) سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ (١٠٩) كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١١٠) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١١١) وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٢) وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (١١٣) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ (١١٤) وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (١١٥) وَنَصَرْناهُمْ فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (١١٦) وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ (١١٧) وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (١١٨) وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ (١١٩) سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ (١٢٠) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٢١) إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١٢٢) وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٢٣)

٢٦٤

إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ (١٢٤) أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ (١٢٥) اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (١٢٦) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (١٢٧) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (١٢٨) وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٢٩) سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ (١٣٠) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٣١) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (١٣٢) وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٣) إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (١٣٤) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (١٣٥) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (١٣٦) وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (١٣٧) وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (١٣٨)

___________________

١٣٥ [الغابرين] : الباقين الذين أهلكوا ، والغابر الباقي قليلا بعد ما مضى ، ومنه الغبار لأنه يبقى بعد ذهاب التراب قليلا.

٢٦٥

إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ

هدى من الآيات :

في هذه المجموعة من الآيات يذكرنا الله عز وجل بالمعنى الحقيقي للإخلاص ، وهو ان يكون الإنسان بعيدا عن العوامل والضغوط المضادة للحق ، ويضرب لنا على هذه الفكرة أمثلة في حياة الأنبياء ، كإبراهيم وولده إسماعيل ، وكاسحاق ، وموسى وهارون (عليهم السلام) وهكذا من حياة الأنبياء الآخرين ، من بني إسرائيل الذين انتخبهم الله بعد ان عرّضهم لا صعب الامتحانات والفتن ، فوجدهم صالحين صادقين مخلصين.

وبالرغم من ان كل نبي تعرّض لفتنة خاصة ، الا أنهم يشتركون في بلاء عام واجهوه جميعا بصلابة الايمان والمعرفة بالله ، وتحدي الأوضاع الاجتماعية والسياسية المنحرفة في مجتمعاتهم ، فضغط الاجتماع على الإنسان وشعوره الداخلي الذي يسوقه نحو التكليف مع الآخرين ، من أهم وأخطر الضغوط التي يواجهها في الحياة ، وهذا ما جعل بعض العلماء يدعون لعبادة المجتمع ، أو ما يسمى بالحتمية

٢٦٦

الاجتماعية ، وحتى الذين يقولون بالحتمية الطبقية ، أو الاقتصادية ، أو ما أشبه فإنهم ليسوا بعيدين عن القول بهذه الحتمية ، والفارق ان هؤلاء يركزون في نظرياتهم على جانب منها ، بينما يؤكد علماء الاجتماع أمثال (دوريكام) على كافة أبعادها ، ونحن لا نسميها حتمية ، بمقدار ما نسميها عصرا وضغطا من قبل المجتمع على الإنسان.

فالمجتمع في بعض الأحيان يعصرك ، ويضغط عليك باتجاه يتناقض مع طاعة الله ، والاهداف التي نتطلع إليها ، وواجبك تحديه بالايمان والتوكل ، وان تعرف بان عنوان نبوة الأنبياء والمرسلين ، وأبرز أعمالهم هو تحديهم للواقع الاجتماعي الفاسد ، وأنّ نجاحهم في هذا التحدي هو سبب ارتقائهم ، ولهذا أيضا نجد القرآن الحكيم يؤكد على هذه الحقيقة في كثير من سوره وآياته.

بينات من الآيات :

[١٠٦] النبي إبراهيم (ع) جاء لكي ينسف عادة جاهلية كانت شائعة ذلك اليوم وهي ذبح الأبناء امام الأصنام تقربا لها ، وما كانت هذه العادة مقتصرة على فلسطين وحدها ، ففي مصر أيضا كانوا ينتخبون ملكة الجمال من بين بناتهم ليلقوا بها مع بداية الربيع في النهر الذي كانوا يقدسونه لتذهب ضحية عقيدة جاهلية. تقول : بان إله البحار يريد ان يتزوج ، فلا بد ان نختار له أجمل بناتنا لكي تهدأ المياه ولا يحدث فيضانا يخرّب بيوتنا ويهلك مزارعنا.

وهذه العادات ليست بعيدة عن واقعنا المعاصر ، لأنها مهما اختلفت في ظاهرها تلتقي في نقطة مركزية واحدة هي التضحية بالأبناء من أجل الاهداف التافهة.

ان الله أمر إبراهيم (ع) بذبح ابنه ثم عوضه بالذّبح العظيم ليقضي على هذه

٢٦٧

العادة الجاهلية ، ويبدلها بسنة الهية حسنة ، جرت لدى البشرية إلى هذا اليوم ، وهي ذبح الانعام في منى عند الحج وفي غيرها ، وحينما بدا لله ان يفدي نبيه بالكبش جعل الحادث يمر بوقائع اعجازية عجيبة ، فقد كانت السكين تلتوي كلما أدناها إبراهيم من رقبة ولده (عليهما السلام) وكانت تفت الصخرة لو ضربها ، ولكنها تعجز عن التأثير في جلد رقبة إسماعيل الرقيق بحدها. ولهذه القصة عبرتان أساسيتان :

الاولى : ان على الإنسان التضحية بابنه وبأفضل علاقاته من أجل الدين وفي سبيل الله. والثانية : وان يرفض من جهة اخرى التضحية بأولاده من أجل الآلهة المزيفة ، حجرا كانت أو بشرا كطواغيت اليوم ، الذين يريدون بلوغ مآربهم وشهواتهم الرخيصة على جسر من دماء شباب الامة وأفلاذ اكبادها.

ان مقاومة إبراهيم (ع) للانحراف الاجتماعي كان أمرا صعبا ، وصار أعظم صعوبة حينما جعل الله الطريقة لمقاومته هو ذبح أعز الناس عليه وهو ابنه (ع) ، وقد وصف الله هذا الامتحان بقوله :

(إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ)

وانما سمي مبينا لأنّه يكشف مستوى الايمان ، ويبين حقيقة الإنسان.

[١٠٧] وبالفعل كشف لنا هذا الامتحان مدى إخلاص النبي إبراهيم وتسليمه لله. هو وولد الذي فداهما الربّ بذبح من عنده تنزل به جبريل الأمين.

(وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ)

وبهذا الذبح سنّ عليه السلام سنّة سار عليها المؤمنون إلى اليوم ، فهم يذبحون

٢٦٨

الهدي بمنى وفي كافة أنحاء العالم اقتداء به ، ولعله لذلك سمي عظيما ، وقالوا ان الذبح العظيم هو السبط الشهيد الامام الحسين بن علي (ع) الذي ذبح على النهر عطشانا بكربلاء فداء لدين الله ، ومقاومة للعادات الجاهلية الاموية.

[١٠٨ ـ ١٠٩] وكرامة لإبراهيم الخليل في الدنيا قبل الآخرة ، جعل الله له ذكرا حسنا عند البشرية باختلاف مذاهبها وعقائدها ، ولخّص ربّنا هذه الكرامة في كلمة واحدة هي : السلام على إبراهيم.

(وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ* سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ)

ومما تجدر الاشارة اليه ان الاستحباب الشرعي في السلام على الأنبياء والصالحين يقتضي تقديم الصلاة على محمد وآله (صلوات الله عليهم) ثم يذكر الطرف المراد ذكره. فيقول الذي يريد الصلاة على عيسى : على نبينا وآله وعليه أفضل الصلاة السلام ، إلا نبي الله إبراهيم فان المستحب ذكره أولا ثم الثناء على نبينا وآله ، فتكون جملة القول : (على إبراهيم وعلى نبينا وآله الصلاة والسلام).

[١١٠] ولكنّ هذا الجزاء الذي يحصل عليه الأنبياء ليس بسنة خاصة بهم ، انما ضمن العدالة الالهية التي تشمل البشرية كلها ، فلان إبراهيم كان محسنا استحق هذه الكرامة.

(كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)

ونستوحي من هذه الآية فكرتين :

الاولى : ان الجزاء الحسن ليس قصرا على الأنبياء وحدهم ، انما يلقاه كل محسن في كل زمان ومكان ، وان الكرامة الحقيقية لا ينالها الإنسان إلا بالكفاءة والسعي (والإحسان) وان جهود المؤمن لن تضيع ، فربّنا يحفظ لكل عمله ويجازيه عليه ان

٢٦٩

في حياته أو بعد الوفاة ، وما هذا الجزاء الدنيوي الا دليل على الجزاء الأعظم في الآخرة.

الثانية : إنّ الإحسان إلى الناس يجازيه الربّ بالولاية عليهم ، فأحق الناس بالناس أحبهم لهم وأكثرهم إحسانا إليهم.

[١١١] وربّنا عزّ وجلّ يجازي من كان محسنا على إحسانه وبقدره ، حتى ولو لم يكن مؤمنا ، لان الإحسان بذاته محمود عنده ، وقد قال سبحانه : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) فكيف إذا كان المحسن مؤمنا؟ بالطبع سوف يجازى أكثر في الدنيا والآخرة ، لان إحسانه للناس ليس من أجل سمعة طيبة أو جزاء مادي عاجل ، بل يزيد في رصيده الاخروي ، فهذا إبراهيم (ع) وقد سنّ الأضحية لله فتنامى ثوابه بقدر ما افتدى به الآخرون ، اذن فالمؤمن يحصل على الجزاء بمقتضى سنتين ، سنة الإحسان ، وسنة الايمان ، لهذا يؤكد الله على إحسان نبيه إبراهيم (ع) ثم يعود للتأكيد على ايمانه فيقول

(إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ)

فجزاؤه مضاعف اذن.

[١١٢] يزعم البعض ان الذي يخالف المجتمع الجاهلي ، سوف يعزل ويتجاوزه التيار ثم يكون أبتر ولا يبقى له اثر ، ولكن العكس تماما نجده في تاريخ الأنبياء. فبالرغم من مخالفتهم جموع الكافرين فان الله سبحانه أهلك أعداءهم ، وبارك في ذريتهم ، ونشر ثناءهم على كل لسان وفي كل زمن.

فهذا إبراهيم (ع) يحنف عن قومه لوحده حتى يكون لوحده امة قانتا لله ، ولكن انظر إلى العاقبة فأين أولئك الذين خالفوه؟ اما هو فهذا امتداده المبارك في ذريته

٢٧٠

وتابعيه.

(وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ)

فصلاح الوالدين ينعكس على الأجيال التي تنسل منهما ، عبر طائفة من السنن الالهية كالوراثة ، والتربية ، وتأييدات ربانية.

[١١٣] ثم بارك الله لإبراهيم ولإسحاق.

(وَبارَكْنا عَلَيْهِ وَعَلى إِسْحاقَ)

فالعرب من إبراهيم وهم أولاد إسماعيل ، وبنو إسرائيل من ولده اسحق ، فهو ليس أبّ الأنبياء وحسب انما هو أب لشعبين عظيمين أيضا ، ثم يؤكد ربّنا إلى جانب ذكره البركة التي أسبغها على إبراهيم وولده اسحق ، أن ذلك ليس مبررا لمن أراد من ولدهما ان يضفي على نفسه صبغة القداسة ، فيدعي الافضلية لا لشيء الا أنه ينسل منهما ، لان قيمة الإنسان الحقيقية تنبعث من عمله هو لا من حسبه ونسبه.

(وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ)

لأنه أحسن. وليس لأنه ينتمي للمحسنين ، كما يوجد من بينهم المنحرفون الظالمون.

(وَظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ)

[١١٤ ـ ١١٥] ويضرب لنا القرآن مثلا من واقع المحسنين من هذه الذرية المباركة ، فيقول :

٢٧١

(وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلى مُوسى وَهارُونَ)

بالنبوة وهما من ذرية اسحق.

(وَنَجَّيْناهُما وَقَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ)

وإذا كان الغرق صورة من الكرب لأنه من غضب الله ، فان ظلم فرعون وجنوده صورة اخرى لا تقل فظاعة عنها.

(وَنَصَرْناهُمْ)

[١١٦] اضافة إلى النجاة من الكرب على فرعون وجنوده.

(فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ)

بلى. قد يتسلط الطغاة على البلاد ، ويفشل المؤمنون في كثير من المحاولات للاطاحة بهم ، ويقدمون التضحيات ، ولكن العاقبة تكون لهم ، وإذا كانت للباطل جولة فان للحق دولة. ومهما تكن الظروف معاكسة ، والظاهر يوحي بغلبة الباطل إلا ان الحق واهله هم المنصورون.

[١١٧] ولكي يحافظ موسى وهارون على مكتسبات النصر ، ويديرون شؤون بني إسرائيل انزل الله عليهما التوراة منهجا للحياة.

(وَآتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ)

ومن صفات الرسالات الالهية أنها واضحة ، كالقرآن الذي يصفه الله بقوله : (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) (١) وهذه الفكرة تنسف أساس المعقدين

__________________

(١) القمر / ١٧.

٢٧٢

الذين اتخذوا منهج التكلف لآيات الله ، بتفسيرها تفسيرات معقدة ، أو من خلال الأشعار الجاهلية وأحاديث وأسباب النزول الضعيفة في سندها غالبا ، بل إن البعض منهم حاول تفسير القرآن من خلال الأفكار الدخيلة ، حتى قال قائل منهم لا بد لمن أراد تفسير القرآن ان يقرأ الفكر الماركسي أولا.

[١١٨] هنا نعمتان متدرجتان تتواليان على المؤمنين إحداهما توفير فرصة الهداية بانزال الوحي ، الثانية هداية الله لهم بعد تقبلهم للوحي والتزامهم بشرائعه.

وإذا كانت النعمة العامة تعم الناس جميعا إذ ان ربّنا يبعث إلى كل قرية نذيرا فان النعمة الثانية تخص المؤمنين فقط ، ولذلك خص ربّنا موسى وهارون بالهداية قائلا :

(وَهَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)

[١١٩ ـ ١٢٠] ويوصل الله سياق الحديث عن موسى وهارون بالسياق العام للسورة ، الذي يحدثنا عن جزاء عباد الله المخلصين والمحسنين ، وذلك من خلال الاشارة إلى جزائهما عليهما السلام.

(وَتَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ* سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ)

ولا يمكن لأحد أن ينكر دور الارادة الالهية في تخليد ذكر هؤلاء الأنبياء الذين مر على وفاتهم آلاف السنين ، فلو لا ذكرهم الذي تضمنته رسالات الله ، هل كان أحد في هذا العصر يعرف هذه التفاصيل عن حياتهم؟ وأكبر دليل أنّنا لا نعرف عن حياة الأنبياء الآخرين الذين لم تتعرض لذكرهم الرسالات شيئا مع ان عددهم (١٢٤٠٠٠) نبيا ورسولا ويؤكد القرآن في سورة هود ذلك بعد ان يذكر قصة نبي الله نوح ويقول :

٢٧٣

(تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) (١) ان احداث التاريخ كانت تتلاشى من ذاكرة البشر وكل جيل يأتي ينسى جزء منها حتى تنتهي تماما ، بالذات وان البشرية ولفترة ليست بالبعيدة لم تكن قد وصلت الى التقدم العلمي الذي يمكنها من المحافظة على كل ذلك ، بالاضافة الى أنّ كثيرا من الأقوام كانوا يتعرضون للانقراض والهلاك الجماعي فيموت معهم تاريخهم ، وعلم الآثار القائم اليوم يطلع علينا كل حين بمعلومات عن أقوام لم تكن البشرية تعرف عنهم شيئا ، ولكن الله يخلّد ذكرى الأنبياء العظام بفضله ويترك السلام عليهم يتوالى ليل نهار. ونعود للآية لنتسائل ماذا ترك ربّنا على موسى وهارون؟

أولا : ان الله حافظ على رسالتهما في الحياة ، إذ أبقى مشعل الهداية الذي تحملا الجهاد به والدعوة اليه ، يتلقفه الصالحون من ورثتهما على طول التاريخ دون ان يسقط يوما.

ثانيا : جعل ذكرهما الحسن يطبق الخافقين ولا يزال الى الأبد.

[١٢١ ـ ١٢٢] ولان الله ذكر هذه القصص توضيحا وتأكيدا للحقيقة المحورية في هذه السورة عاد ليؤكدها ، وتلك الحقيقة هي ان العاقبة للمحسنين.

(إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ)

ولا بد ان نلاحظ بان هذه الآية تأتي بعد ذكر مجموعة حقائق من حياة كل نبي فمن حياة نوح (ع) ذكر النجاة ، ومن حياة إبراهيم ذكر الذرية الصالحة ، ومن حياة موسى ذكر النصر والهداية ، واشركهم في الذكر الحسن الذي لخّصه في السلام

__________________

(١) هود / ٤٩

٢٧٤

عليهم ، ومعنى ذلك ان جزاء المحسنين لا ينحصر في الذكر الحسن ، بل يشمل كل هذه الأمور وما سيأتي ذكره في القصص الاخرى. وقد يكون تلخيص القرآن لحياة هؤلاء ليس من باب الحصر إنّما أراد أن يشير لنا في هذه السورة إشارات مختصرة ، اما التفاصيل فيمكننا التعرف عليها من خلال مراجعتنا للسور الاخرى.

[١٢٣] (وَإِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)

ويبدو انه من أنبياء بني إسرائيل ، قيل إنّه عاش في منطقة بعلبك بلبنان ، وانما سميت بذلك لان أهلها في ذلك الزمان كانوا يعبدون إلها لهم يسمى بعلا. يقول صاحب المنجد : (بعل : اسم أطلق على عدة آلهة ساميّة اشهرها معبود فينيقي ، هو إله الخصب والتناسل) وبعلبك محافظة البقاع يدل اسمها الحالي على اسمها الفينيقي : بعل البقاع (١)

[١٢٤] ويلخص القرآن رسالة الياس في ثلاثة أمور هي :

الاول : الدعوة الى تقوى الله عز وجل.

(إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَلا تَتَّقُونَ)

وهذه دعوة جميع الأنبياء لاقوامهم ، لان مشكلة الإنسان الحقيقية هي ابتعاده عن ربّه وضعف ايمانه به ، ولا سبيل للبشرية الى معالجة انحرافاتها ومشاكلها إلا بالايمان والتقوى.

[١٢٥] الثاني : ولكي يتصل الإنسان بربّه ويكون متقيا ، يجب ان يتغلب على مشكلة الشرك لهذا نجد الياس في الوقت الذي يدعو قومه لتقوى الله يأمرهم بنبذ

__________________

(١) المنجد كتاب الاعلام ص ١٣٦ الطبعة ٢٦.

٢٧٥

الآلهة المزيفة.

(أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ)

والخلق هنا ليس بمعنى الإنشاء من لا شيء ، انما يعني الصناعة والتغيير التي يستطيع الإنسان على شيء منها ، ولكن الله أفضل الخالقين ، فهو الأولى بالعبادة ويبدو ان ذكر صفة أحسن الخالقين هنا لان القوم كانوا ينسبون النسل لإلاههم بعل ، فأمرهم النبي الياس بتقوى الله من ذلك ورفض هذه الخرافات التي تقف دون تقدمهم وتكاملهم.

[١٢٦] ثالثا : محاربة الاتباع الخاطئ للآباء ... ويبدو ان التقاليد كانت عميقة الجذور في مجتمع الياس (ع) والسبب أنّ الله إذ لخص دعوته أشار الى الاباء مما يدل على نوع المعاناة التي كان يعيشها.

(اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ)

أراد من ذلك بيان دور الاباء في الضغط على الأبناء ليشركوا بالله أو يكفروا به ، وهل يغيّر الواقع والحقيقة كفر الناس؟ كلا ... فالله هو رب الاباء وان كفروا أو أشركوا به ويجب على الأبناء ان يتجاوزوا خطأهم ، ويتركوا هذه الأنداد ويتوجهوا الى ربهم الحق.

[١٢٧] ثم يعرض لنا السياق النتيجة التي صار إليها قوم الياس (ع) ، فقد كذّبوا رسولهم وأصروا على انحرافهم.

(فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ)

امام العدالة الالهية لينالوا جزاءهم المتمثل في عذاب الله.

٢٧٦

[١٢٨] وتستثني الآيات من العذاب القوم المخلصين ، وهم الذين تمحضوا في الطاعة.

(إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ)

أما الذين يلحق بايمانهم بعض الشك ، وبأعمالهم بعض السلوكيات المنحرفة فإنهم يحضرون للحساب والجزاء كلا بنسبة شكه وانحرافه.

[١٢٩ ـ ١٣٠ ـ ١٣١ ـ ١٣٢] كان ذلك جزاء المكذبين ، اما الرسول الذي صدق برسالته ، وبلغها لهم ، وتحمل من أجلها العناء والتضحيات ، فان جزاءه على الله الكرامة.

(وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ* سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ* إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ* إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ)

وقد تجسد إحسان الياس في رسالته التي حملها لقومه ، وإذا كانوا قد قابلوه بالرد والتكذيب ، فان الله لا يضيع لديه عمل محسن أبدا ، وتأكيد القرآن على صفة الايمان في النماذج التي يضربها من حياة الأنبياء دون صفة النبوة والرسالة ، حتى لا يتصور متصور انه إذا صار محسنا فقد لا يجني ثمرة لإحسانه باعتباره ليس بنبي ، فالعبودية والايمان صفتان ممكنتان لكل شخص إذا أراد وسعى.

[١٣٣] ويسوق لنا القرآن مثلا آخر على نجاة المخلصين من حياة النبي لوط (ع) وهو من أهل بابل بعثه الله في غير قومه.

(وَإِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ)

وقد جاء ليعالج الوضع الفاسد الذي يعيشه قومه ، والذي من ابرز مظاهره

٢٧٧

الفساد الخلقي ، وذلك برسالة ربه ، لكنّهم رفضوه ورفضوا رسالته فكان مصيرهم كسائر الأقوام الذين يكذبون الأنبياء ان دمرهم الله.

[١٣٤ ـ ١٣٥ ـ ١٣٦] ومع ان حياة لوط (ع) تشتمل على الكثير من الدروس والعبر ، إلا ان القرآن في هذه السورة يدعونا للتفكير في لحظة نجاته ومن آمن معه من أهله ، ودمار الآخرين الذين كذّبوا به. لان هذا الجانب يلتقي مع السياق العام لهذه الآيات.

(إِذْ نَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ)

وقد قيل انها زوجته ، وقصة هلاكها هي : ان الله امر لوطا ومن معه حينما يخرجون من القرى المؤتفكة ان لا يلتفتوا وراءهم ، لان ذلك يعبّر عن الشفقة على المهلكين ، والتشبث بالمال وحب الوطن من دون الله ، فالتفتت زوجته وأهلكت معهم.

(ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ)

بان قلب جبرئيل (ع) عليهم الأرض عاليها سافلها واهلكهم جميعا.

[١٣٧ ـ ١٣٨] وإذا كان هؤلاء الأقوام قد انقرضوا بأجسامهم وحضاراتهم فقد بقيت منهم العبرة والسعيد من اتعظ بتجارب غيره.

(وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ* وَبِاللَّيْلِ أَفَلا تَعْقِلُونَ)

أكان هذا المرور على بقايا الآثار ، أو من خلال آيات القرآن الحكيم ، فقد قال

٢٧٨

ابو الربيع الشامي : سألت أبا عبد الله (الى قوله) فقلت : فقوله عزّ وجلّ (وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ) قال :

«تمرون عليهم في القرآن إذا قرأتم القرآن ، فقرأ ما قص الله عليكم من خبرهم» (١)

ومشكلة الناس الذين يكررون تجارب الآخرين الخاطئة فيصيبهم ما أصابهم ، ليس قلة التجارب والعبر ، انما قلة الاعتبار ، فالآثار والقصص التاريخية كفيلة باستثارة عقل الإنسان وإعطائه البصيرة في الحياة ، ولكنه يعطل عقله عن التفكير فيها ، وفي بعض النصوص التاريخية ان العرب كانوا يمرون بقوافلهم أثناء تجارتهم الى الشام على قرى لوط إلّا إنّهم لم يستفيدوا من هذه الموعظة التي لا تحتاج إلّا الى القليل من التفكير ليقرأها الإنسان.

وهذه التذكرة من القرآن الحكيم بضرورة الاعتبار من التاريخ ، تؤكدها الآيات عند ذكرها لقصص الماضين ، وذلك لكي يعلم من يقرأ القرآن ، بان هذه القصص ليست للتسلية وجمع المعلومات إنّما هي للهداية والموعظة والاعتبار.

__________________

(١) نور الثقلين ج ٤ ص ٤٣٢.

٢٧٩

وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (١٣٩) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (١٤٠) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (١٤١) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ (١٤٢) فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤) فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ (١٤٥) وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (١٤٦) وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (١٤٧) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ (١٤٨) فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَناتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (١٤٩) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَهُمْ شاهِدُونَ (١٥٠) أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (١٥١) وَلَدَ اللهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (١٥٢) أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ (١٥٣)

___________________

١٤٥ [بالعراء] : المكان الخالي الذي لا نبت فيه ولا شجر.

١٤٦ [يقطين] : شجر القرع ، وقيل كل شجر لا ساق له.

٢٨٠