مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٩

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٩

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

والمفاتيح (١)» وموضع من «كشف الالتباس (٢)». وفي «الذخيرة (٣)» أيضاً كان القول بالمواسعة مشهوراً أيضاً بين المتقدّمين. قلت : وقد يظهر من «خلاصة الاستدلال» للعجلي أنّه مذهب الأشعريّين والقميّين كما سيأتي (٤) ، وقد يظهر من «شرح الغوالي» أنّه مشهور بين المتقدّمين أيضاً ، قال : والأرجح هو المشهور من عدم التضييق الّذي قاله السيّد. وقال أيضاً : قال بعض المحقّقين ونِعم ما قال : وأمّا الإجماع الّذي ادّعاه السيّد فهو دعوى إجماع في محلّ الخلاف ، لأنّ المشهور التوسعة ، انتهى. وفي بعض نسخ «المهذّب البارع (٥)» أنّه مذهب القميّين ، وهذا يحتمل الجمع والتثنية ، لكن يؤيّد الأخير أنّ في بعضها مذهب الفقيهين وقد يظهر ذلك من «مجمع البيان (٦) وكنز العرفان (٧)» عند تفسير قوله عزوجل : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً) (٨) الآية.

وصرّح جماعة بجواز التنفّل لمن عليه قضاء فريضة منهم أبو علي (٩) والصدوق (١٠) وهذا كالنصّ على المواسعة ، وقد يُفهم ذلك ممّن قال : لا يتيمّم للفائتة (١١).

ويظهر من «المعتبر» دعوى إجماع المسلمين كافّة على عدم التضييق ، قال : فلو ادّعى المرتضى أنّ أوامر الشرع على التضييق قلنا يلزمه ما علمه ، أمّا نحن فلا

__________________

(١) مفاتيح الشرائع : في قضاء الفوائت ج ١ ص ١٨٥.

(٢) كشف الالتباس : في أوقات الصلاة ص ٨٥ س ١٠ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٣) ذخيرة المعاد : في الوقت في قضاء الصلاة ص ٢١٠ س ٢٤.

(٤) يأتي في ص ٦٣٢.

(٥) الموجود في النسخة الموجودة لدينا هو قوله : : «وهو مذهب الفقيهين» راجع المهذب البارع : ج ١ ص ٤٦٠.

(٦) مجمع البيان : في تفسير سورة الفرقان آية ٦٢ ج ٧ ص ١٧٨.

(٧) كنز العرفان : في صلاة القضاء ج ١ ص ١٦٣ ١٦٤.

(٨) الفرقان : ٦٢.

(٩) نقله عنه العلّامة في مختلف الشيعة : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٢١.

(١٠) من لا يحضره الفقيه : في أحكام السهو والشكّ ج ١ ص ٣٥٥ ٣٥٦ ذيل الحديث ١٠٣٠.

(١١) كما في البيان : ص ٣٥.

٦٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

نعلم ما ادّعاه ، على أنّ القول بالمضايقة يلزم منه منع مَن عليه صلوات كثيرة أن ينام زائداً على الضرورة وأن يأكل شبعاً. والتزام ذلك سوفسطائي. ولو قيل : قد أشار أبو الصلاح الحلبي إلى ذلك ، قلنا : نحن نعلم من المسلمين كافّة خلاف ما ذكره ، انتهى (١). وكلام أبي الصلاح الّذي نقل إجماع المسلمين كافّة على خلافه هو هذا : وقت الفائتة حين الذكر إلّا أن يكون آخر وقت فريضة حاضرة ويخاف بفعل الفائت فوتها فيلزم المكلّف الابتداء بالحاضرة ويقضي الفائت ، وما عدا ذلك من سائر الأوقات فهو وقت للفائت ، ولا يجوز التعبّد فيه بغير القضاء من فرض حاضر ولا نفل (٢) ، انتهى. فإجماع «المعتبر» ظاهر في عدم وجوب تقديم الفوائت وعدم بطلان الحاضرة لو فعلها ظهوراً تامّاً إن لم يكن نصّاً ولا سيّما مع ملاحظة قوله : على أنّ القول بالمضايقة يلزم منه .. إلى آخره.

وسيأتي ما في «نهاية الإحكام والمنتهى والمختلف والذخيرة» من دعوى الإجماع. وفي موضع من «العصرة» نسبته إلى الأصحاب ، وعليه ما لعلّه يظهر من أبي الفضل محمّد بن أحمد بن مسلم من دعوى الإجماع ، لأنّ رضيّ الدين ابن طاووس نقل في بعض الرسائل المنسوبة إليه في المسألة من كتاب «الفاخر المختصر من الأحكام» تأليف أبي الفضل المذكور الّذي ذكر في خطبته أنّه ما روى فيه إلّا ما أجمع عليه وصحّ من قول الأئمّة عليهم‌السلام عنده ما هذا لفظه : والصلوات الفائتات يقضين ما لم يدخل عليه وقت صلاة ، فإذا دخل عليه وقت صلاة بدأ بالّتي دخل وقتها ويقضي الفائتة متى أحبّ (٣) ، انتهى.

وهو قول أهل البيت عليهم أفضل الصلاة والسلام كما في كتاب «النقض على من أظهر الخلاف لأهل بيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» لأنّه قد نقل ابن طاووس في «الرسالة»

__________________

(١) المعتبر : في قضاء الصلوات ج ٢ ص ٤٠٨ ٤٠٩

(٢) الكافي في الفقه : في قضاء الصلاة وأحكامها ص ١٤٩ ١٥٠

(٣) نقله عنه العلّامة المجلسي في بحار الأنوار : في باب تقديم الفوائت على الحواضر ج ٨٨ ص ٣٢٧ ٣٢٨.

٦٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

المذكورة من كتاب النقض المذكور الّذي هو لأبي عبد الله الحسين بن علي المعروف بالواسطي ما هذا لفظه : مسألة مَن ذكر صلاة وهو في اخرى قال أهل البيت عليهما‌السلام : يتمّ الّتي هو فيها ويقضي ما فاته ، وبه قال الشافعي ، ثم ذكر خلاف المخالفين (١) وله كلام آخر نقلناه في «الرسالة». وقد يقال (٢) : إنّ ما يظهر من هذين الكتابين مخالف للإجماع المعلوم ، لأنّه لم يقل أحد بوجوب تقديم الحاضرة كما يظهر منهما اللهمّ إلّا أن يقال : المراد الاستحباب ، والاستحباب بهذا المعنى خيرة الصوري وعبيد الله الحلبي والصدوقين والمصنّف في «التذكرة». والمشهور عند المتأخّرين خلافه كما يأتى بيان ذلك كلّه ، لكن ربّما يخدش ذلك دعوى الإجماع فليتأمّل.

وفي «المنتهى (٣)» لا نعرف خلافاً في جواز العدول من الحاضرة إلى الفائتة مع الإمكان والاتساع. وفي «الخلاف (٤)» الإجماع على جواز ذلك. ويأتي (٥) ما في «كشف اللثام» عند ذكر ما في المنتهى عند الكلام في المضايقة مطلقاً. وفي «نهاية الإحكام (٦)» ما نصّه : ولو دخل في الحاضرة والوقت متّسع عامداً صحّت صلاته عندنا وفعل مكروهاً. فقوله «عندنا» يُحتمل أن يكون أراد به التنبيه على خلاف جماعة من العامّة حيث لم يجوّزوا نقل النيّة كما نقل ذلك عنهم في «الخلاف (٧)» فيكون ظاهره الإجماع ، ويكون هذا الإجماع كإجماع الخلاف ، ويُحتمل أن يكون أراد نفسه الشريفة. وفي «المختلف (٨)» الإجماع على جواز فعل الفرائض كالحجّ وأداء الزكاة وقضاء الدَين وفعل النوافل والمباحات. ومثله إجماع

__________________

(١) نقله عنه العلّامة المجلسي في بحار الأنوار : في باب تقديم الفوائت على الحواضر ج ٨٨ ص ٣٣٠.

(٢) كما في مصابيح الظلام : في القضاء ج ١ ص ٣٩٧ س ١٢ ١٥ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٣) منتهى المطلب : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٤٢٢ س ٣٤.

(٤ و ٧) الخلاف : في مسائل النية ج ١ ص ٣١٠ مسألة ٥٩.

(٥) يأتي في ص ٦٣٤.

(٦) نهاية الإحكام : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٣٢٣.

(٨) مختلف الشيعة : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ١٤ ١٥.

٦٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

«المنتهى (١) والذخيرة (٢)». وقد سمعت إجماع «المعتبر».

وأمّا عبارة أصل الحلبي فقد نقلها ابن طاووس قال : قال في الأصل المذكور ما لفظه : ومن نام أو نسي أن يصلّي المغرب والعشاء الآخرة فإن استيقظ قبل الفجر بقدر ما يصلّيهما جميعاً فليصلّهما جميعاً وإن استيقظ بعد الفجر فليصلّ الفجر ثمّ يصلّي المغرب ثمّ العشاء (٣) ، انتهى. قلت : هذا مضمون ما في صحيح عبد الله بن سنان (٤) وخبر أبي بصير (٥) ، وله عبارة اخرى نقلناها في «الرسالة».

وأمّا الحسين بن سعيد فقد نقل عنه في «كشف الرموز (٦) وغاية المراد (٧)» من دون أن ينسباه إلى كتاب. ونقل ابن طاووس عن كتاب الصلاة للحسين بن سعيد خبراً ذكرناه في «الرسالة (٨)».

وقال الصدوق في «الفقيه (٩)» : ومتى فاتتك صلاة فصلّها إذا ذكرت ، فإن ذكرتها وأنت في وقت فريضة اخرى فصلّ الّتي أنت في وقتها ثمّ صلّ الصلاة الفائتة. وهذه العبارة هي المنقولة عن والده (١٠) وعن «الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليه‌السلام (١١)» ثم قال في «الفقيه (١٢)» : وإن نسيت أن تصلّي المغرب والعشاء الآخرة فذكرتهما قبل

__________________

(١) منتهى المطلب : في القضاء ج ١ ص ٤٢٢ س ١٦.

(٢) ذخيرة المعاد : في قضاء الصلوات ص ٢١١ س ٢٧.

(٣) نقله عنه العلّامة المجلسي في بحار الأنوار : في باب تقديم الفوائت على الحواضر ج ٨٨ ص ٣٢٨.

(٤ و ٥) وسائل الشيعة : ب ٦٢ من أبواب المواقيت ح ٤ و ٣ ج ٣ ص ٢٠٩.

(٦) كشف الرموز : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٢٠٨.

(٧) غاية المراد : في المواسعة والمضايقة ج ١ ص ١٠٠.

(٨) نقله عنه العلّامة المجلسي في بحار الأنوار : في باب تقديم الفوائت على الحواضر ج ٨٨ ص ٣٢٩.

(٩) من لا يحضره الفقيه : في أحكام السهو والشكّ ج ١ ص ٣٥٥ ذيل الحديث ١٠٢٩.

(١٠) نقله عنه العلّامة في مختلف الشيعة : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٥.

(١١) لم نعثر على ناقله ، نعم وجدناه في الفقه المنسوب إلى الرضا عليه‌السلام : ص ١٢٢.

(١٢) من لا يحضره الفقيه : في أحكام السهو والشكّ ج ١ ص ٣٥٥ ٣٥٤ ذيل الحديث ١٠٢٩ و ١٠٣٠.

٦٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الفجر فصلّهما جميعاً إن كان الوقت باقياً ، وإن خفت أن يفوتك أحدهما فابدأ بالعشاء الآخرة ، فإن ذكرتهما بعد الصبح فصلّ الصبح ثمّ المغرب ثمّ العشاء قبل طلوع الشمس ، فإن نمت عن الغداة حتّى تطلع الشمس فصلّ الركعتين ثمّ صلّ الغداة. وقال (١) قبل ذلك بلا فاصلة : وإن نسيت الظهر حتّى غربت الشمس وقد صلّيت العصر فإن أمكنك أن تصلّيها قبل أن تفوتك المغرب فابدأ بها ، وإلّا فصلّ المغرب ثمّ صلّ بعدها الظهر ، وإن نسيت الظهر فذكرتها وأنت تصلّي العصر فاجعل الّتي تصليها الظهر إن لم تخش أن يفوتك وقت العصر ، فإن خفت أن يفوتك وقت العصر فابدأ بالعصر .. إلى آخره.

وما نقلناه عنه أوّلاً ينافي بظاهره هذا ، ويمكن الجمع بحمل قوله : فصلّ الّتي أنت في وقتها .. إلى آخره ، على ما إذا تضيّق وقت الحاضرة ، فلا ينافي ما ذكره ثانياً من قوله : إن أمكنك أن تصلّيها قبل أن تفوتك المغرب. فيكون من جملة القائلين بالمضايقة ، ولكن قوله «قبل طلوع الشمس» يأبى الحمل على تضيّق صلاة الصبح إلّا أن يقال : تتضيّق عنده صلاة الصبح عند ظهور الحمرة قبل طلوع الشمس ولم يقل به أحد ولا نقله عنه أحد. نعم قال الشيخ (٢) والعماد (٣) : إنّ ذلك وقت المضطرّ. وقد نقل الإجماع جماعة (٤) على امتداد وقتها إلى أن يبقى لطلوع الشمس مقدار ركعتين ، وعلى هذا فيبقى كلامه متنافياً. فنسبة القول بالمواسعة إليه كما اشتهر ليس بالوجيه ، وكأنّهم لم يلحظوا أوّل كلامه ولم أجد من نبّه على ذلك ، لكنّ

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : في أحكام السهو والشكّ ج ١ ص ٣٥٥ ٣٥٤ ذيل الحديث ١٠٢٩ و ١٠٣٠.

(٢) المبسوط : في أوقات الصلاة ج ١ ص ٧٥ ، والخلاف : في أوقات الصلاة ج ١ ص ٢٦٧ مسألة ١٠.

(٣) الوسيلة : في أوقات الصلاة ص ٨٣.

(٤) منهم الفاضل الهندي في كشف اللثام : في أوقات الصلاة ج ٣ ص ٥٠ ، والأردبيلي في المجمع : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٢٤ ، وابن زهرة في الغنية : الصلاة ص ٧٠.

٦٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

المحقّق في «العزية (١)» نقل عن بعض الأصحاب وجوب تقديم الفائتة في الوقت الاختياري ثمّ تقدّم الحاضرة ، انتهى ، ولعلّه عنى به الصدوق ولقد وجدت ابن ابن ابن أخيه يقول في رسالته المسمّاة «بالعصرة» بعد نقل كلامه المذكور : تأمّل رحمك الله تعالى كيف فرّق بين ما فات من الصلاة نسياناً وبين ما فات من غير نسيان ، وفرّق أيضاً بين صلاة واحدة فاتت نسياناً وبين أكثر من واحدة ، لأنّه قال بتقديم الفائتة على الحاضرة إذا كانت واحدة وبتقديم الحاضرة على الفائتة إذا كانت أكثر من واحدة ، ثمّ إنّه نسب ذلك إلى مَن وافقه من الأصحاب ثمّ نقل كلام جدّه عليّ بن الحسين ثم قال : هذا ما ذكراه مع قرب عهدهما بالإمام عليه‌السلام وخروج توقيعه إليهما ، ولو ذكرت لك ما أورداه وغيرهما لطال الكتاب ، انتهى كلامه فليتأمّل فيه جيّداً. وقد يلوح من «خلاصة الاستدلال» لابن إدريس أنّ الصدوقين قائلان بالمضايقة كما يأتي بيانه.

وأمّا المواضع الّتي يظهر من «التهذيب (٢)» الحكم فيها بعدم المضايقة فهي حكمه فيمن أعاد صلاة الإمام بجعلها نافلة أو قضاء فريضة سالفة وإيراده خبر عمّار عن الصادق عليه‌السلام : «فإن أردت أن تقضي شيئاً من الصلاة المكتوبة أو غيرها فلا تصلّ شيئاً حتّى تبدأ فتصلّي قبل الفريضة الّتي حضرت ركعتين نافلة لها ثمّ اقض ما شئت.» ولم يتعرّض له الشيخ بشي‌ء مع أنّ عادته أنّ الخبر إذا كان لا يرتضيه تعرّض له ، فتأمّل.

وليعلم أنّ القائلين بالمواسعة اختلفوا فمتقدّموهم على أنّ تقديم الفائتة مستحبّ كما نصّ عليه الصوري وغيره وكما يظهر على ما فهمه جماعة (٣) من الصدوقين وغيرهما كما عرفت (٤) آنفا. وبالغ في «التذكرة (٥)» في نفي أفضلية تقديم

__________________

(١) المسائل العزية (الرسائل التسع) : في أنّ الفوائت ليست مرتّبة على الحاضرة ص ١١٢.

(٢) تهذيب الأحكام : في أحكام الجماعة ج ٣ ص ٥٠ ٥١ وفي المواقيت ج ٢ ص ٢٧٣ ح ١٠٨٦.

(٣) منهم السيّد في المدارك : ج ٤ ص ٢٩٨ ، والسبزواري في الذخيرة : ص ٢١٠ س ٢٤.

(٤) تقدم في صدر الصفحة.

(٥) تذكرة الفقهاء : في أوقات الصلوات في القضاء ج ٢ ص ٣٥٤.

٦٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الفائتة ، واستدلّ عليه بتفويت فضيلة الوقت وغير ذلك ، لكنّه في موضع آخر منها (١) وفي جملة من كتبه (٢) نصّ على استحباب العدول من الحاضرة إلى الفائتة إذا ذكرها وهو في الصلاة مع الإمكان واتّساع الوقت. وهو المشهور بين المتأخّرين كما في «كشف الالتباس (٣) والحدائق (٤)». وفي «كشف الرموز (٥)» الإجماع عليه. ونسبه في «مجمع البرهان (٦)» إلى ظاهر كلامهم.

وحاصل ما ذكره أبو جعفر العماد محمّد بن عليّ بن حمزة الطوسي في «الوسيلة (٧)» وجوب تقديم الفائتة مطلقاً إن فاتت نسياناً واستحباب تقديم الحاضرة إن فاتت قصداً ، ويأثم لو أخّر القضاء والحاضرة إلى آخر الوقت ، فما نقله عنه السيّد محمّد بن السيّد عميد الدين عبد المطّلب في «التخليص» من أنّه قال : إن فاتت عمداً ترتّبت وإلّا فلا ، فلعلّه ذكره في «الواسطة» لأنّه لم ينسبه إليه في الوسيلة. وقد سمعت ما نقله المحقّق في «العزية» عن بعض الأصحاب كما في «غاية المراد».

وفي «الشرائع (٨) والنافع (٩) والمدارك (١٠) والنفلية (١١)» في بحث العدول أنّه يجب

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : في أوقات الصلوات في القضاء ج ٢ ص ٣٥٦.

(٢) منها مختلف الشيعة : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٢٠. ومنتهى المطلب : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٤٢٢ س ٢٦ ، ونهاية الإحكام : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٣٢٣. وتحرير الأحكام : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٥٠ و ٥١ السطر الأخير والأول.

(٣) كشف الالتباس : في أحكام القضاء ص ١٧٢ س ٢٢. (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٤) الحدائق الناضرة : في أخبار المضايقة في القضاء ج ٦ ص ٣٣٨.

(٥) كشف الرموز : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٢٠٩.

(٦) مجمع الفائدة والبرهان : في أوقات الصلوات ج ٢ ص ٣٩.

(٧) الوسيلة : في أوقات الصلاة ص ٨٤.

(٨) شرائع الإسلام : في قضاء الصلوات ج ١ ص ١٢١.

(٩) المختصر النافع : في قضاء الصلوات ص ٤٦.

(١٠) مدارك الأحكام : في قضاء الصلوات ج ٤ ص ٢٩٥.

(١١) لا يمكن استفادة وجوب تقديم الفائتة المتّحدة من عبارة النفلية إلّا بقرينة خارجية ، فإنّ

٦٢٧

.................................................................................................

______________________________________________________

تقديم الفائتة المتّحدة ، وفي «المعتبر (١)» أنّه أولى. وفي «غاية المراد (٢)» أنّه أقوى من القول بالمضايقة إلّا أن يكون إحداث قول كما يظهر من ابن إدريس ، انتهى. قلت : وكما يظهر من اليوسفي الآبي (٣) ومن «المختلف (٤)» قال في «كشف الرموز» : اختلفوا على قولين لكنّه بعد ذلك وافق شيخه بعد أن اختار المضايقة أوّلاً كما يأتي ، ورماه في «الذخيرة (٥)» بأنّه قول غير معروف من غير المحقّق ، ورماه في «المفاتيح (٦)» بالضعف. والحقّ أنّ الأمر ليس كما قالا ، إذ يمكن تنزيل جملة من عباراتهم عليه كما سيأتي. وقد سمعت ما في «العصرة» في توجيه كلام الفقيه.

وذهب المصنّف في «المختلف (٧)» إلى وجوب تقديم الفائتة إن ذكرها في يوم الفوات سواء اتحدت أو تعدّدت وإن لم يذكرها حتّى مضى ذلك اليوم جاز له فعل الحاضرة. واستجوده صاحب «المدارك (٨)» وضعّفه جماعة (٩) من متأخّري المتأخّرين ، ورماه جملة منهم بالندرة والشذوذ وعدم الدليل كما قالوا في قول المحقّق.

وقال الفاضل السيوري في «التنقيح» : يمكن أن يقال إنّه عند أمارة الموت

__________________

عبارته هكذا : وإلى الفائتة من الحاضرة إذا كثرت الفائتة ، انتهى. وغير خفيّ عليك أنّ مفهومها حسب ما هو المقرّر في موضوع النفلية من بيان ما هو المستحّب في الصلاة أنّه إذا لم تتكثّر الفائتة لا يستحبّ العدول ، وظاهر المفهوم حينئذٍ هو جواز العدول لا الوجوب ، وهذا هو الّذي يوافق ما في سائر كتبه ، ولعلّ الشارح تبع فيما استفاد من العبارة الشهيد الثاني في الفوائد الملية ، فراجع النفلية : ص ١٠٦ ، والفوائد الملية : ص ١٢٩.

(١) المعتبر : في قضاء الصلوات ج ٢ ص ٤٠٥.

(٢) غاية المراد : في المواسعة والمضايقة ج ١ ص ١١٦.

(٣) كشف الرموز : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٢٠٧ ٢١٠.

(٤) مختلف الشيعة : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٦.

(٥) ذخيرة المعاد : في قضاء الصلاة ص ٢١٣ س ١٤.

(٦) مفاتيح الشرائع : في قضاء الفوائت ج ١ ص ١٨٥.

(٧) مختلف الشيعة : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٦.

(٨) مدارك الأحكام : في قضاء الصلوات ج ٤ ص ٣٠٣.

(٩) منهم الكاشاني في مفاتيح الشرائع : في قضاء الفوائت ج ١ ص ١٨٥ ، والبحراني في الحدائق الناضرة : في الوقت في المواسعة والمضايقة ج ٦ ص ٣٦٥ ٣٦٧.

٦٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

يجب عليه المبادرة بالقضاء مطلقاً ، ومع عدمها إن كان ذا عذر لم يتأكّد في حقّه استحباب التقديم ، وإن لم يكن ذاعذر تأكّد في حقّه استحباب التقديم (١) ، انتهى.

ويظهر من «إشارة السبق (٢)» ومن عبارة الكتاب هنا و «التخليص وغاية المرام (٣) والجواهر المضيئة وتعليق الروضة البهية (٤)» وغيرها (٥) التوقّف. ولم يتعرّض لهذه المسألة في الانتصار والناصرية وحواشي الشهيد وفوائد القواعد والألفية والمقاصد العلية والكفاية. ولم يجنح إلى شي‌ء صاحبا «كنز الفوائد (٦) والمهذّب البارع (٧)» كما هو عادتهما فهذه ثمانية أنحاء. وقد بيّنّا في «الرسالة» أدلّتها وما يرد عليها واستوفينا الكلام أكمل استيفاء.

وليعلم أنّ الاستاذ دام ظلّه في «المصابيح» قال : ليس النزاع في خصوص الفورية ولا هو مقتضى أخبار القائلين بالمضايقة. نعم جماعة منهم قالوا بالفور فلزمهم ما لزمهم ، فالمطلوب إنّما هو وجوب تقديم الفائتة على الحاضرة وترتيبها عليها ، والمذكور في كلام الفاضلين هو التقديم والترتيب ، وأنّه هل هو على الوجوب أم لا؟ قال في التذكرة : أكثر علمائنا على وجوب الترتيب وجماعة من علمائنا ضيّقوا الأمر وشدّدوا غاية التشديد حتّى حرّم السيّد وآخرون الاشتغال بغير الفائتة إلّا قدر الأمر الضروري ، انتهى. قال دام ظلّه : يظهر للمتأمّل فيها أنّ كلّ من قال بوجوب الترتيب لم يقل بالفورية والضيق ، كما أنّ كلّ من قال بالفوريّة والضيق لم يحرّم الاشتغال بغير الفائتة إلّا الضروري ، ثمّ ادّعى أنّ ذلك ظاهر جملة من كتبهم ، ثمّ قال : سلّمنا عدم الظهور لكن ظهور كون الوجوب من جهة خصوص

__________________

(١) التنقيح الرائع : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٢٦٨.

(٢) إشارة السبق : في القضاء ص ١٠٠.

(٣) غاية المرام : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٢١٠.

(٤) الروضة البهية الرحلية : ج ١ ص ١٤٦ في (هامش الرحلية).

(٥) كالحدائق الناضرة : في المواسعة والمضايقة ج ٦ ص ٣٦٨.

(٦) كنز الفوائد : في أحكام القضاء ج ١ ص ١٤٥ ١٤٦.

(٧) المهذّب البارع : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٤٦٠ ٤٦١.

٦٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

الضيق من أين ، وكذا ظهور الإجماع بأنّ كلّ من قال بالوجوب قال بالفور من أين ، انتهى. وقد مال في آخر كلامه إلى أنّ القائلين بالمضايقة قائلون بالفور (١).

قلت : وأكثر من قال بالمضايقة أو كلّهم احتجّ أو احتجّ له بأنّ الأمر للفور. وصرّح جماعة منهم المحقّق (٢) عند تحرير محلّ النزاع بأنّ القائلين بوجوب تقديم الفوائت قالوا : إنّه لو بدأ بالحاضرة مع ذكر الفائتة لم تصحّ الحاضرة ، وهذا يوافق ما قاله الاستاذ ، وستأتيك عباراتهم منشورة ، وما استظهر من عبارة «التذكرة» ليس بذلك الظهور ، بل الظاهر أنّ مراده بالجماعة المضيّقين السيّد وأتباعه الّذين حرّموا الاشتغال .. إلى آخره ، فليتأمّل.

وأمّا القول بوجوب تقديم الفائتة مطلقاً فهو المشهور كما في «كشف الالتباس (٣)» وعند القدماء كما في «تخليص التلخيص وغاية المراد (٤)» وهو المشهور وخصوصاً عند المتقدّمين كما في «الروض (٥) والفوائد الملية (٦)» ومذهب أكثر الأصحاب كما في «الدروس (٧) وجامع المقاصد (٨) والغرية والهلالية» وموضع من «كشف الرموز (٩)» وخصوصاً عند المتقدّمين كما في «تمهيد القواعد (١٠)» وأكثر

__________________

(١) مصابيح الظلام : في قضاء الصلوات في تقديم الفائتة على الحاضرة ج ٢ ص ٣٩٦ س ١٠ و ٥ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٢) المعتبر : في قضاء الصلوات ج ٢ ص ٤٠٦.

(٣) كشف الالتباس : في أحكام القضاء ص ١٧١ س ٢٤ وص ١٧٢ س ١٣. (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٤) غاية المراد : في المواسعة والمضايقة ج ١ ص ٩٨.

(٥) روض الجنان : في أوقات الصلاة ص ١٨٨ س ٢٣.

(٦) الفوائد الملية : في الوقت ص ١٣٠.

(٧) الدروس الشرعية : في صلاة القضاء ج ١ ص ١٤٥.

(٨) لم نعثر عليه في جامع المقاصد في بحث الأوقات ولا في مبحث القضاء ، فراجع.

(٩) كشف الرموز : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٢٠٩.

(١٠) تمهيد القواعد : في الأوامر قاعدة ٣٩ ص ١٣٥.

٦٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

علمائنا والجمهور على ذلك كما في «التذكرة (١)» وفي «الذكرى (٢)» وموضع آخر من «كشف الالتباس (٣)» أنّ ظاهر الأكثر الوجوب على الفور وفي موضع آخر من «التذكرة (٤)» نسبة وجوب العدول من الحاضرة إلى الفائتة مع الإمكان واتساع الوقت إلى أكثر علمائنا. ونسب الحكم بوجوب التقديم في «المفاتيح (٥) والمصابيح (٦) والذخيرة (٧) ورسالة الماحوزي والحدائق (٨)» إلى أكثر القدماء. وفي «كشف الرموز (٩)» إلى الثلاثة والتقي والقاضي والمتأخّر ومَن تابعهم. ومثله ما في «النجيبية». وفي «المعتبر (١٠) والتنقيح (١١)» إلى الثلاثة وأتباعهم. ونحوه ما في «الجواهر المضيئة». وجملة من هذه الشهرات منقوله على بطلان الحاضرة لو فعلها حينئذٍ كشهرة «غاية المراد (١٢)» وغيرها (١٣) ، فالشهرة صريحة وظاهرة منقولة فيما يزيد عن عشرين موضعاً. وذكر الشهيد (١٤) وجماعة (١٥) أنّ كثيراً من المفسّرين

__________________

(١ و ٤١) تذكرة الفقهاء : في القضاء ج ٢ ص ٣٥٤ و ٣٥٦.

(٢) ذكرى الشيعة : في مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤١٤.

(٣) كشف الالتباس : في أوقات الصلاة ص ٨٥ س ٤. (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٥) مفاتيح الشرائع : في قضاء الفوائت ج ١ ص ١٨٥.

(٦) مصابيح الظلام : في قضاء الفوائت في تقديم الفائتة على الحاضرة ج ٢ ص ٣٩١ س ١٠ وص ٣٩٢ س ٦. (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٧) ذخيرة المعاد : في قضاء الصلاة ص ٢١٠ س ١٧.

(٨) الحدائق الناضرة : في المواسعة والمضايقة ج ٦ ص ٣٣٦.

(٩) كشف الرموز : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٢٠٧.

(١٠) المعتبر : في قضاء الصلوات ج ٢ ص ٤٠٦.

(١١) التنقيح الرائع : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٢٦٧.

(١٢) غاية المراد : في المواسعة والمضايقة ج ١ ص ٩٨.

(١٣) كما في كشف الالتباس : ص ١٧١ س ٢٢ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(١٤) ذكرى الشيعة : في مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤١٣.

(١٥) ومنهم السيّد العاملي في مدارك الأحكام : في قضاء الصلوات ج ٤ ص ٣٠٢ ، والعلّامة المجلسي في بحار الأنوار : في أحكام قضاء الصلوات ج ٨٨ ص ٢٨٨ ٢٨٩ ، والبحراني في الحدائق : ج ٦ ص ٣٣٨.

٦٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

قالوا : إنّ المراد من قوله عزوجل : أَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي لوقت ذكرى.

وفي «غاية المراد (١)» استدلّوا بالإجماع وقد نقله كثير. قلت : قد نقل الإجماع على ذلك الشريف أبو الحسين المحسن بن محمّد بن الناصر الرسّي في المسألة التاسعة عشرة من المسائل الّتي سألها لعلَم الهدى ، قال : إذا كان إجماعنا مستقرّاً بوجوب تقديم الفائت من الفرائض (الصلاة خ ل) على الحاضر منها .. إلى آخره ، وعلَم الهدى أقرّه على ذلك وقبِله منه (٢) ، فظاهره ادّعاؤه أيضاً ، وقد أثنى عليه علَم الهدى في خطبة هذا الكتاب أكمل الثناء (٣) والشيخ في «الخلاف (٤)» والسيّد حمزة في «الغنية (٥)» وفيها أيضاً : الإجماع على بطلان الحاضرة لو فعلها حينئذٍ في أوّل وقتها ، والعجلي في «السرائر (٦)» في بحث المواقيت. وقال صاحب «العصرة» : رأيت بعض فقهائنا الآن قد صنّف رسالة في معنى القضاء وقال بقول الشيخ أبي جعفر الطوسي وادّعى إجماع الطائفة على قوله ، فتعجّبت من ذلك ، وكيف ادّعى الإجماع مع اختلاف الجماعة الّتي ذكرناهم مع عظم اقتدارهم وشهرة آثارهم ، انتهى ما ذكره في العصرة ، وهذا منه نقل حكاية إجماع.

وفي «خلاصة الاستدلال» أنّ ذلك ممّا أطبقت عليه الإمامية خلَفاً عن سلف عصراً بعد عصر وأجمعت عليه ولا يعتدّ بخلاف نفر يسير من الخراسانيّين فإنّ ابني بابويه والأشعريين كسعد بن عبد الله صاحب كتاب الرحمة وسعد بن سعد ومحمّد بن عليّ بن محبوب صاحب كتاب نوادر المصنّف والقميّين أجمع عاملون

__________________

(١) غاية المراد : في المواسعة والمضايقة ج ١ ص ١٠٢.

(٢) أجوبة المسائل الرسّية الاولى (رسائل الشريف المرتضى : ج ٢) في حكم مَن عليه فائتة وقت الأداء ص ٣٦٣ ٣٦٥.

(٣) أجوية المسائل الرسّية الاولى (رسائل الشريف المرتضى : ج ٢) مقدّمة الكتاب ص ٣١٥.

(٤) الخلاف : في حكم من فاتته صلاة .. ج ١ ص ٣٨٣ ٣٨٤.

(٥) غنية النزوع : في القضاء ص ٩٨ ٩٩.

(٦) السرائر : في أوقات الصلاة ج ١ ص ٢٠٣.

٦٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

بالأخبار المتضمّنة للمضايقة ، لأنّهم ذكروا أنّه لا يحلّ ردّ الخبر الموثوق بروايته ، وحفظتهم الصدوق ذكر ذلك في كتاب من لا يحضره الفقيه ، وخرّيِت هذه الصناعة ورئيس الأعاجم أبو جعفر الطوسي مودع أحاديث المضايقة في كتبه مفتٍ بها ، والمخالف إذا عرف باسمه ونسبه لا يضرّ خلافه (١).

قلت : قد سمعت كلام الصدوقين وما في «التهذيب» وما في كتاب «العصرة» عن شيخ القميّين ورئيسهم أحمد بن محمّد بن عيسى. وقال في «غاية المراد» : إنّ القائلين بالمواسعة قالوا. إنّ هؤلاء العلماء كما رووا أخبار الترتيب رووا أخبار المواسعة (٢) انتهى. وقد يظهر من قوله «ولا يعتدّ بخلاف نفر يسير من الخراسانيّين فإنّ ابني بابويه .. إلى آخره» أنّ النفر اليسير هم الصدوقان والأشعريون والقميّون ، لأنّ الأشعريين قميّون وأنّهم لنفر يسير بالنسبة إلى جميع الإمامية خلَفاً عن سلف وعصراً بعد عصر ويكون معنى قوله «إنّهم عاملون بالأخبار المتضمّنة للمضايقة» أنّه يلزمهم ذلك ، كما يشير إليه قوله «لأنّهم ذكروا أنّه لا يحلّ ردّ الخبر .. إلى آخره» فعلى هذا يكثر القائل بالمواسعة من القدماء ، وإن أبيت إلّا المعنى الآخر وادّعيت أنّه الظاهر. قلنا : عبارة عليّ بن الحسين (٣) نصّةٌ أو ظاهرة في المواسعة ، وعبارة ولده في «المقنع (٤)» كذلك. وفي «الفقيه» قد سمعتها (٥) ولا أقلّ من أن تكون مجملة إن أعرضنا عمّا فهمه الجمّ الغفير منها وعمّا فهمه صاحب «العصرة» وعلى ما احتملناه من كلام المحقّق في «العزية» يكون الصدوق قائلاً بالتفصيل فكيف ينسب إليهما القول بالمضايقة والبطلان؟! فليلحظ ذلك.

__________________

(١) لم نعثر على كتاب خلاصة الاستدلال وهو تأليف ابن إدريس ولكن أشار إليه في سرائره في قضاء الصلوات ج ١ ص ٢٧٣ ، وأمّا ما حكاه الشارح عن خلاصة الاستدلال فقد نقله عنه الشهيد الأول في غاية المراد : في المواسعة والمضايقة ج ١ ص ١٠٢ ١٠٣.

(٢) غاية المراد : في المواسعة والمضايقة ج ١ ص ١١٤.

(٣) نقلها عنه العلّامة في مختلف الشيعة : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٥.

(٤) المقنع : في باب السهو في الصلاة ص ١٠٧.

(٥) راجع ص ٦١٦.

٦٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي «الرسّيات (١)» في الفصل الّذي فيه ستّ مسائل إجماع الطائفة الإمامية على الفتوى على نقل نيّة من ابتدأ بصلاة حاضرة في أوّل وقتها إلى الفائتة حين الذكر لها وإن كان قد صلّى بعض الحاضرة. وظاهر الشريف أبو الحسين الرسّي أنّ هذا على سبيل الوجوب بقرينة السياق والإجماع الّذي سمعته آنفاً. وقال علَم الهدى (٢) في جوابه بعد كلام طويل : وإذا كان ما رتّبناه هو المشروع الّذي اجتمعت الفرقة المحقّة عليه وجب العمل به وإطراح ما سواه .. إلى آخره. وهذا الإجماع وإن لم يكن نصّاً في الوجوب فلا ريب أنّ مراده الوجوب بقرينة ما ذكره في المسألة التاسعة عشرة من وجوب الفائتة على الفور ومبالغتة في ذلك كما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى.

وفي «الغنية (٣)» الإجماع على لزوم هذا النقل وأنّه إن لم يفعله لم يجز. وقد تظهر دعوى هذا الإجماع من «السرائر (٤)» لأنّه أوجب النقل هنا. وقال في بحث الجمعة : ولا يجوز النقل إلّا فيما أجمعنا عليه إلّا أن يقال الظاهر منه خصوص ما ذكره في ذلك البحث. وفي موضع من «الخلاف (٥)» نقل الإجماع على جواز هذا النقل ، ويظهر منه ظهوراً تامّاً بقرينة ما قبله وما بعده في تلك المسألة أنّ ذلك على سبيل الوجوب. وفي «المنتهى (٦)» لا نعرف خلافاً في جواز العدول. وفي «كشف اللثام (٧)» بعد نقل ذلك عن المنتهى : لعلّ الجواز يوجب الوجوب إذا وجب الترتيب.

__________________

(١) أجوبة المسائل الرسّية الاولى (رسائل الشريف المرتضى : ج ٢) في مسائل تتعلّق بالنيات في العبادات ص ٣٤٠.

(٢) أجوبة المسائل الرسّية الاولى (رسائل الشريف المرتضى : ج ٢) في مسائل تتعلّق بالنيّات في العبادات ص ٣٤٥.

(٣) غنية النزوع : في صلاة القضاء ص ٩٩.

(٤) السرائر : في أحكام قضاء الفائت من الصلوات ج ١ ص ٢٧٣ و ٢٧٤ وفي صلاة الجمعة ص ٢٩٧.

(٥) الخلاف : في مسائل النيّة ج ١ ص ٣١٠ مسألة ٥٩.

(٦) منتهى المطلب : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٤٢٢ س ٣٤.

(٧) كشف اللثام : في أوقات الصلوات ج ٣ ص ٨٥.

٦٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال المفيد في «الرسالة السهوية» الّتي ردّ فيها على الصدوق الخبر المروي في نوم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يتضمّن خلاف ما عليه عصابة الحقّ ، لأنّهم لا يختلفون في أنّ من فاته صلاة فريضة فعليه أن يقضيها أيّ وقت ذكرها من ليلٍ أو نهار ما لم يكن الوقت مضيّقاً لصلاة فريضة حاضرة ، وإذا حرم على الإنسان أن يؤدّي فريضة قد دخل وقتها ليقضي فرضاً قد فاته كان حضر النوافل عليه قبل قضاء ما فاته من الفرض أولى ، انتهى كلامه.

فهذه إجماعات القوم بتمامها ، ونقول : إنّ إجماعات السيّد (١) والعجلي (٢) وما ذكراه من منع المكلّف من تكسّب المباح وتناول ما يزيد على ما يمسك الرمق معارضة بما نقله في «المعتبر (٣)» من إجماع المسلمين كافّة على خلاف ذلك ، وكذلك إجماع «الذخيرة (٤) والمختلف (٥) والمنتهى (٦)» وأمّا الإجماعات الاخر فستعرف الحال فيها عند تمام نقل عبارات أهل المضايقة ، فترقّب. ويُفهم حال كثير منها ممّا في «المعتبر» أيضاً ، قال ما نصّه : وأخبارهم غير دالّة على موضع النزاع ، لأنّ غايتها وجوب الإتيان بالفائتة ما لم تتضيّق الحاضرة ونحن نقول بموجبه ، إذ لا خلاف في وجوب القضاء ما لم تتضيّق الحاضرة ، بل الخلاف في الترتيب ، ولا يلزم من وجوب قضائها عند الذكر ما لم تتضيّق الحاضرة وجوب ترتيبها على الحاضرة ، كما يقال خمس صلوات تصلّى في كلّ وقت ما لم تتضيّق الحاضرة منها الكسوف والجنازة وليستا مترتّبتين على الحاضرة ترتيباً يمنع الحاضرة (٧) انتهى.

__________________

(١) أجوبة المسائل الرسّية (رسائل الشريف المرتضى : ج ٢) في حكم من عليه فائتة وقت الأداء ص ٣٦٣ ٣٦٤.

(٢) السرائر : في أحكام قضاء الصلوات ج ١ ص ٢٧٤.

(٣) المعتبر : في قضاء الصلوات ج ٢ ص ٤٠٨ ٤٠٩.

(٤) ذخيرة المعاد : في الوقت في قضاء الصلاة ص ٢١١ س ٢٧.

(٥) مختلف الشيعة : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ١٥.

(٦) منتهى المطلب : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٤٢٢ س ١٦.

(٧) المعتبر : في قضاء الصلوات ج ٢ ص ٤٠٨.

٦٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وقد ذكر الشهيد (١) في المسألة أقوالاً سبعة وقال : إنّ الستة منها مشتركة في نفي المضايقة. وهذا أيضاً ممّا يفتّ في عضد تلك الإجماعات ، وستعرف الحال فيها إن شاء الله تعالى.

ووجوب تقديم الفائتة على الحاضرة تعدّدت أو اتحدت ما لم يتضيّق وقت الحاضرة هو المنقول (٢) عن الحسن والكاتب والسيّد في «المصباح» والتقي والقاضي والشيخ أبي الحسن علي بن منصور بن تقي الحلبي والشيخ الزاهد أبي الحسين ورّام بن أبي فراس في «رسالته» ونقله في «العصرة» عن بعض معاصرية وقال : إنّه صنّف في ذلك أوراقاً ، ولعلّه عن ابن إدريس ، ويأتي نقل جملة من عباراتهم الّتي نقلت إلينا ليعرف حال دلالتها على المطلوب ، وخيرة «المقنعة (٣) وجُمل العلم والعمل (٤) والنهاية (٥) والمبسوط (٦) والمراسم (٧) وكشف الرموز (٨) والوسائل (٩) والحدائق (١٠)» وقد سمعت ما في «الرسّيات والخلاف والغنية والسرائر وخلاصة الاستدلال» ويظهر ذلك من موضع من «التهذيب (١١)» وكذا «الجُمل

__________________

(١) غاية المراد : في المواسعة والمضايقة ج ١ ص ٩٨ ١٠٨.

(٢) نقله عنهم العلّامة في مختلف الشيعة : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٣ ٤ ، والشهيد الأول في غاية المراد : في المواسعة والمضايقة ج ١ ص ٩٨ ٩٩ ، إلّا أنّهما نقلا عن السيّد في الجُمل والمسائل الرسّية لا عن المصباح ، فراجع.

(٣) المقنعة : في أحكام فوائت الصلاة ص ٢١١.

(٤) جُمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى : ج ٣) في أحكام قضاء الصلاة ص ٣٨.

(٥) النهاية : في قضاء ما فات من الصلوات ص ١٢٥.

(٦) المبسوط : في حكم قضاء الصلوات ج ١ ص ١٢٦.

(٧) المراسم : في ما يلزم المفرط في الصلاة في القضاء وأحكامه ص ٩٠.

(٨) كشف الرموز : في قضاء الصلاة ج ١ ص ٢٠٩.

(٩) وسائل الشيعة : ب ١ من أبواب قضاء الصلوات ج ٥ ص ٣٤٧.

(١٠) الحدائق الناضرة : أقوال في المواسعة والمضايقة في القضاء ج ٦ ص ٣٣٦.

(١١) تهذيب الأحكام : في المواقيت ج ٢ ص ٢٧١ ذيل الحديث ١٠٧٩.

٦٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والعقود (١)» حيث قال فيه : من فاتته صلاة فريضة فوقتها حين يذكرها. ومثل ذلك ما في «الوسيلة (٢) وجامع الشرائع (٣) والمصباح (٤)» قالوا ذلك عند قولهم : خمس صلوات تصلّى على كلّ حال. وفي «غاية المراد (٥)» أنّه لا يخلو من قوّة. وقوّاه الشيخ نجيب الدين العاملي. ومال إليه في «الاستبصار (٦)» وقوّاه الاستاذ في «المصابيح (٧)» وأيّده وذبّ عنه ثمّ مال إلى المواسعة. وفي «الدروس (٨) والهلالية» أنّه أحوط. وقد سمعت ما في «الوسيلة» في صورة النسيان وإحدى عبارتي «الفقيه».

وقد صرّح جماعة من هؤلاء ببطلان الحاضرة لو أوقعها إلّا مع الضيق ، منهم الشيخ في «المبسوط (٩)» والمرتضى (١٠) والتقي (١١) والقاضي (١٢) والعجلي (١٣). ولم يصرّح به الكاتب والحسن والمفيد والشيخ في الخلاف والنهاية وأبو يعلى. ونحن سننقل عباراتهم لتعرف الحال فيها.

__________________

(١) الجُمل والعقود : فصل في ذكر المواقيت ص ٦٠.

(٢) الوسيلة : في أوقات الصلاة في القضاء ص ٨٤.

(٣) الجامع للشرائع : في قضاء الصلوات ص ٨٧ ٨٨.

(٤) المصباح المتهجّد : في الوقت ص ٢٤.

(٥) غاية المراد : في المواسعة والمضايقة ج ١ ص ١١٦.

(٦) الاستبصار : في باب من فاتته صلاة فريضة فدخل عليه وقت صلاة اخرى فريضة ج ١ ص ٢٨٨ ذيل ح ١٠٥٥.

(٧) مصابيح الظلام : في تقديم الفائتة على الحاضرة ج ٢ ص ٣٩٩ س ٤. (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٨) الدروس الشرعيّة : في قضاء الصلوات ج ١ ص ١٤٥.

(٩) المبسوط : في قضاء الصلوات ج ١ ص ١٢٦.

(١٠) أجوبة المسائل الرسّية (رسائل الشريف المرتضى : ج ٢) حكم من عليه فائتة في وقت الأداء ص ٣٦٤ ٣٦٥.

(١١) الكافي في الفقه : في قضاء الصلاة وأحكامها ص ١٤٩ ١٥٠.

(١٢) المهذّب : في قضاء الفائت من الصلاة ج ١ ص ١٢٥ ١٢٦.

(١٣) السرائر : في أحكام قضاء الفائت من الصلوات ج ١ ص ٢٧٢.

٦٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

والقول بالمضايقة مذهب الجمهور كما في «التذكرة (١)» وأكثر العامّة كما في «الذخيرة (٢)» والمشهور عندهم كما في «البحار (٣) وشرح المفاتيح» للشيخ هادي ومذهب الشافعي والحسن البصري وشريح وطاووس والليث ومالك وأحمد وأبي حنيفة كما في «الخلاف (٤)» وغيره (٥) ، فما ورد من الأخبار في المضايقة إن لم يقبل التأويل وما كان ليكون يحمل على التقية. فإن قلت : قد نقل (٦) عن الشافعي أنّه قائل بالمواسعة. قلت : لم يكن الشافعي (٧) في زمن الصادق عليه‌السلام ولا اشتهر في زمن الكاظم عليه‌السلام وإنّما ولد في سنة مائة وخمسين بعد وفاة الصادق عليه‌السلام بسنتين ونشأ بمكّة واشتهر أمره بها وأقام بها حتّى مات ، ولم يشتهر مذهبه في العراق إلّا بعد حين ، والظاهر أنّ اشتهاره إنّما كان في زمن الملك الظاهر ، فالتقية إنّما هي من الذي كان دأبه خلاف الصادق عليه‌السلام وقد قال : خالفت جعفراً في كلّ ما سمعته منه ولا أدري أكان يغمض عينيه في السجود أو يفتحهما حتّى اخالفه (٨) ، ولشيخنا الاستاذ العلّامة المعتبر الشيخ جعفر دام ظلّه العالي تحقيق في المقام ذكرناه في «الرسالة».

وأمّا العبارات فعن الحسن بن عيسى أنّ من نسي صلاة فرض صلّاها أيّ وقت ذكرها ، إلّا أن يكون في وقت صلاة حاضرة يخاف إن بدأ بالفائتة فاتته الحاضرة فإنّه يبدأ بالحاضرة لئلّا يكونا جميعاً قضاء (٩) ، انتهى. وهذه العبارة ليست

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : في أوقات ج ٢ ص ٣٥٤.

(٢) ذخيرة المعاد : في قضاء الصلاة ص ٢١٣.

(٣) بحار الأنوار : في تقديم الفوائت على الحواضر ج ٨٨ ص ٣٢٣.

(٤) الخلاف : في حكم من فاتته صلاة وخرج وقتها ج ١ ص ٣٨٢ ٣٨٥ مسألة ١٣٩.

(٥) ومنتهى المطلب : في قضاء الفوائت ج ١ ص ٤٢١ س ٢٩.

(٦) نقله عنه العلّامة في تذكرة الفقهاء : في أوقات الصلاة ج ٢ ص ٣٥٣.

(٧) الأعلام للزركلي : ج ٦ ص ٢٦.

(٨) تنقيح المقال : باب النعمان ج ٣ ص ٢٧٢.

(٩) نقله عنه العلّامة في مختلف الشيعة : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٤.

٦٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

نصّاً في المضايقة وليس فيها أنّه إن لم يخف فوت الحاضرة يجب عليه البدءة بالفائتة ، بل يحتمل أن يكون مراده بيان مبدأ الوجوب أو الاستحباب. وفي «المختلف (١)» أنّ في كلام الحسن إشعاراً بالتقديم واجباً ، وقد سمعت (٢) أنّ المحقّق قال : إنّ قولهم يجب الإتيان بالفائتة ما يتضيّق وقت الحاضرة نقول به ، إذ لا خلاف في وجوب القضاء ما لم يتضيّق وقت الحاضرة ، بل الخلاف في الترتيب ، ولا يلزم من وجوب قضائها عند الذكر وما لم تتضيّق الحاضرة وجوب ترتيبها على الحاضرة وسقوط وجوب الحاضرة ، انتهى. قلت : وعلى هذا تنزّل أكثر عباراتهم الّتي يأتي ذكرها.

وقال أبو على : وقت الذكر لما فات من الفروض وقت القضاء ما لم يكن آخر فريضة يخشى إن ابتدأ بالقضاء فاتته الصلاة الّتي هو في وقتها ، فإن لم يكن يخشى ذلك بدأ بالفائتة وعقّب الحاضر وقتها (٣). وهذه وإن كانت أظهر من عبارة الحسن في المضايقة إلّا أنّها ليست صريحة في ذلك ، فيجري فيها الاحتمالان السابقان ، ويحتمل أن يكون قوله «بدأ وعقّب» على سبيل الاستحباب. وسمعت ما في «المعتبر» وقد نقلنا عن أبي علي كلاماً لا يبعد أن يكون ظاهراً في المواسعة ذكرناه في «الرسالة» وقد سمعت (٤) أنّه جوّز التنفّل لمن عليه قضاء.

وقال القاضي أبو القاسم عبد العزيز : إنّه لو صلّى الحاضرة والوقت متّسع وهو عالم بذلك لم تنعقد ، وعليه أن يقضي الفائتة ثمّ يأتي بالحاضرة (٥). وهذا صريح في المضايقة.

وقال التقي : وقت الفائتة حين الذكر (٦) .. إلى آخر ما سمعته عند نقل إجماع

__________________

(١) نقله عنه العلّامة في مختلف الشيعة : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٤.

(٢) تقدّم في ص ٦٣٥.

(٣) نقله عنه العلّامة في مختلف الشيعة : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٤.

(٤) تقدّم في ص ٦٢١.

(٥) المهذّب : في قضاء الفائت من الصلاة ج ١ ص ١٢٦.

(٦) الكافي في الفقه : في القضاء وأحكامه ص ١٤٩.

٦٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

«المعتبر». وفي «جُمل العلم والعمل» كلّ صلاة فاتت وجب قضاؤها في حال الذكر لها من سائر الأوقات ، إلّا أن يكون في آخر وقت فريضة حاضرة ويخاف فيه من التشاغل بالفائتة فوت الحاضرة فيجب الابتداء بالحاضرة والتعقيب بالماضية. ومثلها من دون تفاوت عبارة «المصباح» (١) المنقولة في كتاب «العصرة» وهما كعبارة الحسن يجري فيهما ما جرى في تلك.

وقال في «المقنعة» : من فاتته صلاة لخروج وقتها صلّاها كما فاتته ولم يؤخّر ذلك إلّا أن يمنعه تضييق وقت فرض حاضر ثابت (٢). وهي ليس نصّاً في المضايقة ، فحالها حال عبارة أبي علي ، وقد نقل في كتاب «العصرة» عن المقنعة عبارتين اخريين بهذا المعنى لكنّي لم أجدهما فيها وقد وجدنا في غير موضع اختلاف نُسخ كتاب المقنعة. وقد سمعت عبارات «الرسّيات» وعرفت أنّ بعضها ليس نصّاً في الوجوب ، وأنّ بعضها نصّ فيه لكن ليس فيه تصريح ببطلان الحاضرة لو فعلها في أوّل وقتها ، وأنّ بعضها صريح في الوجوب والبطلان والمنع عن غير القضاء من غير ما لا بدّ منه للمكلّف.

وفي «الخلاف (٣)» وإن ذكرها وقد دخل وقت صلاة اخرى فإنّه يبدأ بالفائتة ما لم يتضيّق وقت الحاضرة ، فإذا كان كذلك بدأ بالحاضرة ثمّ الفائتة ، وإن دخل في أوّل الوقت في الحاضرة ثمّ ذكر أنّ عليه صلاة اخرى وقد صلّى منها ركعتين أو أكثر فلينقل نيّته إلى الفائتة. ثمّ قال : دليلنا إجماع الفرقة. وكلامه هذا ككلام أبي علي يجري فيه ذلك الاحتمال.

وفي «المبسوط (٤)» أنّ مَن عليه قضاء وأدّى فريضة الوقت في أوّله فإنّه لا يجزيه. وهذه صريحة في المضايقة. وله عبارة اخرى في «المبسوط» كعبارة

__________________

(١) جُمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى : ج ٣) في أحكام قضاء الصلاة ص ٣٨.

(٢) المقنعة : في أحكام فوائت الصلاة ص ٢١١.

(٣) الخلاف : في حكم من فاتته صلاة وخرج وقتها ج ١ ص ٣٨٣ مسألة ١٣٩.

(٤) المبسوط : في حكم قضاء الصلوات ج ١ ص ١٢٦ و ١٢٧.

٦٤٠