مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٩

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٩

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

«الفقيه (١) والمقنع (٢) والنهاية (٣) والمهذّب (٤) والكامل وجامع الشرائع (٥)» من القطع من اتّساع الوقت للحاضرة ، وهو المنقول (٦) عن عليّ بن بابويه و «الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليه‌السلام» ، قال فيه : ولا تصلّها في وقت فريضة ، فإذا كنت فيها ودخل عليك وقت الفريضة فاقطعها وصلّ الفريضة ثمّ ابن على ما صلّيت من صلاة الكسوف (٧). ومثله عبارة الصدوقين و «النهاية والمهذّب والكامل». وأمّا «الجامع» فقد وافقه في كلامه الأخير وخيّر في الابتداء كما سمعت. وقد سمعت عبارة «المبسوط (٨)» فيما تقدّم. وفي «السرائر (٩)» الإجماع على خلاف ما قاله الشيخ في النهاية وأنّ خلافه مذهب المرتضى.

وقد سمعت ما في «التذكرة (١٠)» من نفي الخلاف عن عدم وجوب الاشتغال بالحاضرة مع اتّساع الوقتين ، وسيأتي عند الكلام على تضيّق وقت إحداهما إجماعات لها نفع تامّ في المقام.

وبعض المتأخّرين (١١) قال : لا نعرف في جواز القطع مع السعة نصّاً ، وبعض (١٢) أنّه بعيد جدّا ، وبعض (١٣) أنّه لا وجه له.

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٥٥٠.

(٢) المقنع : في صلاة الكسوف ص ١٤٣.

(٣) النهاية : في صلاة الكسوف ص ١٣٧.

(٤) المهذّب : في صلاة الكسوف ج ١ ص ١٢٥.

(٥) الجامع للشرائع : في صلاة الكسوف ص ١٠٩.

(٦) نقل عنهما العلّامة في المختلف : في صلاة الكسوف ج ٢ ص ٢٨٧.

(٧) فقه الرضا عليه‌السلام : في صلاة الكسوف ص ١٣٥.

(٨) تقدّم في ص ٩٥.

(٩) السرائر : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٣٢٣.

(١٠) تقدم في ص ٩٧.

(١١) كشف الرموز : في صلاة الكسوف ج ١ ص ١٩١.

(١٢) مدارك الأحكام : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ١٤٧.

(١٣) كالفاضل الهندي في كشف اللثام : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ٣٧٥.

١٠١

.................................................................................................

______________________________________________________

هذا وقال في «الذكرى» نقل الفاضل عن أبي الصلاح موافقة النهاية ونقل عنه في المعتبر موافقة الأكثر ، وعبارته هذه : فإن دخل وقت فريضة من الخمس وهو فيها فليتمّها ثمّ يصلّي الفرض وإن خاف من إتمامها فوات الفرض قطعها ودخل فيه ، فإذا فرغ بنى على ما مضى من صلاة الكسوف ، انتهى (١). قلت : الفاضل في «المختلف (٢)» قد نقل عن أبي الصلاح موافقته لا موافقة النهاية كما سمعت ، ولم أجد في «المعتبر» لأبي الصلاح ذكراً ، ولعلّه سقط ممّا عندنا أو زاغ عنه النظر.

وصاحب «الحدائق» جمع بين أخبار المسألة فحمل وقت الفريضة في خبر محمّد وبريد بن معاوية على وقت الفضيلة والخبر هكذا : «إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات صلّيتها ما لم تتخوّف أن يذهب وقت الفريضة فإن تخوّفت فابدأ بالفريضة الخبر (٣)». وأيّد ذلك بخبر أبي أيّوب عن «أبي عبد الله عليه‌السلام قال : سألته عن صلاة الكسوف قبل أن تغيب الشمس ويخشى فوات الفريضة ، فقال : اقطعوا وصلّوا الفريضة وعودوا إلى صلاتكم (٤)» وبخبر ابن مسلم قال : «قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : جعلت فداك ربما ابتلينا بالكسوف بعد المغرب قبل العشاء الآخرة فإن صلّينا الكسوف خشينا أن تفوتنا الفريضة؟ فقال : إذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك واقض فريضتك ثمّ عد فيها .. الحديث (٥)» قال صاحب «الحدائق» : صحيحة محمّد ابن مسلم الاخرى قد صرّحت بالأمر بالابتداء بالفريضة والأمر حقيقة في الوجوب ، والفقه الرضوي قد صرّح بالنهي عن صلاة الكسوف في وقت الفريضة حتّى يصلّي الفريضة ، فلم يبق إلّا صحيحة محمّد بن مسلم وبريد ، فيحمل وقت الفريضة فيها على وقت الفضيلة كما صرّحت به صحيحته الثانية وصحيحة أبي أيّوب ، وإطلاق الوقت في الأخبار على وقت الفضيلة خاصّة لا ما يشمل وقت الإجزاء كثير (٦) ، انتهى كلامه. وحاصله وجوب تقديم الحاضرة مطلقاً كما هو خيرة الصدوق.

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في صلاة الآيات ج ٤ ص ٢٢٢.

(٢) مختلف الشيعة : في صلاة الكسوف ج ٢ ص ٢٨٩.

(٣ _ ٥) وسائل الشيعة : ب ٥ من أبواب صلاة الكسوف ، ح ٤ و ٣ و ٢ ج ٥ ص ١٤٧ و ١٤٨.

(٦) الحدائق الناضرة : في صلاة الكسوف ج ١٠ ص ٣٤٨.

١٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وفيه نظر ، لعدم ظهور خبر محمّد وخبر أبي أيّوب فيما ذكر فتأمّل ، مع أنّه ليس بأولى من الجمع بالعكس بحمل وقت الفريضة في خبر محمّد الّذي ردّ الأخبار إليه على آخر وقت الإجزاء ، ويكون العمل على خبر محمّد وبريد كما هو مذهب الحسن والمرتضى ، بل قد ادّعى الإجماع عليه في «السرائر» ثمّ إنّه لا معنى لتضيّق وجوب إحداهما بمجرّد معارضته للُاخرى مع كونها في أصل الشرع موسّعة ، وهذا ممّا يرد على هذين القولين.

فالقول بالتخيير معتضد بالأصل والتساوي في الوجوب والاتّساع وبعموم ما دلّ على جواز الفرضين في وقتها ، وفيه مع ذلك الجمع بين ما دلّ على الأمر بتقديم الفريضة على الكسوف وما دلّ على العكس ، والجمعان الأوّلان لا ترجيح لأحدهما على الآخر ، مضافاً إلى ما في «التذكرة» من ظهور دعوى الإجماع ، فتعيّن التخيير.

ومن الغريب أنّ الصدوق أورد في «الفقيه (١)» خبر محمّد وبريد بن معاوية الصريح في الأمر بصلاة الكسوف ما لم يتخوّف أن يذهب وقت الفريضة ثمّ عقّبه بما سمعت من فتواه ولم يجب عن الرواية المذكورة بشي‌ء ، ولعلّ نظره إلى «الفقه الرضوي» إن ثبتت النسبة ، لكنّه معارض في بعضه بما رواه في «دعائم الإسلام (٢)» عن جعفر بن محمّد عليهما‌السلام أنّه قال «فيمن وقف في صلاة الكسوف حتّى دخل عليه وقت صلاة قال : يؤخّرها ويمضي في صلاة الكسوف حتّى يصير إلى آخر الوقت ، فإن خاف فوت الوقت قطعها وصلّى الفريضة قبل صلاة الكسوف».

وليعلم أنّ بعض ما ذكرنا في توجيه القول بالتخيير مع السعة يجري في حالة ضيقهما لو لا الإجماع ، وما يستفاد من الأخبار من أهمّية اليومية.

وليعلم أنّهم اختلفوا في حكمه بعد قطعه لصلاة الكسوف وإتيانه بالحاضرة مع ضيقها أو سعتها على اختلاف الرأيين هل يعود إلى صلاة الكسوف ويبني

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : في صلاة الآيات ، ح ١٥٢٧ ج ١ ص ٥٤٨ و ٥٥٠.

(٢) دعائم الإسلام : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٢٠١.

١٠٣

.................................................................................................

______________________________________________________

على ما تقدّم محتسباً له أم لا بل يجب استئنافها من رأس؟ فالمعظم كما في «البيان (١)» على الأوّل ، والأكثر كما في «الذخيرة (٢)» وهو المشهور كما في «الدروس (٣) والحدائق (٤) والرياض (٥)» وهو مذهب علمائنا كما في «المنتهى (٦)». وقد تلوح دعوى الإجماع من «السرائر (٧)». وفي «المعتبر (٨) والتذكرة (٩)» نسبته إلى الثلاثة ، وفي «الذخيرة (١٠)» نسبته إلى الشيخين والمرتضى وابن بابويه وأتباعهم. وهو خيرة «الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليه‌السلام (١١)» والصدوقين (١٢) والشيخ في «النهاية (١٣)» والقاضي في «المهذّب (١٤) والكامل» والعجلي في «السرائر (١٥)» وابن سعيد في «الجامع (١٦)» والمصنّف في «التحرير (١٧) والمنتهى (١٨)» والشهيد في

__________________

(١) البيان : في صلاة الآيات ص ١١٧.

(٢) ذخيرة المعاد : في صلاة الآيات ص ٣٢٦ سطر ما قبل الأخير.

(٣) الدروس الشرعية : في صلاة الآيات ج ١ ص ١٩٥.

(٤) الحدائق الناضرة : في صلاة الكسوف ج ١٠ ص ٣٥٠.

(٥) رياض المسائل : في صلاة الآيات ج ٤ ص ١٤٢.

(٦) منتهى المطلب : في صلاة الآيات ج ١ ص ٣٥٣ سطر ما قبل الأخير.

(٧) السرائر : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٣٢٣.

(٨) المعتبر : في صلاة الكسوف ج ٢ ص ٣٤١.

(٩) تذكرة الفقهاء : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ١٩٠.

(١٠) ذخيرة المعاد : في صلاة الكسوف ص ٣٢٦ سطر ما قبل الأخير.

(١١) فقه الرضا عليه‌السلام : في صلاة الكسوف ص ١٣٥.

(١٢) من لا يحضره الفقيه : في صلاة الآيات ج ١ ص ٥٥٠ ذيل ح ١٥٣١ ونقل عنهما العلّامة في المختلف : ج ٢ ص ٢٨٧.

(١٣) النهاية : في صلاة الكسوف ص ١٣٧.

(١٤) المهذّب : في صلاة الكسوف ج ١ ص ١٢٥.

(١٥) السرائر : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٣٢٢.

(١٦) الجامع للشرائع : في صلاة الكسوف ص ١٠٩.

(١٧) تحرير الأحكام : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٤٧ س ١٩.

(١٨) منتهى المطلب : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٣٥٣ س ٣٥.

١٠٤

.................................................................................................

______________________________________________________

«الدروس (١)» وصاحبا «المدارك (٢) والذخيرة (٣)» وغيرهم (٤). وقرّبه في «البيان (٥)» ونفى عنه البُعد في «مجمع البرهان (٦)» ونقل عن التقي (٧) ، وقد سمعت المنقول من عبارته وهي صريحة في ذلك ، وعن ابن حمزة ولم أجده في «الوسيلة» وقد يلوح ذلك من علم الهدى والحسن على ما نقل من كلامهما في «المختلف (٨)» وتردّد المحقّق في «المعتبر (٩)» واستشكل المصنّف في «التذكرة (١٠)» واختير في «المبسوط (١١) والذكرى (١٢) والغرية والروض (١٣) والشافية» الاستئناف من رأس.

وفي «التنقيح (١٤)» بعد نقل القولين نقل عن بعض الفضلاء أنّه قال : البناء على ما قطع حقّ على تقدير أن لا يأتي بفعل غير الصلاة ، لأنّ الصلاة لا تبطل الصلاة ، انتهى فتأملّ.

قال في «الذكرى (١٥)» : والاعتذار بأنّ الفعل الكثير يغتفر هنا لعدم منافاته الصلاة بعيد ، فإنّا لم نبطلها بالفعل الكثير ، بل بحكم الشرع بالإبطال والشروع في الحاضرة ، فإذا فرغ منها فقد أتى بما يخلّ بنظم صلاة الكسوف. ونحوه قال

__________________

(١) الدروس الشرعية : في صلاة الكسوف ج ١ ص ١٩٥.

(٢) مدارك الأحكام : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ١٤٥.

(٣) ذخيرة المعاد : في صلاة الكسوف ص ٣٢٦ سطر ما قبل الأخير.

(٤) كرياض المسائل : في صلاة الآيات ج ٤ ص ١٤٢.

(٥) البيان : في صلاة الآيات ص ١١٧.

(٦) مجمع الفائدة والبرهان : في صلاة الآيات ج ٢ ص ٤٢٣.

(٧ و ٨) مختلف الشيعة : في صلاة الكسوف ج ٢ ص ٢٨٧ و ٢٨٩.

(٩) المعتبر : في صلاة الكسوف ج ٢ ص ٣٤١.

(١٠) تذكرة الفقهاء : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ١٩٠.

(١١) المبسوط : في صلاة الكسوف ج ١ ص ١٧٢.

(١٢) ذكرى الشيعة : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ٢٢٣.

(١٣) روض الجنان : في صلاة الكسوف ص ٣٠٦ س ٦.

(١٤) التنقيح الرائع : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٢٤٤.

(١٥) ذكرى الشيعة : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ٢٢٣.

١٠٥

.................................................................................................

______________________________________________________

صاحب «الغرية».

وفيه : أنّ الأخبار (١) قد نطقت بالبناء واعتضدت بفتوى الأصحاب حتّى كاد يكون المخالف نادراً ، فلا يصغى إلى الاعتبارات.

إذا عرفت هذا فاعلم أنّهم اختلفوا في مقام آخر وهو ما إذا اشتغل بالحاضرة مع ضيق وقتها فانجلى الكسوف ففي «المعتبر (٢) والمنتهى (٣) والتحرير (٤)» إن فرّط قضى وإلّا فلا ، وفي «التذكرة (٥) والمختلف (٦) والتنقيح (٧) والرياض (٨) والذخيرة (٩)» إن كان فرّط في تأخير صلاة الكسوف قضاها وإلّا فلا ، وفي «المهذّب البارع (١٠) وغاية المرام (١١) والروضة (١٢)» إن كان فرّط في تأخير صلاة الكسوف أو في الحاضرة قضى وإلّا فلا.

وفى «الذكرى (١٣)» إن كان قد فرّط فى فعل الحاضرة أوّل الوقت فالأقرب القضاء لاستناد إهمالها إلى ما تقدّم من تقصيره ، ويحتمل عدمه ، لأنّ التأخير كان مباحاً إلى ذلك الوقت ثمّ تعيّن عليه الفعل بسبب التضييق واقتضى ذلك الفوات ، فهو بالنظر إلى هذه الحال غير متمكّن من فعل الكسوف ، فلا يجب الأداء لعدم

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٥ من أبواب صلاة الكسوف ج ٥ ص ١٤٧ ١٤٨.

(٢) المعتبر : في صلاة الكسوف ج ٢ ص ٣٤١.

(٣) منتهى المطلب : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٣٥٤ س ٥.

(٤) تحرير الأحكام : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٤٧ س ٢٠.

(٥) تذكرة الفقهاء : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ١٨٩.

(٦) مختلف الشيعة : في صلاة الكسوف ج ٢ ص ٢٨٦.

(٧) التنقيح الرائع : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٢٤٤.

(٨) رياض المسائل : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ١٤٢.

(٩) ذخيرة المعاد : في صلاة الكسوف ص ٣٢٧ س ٩.

(١٠) المهذّب البارع : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٤٢٧.

(١١) غاية المرام : في صلاة الكسوف ص ١٧ س ٢٧ (من كتب مكتبة مسجد گوهرشاد رقم ٥٨).

(١٢) الروضة البهية : في صلاة الآيات ج ١ ص ٦٨٣.

(١٣) ذكرى الشيعة : في صلاة الآيات ج ٤ ص ٢٢٤.

١٠٦

.................................................................................................

______________________________________________________

التمكّن ولا القضاء لعدم الاستقرار. وفي «الذخيرة (١)» بعد نقل ذلك عن الذكرى قال : ما احتجّ به على الوجوب ضعيف ، لأنّ التأخير جائز فلا يكون ذلك تقصيراً. وفي «البيان (٢)» حكم بالقضاء إن كان فرّط في تأخير صلاة الكسوف وقرّب الوجوب إذا كان فرّط في الحاضرة.

وفي «جامع المقاصد (٣) وفوائد الشرائع (٤) وتعليق الإرشاد (٥) والميسية والروض (٦) والمسالك (٧)» إن أخّر الحاضرة مع وجوبها اختياراً قضى الكسوف. وفي الأخيرين : وإن كان التأخير بغير اختياره ، فإن كان مع وجوب الحاضرة فالظاهر القضاء ، وإن كان لا مع وجوبها كما لو كان في باقي الوقت صغيراً أو مجنوناً أو كانت حائضاً ففي وجوب قضاء الفائتة بسبب الاشتغال بالحاضرة وجهان ، وعدم القضاء أوجه. وفي «الذكرى (٨)» أمّا لو كان ترك الحاضرة لعذر كالحيض ونحوه فعدم قضاء الكسوف أظهر لعدم التفريط. وفي إجراء الناسي والكافر يسلم عند تضيّق الوقت مجرى المعذور ، عندي فيه تردّد. ولو قيل بقضاء الكسوف مطلقاً كان وجهاً ، لوجود سبب الوجوب ولا ينافيه العارض. وفي «المدارك (٩)» إن فرّط في فعل الحاضرة أوّل الوقت قيل وجب قضاء الكسوف وقيل لا يجب ، وهو ظاهر المعتبر وهو حسن ، انتهى.

__________________

(١) ذخيرة المعاد : في صلاة الكسوف ص ٣٢٧ س ١٠.

(٢) البيان : في صلاة الآيات ص ١١٦.

(٣) جامع المقاصد : في صلاة الكسوف ج ٢ ص ٤٧٣.

(٤) فوائد الشرائع : في صلاة الكسوف ص ٤٨ ، السطر الأخير (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(٥) لم نعثر عليه في حاشية الإرشاد المخطوطة الموجودة لدينا ، فراجع حاشية الإرشاد : في صلاة الكسوف ص ٣ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٩).

(٦) روض الجنان : في صلاة الكسوف ص ٣٠٥ سطر ما قبل الأخير.

(٧) مسالك الأفهام : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٢٦١.

(٨) ذكرى الشيعة : في صلاة الآيات ج ٤ ص ٢٢٤.

(٩) مدارك الأحكام : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ١٤٧.

١٠٧

وإلّا قدّم المضيَّق منهما.

______________________________________________________

قلت : حاصل كلامهم أنّه إن لم يكن فرّط في تأخير صلاة الكسوف ولا في الحاضرة فلا نزاع في أنّه لا قضاء عليه إلّا ما أشار إليه في «الذكرى (١)» بقوله : ولو قيل .. إلى آخره ، وأنّه إن كان فرّط في تأخير صلاة الكسوف فلا كلام في القضاء ، وإنّما النزاع فيما إذا فرّط في تأخير الحاضرة ، والوجه فيه التفصيل بأن يقال : لو علم المكلّف باستلزام تأخير الحاضرة فوات الكسوف عن وقتها كما يتفق أحياناً فيجب القضاء وإلّا فلا ، ولم يعلم استقرار الخلاف حتّى يكون إحداث قول فليتأمّل.

والاستشهاد على عدم وجوب القضاء في صورة التفريط الحاضرة بالأخبار الكثيرة الدالّة على أنّه بعد زوال السبب لا قضاء كما في «الحدائق (٢)» لا وجه له ، لأنّك قد عرفت أنّ الأصحاب قد حملوها على صورة الجهل وعدم استيعاب الاحتراق جمعاً بينها وبين ما دلّ على الأمر بالقضاء.

وعلى كلّ تقدير هل يجب الكسوف بإدراك ركعة أم لا بدّ من إدراك الجميع؟ احتمل الأوّل هنا في «التذكرة (٣) ونهاية الإحكام (٤)» وقد تقدّم الكلام (٥) في هذا بخصوصه مستوفىً ، لكنّ الفاضل الميسي حكم بالوجوب والأداء بإدراك ركعة هنا واستشكل في «الروض (٦) والمسالك (٧)».

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وإلّا قدّم المضيَّق منهما) أي وإن لا يتّسعا ولا يتضيّقا بأن تضيّق إحداهما قدّمت وتعيّنت للفعل ، وقد حكى على ذلك

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في صلاة الآيات ، ج ٤ ، ص ٢٢٥.

(٢) الحدائق الناضرة : في صلاة الآيات ج ١٠ ص ٣٥٢.

(٣) تذكرة الفقهاء : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ١٩٤.

(٤) نهاية الإحكام : في صلاة الكسوف ج ٢ ص ٨٠.

(٥) تقدّم في ص ٧٠ ٦٧.

(٦) روض الجنان : في صلاة الكسوف ص ٣٠٦ سطر ٣.

(٧) مسالك الأفهام : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٢٦١.

١٠٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الإجماع في «المنتهى (١) وإرشاد الجعفرية (٢) والمدارك (٣) والذخيرة (٤) والحدائق (٥)» وهو مذهب الكاتب أبي علي (٦) حيث قال فيما نقل عنه : لو حضرت صلاة الكسوف وغيرها بدأ بما يخشى فوته ، وخيرة «المعتبر (٧) والمنتهى (٨) والتحرير (٩) والمختلف (١٠) والتذكرة (١١) والدروس (١٢) والبيان (١٣) واللمعة (١٤) والمهذّب البارع (١٥) وغاية المرام (١٦) والتنقيح (١٧) وفوائد الشرائع (١٨) والجعفرية (١٩) وشرحيها (٢٠) والكفاية (٢١)

__________________

(١) منتهى المطلب : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٣٥٣ س ٣٥.

(٢) المطالب المظفّرية : في صلاة الكسوف ص ١٩١ س ١٨ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(٣) مدارك الأحكام : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ١٤٤.

(٤) ذخيرة المعاد : في صلاة الكسوف ص ٣٢٦ س ٣٧.

(٥) الحدائق الناضرة : في صلاة الكسوف ج ١٠ ص ٣٤٥.

(٦) نقل عنه العلّامة في المختلف : في صلاة الكسوف ج ٢ ص ٢٨٧.

(٧) المعتبر : في صلاة الكسوف ج ٢ ص ٣٤٠.

(٨) منتهى المطلب : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٣٥٣ س ٣٠.

(٩) تحرير الأحكام : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٤٧ س ١٨.

(١٠) مختلف الشيعة : في صلاة الكسوف ج ٢ ص ٢٨٦.

(١١) تذكرة الفقهاء : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ١٨٩.

(١٢) الدروس الشرعية : في صلاة الآيات ج ١ ص ١٩٥.

(١٣) البيان : في صلاة الآيات ص ١١٦.

(١٤) اللمعة الدمشقية : في صلاة الآيات ص ٣٩.

(١٥) المهذب البارع : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٤٢٥.

(١٦) غاية المرام : في صلاة الكسوف ص ١٧ س ٢٤ (من كتب مكتبة مسجد گوهرشاد برقم ٥٨).

(١٧) التنقيح الرائع : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٢٤٤.

(١٨) فوائد الشرائع : في صلاة الكسوف ص ٤٨ س ٢٠ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(١٩) الرسالة الجعفرية (رسائل المحقّق الكركي : ج ١) في صلاة الآيات ص ١٣٤.

(٢٠) المطالب المظفّرية : في صلاة الآيات ص ١٩١ س ١٦ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦) والشرح الآخر لا يوجد لدينا.

(٢١) كفاية الأحكام : في صلاة الآيات ص ٢٢ س ١٠.

١٠٩

والكسوف أولى من صلاة الليل وإن خرج وقتها

______________________________________________________

والروضة (١) والرياض (٢)». وفي «مجمع البرهان (٣)» أنّه غير بعيد. وهو ظاهر «السرائر (٤)» وغيرها (٥) ممّن حكي عنه تقديم صلاة الكسوف مع السعة ، إذ لعلّه هنا عندهم أولى ، وحينئذٍ ينطبق عليه إجماع «السرائر».

وظاهر «الفقه المنسوب إلى مولانا الرضا عليه‌السلام» والصدوقين ومن وافقهم فيما تقّدم (٦) الخلاف هنا والقول بتقديم الفريضة وإن اتّسع وقتها وضاق وقت الكسوف.

وفي «الذكرى (٧)» بعد أن نقل الأقوال في الاتّساع قال : لا خلاف أنّ الحاضرة أولى مع خوف فوت وقتها. والظاهر أنّه لو خاف فوت وقت الكسوف مع علمه باتّساع وقت الحاضرة قدّم الكسوف عند هؤلاء ، انتهى فتأمّل.

[في تقديم صلاة الكسوف على النافلة]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (و) صلاة (الكسوف أولى من صلاة الليل وإن خرج وقتها) نصّ عليه في «المبسوط (٨) والنهاية (٩) والمهذّب (١٠)

__________________

(١) الروضة البهية : في صلاة الآيات ج ١ ص ٦٨٣.

(٢) رياض المسائل : في صلاة الآيات ج ٤ ص ١٤١.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : في صلاة الآيات ج ٢ ص ٤٢٤.

(٤) السرائر : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٣٢٢.

(٥) ككشف اللثام : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ٣٧٦.

(٦) تقدّم في ص ٩٦.

(٧) ذكرى الشيعة : في صلاة الآيات ج ٤ ص ٢٢١.

(٨) المبسوط : في صلاة الكسوف ج ١ ص ١٧٢.

(٩) النهاية : في صلاة الكسوف ص ١٣٧.

(١٠) المهذّب : في صلاة الكسوف ج ١ ص ١٢٥.

١١٠

ثمّ تقضى ندباً ،

______________________________________________________

والكامل والسرائر (١)» وغيرها (٢). وفي «المنتهى (٣)» صلاة الكسوف أولى من النافلة ، موقّتة أو لا ، راتبة أو لا عند علمائنا أجمع. وفي «المعتبر (٤) والتذكرة (٥)» أنّها أولى من النافلة كذلك وإن فاتت عند علمائنا. وفي «جامع المقاصد (٦)» إن قدّم صلاة الليل مع القطع بسعة الكسوف جاز. ونحوه ما في «مجمع البرهان (٧)». وقال في الأوّل : وظاهر المصنّف في كتبه العدم لقولهم : تصلّى النافلة ما لم يدخل وقت فريضة. قلت : ليس ذلك ظاهر المصنّف وحده بل ظاهر إطلاق الفتاوى والإجماعات أنّه لا فرق بين ما إذا اتّسع وقت صلاة الكسوف بحيث ما لو أتى بالنافلة أدركها بعدها أو لا ، بل بذلك صرّح الشهيد (٨) وغيره (٩) ، وهو معتضد بعموم ما دلّ على المنع من النافلة وقت الفريضة ، وقد تقدّم الكلام فيه في محلّه.

قوله قدّس الله روحه : (ثمّ تقضى ندباً) صرّح به أيضاً في «النهاية (١٠) والمبسوط (١١) والمهذّب (١٢) والجامع (١٣)» وغيرها (١٤).

__________________

(١) السرائر : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٣٢٢.

(٢) ككشف اللثام : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ٣٧٦.

(٣) منتهى المطلب : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٣٥٤ س ٨.

(٤) المعتبر : في صلاة الكسوف ج ٢ ص ٣٤٢.

(٥) تذكرة الفقهاء : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ١٩٣.

(٦) جامع المقاصد : في صلاة الكسوف ج ٢ ص ٤٧٤.

(٧) مجمع الفائدة والبرهان : في صلاة الآيات ج ٢ ص ٤٢٤.

(٨) ذكرى الشيعة : في صلاة الآيات ج ٤ ص ٢٢٣.

(٩) كرياض المسائل : في صلاة الآيات ج ٤ ص ١٤٣.

(١٠) النهاية : في صلاة الآيات ص ١٣٧.

(١١) المبسوط : في صلاة الكسوف ج ١ ص ١٧٢.

(١٢) المهذّب : في صلاة الكسوف ج ١ ص ١٢٥.

(١٣) الجامع للشرائع : في صلاة الكسوف ص ١٠٩.

(١٤) كظاهر مسالك الأفهام : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٢٦٠.

١١١

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي «الذكرى (١)» لو كانت صلاة الليل منذورة فكالفريضة الحاضرة في التفصيل السالف. ومثله قال في «البيان (٢)». وقال في «الذكرى» : وهل ينسحب فيها قول البناء وكذا في كلّ صلاة منذورة تزاحم صلاة الكسوف؟ الظاهر لا ، اقتصاراً على مورد النصّ مع المخالفة للأصل. وفي «التذكرة (٣)» لو اتفقت مع منذورة موقّتة بدأ بما يخشى فوته ، ولو أمن فوتهما تخيّر. وفي «الموجز الحاوي (٤) وكشف الالتباس (٥)» لو اتّسع لهما تخيّر ، والأولى الكسوف ، ولو تضيّق الوقت بدأ بالكسوف وإن فاتت المنذورة ، ويكفّر إن فرّط بالتأخير ، انتهى.

قلت : أنت خبير بأنّ لفظ «الفريضة» في أخبار الكسوف إنّما ينصرف إلى اليومية لا كلّ واجب ، فكون صلاة الليل المنذورة أو غيرها من الصلوات المنذورة كالفريضة الحاضرة محلّ إشكال.

وقال في «الذكرى (٦)» : لو جامعت صلاة العيد بأن تجب بسبب الآيات المطلقة أو بالكسوفين نظراً إلى قدرة الله تعالى وإن لم يكن معتاداً ، على أنّه قد اشتهر أنّ الشمس كسفت يوم عاشوراء لمّا قتل الحسين عليه‌السلام كسفة بدت الكواكب نصف النهار ، رواه البيهقي (٧) وغيره (٨). وروى الأصحاب (٩) أنّ من علامات المهدي عجّل الله فرجه كسوف الشمس في النصف الأوّل من شهر رمضان ، فحينئذٍ إذا

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في صلاة الآيات ج ٤ ص ٢٢٤.

(٢) البيان : في صلاة الآيات ص ١١٦ و ١١٧.

(٣) تذكرة الفقهاء : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ١٩١.

(٤) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في صلاة الآيات ص ٩٣.

(٥) كشف الالتباس : في صلاة الآيات ص ١٤٩ س ١٣ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٦) ذكرى الشيعة : في صلاة الآيات ج ٤ ص ٢٢٥.

(٧) السنن الكبرى : ج ٣ ص ٣٣٧.

(٨) رواه الطبراني في مجمع الزوائد : ج ٩ ص ١٩٧ ، والكنجي في كفاية الطالب : ص ٤٤٤ ، والخوارزمي في مقتل الحسين : ج ٢ ص ٨٩.

(٩) الكافي : ج ٨ ص ٢١٢ ، إرشاد المفيد : ص ٣٥٩ ، غَيبة الطوسي : ص ٢٧٠.

١١٢

ولا تصلّى على الراحلة و (١) مشياً اختياراً.

______________________________________________________

اجتمع الكسوف والعيد فإن كانت صلاة العيد نافلة قدّم الكسوف ، وإن كانت فريضة فكما مرَّ من التفصيل في الفرائض. نعم تقدّم على خطبة العيدين إن قلنا باستحبابهما كما هو المشهور.

وقال في «الذكرى» : لو اجتمعت آيتان فصاعداً في وقتٍ واحد كالكسوف والزلزلة والريح المظلمة ، فإن اتّسع الوقت للجميع تخيّر في التقديم ، ويمكن وجوب تقديم الكسوف على الآيات ، لشكّ بعض الأصحاب في وجوبها ، وتقديم الزلزلة على الباقي ، لأنّ دليل وجوبها أقوى. ولو اتّسع لصلاتين فصاعداً وكانت الصلوات أكثر ممّا يتّسع له احتمل قويّاً هنا تقديم الكسوف ثمّ الزلزلة ثمّ يتخيّر في باقي الآيات ، ولا يقضي ما لا يتّسع له إلّا على احتمال عدم اشتراط سعة الوقت للصلاة في الآيات ، ولو وسع واحدة لا غير فالأقرب تقدّم الكسوف للإجماع عليه ، وفي وجوب صلاة الزلزلة هنا أداءً وقضاءً وجهان ، وعلى قول الأصحاب بأنّ اتّساع الوقت لها ليس بشرط يصلّيها من بعد قطعاً ، وكذا الكلام في باقي الآيات (١) ، انتهى.

[في عدم جواز صلاة الكسوف على الراحلة]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ولا تصلّى على الراحلة و) لا (مشياً اختياراً) عند علمائنا خلافاً للجمهور كما في «التذكرة (٢)» وعند جمهور الأصحاب كما في «الذخيرة (٣)» وظاهر «المعتبر» انحصار الخلاف في أبي علي ، وستسمع عبارتيهما. وهو المشهور كما في «المهذّب البارع (٤)

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في صلاة الآيات ج ٤ ص ٢٢٦.

(٢) تذكرة الفقهاء : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ١٩٤.

(٣) ذخيرة المعاد : في صلاة الكسوف ص ٣٢٧ س ١٤.

(٤) المهذّب البارع : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٤٢٨.

١١٣

.................................................................................................

______________________________________________________

والمقتصر (١) وغاية المرام (٢)» والأشهر كما في «المدارك (٣)» وعليه عامّة المتأخّرين كما في «الرياض (٤)».

قلت : وهو خيرة «النهاية (٥) والمبسوط (٦)» وغيرهما (٧) لكن عبارة «الشرائع (٨) والنافع (٩)» قد تعطي التأمّل في ذلك ، قال فيهما : يجوز أن تصلّى هذه الصلاة على الراحلة وماشياً ، وقيل بالمنع إلّا مع الضرورة ، وهو أشبه.

وقال في «المعتبر (١٠)» ما نصّه : ولا تصلّى على الراحلة مع الإمكان وتجوز مع الضرورة ، وقال ابن الجنيد : استحبّ أن يصلّي بها على الأرض وإلّا فبحسب حاله ، وقال الباقون : تصلّى على الراحلة كغيرها من الفرائض ، انتهى. والظاهر أنّ مراده أنّها كغيرها من الفرائض تصلّى على الراحلة مع الضرورة كما يدلّ عليه قوله : ويؤيّده ما رواه عبد الله بن سنان (١١) عن أبي عبد الله عليه‌السلام قلت : «يصلّي الرجل شيئاً من الفروض على الراحلة؟ فقال : لا». ثمّ ذكر خبر الواسطي (١٢). فما في «التنقيح (١٣)» غير صحيح حيث قال : ونقل في المعتبر عن باقي الأصحاب الجواز اختياراً كالنوافل. ثمّ قال : والحقّ أنّ ذلك مشروط بالعذر. وهو قول الشيخ في النهاية انتهى.

__________________

(١) المقتصر : في صلاة الكسوف ص ٨٣.

(٢) غاية المرام : في صلاة الكسوف ص ١٨ س ١٦ (من كتب مكتبة مسجد گوهرشاد رقم ٥٨).

(٣) مدارك الأحكام : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ١٤٨.

(٤) رياض المسائل : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ١٤٤.

(٥) النهاية : في صلاة الكسوف ص ١٣٨.

(٦) المبسوط : في صلاة الكسوف ج ١ ص ١٧٣.

(٧) التنقيح الرائع : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٢٤٤.

(٨) شرائع الإسلام : في صلاة الكسوف ج ١ ص ١٠٤.

(٩) المختصر النافع : في صلاة الكسوف ص ٣٩.

(١٠) المعتبر : في صلاة الكسوف ج ٢ ص ٣٤٢.

(١١) وسائل الشيعة : ب ١٤ من أبواب القبلة ح ٤ ج ٣ ص ٢٣٧.

(١٢) وسائل الشيعة : ب ١١ من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح ١ ج ٥ ص ١٥٧.

(١٣) التنقيح الرائع : في صلاة الكسوف ج ١ ص ٢٤٤.

١١٤

.................................................................................................

______________________________________________________

قلت : وهو قوله في «المبسوط (١)» أيضاً وقول جميع من تعرّض له ممّن تأخّر عنه ، بل في «الرياض (٢)» الإجماع عليه عند الضرورة. وقد صرّح في «الروضة (٣)» بعدم الجواز على الراحلة وإن كانت معقولة.

وقال أبو علي على ما في «المختلف (٤)» هي واجبة على كلّ مخاطب ، سواء كان على وجه الأرض أو راكب سفينة أو دابّة عند تعيّنه به ، ويستحبّ أن يصلّيها على الأرض وإلّا فبحسب حاله. وهو ليس بذلك الظهور في جوازها على الدابّة. قال في «المختلف» هو يشعر ذلك.

قلت : ولا رأينا ولا نقل إلينا خلافاً عن غير أبي علي ، وكان الواجب على الفاضل المقداد أن يحمل عبارة معتبره على السهو إن لم يكن هو الساهي ، إذ لو لحظ تمام عبارة المعتبر لعرف الحال.

__________________

(١) المبسوط : في صلاة الكسوف ج ١ ص ١٧٣.

(٢) رياض المسائل : في صلاة الكسوف ج ٤ ص ١٤٣.

(٣) الروضة البهية : في صلاة الآيات ج ١ ص ٦٨٣.

(٤) مختلف الشيعة : في صلاة الكسوف ج ٢ ص ٢٩١.

١١٥

الفصل الرابع : في صلاة النذر

مَن نذر صلاةً شُرط فيها ما شُرط في الفرائض اليومية ، ويُزيد الصفات الّتي عيّنها في نذره إن قيّده بها إمّا الزمان كيوم الجمعة ، أو المكان بشرط المزيّة كالمسجد أو غيرهما ،

______________________________________________________

(الفصل الرابع في صلاة النذر)

قال في «كشف اللثام» : وشبهه ، أو النذر يعمّه لأنّه الوعد ، أو صلاة النذر تعمّ صلاة شبهه كصلاة الكسوف ، أو الفصل لصلاة النذر خاصّة. وقوله : واليمين والعهد كالنذر في ذلك كلّه ، خارج عنه (١)

قوله قدّس الله تعالى روحه : (مَن نذر صلاةً شُرط فيها ما شُرط في الفرائض اليومية) كما في «الإرشاد (٢) والذكرى (٣) والبيان (٤)» وغيرها (٥). وفي «التذكرة (٦) ونهاية الإحكام (٧) وإرشاد الجعفرية (٨)» يشترط فيها ما يشترط في الفرائض اليومية من الطهارة والاستقبال وغيرهما إجماعاً إلّا الوقت ، انتهى ما في الثلاثة.

__________________

(١) كشف اللثام : في صلاة النذر ج ٤ ص ٣٧٧.

(٢) إرشاد الأذهان : في صلاة النذر ج ١ ص ٢٦٥.

(٣) ذكرى الشيعة : في صلاة النذر ج ٤ ص ٢٣٣.

(٤) البيان : في صلاة النذر ص ١١٩.

(٥) كمجمع الفائدة : في المنذورات ج ٣ ص ١٠ والجعفرية : ص ١٣٤ ، والمقاصد العلية : ص ٦٥٢.

(٦) تذكرة الفقهاء : في صلاة النذر ج ٤ ص ١٩٧.

(٧) نهاية الإحكام : في صلاة النذر ج ٢ ص ٨٥.

(٨) المطالب المظفّرية : في صلاة النذر ص ١٩٢ س ٧ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

١١٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال المحقّق الثاني في «تعليقه على الإرشاد» وقد عرفت أنّ عبارته كعبارة الكتاب : إنّ ذلك حكم ما إذا أطلق فتجب السورة والقيام ونحو ذلك ، أمّا إذا نذر الوتيرة من جلوس أو القراءة ببعض سورة أو تكرار السورة جاز. والفرق أنّ النذر إنّما يتعلّق بالصلاة على هذا الوجه بخلاف ما إذا أطلق (١). ومثله قال في «روض الجنان (٢) والروضة (٣) والذخيرة (٤)».

وقال في «مجمع البرهان» بعد أن ذكر نحو ما ذكر المحقّق المذكور : وبالجملة المناط هو الصدق شرعاً ، وما ورد من وجوب السورة والقيام والقبلة وعدم الجواز على الدابّة في الصلاة الواجبة فأظنّها في الواجبة بأصل الشرع لا بالنذر ونحوه. ويؤيّده أنّه لو عمّم نذرها بحيث يشمل اتّصافها بهذه الأشياء وعدمها صريحاً لانعقد بلا شكّ. وبالجملة كلّ فعل وشرط ليس بشرط للصحّة في النافلة لو نذر بحيث يشمل عدمه ، وكذا لو أطلق ، فهو فرد للمنذورة وتبرأ به الذمّة ، وإن كان الأولى والأحوط اختيار ما اجتمع فيه جميع الشرائط المعتبرة في صحّة الواجبة (٥).

وفي «كشف اللثام» بعد حكاية الإجماع عن نهاية الإحكام قال : وعندي أنّه إنّما يشترط فيها ما يشترط في المندوبة ، لأصل البراءة ومنع الإجماع (٦).

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويزيد) الناذر (الصفات الّتي عيّنها في نذره إن قيّده بها إمّا الزمان كيوم الجمعة ، أو المكان بشرط المزيّة أو غيرهما) ينعقد النذر إذا قيّده بالفعل في زمان معيّن له مزيّة ورجحان إجماعاً كما في نذر «الإيضاح (٧)» وبلا خلاف كما في

__________________

(١) حاشية الإرشاد : في صلاة النذر ص ٣٦ س ١٥ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٩).

(٢) روض الجنان : في صلاة النذر ص ٣٢١ س ٢٣.

(٣) الروضة البهية : في صلاة المنذورة ج ١ ص ٦٨٩.

(٤) ذخيرة المعاد : في صلاة المنذورة ص ٣٤٥ س ٢٥.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : في المنذورات ج ٣ ص ٤.

(٦) كشف اللثام : في صلاة النذر ج ٤ ص ٣٧٧.

(٧) إيضاح الفوائد : في صلاة النذر ج ١ ص ١٣٢.

١١٧

.................................................................................................

______________________________________________________

«جامع المقاصد (١)» بل في «إرشاد الجعفرية» لو قيّد نذر الصلاة بزمان معيّن انعقد بلا خلاف ، سواء كان لذلك المعيّن مزيّة أم لا (٢). وفي «المسالك» أنّ عليه إجماع العلماء (٣). وفي «الروض» الإجماع عليه (٤). وفي «غاية المراد» لا شكّ فيه (٥). وفي «كنز الفوائد» إذا قيّده بزمان معيّن انعقد قطعاً (٦). ويأتي إجماع «الإيضاح» في المكروه.

وإن قيّده بمكان فإن كان له مزيّة ورجحان ففي «كشف الرموز (٧) وجامع المقاصد (٨) وإرشاد الجعفرية (٩) ومجمع البرهان (١٠)» أنّه لا خلاف في انعقاده ووجوب الوفاء به. وفي «الشافية» أنّه قطعي.

وإن كان المكان محرّماً ففي «الإيضاح (١١) وإرشاد الجعفرية (١٢)» الإجماع على عدم انعقاد نذرها فيه ، وفي «جامع المقاصد (١٣) ومجمع البرهان (١٤) والمفاتيح (١٥)» لا خلاف فيه. وفي «الإيضاح» المكان إن وجبت الصلاة فيه كالمقام أو إذا كانت فيه أفضل من كلّ الأمكنة تعيّن بالنذر إجماعاً. وقال أيضاً : وإن كره إيقاعها في

__________________

(١) جامع المقاصد : في صلاة النذر ج ٢ ص ٤٧٥.

(٢) المطالب المظفّرية : في صلاة النذر ص ١٩٢ س ١٥ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(٣) مسالك الأفهام : في النذر ج ١١ ص ٣٥٤.

(٤) روض الجنان : في صلاة النذر ص ٣٢٢ س ١٧.

(٥) غاية المراد : في صلاة النذر ج ١ ص ١٨٦.

(٦) كنز الفوائد : في صلاة النذر ج ١ ص ١٣٤.

(٧) كشف الرموز : في النذر ج ٢ ص ٣٣٦.

(٨) جامع المقاصد : في صلاة النذر ج ٢ ص ٤٧٥.

(٩) المطالب المظفّرية : في صلاة النذر ص ١٩٣ س ١٧ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(١٠) مجمع الفائدة والبرهان : في المنذورات ج ٣ ص ٧.

(١١) إيضاح الفوائد : في صلاة النذر ج ١ ص ١٣٢.

(١٢) المطالب المظفّرية : في صلاة النذر ص ١٩٣ س ١٦ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(١٣) جامع المقاصد : في صلاة النذر ج ٢ ص ٤٧٥.

(١٤) مجمع الفائدة والبرهان : في المنذورات ج ٣ ص ٨.

(١٥) مفاتيح الشرائع : في صلاة النذر ج ٢ ص ٢٩.

١١٨

.................................................................................................

______________________________________________________

المكان لم ينعقد الوصف إجماعاً (١). وفي «جامع المقاصد (٢) والروض (٣)» إذا كان المكان مكروهاً لم ينعقد نذره قطعاً. وفي «تعليق الإرشاد» ينعقد نذر المكان مطلقاً ولا تجوز إلّا فيه (٤). وفي «الروض (٥) والذخيرة (٦)» لو قيل بتعيّن المكان المكروه كان وجهاً ، وفي «مجمع البرهان (٧) والمفاتيح (٨) وكشف اللثام (٩)» القول به.

وعلى الأوّل هل يبطل من أصله أم ينعقد بدون القيد؟ قال في «الذكرى» : لو نذر فعلها في الوقت والزمان المكروهين انعقدت مطلقة ، فلو صلّاها بالقيد صحّت أيضاً (١٠). وهو خيرة المصنّف (١١) و «البيان (١٢)». وفي «جامع المقاصد» أنّه مشكل ، لوجوب ارتفاع الجنس بارتفاع الفصل ، وبأنّ المقصود النذر مع القيد لا النذر وحده ، فإمّا أن يصحّا أو يبطلا ، وإلّا لزم صحّة نذر غير مقصود (١٣).

وأمّا إذا كان الزمان مكروهاً ففي «الإيضاح» الإجماع على انعقاده (١٤). وفي «المفاتيح» لا خلاف في تعيين الوقت للصلاة وإن كان أدنى (١٥) ، وقد سمعت ما في

__________________

(١) إيضاح الفوائد : في صلاة النذر ج ١ ص ١٣٢.

(٢) جامع المقاصد : في صلاة النذر ج ٢ ص ٤٧٥.

(٣) روض الجنان : في صلاة النذر ص ٣٢٢ س ٢٠.

(٤) حاشية الإرشاد : في صلاة النذر ص ٣٦ س ١٢ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٩).

(٥) روض الجنان : في صلاة النذر ص ٣٢٣ س ١٠.

(٦) ذخيرة المعاد : في صلاة النذر ص ٣٤٥ س ٤٣.

(٧) مجمع الفائدة والبرهان : في المنذورات ج ٣ ص ٨.

(٨) مفاتيح الشرائع : في النذر ج ٢ ص ٣٣.

(٩) كشف اللثام : في صلاة النذر ج ٤ ص ٣٧٨.

(١٠) ذكرى الشيعة : في صلاة النذر ج ٤ ص ٢٣٣.

(١١) تذكرة الفقهاء : في صلاة النذر ج ٤ ص ١٩٧ ١٩٨.

(١٢) البيان : في صلاة النذر ص ١٢٠.

(١٣) جامع المقاصد : في صلاة النذر ج ٢ ص ٤٧٥.

(١٤) إيضاح الفوائد : في صلاة النذر ج ١ ص ١٣٢.

(١٥) مفاتيح الشرائع : في النذر ج ٢ ص ٣٤.

١١٩

.................................................................................................

______________________________________________________

«كنز الفوائد» وغيره. وفي «التذكرة (١)» ونذر «الإرشاد (٢)» التنصيص على انعقاد الصلاة فيه ، ونقل عن المصنّف في باب الوقف (٣) ، واستشكله في نذر الكتاب (٤). وفي «جامع المقاصد (٥) والجعفرية (٦) والغرية» وقد سمعت ما في «الذكرى والبيان».

وأمّا إذا خلا المكان عن الرجحان والكراهية ففي «تعليق الإرشاد (٧) والروض (٨) والذخيرة (٩)» أنّ المشهور عدم الانعقاد وعدم اللزوم فتجب الصلاة ويجزي إيقاعها في كلّ مكان. وستعرف حال هذه الشهرة. وهو خيرة «التذكرة (١٠) والإرشاد (١١)» في مواضع منهما «ونهاية الإحكام (١٢) والإيضاح (١٣)» في موضعين منه و «التنقيح (١٤) والجواهر المضيئة» وفي موضع ثالث من «الإيضاح» أنّ الإجماع واقع على تعيين ذي المزيّة دون غيره ، ذكره فيمن نذر صوم يوم في بلد معيّن ، نقله عنه في نذر «المسالك (١٥)»

__________________

(١) تذكرة الفقهاء : في صلاة النذر ج ٤ ص ١٩٧.

(٢) إرشاد الأذهان : في النذر ج ١ ص ٩٢.

(٣) الناقل هو المحقّق الثاني في جامع المقاصد : في صلاة النذر ج ٢ ص ٤٧٥.

(٤) قواعد الأحكام : في النذر ج ٣ ص ٢٨٧.

(٥) جامع المقاصد : في صلاة النذر ج ٢ ص ٤٧٥.

(٦) ظاهر عبارة الجعفرية هو ردّ انعقاد نذر الصلاة في الزمان المكروه ، قال رحمه‌الله : ولو عيّن مكاناً انعقد مع المزية لا بدونها على قولٍ ، انتهى. فإن ظاهرها هو أنّ نذر الصلاة لا تنعقد في المكان إلّا مع مزيّة المكان ، ولا فرق بين المكان والزمان ، فإنّ الزمان المنذورة فيه أيضاً لا بدّ أنّ يكون ذا مزيّة ، راجع الرسالة الجعفرية (رسائل المحقّق الكركي : ج ١) في صلاة النذر ص ١٣٤.

(٧) حاشية الإرشاد : في صلاة النذر ص ٣٦ س ١٠.

(٨) روض الجنان : في صلاة النذر ص ٣٢٢ س ٢١.

(٩) ذخيرة المعاد : في صلاة النذر ص ٣٤٥ السطر ما قبل الأخير.

(١٠) تذكرة الفقهاء : في صلاة النذر ج ٤ ص ١٩٨ و ٢٠٠.

(١١) إرشاد الأذهان : في صلاة النذر ج ١ ص ٢٦٥ وج ٢ ص ٩٦.

(١٢) نهاية الإحكام : في صلاة النذر ج ٢ ص ٨٦.

(١٣) إيضاح الفوائد : في صلاة النذر ج ١ ص ١٣٢ ، وج ٤ ص ٥٢.

(١٤) التنقيح الرائع : في النذر ج ٣ ص ٥٢٦.

(١٥) مسالك الأفهام : في النذر ج ١١ ص ٣٥٠.

١٢٠