مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٩

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٩

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

الأحاديث (١) أنّ أوّل وقت العشاء غيبوبة الشفق. ومن هذا يستفاد أنّ وقت أداء ركعتي الغفيلة ما بين المغرب وذهاب الشفق ، فإن خرج صارت قضاء (٢) ، انتهى.

وفيه : أنّه لا دلالة في الخبر الّذي أشار إليه على أنّ الصلاة من ذلك الوقت وإنّما يدلّ على أنّ ابتداء التسمية بالغفلة من ذلك الوقت ، ومجرّد كون هذه الصلاة تصلّى في ساعة الغفلة لا يستلزم تقديمها على الفريضة ومجرّد فوات الأداء لا يستلزم القضاء كما هو الحقّ.

والمفهوم من الأخبار (٣) اختصاص ذلك بالرواتب اليوميّة وصريح «التذكرة (٤)» وظاهر «المصباح (٥)» وغيره (٦) كالكتاب أنّهما غير الأربع الرواتب. قال في «كشف اللثام» وهما غير الأربع الرواتب كما يعطيه ظاهر الكتاب وغيره ولا تعطيه الأخبار ولا ما ورد من استحباب سوَر وآيات غير الآيتين في الأربع (٧).

وعن بعض (٨) متأخّري المتأخّرين أنّه يكفي في أداء هذه الوظيفة الإتيان بنافلتي المغرب وكأنّه نظر إلى الأمر بالتنفّل في ساعة الغفلة بقول مطلق.

وأورد عليه : بأنّ ورود الخبر بتعيين هذه الصلاة بقراءة خاصّة وكيفيّة تفارق كيفية نافلتي المغرب الموظّفة يعطي تقييد ذلك الإطلاق بهذه الصلاة الخاصّة

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٢٣ من أبواب المواقيت ح ١ و ٣ ج ٣ ص ١٤٩.

(٢) مفتاح الفلاح : في صلاة الغفيلة ص ٥٤٥.

(٣) وسائل الشيعة : ب ٥٦ من أبواب المواقيت ج ٣ ص ١٩٨ وباب ٦١ ص ٢٠٦.

(٤) تذكر الفقهاء : في صلاة الغفيلة ج ٢ ص ٢٧١.

(٥) مصباح المتهجّد : في صلاة الغفيلة ص ٩٤.

(٦) كجامع المقاصد : ج ٢ ص ٤٨٦.

(٧) كشف اللثام : في صلاة الغفيلة : ج ٤ ص ٤٠٧.

(٨) لم نعثر على هذا المتأخّر من المتأخّرين باسمه ورسمه إلّا أنّ في الحدائق : ٦ / ٧١ نقله عن بعض مشايخه المعاصرين وذكر عين عبارة ما نقله الشارح ولعلّه نقله عن الحدائق كما هود أبه في نقل الأقوال عن الأصحاب ، فإنّه كثيراً ما ينقل قولاً يكون ظاهر العبارة أنه وجده عنه بعينه والحال أنه نقله عن ناقل.

٢٤١

وصلاة ركعتين يقرأ في الاولى الحمد مرّة والزلزلة ثلاث عشرة مرّة ،

______________________________________________________

الزائدة على نافلتي المغرب (١) ، انتهى.

وفيه : أنّ المقيّد في المستحبّات يحمل على تأكّد الاستحباب ويبقى المطلق على حاله ، وقد ورد في الرواية المنقولة من كتاب «فلاح السائل» تفسير الخفيفتين بالاقتصار على الحمد وحدها (٢) إلّا أن يحمل على ضيق الوقت أو الاستعجال.

وظاهر «الذكرى» أنّ هاتين الركعتين الخفيفتين المرويتين في «التهذيب وفلاح السائل» غير ركعة الغفيلة المذكورة في رواية هشام بن سالم ، قال : يستحبّ ركعتان ساعة الغفلة وقد رواها الشيخ بسنده عن الصادق عليه‌السلام وساق رواية وهب أو السكوني (٣) ثمّ قال : ويستحبّ أيضاً بين المغرب والعشاء ركعتان يقرأ في الاولى بعد الحمد وذا النون .. إلى آخره (٤) وقد يلوح من «كشف اللثام (٥)» موافقة الذكرى. وفي «الموجز الحاوي (٦) وكشف الالتباس» إذا سها في ركعتي الغفيلة عن قراءة الآي الموظّف لها حتّى ركع قرأ الآي في ركوعه وإن ذكر وهو راكع ، وفي سجوده إن ذكر وهو ساجد ، وإن لم يذكر حتّى رفع من السجدة الثانية صارت نافلة مطلقة ليست بركعتي الغفيلة فيتمّها ركعتين (٧) وفي «الموجز الحاوي» يجوز أن يتمّها واحدة ويستأنف الغفيلة ، ولو سها عن قنوتها تداركه قبل سجوده فيقضيه بعد سلامه ويكبّر له مستقبلاً (٨) ، انتهى.

[الثاني عشر : صلاة اخرى]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وصلاة ركعتين يقرأ فى الاولى الحمد

__________________

(١) الحدائق الناضرة : في صلاة الغفيلة ج ٦ ص ٧١.

(٢) فلاح السائل : ص ٢٤٨.

(٣) تهذيب الأحكام : ج ٢ ص ٢٤٣ ح ٣٢.

(٤) ذكرى الشيعة : في صلاة الغفيلة ج ٢ ص ٣١٣.

(٥) كشف اللثام : في صلاة الغفيلة ج ٤ ص ٤٠٧.

(٦) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : ص ١٠٤ ، وكشف الالتباس ص ١٥٨ س ٢ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٧) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : ص ١٠٤ ، وكشف الالتباس ص ١٥٨ س ٢ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٨) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : ص ١٠٤.

٢٤٢

وفي الثانية الحمد مرّة والتوحيد خمس عشرة مرّة.

(الخامس) يستحبّ يوم الجمعة :

الصلاة الكاملة : وهي أربع قبل الصلاة ، يقرأ في كلّ ركعة الحمد عشراً والمعوّذتين والإخلاص والجحد وآية الكرسي عشراً عشراً.

______________________________________________________

مرّة والزلزلة ثلاث عشرة مرّة ، وفي الثانية الحمد مرّة والتوحيد خمس عشرة مرّة قال الشيخ في «المصباح» : روي عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «أوصيكم بصلاة ركعتين بين العشاءين تقرأ في الاولى .. إلى آخر ما ذكر (١)» وقال في «كشف اللثام» ولا يعطي الخبر أنّهما غير الأربع كظاهر الكتاب وغيره (٢).

[الثالث عشر : الصلاة الكاملة يوم الجمعة]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (يستحبّ يوم الجمعة الصلاة الكاملة ، وهي أربع ركعات قبل الصلاة يقرأ في كلّ ركعة الحمد عشراً والمعوّذتين والإخلاص والجحد وآية الكرسي عشراً عشراً) هذا ما في الرواية المسندة في «المصباح» قال : وفي رواية اخرى إنّا أنزلناه عشر مرّات وشهد الله عشر مرّات ، فاذا فرغ استغفر الله مائة مرة ، ثمّ يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلّا الله والله أكبر ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم مائة مرّة ، ويصلّي على النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مائة مرّة. قال : من صلّى هذه الصلاة وقال هذا القول دفع الله تعالى عنه شرّ أهل السماء وشرّ أهل الارض (٣). وذكر في «الذكرى» ما في الرواية الثانية وقال : إنّها مرويّة عن الصادق عليه‌السلام عن أبيه عن جدّه عن علي عليه‌السلام عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٤). ولعلّه فهم من قول الشيخ : وفي رواية اخرى ، أنها عن الصادق عليه‌السلام كما في الرواية الاولى (كالرواية الأولى خ ل) أو عثر عليها كذلك.

__________________

(١) مصباح المتهجّد : في صلاة الوصية ص ٩٤ ٩٥.

(٢) كشف اللثام : في صلاة الوصية ج ٤ ص ٤٠٨.

(٣) مصباح المتهجّد : في الصلاة الكاملة ص ٢٧٩ ٢٨٠.

(٤) ذكرى الشيعة : في الصلاة الكاملة ج ٤ ص ٢٧٢.

٢٤٣

وصلاة الأعرابي : عند ارتفاع النهار ، وهي عشر ركعات يصلّي ركعتين بتسليمة ، يقرأ في الاولى الحمد مرّة والفلق سبع مرّات ، وفي الثانية الحمد مرّة والناس سبع مرّات ، ثمّ يسلّم ويقرأ آية الكرسي سبعاً ، ثمّ يصلّي ثماني ركعات بتسليمتين يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة

______________________________________________________

[الرابع عشر : صلاة الأعرابي]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وصلاة الأعرابي عند ارتفاع النهار) هذه الصلاة مشهورة في كتب الأصحاب يذكرونها في المقام وعند قولهم : كلّ النوافل ركعتان بتشهّد وتسليم ، حيث يستثنونها هناك. وفي «الذكرى (١) والدروس (٢) والمدارك (٣)» وغيرها (٤) أنّها لم يثبت لها طريق من طرق أصحابنا ، انتهى. وفي «المصباح» روى زيد بن ثابت قال : أتى رجل من الأعراب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٥) الحديث. وفي «كشف اللثام» وفي رواية عنه يعني زيد بن ثابت أنّ الأعرابي متمّم بن نويرة أخو مالك اليربوعي (٦).

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وهي عشر ركعات ، يصلّي ركعتين بتسليمة ، يقرأ في الاولى الحمد مرّة والفلق سبع مرّات ، وفي الثانية الحمد مرّة والناس سبع مرّات ، ثمّ يسلّم ويقرأ آية الكرسي سبعاً ، ثمّ يصلّي ثماني ركعات بتسليمتين يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في صلاة الأعرابي ج ٢ ص ٢٩٦.

(٢) الدروس الشرعية : في صلاة الأعرابي ج ١ ص ١٣٧.

(٣) مدارك الأحكام : في صلاة الأعرابي ج ٣ ص ٢٩.

(٤) كالحدائق الناضرة : في صلاة الأعرابي ج ٦ ص ٧٧.

(٥) مصباح المتهجّد : في صلاة الأعرابي ص ٢٨١.

(٦) كشف اللثام : في صلاة الأعرابي ج ٤ ص ٤٠٨ ٤٠٩.

٢٤٤

والنصر مرّة والتوحيد خمساً وعشرين مرّة ، ثم يقول بعدها : سبحان الله ربّ العرش الكريم لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم سبعين مرّة.

وصلاة الحاجة : ركعتان بعد صوم ثلاثة أيّام آخرها الجمعة.

______________________________________________________

والنصر مرّة والتوحيد خمساً وعشرين مرّة ثمّ يقول بعدها : سبحان الله ربّ العرش الكريم ، ولا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم) وفي خبر : «أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : فو الّذي اصطفاني بالنبوّة ما من مؤمن ولا مؤمنة يصلّي هذه الصلاة يوم الجمعة إلّا وأنا ضامن له الجنة ولا يقوم من مقامه حتّى يغفر له ذنوبه ولأبويه ذنوبهما (١)».

[الخامس عشر : صلاة الحاجة]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وصلاة الحاجة) وهي (ركعتان بعد صوم ثلاثة أيّام آخرها الجمعة) قد ذكر الصدوق والشيخان في «الفقيه (٢) والهداية (٣) والمقنع (٤) والمقنعة (٥) والمصباح (٦)» صلوات شتّى للحاجة. ولا فرق في الحاجة بين أن تكون دفع مرض أو همّ أو غمّ أو غير ذلك ، ولا فرق بين أن تكون عند الله جلّ شأنه أو عند الناس ، والصلاة مستحبّة لها متى عرضت ليلاً كان أو نهاراً.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٣٩ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح ٣ ج ٥ ص ٥٧.

(٢) من لا يحضره الفقيه : في صلاة الحاجة ج ١ ص ٥٥٥ ٥٦٢.

(٣) الهداية : باب صلاة الحاجة ص ١٥٦ وليس فيها إلّا صلاة واحدة للحاجة.

(٤) المقنع : باب صلاة الحاجة ص ١٥٢ وليس فيه إلّا صلاة واحدة للحاجة.

(٥) المقنعة : باب صلاة الحاجة ص ٢٢٠ ٢٢٤.

(٦) مصباح المتهجّد : في صلاة الحوائج ص ٤٧٧ ٤٧٨.

٢٤٥

وتستحبّ صلاة الشكر عند تجدّد النِعَم ، وهي ركعتان يقرأ في الاولى الحمد والإخلاص ، وفي الثانية الحمد والجحد.

______________________________________________________

[السادس عشر : صلاة الشكر]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (تستحبّ صلاة الشكر عند تجدّد النِعَم ، وهي ركعتان يقرأ في الاولى الحمد والإخلاص ، وفي الثانية الحمد والجحد) قال الصدوقان في «المقنع (١) والرسالة» على ما نقل (٢) عنها : وتقول في الركعة الاولى في ركوعك : الحمد لله شكراً ، وفي سجودك : شكراً لله وحمداً ، وتقول في الركعة الثانية من الركوع والسجود : الحمد لله الّذي قضى حاجتي وأعطاني مسألتي. والموجود في رواية هارون بن خارجة «أنّه يقول في ركوع الاولى : الحمد لله شكراً وحمداً ، وفي ركوع الثانية : الحمد لله الّذي استجاب دعائي وأعطاني مسألتي» (٣).

وهذه الصلاة تصلّى أيضاً عند دفع النقم وقضاء الحوائج كما يشير إليه كلام الصدوقين (٤) ، وهو صريح «النفلية (٥) والفوائد الملية (٦)»

وعن القاضي ابن البرّاج أنّه قال : وقت صلاة الشكر عند ارتفاع النهار (٧) ، والمفهوم من كلام الأصحاب أنّ محلّها وجود النعمة. وفي «كشف اللثام (٨)» : «قال أمير المؤمنين عليه‌السلام في خبر محمّد بن مسلم : إذا كسا الله المؤمن ثوباً جديداً فليتوضأ وليصلّ ركعتين يقرأ فيهما امّ الكتاب وآية الكرسي وقل هو الله أحد وإنّا

__________________

(١) المقنع : صلاة الشكر ص ١٥٣.

(٢) الناقل هو المجلسي في البحار : ج ٩٠ ، ص ٥٤ ح ١٣ وذيله.

(٣) وسائل الشيعة : ب ٣٥ من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح ١ ج ٥ ص ٢٦٦.

(٤) من لا يحضره الفقيه : ج ١ ص ٥٦١.

(٥ و ٦) النفلية : في صلاة الشكر ص ١٤٧ ، والفوائد الملية : ص ٣٢٧.

(٧) الناقل هو المجلسي في البحار : ج ٩١ ص ٣٨٤ ذيل ح ١٤.

(٨) كشف اللثام : في صلاة الشكر ج ٤ ص ٤١٠.

٢٤٦

وصلاة الاستخارة: يكتب في ثلاث رقاع : بسم الله الرحمن الرحيم ، خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلان افعل. وفي ثلاث رقاع بسم الله الرحمن الرحيم ، خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلانة لا تفعل ، ثمّ يضعها تحت مصلّاه ، ثمّ يصلّي ركعتين ، ثمّ يسجد بعد التسليم ويقول فيها : أستخير الله برحمته خيرةً في عافية مائة مرّة ، ثم يجلس ويقول : اللهمّ خرلي في جميع اموري في يسرٍ منك وعافية ، ثمّ يشوّش الرقاع ويخرج واحدة واحدة ، فإن خرج ثلاث متواليات «افعل» فليفعل ، وإن خرج ثلاث متواليات «لا تفعل» فليترك ، وإن خرجت واحدة «افعل» والاخرى «لا تفعل» فليخرج من الرقاع إلى خمس ويعمل على الأكثر.

______________________________________________________

أنزلناه في ليلة القدر ثمّ ليحمد الله الّذي ستر عورته وزيّنه في الناس وليكثر من قول : لا حول ولا قوّة إلّا بالله فإنّه لا يعصي الله فيه وله بكلّ سلك فيه ملَك يقدّس له ويستغفر له ويترحّم عليه (١)».

[السابع عشر : صلاة الاستخارة]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وصلاة الاستخارة) لمّا كانت الاستخارة عامّة النفع كثيرة الفوائد كثيرة التداول بين الناس أحببنا أن نستوفي فيها الكلام ونذكر جميع ما وجدناه في كتب الأعلام وننبّه على حال ما اشتهر بين الخواصّ والعوامّ.

فالمستفاد من الأخبار استحباب الاستخارة لكلّ شي‌ء ، بل يستفاد استحبابها حتّى في العبادات المندوبات. قال في «فهرست الوسائل» : باب استحبابها حتّى في العبادات المندوبات وكيفيّتها وفي ذلك ثلاثة عشر حديثاً ، (٢) وأنّ الأفضل

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٢٦ من أبواب أحكام الملابس ح ١ ج ٣ ص ٣٧١.

(٢) فهرست وسائل الشيعة : ج ٥ ص ٢٠ باب ١ من أبواب صلاة الاستخارة.

٢٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

إيقاعها في الأوقات الشريفة والأماكن الكريمة خصوصاً عند قبر الحسين عليه‌السلام (١) ، وينبغي الرضا بما خرجت به ، فقد روى البرقي في «المحاسن» بإسناده عن عثمان ابن عيسى عن بعض أصحابه «عن أبي عبد الله عليه‌السلام : إنّ أبغض الخلق إلى الله مَن يتّهم الله. قال السائل : وأحد يتّهم الله؟ قال : نعم من استخار فجاءته الخيرة بما يكره فسخط فذلك يتّهم الله تعالى». (٢) وممّا يحثّ على الاستخارة ما رواه ابن طاووس (٣) عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «كنّا نتعلّم الاستخارة كما نتعلّم السورة من القرآن ، ثمّ قال : * ما ابالي إذا استخرت على أيّ جنبي وقعت». وروى البرقي عنه عليه‌السلام أنّه قال : «مَن دخل في أمرٍ بغير استخارة ثمّ ابتلي لم يؤجر» (٤). وفيه دلالة على ذمّ تارك الاستخارة في الامور الّتى يأتي بها.

ولا بدّ من بيان معنى هذه الكلمة لغةً ، ففي «القاموس (٥) والنهاية (٦) والمصباح

__________________

(*) الظاهر أنه الصادق عليه‌السلام (بخطّه قدس‌سره).

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٩ من أبواب صلاة الاستخارة ح ١ و ٢ ج ٥ ص ٢٢٠.

(٢) المحاسن : ب ١ من أبواب الاستخارة ح ٥ ص ٥٩٨.

(٣) الظاهر أنّه وقع في الخبر خلطٌ ، فإنّ أصل الخبر حسب ما في فتح الأبواب لابن طاووس : ص ١٤٧ ١٤٨ بعد ذكر سنده هكذا : عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : ما أُبالي اذا استخرت الله على أيّ طرفي وقعت ، وكان أبي يعلّمني الاستخارة كما يعلّمني السوَر من القرآن. ورواه في البحار : ج ٩١ ص ٢٢٣ ، وشيخنا الحرّ في الوسائل : ج ٥ ص ٢١٨ كذلك ، وهذا هو الذي يطابق قواعد مذهبنا أيضاً فانّ مفهوم ما حكاه في الشرح يفيد أنّه عليه‌السلام كان يتعلّم من المعلّم أيّاً مَن كان ، مع أنّ الامام أوّلاً لا يتعلّم من معلّم بشري ، وثانياً لو تعلّم فإنّما يتعلّم من الإلهام أو الإلقاء من إمام سابق عليه. نعم ما في المروي في الشرح في قوله «كنّا نتعلّم .. الخ» انّما وقع في خبر جابر المروي أيضاً في فتح الأبواب : ص ١٥٠ حيث روى : كان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعلّمنا الاستخارة في الامور كلّها كما يعلّمنا السوَر من القرآن ، فراجع وتأمّل حتّى تعرف.

(٤) المحاسن : ب ١ من أبواب الاستخارة ح ٤ ص ٥٩٨.

(٥) قاموس المحيط : ج ٢ ص ٢٦ مادّة «خير».

(٦) النهاية لابن الأثير : ج ٢ ص ٩١ مادّة «خير».

٢٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

المنير (١) ومجمع البحرين (٢)» أنّ الاستخارة طلب الخيرة ، قال في «مجمع البحرين» : خار الله لك أي أعطاك ما هو خيرٌ لك ، والخيرة بسكون الياء اسم منه ، والاستخارة طلب الخيرة كعِنَبة ، وأستخيرك بعلمك أي أطلب منك الخير متلبّساً بعلمك بخيري وشرّي ، وفي الحديث : «من استخار الله راضياً بما صنع خار الله له حتماً» أي طلب منه الخِيرة في الأمر. وفيه «استخر ثمّ استشر» ومعناه إنّك تستخير الله أوّلاً بأن تقول : اللهم إنّي أستخيرك خيرةً في عافية وتكرّر ذلك مراراً ثمّ تشاور بعد ذلك فيه فإنّك إذا بدأت بالله أجرى الله لك الخيرة على لسان من يشاء من خلقه. وخر لي واختر لي أي اجعل أمري خيراً أو ألهمني فعله واختر لي الأصلح (٣) ، انتهى.

وفي «السرائر» الاستخارة في كلام العرب الدعاء وهو من استخارة الوحش ، وذلك بأن يأخذ القانص ولد الظبية فيعرك اذنه فيبغم فإذا سمعت امّه بغامه لم تملك أن تأتيه فترمي بنفسها عليه فيأخذها القانص حينئذٍ. واستدلّ على ذلك بقول حميد بن ثور الهلالي ، ثمّ قال : وكان يونس بن حبيب اللغوي يقول : إنّ معنى قولهم استخرت الله استفعلت من الخير أي سألت الله أن يوفّق لي خير الأشياء الّتي أقصدها ، فمعنى صلاة الاستخارة على هذا صلاة الدعاء (٤) ، انتهى.

قلت : المفهوم من الأخبار أنّه (أنها خ ل) قد جاءت الاستخارة فيها على معانٍ عديدة :

الأوّل : طلب تعرّف ما فيه الخيرة. وهذا هو المعروف الآن بين الناس ، وهذا يكون بالرقاع أو البنادق أو فتح المصحف أو أخذ السبحة وعدّها أو الحصى أو القرعة أو القيام إلى الصلاة أو الأخذ من لسان المشاور. ولا بدّ في هذه من الدعاء والصلاة معاً أو الدعاء وحده ما عدا القيام إلى الصلاة فإنّه قد يظهر من الخبر الاكتفاء به وحده ، وقد تكون الاستخارة بالدعاء المجرّد عن ذلك كلّه. ويأتي إن

__________________

(١) المصباح المنير : ج ١ ص ١٨٥ مادّة «خير».

(٢ و ٣) مجمع البحرين : ج ٣ ص ٢٩٦ ٢٩٧ مادّة «خير».

(٤) السرائر : في صلاة الاستخارة ج ١ ص ٣١٤.

٢٤٩

.................................................................................................

______________________________________________________

شاء الله تعالى بيان ذلك كلّه.

الثاني : طلب العزم على ما فيه الخيرة كما في موثّقة ابن أسباط قال : قلت لأبي الحسن الرضا عليه‌السلام : جعلت فداك ما ترى آخذ برّاً أو بحراً فإنّ طريقنا مخوف شديد الخطر؟ قال : اخرج برّاً ، ولا عليك أن تأتي مسجد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتصلّي ركعتين في غير وقت فريضة ثمّ تستخير الله مائة مرّة ومرّة ثمّ تنظر فإن عزم الله لك على البحر فقل الذي .. الحديث (١).

الثالث : ما ورد بمعنى طلب الخيرة من الله عزوجل بمعنى أنّه يسأل الله تعالى في دعائه أن يجعل الخير ويوفّقه في الأمر الّذي يريده كما في «الكافي» عن عمرو بن حريث قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : صلّ ركعتين واستخر الله ، فو الله ما استخار الله مسلم إلّا خار الله له ألبتة (٢).

الرابع : طلب تيسّر ما فيه الخيرة كما في رواية مرازم المرويّة في «الفقيه» قال : قال أبو عبد الله عليه‌السلام : إذا أراد أحدكم شيئاً فليصلّ ركعتين ثمّ ليحمد الله وليثن عليه وليصلّ على محمّدٍ وعلى أهل بيته ويقول : اللهمّ إن كان هذا الأمر خيراً لي في ديني ودنياي فيسّره لي وقدّره لي ، وإن كان غير ذلك فاصرفه عنّي .. الحديث (٣).

وهذه المعاني الأربعة ذكرها في «الوافي (٤)» وتبعه صاحب «الحدائق» وقال في «الحدائق» : إنّ الأخيرين متقاربان ، والظاهر أنّ مآلهما غالباً إلى واحد (٥) ، انتهى فتأمّل.

وفي كلام الأصحاب الإشارة إلى مثل ذلك ، ففي «المقنع» قال والدي : إذا أردت أمراً فصلّ ركعتين واستخر مائة مرّة ومرّة ، فما عزم لك فافعل (٦). وفي

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ١ من أبواب الاستخارة ح ٥ ج ٥ ص ٢٠٥.

(٢) الكافي : في صلاة الاستخارة ح ١ ج ٣ ص ٤٧٠.

(٣) من لا يحضر الفقيه : في صلاة الاستخارة ح ١٥٥١ ج ١ ص ٥٦٢.

(٤) الوافي : باب صلاة الاستخارة ذيل ح ١ ج ٩ ص ١٤٠٩.

(٥) الحدائق الناضرة : في صلاة الاستخارة ج ١٠ ص ٥٢٤ ٥٢٥.

(٦) المقنع : باب صلاة الاستخارة ص ١٥١.

٢٥٠

.................................................................................................

______________________________________________________

«الغنية» ذكر الركعتين والدعاء ثمّ قال : ويذكر حاجته الّتي قصد هذه الصلاة لأجلها (١). وفي «الإشارة» يصلّي ركعتين ويدعو بعد فراغه بدعائها ويعفر جبهته وخدّيه ويسأل الخير فيما قصد إليه (٢). وفي «المعتبر» تصلّي ركعتين وتسأل الله سبحانه أن يجعل ما عزمت عليه خيرة (٣). وفي «السرائر» بعد ذكر الصلاة والدعاء قال : ثمّ يفعل ما يقع في قلبه (٤).

ولنرجع إلى أفراد المعنى الأوّل فنقول :

أمّا الاستخارة بالرقاع ففي «فهرست الوسائل» أنّ في استحبابها وكيفيّتها خمسة أحاديث (٥). وقد أنكرها في «السرائر» غاية الإنكار ، قال : وأمّا الرقاع والبنادق والقرعة فمن أضعف الأخبار ، لأنّ رواتها فطحية مثل زرعة ورفاعة وغيرهما ملعونون فلا يلتفت إلى ما اختصّا بروايته ، والمحصّلون من أصحابنا ما يختارون في كتب الفقه إلّا ما اخترناه ، ولا يذكرون البنادق والرقاع والقرعة إلّا في كتب العبادات دون كتب الفقه ، فشيخنا أبو جعفر لم يذكر في نهايته ومبسوطه واقتصاده إلّا ما ذكرناه واخترناه ، وكذا شيخنا المفيد في رسالته إلى ولده لم يتعرّض للرقاع ولا للبنادق ، بل أورد روايات كثيرة فيها صلوات وأدعية ولم يتعرّض لشي‌ء من الرقاع. والفقيه عبد العزيز أورد ما اخترناه فقال : وقد ورد في الاستخارة وجوه عديدة أحسنها ما ذكرناه. وأيضاً فالاستخارة في كلام العرب الدعاء (٦) ، انتهى ما ذكره في السرائر. وقال في «المعتبر» وأمّا الرقاع وما يتضمّن افعل ولا تفعل ففي حيّز الشذوذ (٧) انتهى.

__________________

(١) غنية النزوع : في صلاة الاستخارة ص ١٠٩.

(٢) إشارة السبق : في صلاة الاستخارة ص ١٠٨.

(٣) المعتبر : في صلاة الاستخارة ج ٢ ص ٣٧٥.

(٤) السرائر : في صلاة الاستخارة ج ١ ص ٣١٣.

(٥) فهرست وسائل الشيعة : ب ٢ من أبواب صلاة الاستخارة ج ٥ ص ٢٠.

(٦) السرائر : في صلاة الاستخارة ج ١ ص ٣١٤.

(٧) المعتبر : في صلاة الاستخارة ج ٢ ص ٣٧٦.

٢٥١

.................................................................................................

______________________________________________________

وذكر ابن طاووس في كتاب «الاستخارات» أنّه رأى في بعض نسخ المقنعة زيادة ، قال : وهذا لفظ الزيادة : وهذه الرواية شاذّة ليست كالّذي تقدّم لكنّا أوردناها على وجه الرخصة دون محض العمل بها ، انتهى ، ثمّ قال : والنسخ الصحيحة العتيقة لم توجد فيها هذه الزيادة. ثمّ أجاب عن الشذوذ بوجوه كثيرة ، منها أنّه لم يقل كلّ رواية وردت فيها شاذّة وأنّ شذوذها لأنّه تضمّنت فلان بن فلان وافعل والمعروف المألوف ابن فلانة وافعله ، ثمّ ذكر وجوهاً لا طائل تحتها سوى قوله : إنّ جدّه لم يتعرّض لذلك في التهذيب ، ولو كان يعرف منه إنكاره أو كانت النسخة الّتي فيها الشذوذ موجودة لتعرّض لذلك. وقال ابن طاووس : قد اعتبرت كلّما قدرت عليه من كتب أصحابنا المتقدّمين والمتأخّرين فما وجدت ولا سمعت أنّ أحداً أبطل هذه الاستخارة (١).

وقال في «المختلف» بعد نقل ما في السرائر : هذا الكلام في غاية الرداءة وأيّ فارق بين ذكره في كتب الفقه وكتب العبادات ، فإنّ كتب العبادات هي المختصّة به ، ومع ذلك فقد ذكره المفيد في المقنعة وهي كتاب فقه والشيخ في التهذيب وهو أصل الفقه ، وأيّ محصل أعظم من هذين؟ وهل استفيد الفقه إلّا منهما؟ وأمّا نسبة الرواية إلى زرعة ورفاعة فخطأ ، فإنّ المنقول روايتان ليس فيهما زرعة ولا رفاعة ، ثمّ أخذ يشنّع عليه بعدم معرفته بالروايات والرجال ، وأنّ زرعة ورفاعة ليسا من الفطحية ، وأنّ مَن حاله كذلك كيف يجوز له أن يقدم على ردّ الروايات والفتاوى ويستبعد ما نصّ عليه الأئمة صلوات الله عليهم؟ وهلّا استبعد القرعة وهي مشروعة إجماعاً في حقّ الأحكام الشرعية والقضاء بين الناس وشرعها دائم في جميع المكلّفين؟ وأمر الاستخارة سهلٌ يستخرج منه الإنسان معرفة ما فيه الخيرة في بعض أفعاله المباحة المشتبهة عليه منافعها ومضارّها الدنيوية ، انتهى (٢).

وقوله في «المختلف» : هلّا استبعد القرعة يريد به القرعة في الأحكام الشرعية

__________________

(١) فتح الأبواب : ص ٢٨٧ ٢٩٣ و ١٨٣.

(٢) مختلف الشيعة : في صلاة الاستخارة ج ٢ ص ٣٥٥ ٣٥٦.

٢٥٢

.................................................................................................

______________________________________________________

كما استبعدها في طلب الخيرة ، وإلّا فقد نقل هو عنه عدّ القرعة مع الرقاع والبنادق في النفي والاستبعاد ، وقد ذكر في «الوسائل (١)» أنّ ابن طاووس روى الاستخارة بالرقاع بعدّة طرق ، فلعلّ زرعة ورفاعة في بعض تلك الطرق. نعم لم يقل أحد من علماء الرجال أنّ زرعة فطحي وأنّ رفاعة واقفي ، ولعلّه وقع إبدال سماعة برفاعة والواقفية بالفطحية سهواً فليتأمّل ، وقد ظفرت بالكتاب المذكور بعد ذلك فوجدته قد قال فيه : ما روينا عن زرعة وسماعة شيئاً وإنّما روينا عمّن اعتمد عليه ثقات أصحابنا ، وقد نقل هو عن ابن إدريس أنّه قال : رواتها زرعة وسماعة وغيرهما من الفطحية (٢). قلت : فالسهو وقع في الفطحية. وقد يظهر من «المختلف» وغيره أنّ الرقاع والبنادق قرعة أو نوع منها. وفي «الوسائل» باب استحباب مشاورة الله عزوجل بالمساهمة والقرعة ، فيه حديث ، وعدّ قبل ذلك الاستخارة بالرقاع في باب على حدة.

والحديث الوارد في المساهمة والقرعة هو ما ذكره في «الوسائل» عن علي بن طاووس في الاستخارات وأمان الأخطار بإسناده إلى عبد الرحمن بن سيّابة قال : خرجت إلى مكّة ومعي متاع كثير ، فكسد علينا ، فقال بعض أصحابنا : ابعث به إلى اليمن ، فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليه‌السلام ، فقال : ساهم بين مصر واليمن ثمّ فوّض إلى الله عزوجل ، فأيّ البلدين خرج اسمه في السهم فابعث إليه متاعك ، فقلت : كيف اساهم؟ قال : اكتب في رقعة : بسم الله الرحمن الرحيم ، اللهمّ إنّه لا إله إلّا أنت عالم الغيب والشهادة وأنت العالم وأنا المتعلّم فانظر في أيّ الأمرين خيرٌ لي حتّى أتوكّل عليك فيه وأعمل به ، ثمّ اكتب : مصر إن شاء الله ، ثمّ اكتب في رقعه اخرى مثل ذلك ثمّ اكتب : اليمن إن شاء الله ، ثمّ اكتب في رقعة اخرى مثل ذلك ، ثمّ اكتب : يحبس إن شاء الله تعالى فلا يبعث به إلى بلدة منهما ، ثمّ اجمع الرقاع وادفعها إلى مَن

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٢ من أبواب صلاة الاستخارة ح ٣ ٥ ج ٥ ص ٢٠٩ ٢١١.

(٢) فتح الأبواب : ص ٢٩٠.

٢٥٣

.................................................................................................

______________________________________________________

يسترها عنك ، ثمّ ادخل يدك فخذ رقعة وتوكّل على الله واعمل بها (١).

وفي الوافي بعد ذكر المرفوعة في الكافي عقد بياناً وقال فيه : طريق المشاورة لا تنحصر في الرقعة والبندقة ، بل يشمل كلّ ما يمكن استفادة ذلك منه مثل ما مضى في حديث الرقاع ومثل ما يأتي في باب القرعة وغير ذلك ، وإنّما ذكر البندقة تعليماً وإرشاداً للسائل. وقال في موضع آخر أيضاً : وربّما يستخار لطلب التعرّف بالقرعة ويأتي بيانها في أبواب القضاء (٢). قلت : لعلّه أشار إلى ما ذكره هناك في بيان قول الصادق عليه‌السلام (فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) من قوله : روي أنّ يونس عليه‌السلام لمّا وعد قومه بالعذاب خرج من بينهم قبل أن يأمره الله تعالى به فركب في السفينة فوقفت ، فقالوا : هنا عبد آبق فاقترعوا ، فخرجت القرعة عليه ، فرمى بنفسه في الماء فالتقمه الحوت (٣).

ولنعد إلى ما كنا فيه ، وقال في «الذكرى» : إنكار ابن إدريس الاستخارة بالرقاع لا مأخذ له مع اشتهارها بين الأصحاب. وعدم رادّ لها سواه ومَن أخذ أخذه (حذا حذوه خ ل) كالشيخ نجم الدين في المعتبر حيث قال : هي في حيّز الشذوذ ، وكيف تكون شاذّة وقد دوّنها المحدّثون في كتبهم والمصنّفون في مصنّفاتهم ، وقد صنّف السيّد السعيد العالم العابد صاحب الكرامات الظاهرة والمآثر الباهرة أبو الحسن علي بن طاووس الحسني كتاباً ضخماً في الاستخارات واعتمد فيه على رواية الرقاع وذكر من آثارها عجائب وغرائب أراه الله تعالى إيّاها ، وقال : إذا توالى الأمر في الرقاع فهو خير محض ، وإن توالى النهي فذلك شرّ محض ، وإن تفرّقت كان الخير والشرّ موزّعاً بحسب تفرّقها على أزمنة ذلك الأمر بحسب ترتّبها (٤) ، انتهى. وقد رأيت هذا الكتاب وقد وجدته قد ادّعى فيه الإجماع

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ١١ من أبواب صلاة الاستخارة ح ١ ج ٥ ص ٢٢٠.

(٢) الوافي : باب صلاة الاستخارة ج ٩ ص ١٤١٢ و ١٤١٣ و ١٤١٨.

(٣) الوافي : ب ١٢٦ من أبواب القضاء والشهادات ذيل ح ١٧ ج ١٦ ص ٩٤١.

(٤) ذكرى الشيعة : في صلاة الاستخارة ج ٤ ص ٢٦٦.

٢٥٤

.................................................................................................

______________________________________________________

على الاستخارات بالرقاع ممّن روى ذلك من أصحابنا ومن الجمهور ، لأنّه نقل هذه الاستخارة عن جماعة كثيرين من العامّة وجعل الأخبار الواردة بالدعاء وما يقع في الخاطر وغيرها محمولة على الضرورة كعدم التمكّن من الكتابة أو عدم معرفة الكتابة لعمى أو جهل ، بل نزّل جملة منها على إرادة الرقاع (١).

وفي «الروض» أنّ ذات الرقاع الستّ أشهر الاستخارات (٢). وفي «الفوائد الملية» ونحن قد جرّبنا ما ذكره ابن طاووس فوجدناه كما قال (٣).

قلت : لم تذكر هذه الاستخارة في الفقيه والمقنع والغنية وإشارة السبق ولا رسالتي المفيد والصدوق إلى ولديهما على ما نقل عنهما مع أنّهم قد ذكروا غيرها فيها. وقد سمعت ما نقله في «السرائر (٤)» عن القاضي. وأمّا الديلمي وابن حمزة فلم يتعرّضا لشي‌ءٍ من الاستخارة ، ولم ينقل لنا عن الكاتب والعماني والتقي فيها شي‌ء ، فقد عرف حال جميع من تقدّم على ابن إدريس من الأعاظم.

وما ذكره المصنّف في وصفها هو الموجود في خبر هارون (٥) غير أنّ في الخبر زيادة : «واختر لي» بعد قوله : «خر لي» كما في «المقنعة (٦)» وغيرها (٧). وفي «المقنعة» لفلان بن فلان (٨) والموجود في الخبر وكتب الأصحاب (٩) : ابن فلانة. وفي الخبر وأكثر كتب الأصحاب : افعل ولا تفعل. والموجود في «البيان (١٠)» وبعض نسخ

__________________

(١) فتح الأبواب : ص ٢١٠ و ٢١٥ و ٢٢٧.

(٢) روض الجنان : في صلاة الاستخارة ص ٣٢٦ س ١٢.

(٣) الفوائد الملية : في صلاة الاستخارة ص ٣٢٧.

(٤) قد مضى في ص ٢٧٣ هامش ١١.

(٥) وسائل الشيعة : ب ٢ من أبواب الاستخارة ح ١ ج ٥ ص ٢٠٨.

(٦) المقنعة : في صلاة الاستخارة ص ٢١٩.

(٧) كما في كشف اللثام : في صلاة الاستخارة ج ٤ ص ٤١٠.

(٨) كذا في المطبوع من المقنعة : ص ٢١٩ ، ولكنّ الموجود في نسخة وفي الرحلية ص ٣٦ س ٢٤ : لفلان بن فلانة.

(٩) كما في النفلية : ص ٤٦ ، والموجز الحاوي : ص ١٠٣ ، والفوائد الملية : ص ٣٢٦.

(١٠) البيان : في صلاة الاستخارة ص ١٢٧.

٢٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

«النفلية» افعله. وقد صحّحه في «البيان» بعد أن كان كاتباً : افعل ، نقل ذلك في «الفوائد الملية» وحاشية على «هامش البيان» الّذي عندي. وقد وقع فى يدي منذ سنين «رسالة في الاستخارات» قد قطع فيها بأنّ الصحيح : افعله بالهاء وأنّه هو الموجود في كتاب ابن طاووس (١). وأمّا لا تفعل ففي «الفوائد الملية» أنّه بغير هاء اتّفاقاً (٢).

وفي «النفلية» أنّه يغتسل ثمّ يكتب (٣) .. إلى آخره. وليس في الرواية ذكر الغُسل. وقال في «الفوائد الملية» ولم يذكره السيّد في كتابه ولا المصنّف في كتبه بهذه الصفة (٤). قلت : ولا غيره ، قال : نعم ورد الغسل لضروب من الاستخارة (٥)

وأمّا البنادق فهي نوع من الرقاع ، قال عليه‌السلام في المرفوعة : انوِ الحاجة في نفسك ثمّ اكتب رقعتين في واحدة : لا ، وفي واحدة : نعم ، واجعلهما في بندقتين من طين ، ثمّ صلّ ركعتين واجعلهما تحت ذيلك وقل : يا الله إنّي اشاورك في أمري هذا وأنت خير مستشار ومشير فأشر عليَّ بما فيه صلاح وحُسن عاقبة ثمّ أدخل يدك ، فإن كان فيها نعم فافعل ، وإن كان فيها لا فلا تفعل (٦). وقد ورد فيها روايات (٧) اخر.

وأمّا الاستخارة بالمصحف الشريف فقد قال في «الموجز الحاوي» : هي أن يفتح المصحف وينظر أوّل ما فيه ويأخذ به (٨). وقال في «الذكرى» : ومنها الاستخارة بالمصحف الكريم ، روى اليسع القمي (٩) قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : اريد الشي‌ء فأستخير الله فيه فلا يوفّق فيه الرأي أفعله أو أدعه؟ فقال : انظر إذا قمت إلى الصلاة فإنّ الشيطان أبعد ما يكون من الإنسان إذا قام إلى الصلاة أيّ شي‌ء وقع في

__________________

(١) فتح الأبواب : ص ١٨٧ ١٨٨.

(٢) الفوائد الملية : في صلاة الاستخارة ص ٣٢٦.

(٣) النفلية : في صلاة الاستخارة ص ١٤٦.

(٤ و ٥) الفوائد الملية : في صلاة الاستخارة ص ٣٢٦.

(٦ و ٧) وسائل الشيعة : ب ٢ من أبواب الاستخارة ح ٢ ٥ ج ٥ ص ٢٠٩ ٢١١.

(٨) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في صلاة الاستخارة ص ١٠٣.

(٩) ذكرى الشيعة : في الاستخارة بالمصحف الكريم ج ٤ ص ٢٧٠.

٢٥٦

.................................................................................................

______________________________________________________

قلبك فخذ به ، وافتح المصحف فانظر إلى أوّل ما ترى فيه فخذ به إن شاء الله تعالى ، انتهى ما في الذكرى (١). ولعلّ المراد بالاستخارة هنا طلب العزم على ما فيه الخيرة ، فمعنى عدم توفيق الرأي له فى الشي‌ء عدم حصول العزم له ، ولهذا أشار عليه‌السلام بالإتيان بالاستخارة ثانياً لتعرف الخير حينئذٍ ، وخيّره في ذلك بين طريقين ، ومعنى «أوّل ما ترى فيه» أوّل ما يقع نظرك عليه من الآيات ، لا أوّل ما في الصفحة كما هو متعارف الآن ، كما نصّ على ذلك بعضهم (٢). وهو صريح الخبر الّذي هو الأصل في هذه الاستخارة.

ولعلّ المدار على ما يتبادر من لفظ الآية ولا عبرة بالمقام والسوق ، فلو أنّه وقع نظره على قوله عزوجل : (إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) كما وقع لبعضٍ حيث استخار على المهاجرة لطلب العلم ، فوقع نظره على هذه الآية الكريمة ، فهاجر فوفّق لما أراد وبلغ المراد قلنا له استخارتك حسنة جيّدة ، ولا نعتبر المقام ، لأن كان مقام استهزاء فنقول هي غير جيّدة ، لكن ملاحظة المقام إنّما هي للعارف الخرّيت الماهر فإنّه إذا لا حظها ظهر له من ذلك الأسرار الغريبة.

فإن قلت : قد روي في «الكافي» عن أبي عبد الله عليه‌السلام أنّه قال : «لا تتفأّل بالقرآن» (٣).

قلت : قال في «الوافي» : إن صحّ الخبران ، أمكن التوفيق بينهما بالفرق بين التفاؤل والاستخارة فإنّ التفاؤل إنّما يكون فيما سيقع ويتبيّن الأمر فيه كشفاء مريض أو موته ووجدان الضالّة أو عدمه وما له إلى تعجيل تعرّف ما في علم الغيب ، وقد ورد النهي عنه وعن الحكم فيه بتّة لغير أهله وكره النظر (التطيّر خ ل) في مثله بخلاف الاستخارة فإنّها طلب لمعرفة الرشد في الأمر الّذي اريد فعله

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٦ من أبواب الاستخارة ح ١ ج ٥ ص ٢١٦ وفيه «أبي علي اليسع» وفي التهذيب : ج ٣ ص ٣١٠ ح ٦ «عن أبي علي اليسع القمي».

(٢) بحار الأنوار : باب الاستخارة والتفاؤل بالقرآن المجيد ج ٩١ ص ٢٤٤.

(٣) الكافي : باب النوادر من كتاب فضل القرآن ح ٧ ج ٢ ص ٦٢٩.

٢٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

أو تركه وتفويض الأمر إلى الله تعالى في التعيين واستشاره كما قال عليه‌السلام في مرفوعة عليّ بن محمّد : «تشاور ربّك» وبين الأمرين فرق واضح. وإنّما منع التفاؤل بالقرآن وإن جاز بغيره إذا لم يحكم بوقوع الأمر على البتّ ، إذا تفاءل بغير القرآن ثمّ تبيّن خلافه فلا بأس ، بخلاف ما إذا تفاءل بالقرآن ثمّ تبيّن خلافه فإنّه يفضي إلى إساءة الظنّ بالقرآن ، ولا يتأتّى ذلك في الاستخارة لبقاء الإيهام فيه بعد وإن ظهر السوء ، لأنّ العبد لا يعرف خيره من شرّه ، قال الله تعالى : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) (١)

. قلت : ذكر مولانا عليّ بن طاووس في كتاب الاستخارات للتفؤل بالمصحف وجوهاً ، منها إنّك تصلّي صلاة جعفر وتدعو بدعائهاثمّ تأخذ المصحف وتنوي فرج آل محمّد بدءاً وعوداً ثمّ تقول : اللهمّ إن كان في قضائك وقدرك أن تفرّج عن وليّك وحجّتك في خلقك في عامنا هذا أو في شهرنا هذا فاخرج لنا رأس آية كتابك نستدلّ بها على ذلك ثمّ تعدّ سبع ورقات وتعدّ عشرة أسطر من ظهر الورقة السابعة وتنظر ما رأيته في الحادي عشر من السطور ، ثمّ تعيد الفعل ثانياً لتفسيره فإنّه تتبيّن حاجتك إن شاء الله ، ثمّ إنّه بيّن معنى قوله «في عامنا هذا» أنّ العلم بالفرج عن وليّه عليه‌السلام يتوقّف على امور كثيرة ، فيكون كلّ وقت يدعى له بذلك في عامي هذا وشهري هذا يفرّج الله أمراً من تلك الامور الكثيرة فيسمّى ذلك فرجاً. وذكر أيضاً عن بدر بن يعقوب أنّك تدعو للأمر والنهي أو ما تريد الفال فيه بفرج آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذكر نحواً من ذلك الدعاء وقال : ثمّ تعدّ سبع أوراق ثمّ تعدّ في الوجهة الثانية من الورقة السابعة ستة أسطر وتتفأّل بما يكون في السطر السابع. قال : وفي رواية اخرى : أن تدعو بالدعاء ثمّ تفتح المصحف وتعدّ سبع قوائم وتعدّ ما في الوجهة الثانية من الورقة السابعة وما في الوجه الآخر من الورقة الثامنة من لفظ الجلالة ثمّ تعدّ قوائم بعدد اسم الجلالة ثمّ تعدّ من الوجهة الثانية من القائمة

__________________

(١) الوافي : باب صلاة الاستخارة ج ٩ ص ١٤١٧ والآية ٢١٦ من سورة البقرة.

٢٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

الّتي ينتهي العدد إليها ومن غيرها ممّا يأتي بعدها سطوراً بعدد لفظ الجلالة وتتفاءل بآخر سطر من ذلك (١).

وأمّا الاستخارة بالدعاء وأخذ قبضة من السبحة أو الحصى وعدّها وكيفية ذلك ، ففي «فهرست الوسائل» أنّ فيه حديثين ، وذكر ما سنذكره عن الذكرى (٢). وفي «الموجز الحاوي» أنّه يقرأ ويدعو وذكر أيضاً ما في الذكرى أوّلاً من دون تفاوت ، قال : ثمّ يقبض على قطعة من السبحة ويضمر حاجته ، فإن خرج زوج فهو افعل أو فرد فهو لا تفعل أو بالعكس. ويجوز بكفٍّ من الحصى (٣) انتهى.

وقال في «الذكرى» : ومنها الاستخارة بالعدد ولم تكن هذه مشهورة في العصور الماضية قبل زمان السيّد الكبير العابد رضيّ الدين محمّد بن محمّد بن محمّد الآوي الحسيني المجاور بالمشهد المقدّس الغروي رضي الله تعالى عنه ، وقد رويناها عنه وجميع مرويّاته عن عدّة من مشايخنا عن الشيخ الكبير الفاضل الشيخ جمال الدين بن المطهّر عن والده رضي الله تعالى عنهما عن السيّد رضي الدين عن صاحب الأمر عليه الصلاة والسلام : يقرأ الفاتحة عشراً وأقلّه ثلاث ودونه مرّة ، ثمّ يقرأ القدر عشراً ويقول : اللهمّ إنّي أستخيرك لعلمك بعاقبة الامور وأستشيرك لحسن ظنّي بك في المأمول والمحذور ، اللهمّ إن كان الأمر الفلاني ممّا قد نيطت بالبركة أعجازه وبواديه وحفّت بالكرامة أيّامه ولياليه فخرلي اللهمّ فيه خيرةً تردّ شموسه ذلولاً وتقعض (٤) أيّامه سرورا ، اللهمّ إمّا أمر فأئتمر وإمّا نهي

__________________

(١) فتح الأبواب : في صفة القرعة في المصحف ص ٢٧٧ ٢٧٩.

(٢) فهرست وسائل الشيعة : ب ٨ من أبواب صلاة الاستخارة ج ٥ ص ٢١.

(٣) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في الاستخارة ص ١٠٣.

(٤) هذا اللفظ ورد في الخبر مختلف الضبط ، ففي بعض النسخ «تقعض» بالضاد المنقوطة أي تعطف وتميل ، وفي اخرى «تقعص» بالصاد المهملة غير المنقوطة أي تستغرق أيّامه في السرور سريعاً وتمضي سريعاً ، وفي ثالثة «تقضي» أي تمضي ، وفي رابعة «تقيض» أي تملأ وتساوي. والظاهر أنّ الثالثة أعني «تقضي» أولى بالاعتماد ، فإنّ ايراد اللغات الغريبة غير المأنوسة غير معمول من الأئمة عليهم‌السلام. ويمكن أن تكون قراءتها «تقضّى» بالضاد المشدّدة

٢٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

فأنتهي ، اللهمّ إنّي أستخيرك برحتمك خيرة في عافية ثمّ يقبض على قطعة من السبحة ويضمر حاجته ، إن كان عدد تلك القطعة زوجاً فهو افعل ، وإن كان فرداً فهو لا تفعل أو بالعكس. وقال ابن طاووس رحمه‌الله تعالى في كتاب الاستخارات (١) وجدت بخطّ أخي الصالح الرضي الآوي محمّد بن محمّد بن محمّد الحسيني ضاعف الله سيادته وشرّف خاتمته بما هذا لفظه : عن الصادق عليه‌السلام : من أراد أن يستخير الله تعالى فليقرأ الحمد عشر مرّات وإنّا أنزلناه عشر مرّات ثمّ يقول .. وذكر الدعاء إلّا أنّه قال عقيب «والمحذور» : اللهمّ إن كان أمري هذا قد انيطت ، وعقيب «سروراً» يا الله إمّا أمر فأئتمر وإمّا نهي فأنتهي ، اللهمّ خرلي برحمتك خيرةً في عافية ثلاث مرّات ، ثمّ يأخذ كفّاً من الحصى أو سبحة (٢) انتهى ما في الذكرى.

وهل السبحة والحصى تمثيل فيصحّ بكلّ معدود؟ أو لا فيقتصر عليهما؟ احتمالان ، ولعلّ الأوّل أظهر. وهل المراد من السبحة كلّما يسبّح به وإن لم يكن من تراب الحسين عليه‌السلام كما إذا كانت من تراب الرضا عليه‌السلام أو من خشب؟ أو لا بدّ من أن تكون من تراب الحسين عليه‌السلام وأن تكون ثلاثاً أو أربعاً وثلاثين خرزة؟ الظاهر الاكتفاء بكلّ ما يسبّح به ، وليس في الخبر تخصيص بكونها من تراب الحسين عليه‌السلام كالحصى ، بل هي في ذلك كالحصى ، نعم إذا كانت من تراب سيّد الشهداء أربعاً وثلاثين أو ثلاثاً وثلاثين كانت أفضل وأعلى وأكمل.

وفي «الوافي» ربما يستخار لطلب التعرّف بالدعاء والسبحة وهي مروية عن الصادق عليه‌السلام ، وربما روي عن صاحب الزمان صلوات الله عليه أيضاً وصورتها : أن

__________________

بمعنى تقدّر وتسبّب. ولكن الأمر سهل بعد وضوح المراد من الجملة المذكورة وأنّه اريد بها الدعوة إلى الله أن يجعل أيّامه الآتية محفوفة بالسرور والفرح. ولنِعمَ ما قال المجلسي رحمه‌الله من أنّ الأولى العمل بالرواية الّتي ليست فيها هذه الكلمة. راجع البحار : ح ٩٦ ص ٢٤٨ ٢٥٠.

(١) فتح الأبواب : في الاستخارة بالقرعة ٢٧٢.

(٢) ذكرى الشيعة : في الاستخارة بالعدد ج ٤ ص ٢٦٩ ٢٧٠.

٢٦٠