مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٩

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٩

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٢

التاسع : السجدة المنسيّة شرطها الطهارة والاستقبال والأداء في الوقت ، فإن فات سهواً نوى القضاء ، وتتأخّر حينئذٍ عن الفائتة السابقة.

______________________________________________________

سجدتا السهو» ولم يقولوا دفعةً واحدة أو دفعات ، فأمّا إذا اختلف الجنس فالأولى عندي بل الواجب الإتيان عن كلّ جنس بسجدتي السهو ، لعدم الدليل على تداخل الأجناس ، بل الواجب إعطاء كلّ جنس ما يتناوله اللفظ ، لأنّه قد تكلّم وقام في حال قعود ، وقالوا عليهم‌السلام : «من تكلّم يجب عليه سجدتا السهو ، ومن قام في حال قعود يجب عليه سجدتا السهو (١)» وهذا قد فعل الفعلين فيجب عليه امتثال الأمر ، ولا دليل على التداخل ، لأنّ الفريضتين لا تتداخلان بلا خلاف (٢).

وقد نصّ الشهيد وجماعة على أنّه يترتّب السجود بحسب ترتّب الأسباب ، وقد تقدّم (٣) الكلام في ذلك عند الكلام على نسيان السجدة.

قوله قدّس الله تعالى روحه : (السجدة المنسيّة شرطها الطهارة والاستقبال والأداء في الوقت ، فإن فاتت سهواً نوى القضاء وتتأخّر حينئذٍ عن الفائتة السابقة) نصّ على ذلك كلّه في «نهاية الإحكام (٤)» وصرّح بأنّه لو خرج الوقت قبل فعلها عمداً بطلت صلاته. وقال المحقّق الثاني (٥) : لو فاتت عمداً في صحّته إشكال ، والمنقول الصحّة. وفي «التحرير (٦)» ذكر اشتراط الطهارة ، وفي «الألفية (٧)

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٣٢ من أبواب الخلل ح ١ و ٢ ج ٥ ص ٣٤٦.

(٢) السرائر : في سجدتي السهو ج ١ ص ٢٥٨.

(٣) قد مرَّ في ص ٣١٠.

(٤) نهاية الإحكام : في السجدة المنسيّة ج ١ ص ٥٤٥.

(٥) لم نعثر عليه في كتبه الموجودة لدينا.

(٦) تحرير الأحكام : في السجدة المنسيّة ج ١ ص ٥٠ س ٢٦.

(٧) الألفية : في الأجزاء المنسيّة ص ٧١.

٥٨١

.................................................................................................

______________________________________________________

وشروحها (١) الأربعة» اشتراط الطهارة والاستقبال والستر والأداء والقضاء. وفي «المقاصد العلية (٢)» أنّ وجوب التعرّض للأداء والقضاء موضع وفاق ، وخالف في ذلك المولى الأردبيلي (٣) والفاضل الخراساني (٤). وقد تقدّم (٥) الكلام في ذلك بتمامه.

__________________

(١) شرح الألفية (رسائل المحقّق الكركي : ج ٣) ص ٣١٤ ، والمقاصد العلية : ص ٣٣٩ ، والشرحان الآخران لا يوجدان لدينا.

(٢) المقاصد العلية : في القضاء ص ٣٣٩.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : في السهو والشكّ ج ٣ ص ١٥٠.

(٤) ذخيرة المعاد : في الشكّ في أفعال الصلاة ص ٣٧٤ س ١٧.

(٥) تقدّم في ص ٣٥٥ ٣٦٩.

٥٨٢

الفصل الثاني في القضاء

وفيه مطلبان :

(الأوّل) في سببه :

وهو فوات الصلاة الواجبة أو النافلة عن المكلّف فلا قضاء على الصغير والمجنون

______________________________________________________

[في عدم القضاء على الصغير والمجنون]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (فلا قضاء على الصغير والمجنون) بالضرورة من الدين كما في «المفاتيح (١)» وبإجماع المسلمين كما في «المدارك (٢)» وبإجماع العلماء كما نقل عن «المنتهى (٣)» وبالإجماع كما في «التذكرة (٤) والغرية وإرشاد الجعفرية (٥) والروض (٦) والدرّة والمعتبر (٧)» على الظاهر منه.

__________________

(١) مفاتيح الشرائع : في قضاء الفريضة ج ١ ص ١٨٢.

(٢) مدارك الأحكام : في قضاء الصلوات ج ٤ ص ٢٨٧.

(٣) نقله عنه السيّد على في رياض المسائل : في أحكام القضاء ج ٤ ص ٢٧١.

(٤) تذكرة الفقهاء : في قضاء الصلوات ج ٢ ص ٣٤٩.

(٥) المطالب المظفّرية : في قضاء الصلوات ص ١٣٥ س ١٦ و ١٩ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(٦) روض الجنان : في قضاء الصلوات ص ٣٥٥ س ١٩.

(٧) المعتبر : في قضاء الصلوات ج ٢ ص ٤٠٣.

٥٨٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ويجب تقييده بكون سبب الجنون ليس من فعله وإلّا وجب القضاء كالسكران كما في «التحرير (١) والروض (٢) والروضة (٣) والمفاتيح (٤)» وهو اللازم من عبارة «المبسوط (٥) والمراسم (٦) والغنية (٧) والإشارة (٨) والسرائر (٩)» كما ستسمع في المغمى عليه. وفي «الغنية (١٠)» الإجماع. وقال في «الذكرى (١١)» : لو زال عقل المكلّف بشي‌ء من قبله فصار مجنوناً أو سكر فغطي عقله أو اغمي عليه بفعلٍ فعله وجب القضاء. وأفتى به الأصحاب.

وقد تقدّم (١٢) في محلّه بيان الحال في ما إذا بلغ في آخر الوقت أو أفاق ، وسيأتي في الكتاب.

وعن «المنتهى (١٣) ونهاية الإحكام (١٤) والإرشاد (١٥)» أنّه لو أكل الغذاء المؤدّي إلى الإغماء لم يجب عليه القضاء. وقيّد في «الروض (١٦)» عبارة الإرشاد بعدم علمه بكونه مؤدّياً.

__________________

(١) تحرير الأحكام : في قضاء الفوائت ج ١ ص ٥٠ س ٢٩.

(٢) روض الجنان : في قضاء الصلوات ص ٣٥٥ س ٢١.

(٣) الروضة البهيّة : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٧٢٩.

(٤) مفاتيح الشرائع : في قضاء الفريضة ج ١ ص ١٨٢.

(٥) المبسوط : في قضاء الصلوات ج ١ ص ١٢٥.

(٦) المراسم : ص ٩١.

(٧) الغنية : في صلاة القضاء ص ٩٩.

(٨) إشارة السبق : في قضاء الصلوات ص ١٠٠.

(٩) السرائر : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٢٧٦.

(١٠) غنية النزوع : في صلاة القضاء ص ٩٩.

(١١) ذكرى الشيعة : في مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٢٩.

(١٢) تقدّم في : ج ٥ ص ٢٢٨ ٢٤١ وتقدّم ما يتعلّق بالمقام في ج ٣ ص ٣٠٨.

(١٣) منتهى المطلب : في القضاء ج ١ ص ٤٢١ س ٤.

(١٤) نهاية الإحكام : في القضاء ج ١ ص ٣٢٢.

(١٥) إرشاد الأذهان : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٢٧٠.

(١٦) روض الجنان : في قضاء الصلوات ص ٣٥٥ س ١٨.

٥٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

والجنون يشمل الجنون بجميع أقسامه حتّى الّذي هو من أقسام الماليخوليا وفي العرف يعدّ جنوناً كما في «المصابيح (١)».

هذا ، وقد تردّد في «الذخيرة (٢)» فيما إذا كان سبب الجنون من فعله ، وقد سمعت ما في «الذكرى» وغيرها. وقد يقال (٣) : إنّ تردّد الذخيرة في محلّه فيما إذا لم يكن له تقصير فيه ، لأنّه المتبادر من الدليل ولعدم الفرق بينه وبين ما إذا لم يكن من فعله أصلاً ، لأنّ الجنون العارض قلّما يكون بغير مدخلية فعله ، لأنّ مقتضى الطبيعة استواء الخلقة لو خلّيت وطبعها ، فليتأمّل جيّداً. وأمّا ما كان بتقصيرٍ منه فإنّه يطلق عليه عرفاً أنّه فوّت الصلاة أو فاتته فيدخل تحت العمومات ، للفرق بين عدم طلب الشي‌ء كالصلاة قبل دخول وقتها والصلاة من الصغير وطلبه من المكلّف إلّا أنّه لا يمكن تحقّق المطلوب منه لنومٍ أو سكر ، فإنّه يصدق في الثاني الفوات دون الأوّل لأنّه يصدق عليه أنّه فوّت هذه الفريضة والفضيلة العظيمة على نفسه ، وليس هو أمر غلب الله عليه فيكون مسقطاً لقوله عليه‌السلام في الصحيح : «ما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر (٤)» إذ مفهوم العلّة يقتضي القضاء إذا كان بفعل المكلّف ، مع أنّه مع انتفاء العلّة يدخل في عموم «من فاتته (٥)». وأيضاً يظهر منه أنّ الأصل في الإخلال بالفريضة ثبوت القضاء والتدارك إلّا أن يكون الله سبحانه غلب عليه ، وأنّ الأصل في كلّ ما غلب الله تعالى عليه عدم وجوب القضاء وهو أوفق بالاعتبار. ولهذا قيّد الفقهاء الإغماء المسقط والجنون بما إذا لم يكن من فعله كما ستسمع. وبهذا كلّه يندفع ما ذكره شيخنا الفاضل في «الرياض» من أنّ شمول عموم ما دلّ على قضاء الفائتة لما نحن فيه غير معلوم ، إذ موضوعه من صدق عليه الفوت وليس إلّا من

__________________

(١) مصابيح الظلام : في قضاء الصلوات الفائتة ج ٢ ص ٣٨٧ س ١٥ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٢) ذخيرة المعاد : في قضاء الصلوات ص ٣٨٣ س ٢٣.

(٣) مصابيح الظلام : في قضاء الصلوات الفائتة ج ٢ ص ٣٨٧ س ١٦ وما بعده.

(٤) وسائل الشيعة : ب ٣ من أبواب قضاء الصلوات ح ٧ ج ٥ ص ٣٥٢ ٣٥٣.

(٥) عوالي اللآلي : ج ٢ ص ٥٤ ح ١٤٣ ، والمستدرك : ج ٦ ب ١ من أبواب القضاء ح ٣ ص ٤٢٨.

٥٨٥

والمغمى عليه

______________________________________________________

طولب بالأداء ، وهذا والمغمى عليه من قِبل نفسه غير مطالب به أصلاً فلا يصدق الفوت كمالا يصدق على الصغير والمجنون (١) ، انتهى. وأنت قد عرفت الحال ، فالراجح في النظر أنّ الجنون العارض بعد التكليف بتقصير منه من قبيل الثاني ، وكيف كان فلا ريب في أنّ الأحوط القضاء وإن لم يكن مقصّراً وفاقاً للأصحاب (٢) في ظاهرهم ، وقد تقدّم (٣) في مباحث الأوقات تمام الكلام في المقام.

[في عدم القضاء على المغمى عليه]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (والمغمى عليه) هذا هو المشهور كما في «الذكرى (٤) والروض (٥) وغاية المرام (٦) ومجمع البرهان (٧) والمصابيح (٨)» والأشهر كما في «الروضة (٩) والروض (١٠)» أيضاً و «الرياض (١١)» بل في الأخير : أنّ عليه عامّة من تأخّر بلا خلاف فيه إلّا من نادر. ومذهب الأكثر كما في «المدارك (١٢) والذخيرة (١٣)

__________________

(١) رياض المسائل : في أحكام القضاء ج ٤ ص ٢٧٢.

(٢) كالديلمي في المراسم : في القضاء وأحكامه ص ٩٢ ، والشهيد الأول في ذكرى الشيعة : في مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٢٩ ، والشهيد الثاني في روض الجنان : في قضاء الصلوات ص ٣٥٥ س ٢١.

(٣) تقدّم في : ج ٥ ص ٢٢٨ ٢٤١.

(٤) ذكرى الشيعة : في مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٢٥.

(٥) روض الجنان : في قضاء الصلوات ص ٣٥٥ س ٢٢ و ٢٦.

(٦) غاية المرام : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٢٠٩.

(٧) مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٢٠٧.

(٨) مصابيح الظلام : في قضاء الصلوات ج ٢ ص ٣٨٧ س ٢٥ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٩) الروضة البهية : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٧٢٩.

(١٠) روض الجنان : في قضاء الصلوات ص ٣٥٥ س ١٧ ١٨.

(١١) رياض المسائل : في أحكام القضاء ج ٤ ص ٢٧٣.

(١٢) مدارك الأحكام ، في قضاء الصلوات ج ٤ ص ٢٨٧.

(١٣) ذخيرة المعاد : في قضاء الصلوات ص ٣٨٣ س ٢٣ ٢٤.

٥٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والمفاتيح (١)» وخيرة «الفقيه (٢) وجُمل العلم والعمل (٣) والنهاية (٤) والمبسوط (٥) والخلاف (٦) والمراسم (٧) والغنية (٨) والإشارة (٩) والسرائر (١٠) والشرائع (١١) والنافع (١٢) والمعتبر (١٣) وكتب المصنّف (١٤) والدروس (١٥) والذكرى (١٦) والبيان (١٧) والموجز الحاوي (١٨) وكشف الالتباس (١٩) والهلالية وكتب المحقّق

__________________

(١) مفاتيح الشرائع : في موارد قضاء الفريضة ج ١ ص ١٨٢.

(٢) من لا يحضره الفقيه : باب صلاة المريض والمغمى عليه والمبطون ج ١ ص ٣٦٣ ذيل الحديث ١٠٤٢.

(٣) جُمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى : ج ٣) في أحكام قضاء الصلاة ص ٣٨.

(٤) النهاية : في قضاء الصلوات ص ١٢٧.

(٥) المبسوط : في قضاء الصلوات ج ١ ص ١٢٥.

(٦) الخلاف : حكم المغمى عليه في جميع وقت الصلاة ج ١ ص ٢٧٦ مسألة ١٧.

(٧) المراسم : في القضاء وأحكامه ص ٩١.

(٨) غنية النزوع : في صلاة القضاء ص ٩٩.

(٩) إشارة السبق : في القضاء ص ٩٩.

(١٠) السرائر : في أحكام قضاء الصلوات ج ١ ص ٢٧٦.

(١١) شرائع الإسلام : في قضاء الصلوات ج ١ ص ١٢٠.

(١٢) المختصر النافع : في قضاء الصلوات ص ٤٦.

(١٣) المعتبر : في قضاء الصلوات ج ٢ ص ٤٠٤.

(١٤) إرشاد الأذهان : في السهو والشكّ / خاتمة ج ١ ص ٢٧٠ ، وتذكرة الفقهاء : في قضاء الصلوات ج ٢ ص ٣٤٩ ، وتحرير الأحكام : في قضاء الفوائت ج ١ ص ٥٠ س ٢٧ ، وتبصرة المتعلّمين : في السهو ص ٣٧ ، ومنتهى المطلب : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٤٢٠ س ١٦ ، ونهاية الإحكام : في أوقات المعذورين ج ١ ص ٣١٩ ، وتلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية : ج ٢٧) الفصل السادس في الخلل والقضاء ص ٥٧٢.

(١٥) الدروس الشرعية : في صلاة القضاء ج ١ ص ١٤٥.

(١٦) ذكرى الشيعة : في مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٢٥.

(١٧) البيان : في قضاء الصلوات ص ١٥٢.

(١٨) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في أحكام القضاء ص ١٠٩.

(١٩) كشف الالتباس : في أحكام القضاء ص ١٧٠ السطر الأول (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

٥٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الثاني (١)» وغيرها (٢) إذا استوعب الإغماء الوقت.

وفي «الغنية (٣)» الإجماع عليه ، قال : من اغمي عليه قبل دخول الوقت لا بسببٍ أدخله على نفسه بمعصية إذا لم يفق حتّى خرج وقت الصلاة لم يجب قضاؤها بدليل الإجماع. وبهذا القيد أعني عدم كون السبب منه مع ذكر المعصية صرّح به في «جُمل العلم (٤) والسرائر (٥)» وبدون ذكرها صرّح في «المراسم (٦) والإشارة (٧)» وإليه أشار في «التحرير (٨)» وهو الظاهر من «المبسوط (٩)» إن لم يكن صريحه. وستسمع (١٠) كلام أبي علي ، بل في موضع آخر من «المراسم (١١)» التصريح بوجوب القضاء إذا كان من قبله. وقد سمعت (١٢) أنّه في «الذكرى» أسنده إلى الأصحاب. وفي «الذخيرة (١٣) ومجمع البرهان (١٤)» أنّ الحجّة عليه غير واضحة.

وفي «الرياض (١٥)» القول بعدم الوجوب أقوى لو لم يكن وجوبه إجماعياً

__________________

(١) جامع المقاصد : في قضاء الصلاة ج ٢ ص ٤٩٣ ، والرسالة الجعفرية (رسائل المحقّق الكركي : ج ١) في القضاء ص ١٢٠ ، وفوائد الشرائع : في قضاء الصلوات ص ٥٤ س ٤. (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(٢) كالحدائق الناضرة : في قضاء الصلوات ج ١١ ص ٣.

(٣) غنية النزوع : في صلاة القضاء ص ٩٩.

(٤) جُمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى : ج ٣) في أحكام قضاء الصلاة ص ٣٨.

(٥) السرائر : في أحكام قضاء الصلوات ج ١ ص ٢٧٦.

(٦) المراسم : في القضاء وأحكامه.

(٧) إشارة السبق : في القضاء ص ٩٩.

(٨) تحرير الأحكام : في قضاء الفوائت ص ٥٠ س ٣٠.

(٩) المبسوط : في حكم قضاء الصلوات وحكم تاركها ج ١ ص ١٢٥.

(١٠) سيأتي في ص ٥٩٠.

(١١) المراسم : في القضاء وأحكامه ص ٩٢.

(١٢) تقدّم في ص ٥٨٤.

(١٣) ذخيرة المعاد : في صلاة القضاء ص ٣٨٣ س ٤١.

(١٤) مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٢٠٧ و ٢٠٨.

(١٥) رياض المسائل : في أحكام القضاء ج ٤ ص ٢٧٥.

٥٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

واستند إلى ما نقلناه عنه آنفاً (١). قلت : وقد سمعت وستسمع (٢) ما في الكتاب و «نهاية الإحكام والمنتهى» إلّا أن يؤوّل ، وسيأتي (٣) عن «المعتبر» ما يفهم منه عدم الفرق. والحجّة على الفرق بعد الإجماع تبادره من الأخبار ، فيدخل في عموم «من فاتته» كما سمعت مثله في المجنون بدون تفاوت.

وقد حمل الصدوق في «الفقيه (٤)» الأخبار الدالّة على انقضاء في المغمى عليه على الاستحباب. وبه صرّح الشيخ في «النهاية (٥) والمبسوط (٦)» وكتابي الأخبار (٧) وغيره (٨). وفي «المفاتيح (٩)» نسبته إلى الأكثر ، وفي «الرياض (١٠)» أنّ المتأخّرين كافّة حملوا تلك الأخبار على الاستحباب ولا بأس به جمعاً بين الأدلّة.

قلت : في أخبار القضاء ما هو مقيّد وقضية الجمع حمل المطلق على المقيّد فيمكن الجمع بوجهٍ آخر كالحمل على الإغماء الّذي ما وصل إلى ذهاب العقل أو على من اغمي عليه بسببٍ من نفسه لكن قد يأبى هذا الأخير بعضها. نعم في خبر أبي كهمس (١١) وخبر منصور (١٢) ما يشهد على الجمع المشهور. وقال في «الدروس (١٣)»

__________________

(١) تقدّم في ص ٥٨٥.

(٢) يأتي في ص ٦٠٩.

(٣) يأتي في ص ٥٩٤.

(٤) من لا يحضره الفقيه : باب صلاة المريض والمغمى عليه والمبطون ج ١ ص ٣٦٣ ذيل الحديث ١٠٤٢.

(٥) النهاية : في قضاء ما فات من الصلوات ص ١٢٧.

(٦) المبسوط : في حكم قضاء الصلوات وحكم تاركها ج ١ ص ١٢٦.

(٧) تهذيب الأحكام : في صلاة المضطرّ ج ٣ ص ٣٠٤ ذيل الحديث ٩٣١ ، والاستبصار : في صلاة المغمى عليه ج ١ ص ٤٥٨ ذيل الحديث ١٧٧٨.

(٨) كالبحراني في الحدائق الناضرة : في قضاء الصلوات ج ١١ ص ٨.

(٩) مفاتيح الشرائع : في موارد قضاء الفريضة ج ١ ص ١٨٢.

(١٠) رياض المسائل : في أحكام القضاء ج ٤ ص ٢٧٤.

(١١) وسائل الشيعة : ب ٤ من أبواب قضاء الصلوات ح ١٢ ج ٥ ص ٣٥٧.

(١٢) وسائل الشيعة : ب ٤ من أبواب قضاء الصلوات ح ١٣ ج ٥ ص ٣٥٨.

(١٣) الدروس الشرعية : في صلاة القضاء ج ١ ص ١٤٥.

٥٨٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ونِعمَ ما قال : إنّها كلّها متروكة.

وقال في «المقنع» : إنّه يقضي جميع ما فاته من الصلوات. وروي أنّه ليس على المغمى عليه أن يقضي إلّا صلاة اليوم الّذي أفاق فيه والليلة الّتي أفاق فيها. وروي أنّه يقضي صلاة ثلاثة أيّام. وروي أنّه يقضي الصلاة التي أفاق فيها (١) ، انتهى. ونسب الخلاف في «فوائد الشرائع (٢)» إلى المفيد. وفي «الذكرى (٣)» عن الجعفي في الفاخر أنّه نقل الروايات من الجانبين ولم يجنح إلى شي‌ءٍ منهما. ونقل جماعة (٤) عن بعض الأصحاب أنّه يقضي آخر أيّام إفاقته إن أفاق نهاراً أو آخر ليلة إن أفاق ليلاً. وهذا ذكره في المراسم (٥) روايةً ، وكذا في السرائر (٦). وروي فيها أيضاً أنّه يقضي صلاة شهر ، قال : وبعض العامّة أنّه يقضي خمس صلوات فما دون ، لأنّ علياً عليه‌السلام اغمي عليه يوماً وليلة فقضى. وعمّار اغمي عليه أربع صلوات فقضاهنّ وابن عمر اغمي عليه أكثر من يوم وليلة فلم يقض (٧) ، انتهى. قلت : ما رووه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام غير صحيح كما ستسمع.

وعن أبي علي أنّه قال : المغمى عليه أيّاماً من علّة سماوية غير مدخل على نفسه ما لم يبح إدخاله عليها إذا أفاق في آخر نهاره إفاقة يستطيع معها الصلاة قضى صلاة ذلك اليوم ، وكذلك إن أفاق آخر الليل قضى صلاة تلك الليلة ، فإن لم يكن مستطيعاً لذلك كانت إفاقته كإغمائه إذا لم يقدر على الصلاة بحالٍ من الأحوال الّتي ذكرناها في صلاة العليل ، فإن كانت إفاقته في وقت لا يصلح له إلّا

__________________

(١) المقنع : باب صلاة المغمى عليه ص ١٢٢ ١٢٣.

(٢) فوائد الشرائع : في قضاء الصلوات ص ٥٤ س ٥ ٦. (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(٣) ذكرى الشيعة : في مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٢٧ ٤٢٨.

(٤) منهم الشهيد الثاني في الروض : ص ٣٥٥ س ٢٥ ، والبحراني في الحدائق : ج ١١ ص ٣ ، والمجلسي في البحار : ج ٨٨ ص ٢٩٦.

(٥) المراسم : في القضاء ص ٩٢.

(٦) السرائر : في أحكام قضاء الصلوات ج ١ ص ٢٧٦.

(٧) ذكرى الشيعة : في مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٢٨.

٥٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

صلاة واحدة صلّى تلك الصلاة فقط ، فإن كانت العلّة من محرّم أو فعل محظور قضى جميع ما ترك من صلاته في إغمائه ، انتهى (١). فظاهره وجوب قضاء صلاة يومه أو ليلته إن وسعها زمان وإلّا فصلاة واحدة إن وسعها.

وفي «مجمع البرهان (٢)» بعد أن ذكر الأخبار ودلالتها وتأمّل في الجمع قال : والاحتياط يقتضي القضاء مطلقاً. وفي «الذكرى (٣)» لو تناول المزيل للعقل غير عالم بذلك أو أكل غذاء مؤذياً لا يعلم به أو سقي المسكر كرهاً أو لم يعلم كونه مسكراً أو اضطرّ إلى استعمال دواء فزال عقله فهو في حكم الإغماء ، لظهور عذره. ونحوه ما في «التذكرة (٤) والروض (٥) والمسالك (٦) والروضة (٧) وكشف الالتباس (٨)» وغيرها (٩). وفي «مجمع البرهان (١٠)» هذا الحكم ليس بواضح ، إذ ليس دليل القضاء كونه حراماً ولهذا يجب القضاء على النائم والناسي ، بل الظاهر هو الروايات وفوت ما اعتدّ به الشارع من العبادة إلّا أن يقال : ليس دليله إلّا الإجماع وليس إلّا في المحرّم ، ولكنّه في محلّ التأمّل للعموم في عبارات الأصحاب معلّلاً بالخبر المذكور فإنّه يفيد العموم على الظاهر فتأمّل.

وقال في «الذكرى» : لو علم أنّ جنسه مسكر وظنّ أنّ ذلك القدر لا يسكر أو علم أنّ تناوله يغمى عليه في وقت فتناوله في غيره ممّا يظنّ أن لا يغمى عليه فيه لم يعذر لتعرّضه للزوال. ولو وثب لحاجة فزال عقله أو اغمي عليه فلا قضاء ، ولو

__________________

(١) نقله عنه الشهيد في ذكرى الشيعة : في مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٢٧ ٤٢٨.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٢٠٨ ٢٠٩.

(٣) ذكرى الشيعة : في مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٢٩.

(٤) تذكرة الفقهاء : في وقت المعذورين ج ٢ ص ٣٣٠.

(٥) روض الجنان : في قضاء الصلوات ص ٣٥٥ س ١٤.

(٦) مسالك الأفهام : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٣٠١.

(٧) الروضة البهيّة : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٧٢٩.

(٨) كشف الالتباس : في قضاء الصلوات ص ١٧٠ س ١ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٩) كرياض المسائل : في أحكام القضاء ج ٤ ص ٢٧٢.

(١٠) مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٢٠٥.

٥٩١

والحائض والنفساء

______________________________________________________

كان عبثاً فالقضاء إن ظنّ كون مثله يؤثّر ذلك ولو بقول عارف (١) ، انتهى.

هذا والفرق بين الجنون والإغماء والسكر والنوم هو ما ذكره الشهيد في «حواشيه» من أنّ الجنون يزيل العقل إجماعاً والنوم والسكر مغطّيان للعقل إجماعاً. واختلف في الإغماء ، فالأكثر على أنّه مزيل لا مغطّ ، لأنّ الاتفاق وقع أنّ الإغماء لا يقع على الأنبياء ويجوز وقوع النوم ، والفرق بين الجنون والإغماء أنّ الجنون زوال عقل مستقرّ ولا يلزم منه تعطيل الحواسّ ، والإغماء زوال عقل غير مستقرّ ويلزم منه تعطيل الحواسّ (٢) ، انتهى كلامه رضى الله عنه. وقد تقدّم (٣) تمام الكلام في مباحث الأوقات.

[في عدم القضاء على الحائض والنفساء]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (والحائض والنفساء) الحكم فيهما اتفاقي ، وقد تقدّم (٤) في محلّه. وفي «نهاية الإحكام (٥) والذكرى (٦) والمسالك (٧) والروض (٨) والروضة (٩)» أنّه لا فرق بين أن يكون سببهما من الله سبحانه أو من قِبل المرأة. وقد تقدّم (١٠) الكلام في ذلك في مبحث الأوقات ونقلنا هناك الإجماعات وما استندوا إليه.

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٢٩ ٤٣٠.

(٢) لم نعثر على حاشيةٍ للشهيد إلّا حواشيه على القواعد المعروفة بالحاشية النجّارية ولم نجد فيه ما ذكره الشارح ، راجع حواشي الشهيد : ص ٢٨ ٢٩.

(٣) تقدّم في ج ٥ ص ٢٢٦ ٢٣٦ هذا البحث في الخامس من فروع الوقت وتقدّم هناك من الشارح إرجاع إتمام الكلام إلى بحث القضاء كما أرجعه هنا إلى بحث الأوقات وهذا دأبه في المباحث يرجع في المتقدّم إلى المتأخّر وبالعكس حسباناً منه لتكميله في أحدهما.

(٤) تقدّم في : ج ٣ ص ٢٨١ و ٤٠١.

(٥) نهاية الإحكام : في أوقات المعذورين ج ١ ص ٣١٩.

(٦) ذكرى الشيعة : في مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٣٠.

(٧) مسالك الأفهام : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٣٠٠.

(٨) روض الجنان : في قضاء الصلوات ص ٣٥٥ س ٢٨.

(٩) الروضة البهية : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٧٢٩.

(١٠) تقدّم في ج ٥ ص ٢٢٧ ٢٣٥.

٥٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وقال الشهيدان (١) : لأنّ سقوط القضاء عنهما ليس من باب الرخص والتخفيفات حتّى يغلظ عليهما إذا حصلا بسبب منهما وإنّما هو عزيمة لأمرهما بالترك ، فإذا امتثلا الأمرٍ فقضية الأصل عدم القضاء ، ولا ينقض بالصوم مع أمرهما بتركه ، لأنّه إنّما وجب بأمر جديد ونصّ من خارج على خلاف الأصل. وقال في «التذكرة (٢)» : لو شربت دواء فأسقطت ونفست لم تصلّ أيّام النفاس ولا قضاء بعد الطهر وإن قصدته لأنّ النفاس ليس بمقصود جنايتها ، فليفهم التعليل ، وكأنّه إنّما ذكره ردّاً على العامّة (٣) ، وفي فرق الشهيدين نظر.

وقال في «الروض» : فرع ، لو طرأ سبب مسقط على سبب غير مسقط كما لو طرأ الجنون أو الإغماء أو الحيض أو النفاس على الردّة أو السكر ففي تأثير الطارئ فلا يجب قضاء أيّامه ، وجهان : من عموم الأدلّة الدالّة على السقوط بتلك الأسباب ، ومن صدق الارتداد على الحائض والنفساء حقيقة وعلى المجنون والمغمى عليه حكماً وكونه أسبق السببين فيعمل عليه ، والأصحّ سقوط القضاء (٤) ، انتهى. وما صحّحه هو الأصحّ وبه صرّح المحقّق (٥) والمصنّف (٦) وجماعة (٧) ، لأنّ السبب الغير المسقط ليس بأعظم من أصل دليل وجوب القضاء ، وأنّه لا بدّ من عمل المسقط ولا ينافيه عمل السكر مثلاً ، لأنّ عمله أن لا يسقط القضاء وهو كذلك ، لأنّه ما أسقطه بل أسقطه غيره لا أنّه موجب لعدم القضاء وعلّة تامّة له.

__________________

(١) ذكرى الشيعة : في مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٣٠ ، روض الجنان : في قضاء الصلوات ص ٣٥٥ ٣٥٦ السطر الأخير والأول.

(٢) تذكرة الفقهاء : في وقت المعذورين ج ٢ ص ٣٣١.

(٣) المجموع : ج ٣ ص ١٠ ، وفتح العزيز : ج ٣ ص ١٠١.

(٤) روض الجنان : في قضاء الصلوات ص ٣٥٦ س ١ ٤.

(٥) المعتبر : في التوابع في قضاء الفوائت ج ٢ ص ٤١٢.

(٦) تذكرة الفقهاء : في أوقات الصلاة ، وقت المعذورين ج ٢ ص ٣٣٠ ٣٣١.

(٧) منهم الشهيد الأوّل في ذكرى الشيعة : في مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٣١ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٢١١.

٥٩٣

وغير المتمكّن من المطهِّر وضوءاً وتيمّماً.

______________________________________________________

وقال الشيخ في «المبسوط (١)» في المرتدّ الّذي اغمي عليه : إن كان الإغماء بسببه كشرب المسكر والمرقد لزمه القضاء وإن كان من قِبل الله كالجنون والإغماء لم يقض. ووجّهه في «المعتبر (٢)» بأنّ الإغماء والجنون سبب للسقوط في حقّ المسلم فيسقط القضاء في حقّ الكافر لاجتماعهما في السبب. وقال : قوله : الفوات بسبب كفره ، قلنا : حقّ لكنّ القضاء يجب فيما يجب أداؤه ولا نسلّم وجوب الأداء مع الجنون والإغماء.

[في عدم القضاء على غير المتمكّن من الطهارة]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (وغير المتمكّن من المطهِّر وضوءاً وتيمّماً) قد تقدّم الكلام في المسألة في بحث التيمّم (٣) مستوفىً أكمل استيفاء ، والمسألة قويّة الإشكال.

وقد استدلّ في «المختلف (٤)» على عدم وجوب القضاء بعدم وجوب الأداء وتوقّف وجوب القضاء على أمر جديد ولم يثبت. والأولى الاستدلال عليه بما استدلّوا به في المغمى عليه من قولهم عليهم‌السلام : «ما غلب الله عليه فالله أولى بالعذر (٥)» مضافاً إلى الأصل والنائم خرج بالدليل كما تقدّم (٦) بيان ذلك في محلّه ، وإلّا فللمناقشة فيما استدلّوا به مجال كأن يقال : لا ملازمة بين قضاء العبادة وأدائها وجوداً ولا عدماً وإنّما يتبع سبب الوجوب وهو حاصل هنا ، والأمر الجديد ثابت

__________________

(١) المبسوط : في حكم قضاء الصلوات ج ١ ص ١٢٨.

(٢) المعتبر : في قضاء الفوائت ج ٢ ص ٤١٢.

(٣) تقدّم في مبحث التيمّم : ج ٤ ص ٤١٤.

(٤) مختلف الشيعة : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٣٠.

(٥) وسائل الشيعة : ب ٣ من أبواب قضاء الصلوات ح ١٣ ج ٥ ص ٣٥٣.

(٦) تقدّمت الإشارة إلى ذلك في ج ٤ ص ٤١٩ في فاقد الطهورين وأرجع إتمام البحث هناك إلى المقام وأنت ترى إرجاعه في المقام إلى هناك مع أنّ البحث في المقام أتمّ وأكمل من البحث هناك.

٥٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وهو قوله عليه‌السلام (١) «من فاتته صلاة فريضة» ولا يشترط في تسميتها فريضة تعيّن المفروض عليه بل هي فريضة في الجملة ، ومن ثمّ لم ينسبها إلى مفروض عليه في الخبر. ويدلّ عليه قوله عليه‌السلام في خبر زرارة (٢) : «إذا فاتتك صلاة فذكرتها الخبر» فلم يسمّها فريضة ، خرج منه ما أجمعوا على عدم قضائه (٣). وبهذا يندفع ما قاله المحقّق الثاني في «شرح الألفية» حيث ذكر في دليل وجوب القضاء قوله عليه‌السلام : «من فاتته صلاة فريضة» وأورد عليه : انّا نقول بالموجب مع عدم ثبوت المدعى ، فإنّ المراد الفوات مع الوجوب بدليل قوله عليه‌السلام : فريضة ، إذ المراد كونها فريضة عليه ، إذ يمتنع إرادة كونها فريضة على غيره ، ولا يعقل كون الشي‌ء فرضاً في نفسه من غير إضافة إلى مفروض عليه (٤) ، انتهى فليتأمّل في الجواب.

فإن قيل : هذا الخبر مخصوص بالناسي أو به وبالنائم لأنّ فاقد الطهور ذاكر للفريضة. قلنا : لا نسلّم اشتراط سبق النسيان حالة الذكر بل يمكن فرضه وإن استمرّ العلم ، سلّمنا لكن يتناول ما لو ذهل فاقد الطهور عن الصلاة بعد وجود المطهر وذكرها في وقت اخرى فيجب عليه حينئذٍ قضاؤها للأمر به ، ومتى ثبت هذا الفرد ثبت غيره لعدم القائل بالفرق (٥).

وقد يقال (٦) : إنّ مراده في المختلف أنّ الأداء هنا ليس بواجب حتّى يكتفى في القضاء به كما هو مذهب بعض الاصوليّين وأنّه إذا لم يكن الأداء واجباً فلا بدّ من أمرٍ جديد وليس هنا أمرٌ جديد اتفاقاً ، ويمكن توجيهه بأن يقال : إنّ ذلك ليس من باب الاستتباع بل من باب الاستبعاد وتقديره أنّ وجوب الأداء لا يستلزم وجوب

__________________

(١) عوالي اللآلي : ج ٢ ص ٥٤ ح ١٤٣.

(٢) وسائل الشيعة : ب ٢ من أبواب قضاء الصلوات ح ١ ج ٥ ص ٣٥٠.

(٣) روض الجنان : في قضاء الصلوات ص ٣٥٧ س ٢٣ وما بعده.

(٤) شرح الألفية (رسائل المحقّق الكركي : ج ٣) في قضاء الصلوات ص ٣٤٩ ٣٥٠.

(٥) روض الجنان : في قضاء الصلوات ص ٣٥٧ ٣٥٨ س ٢٨ وما بعده.

(٦) القائل هو المحقّق الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٢٢٢.

٥٩٥

ويسقط عن الكافر الأصلي وإن وجبت عليه لا عن المرتدّ إذا استوعب العذر الوقت أو قصر عنه بمقدار لا يتمكّن فيه من الطهارة وأداء ركعة في آخره.

______________________________________________________

القضاء وهو يتوقّف على أمر جديد فكيف مع عدمه ، لعدم كونه مكلّفاً وأصالة البراءة ، إذ فيه سقوط القضاء أولى فليتأمّل ، وليس مراده أنّ القضاء تابع للأداء ، كيف وقد حقّق عدم التابعية في الاصول. وقوله «وتوقّف القضاء على أمر جديد» كالصريح في ذلك ، وذلك كثيراً ما يقع منه في الاستدلال وإن لم يكن قائلاً به. وقد قال بعده : وإنّما يتبع سبب الوجوب ويريدون بالسبب في المقام مثل دلوك الشمس للظهر ، وظاهر أنّ القضاء ليس بتابع له ، إذ قد لا يجب مع وجود ذلك. ولعلّهم يريدون توقّفه عليه لا وجوبه به. وأمّا وجود الأمر الجديد فلعلّ الأمر كما ذكر في الاعتراض ، وأمّا ما ذكر فيه من عدم تسليم اشتراط سبق النسيان في الذكر فإنّه بعيد ، وكذا ما ذكر فيه من أنّه يتناول ما لو ذهل فاقد الطهور .. إلى آخره ، فيه : أنّ مقصود السائل أنّ الخبر يدلّ على أنّ المراد أنّ سبب الفوت هو النسيان كما هو الظاهر من الخبر ، ولا يدلّ الخبر على كلّ من نسي صلاة وذكرها وإن لم تكن فاتته أو فاتته بغير سبب النسيان ، إلى غير ذلك ممّا ذكره المولى الأردبيلي (١) في مناقشة الروض.

[في سقوط القضاء عن الكافر الأصلي]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (ويسقط عن الكافر الأصلي وإن وجبت عليه لا عن المرتدّ) قالوا : المراد بالكافر الأصلي مَن خرج عن فِرق المسلمين وسقوطها عنه ضروري من الدين كما في «المفاتيح (٢)» وإجماعي كما في

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٢٢٢ ٢٢٦.

(٢) مفاتيح الشرائع : في موارد قضاء الفريضة ج ١ ص ١٨٢.

٥٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

«الغنية (١) والروض (٢) والمدارك (٣) والذخيرة (٤)» وغيرها (٥). وفي «الإرشاد (٦)» الكافر الأصلي يجب عليه جميع فروع الإسلام لكن لا تصحّ منه حال كفره ، فإن أسلم سقطت. واستثنى من ذلك المحقّق الثاني في «حاشيته (٧)» حكم الحدث كالجنابة وحقوق الآدميّين ، قال : والمعلوم أنّ الّذي يسقط ما خرج وقته وكذلك الشهيد الثاني (٨). وفي «الذخيرة (٩)» أنّ ذلك محلّ وفاق. وكذا «مجمع البرهان» قال : إنّ حقوق الآدميّين مستثنى بالإجماع ، ومثل الخبر (١٠) المتقدّم حيث علّل عدم سقوط الزكاة بأنّها مال الغير ووضعه في غير محلّه ، فتأمّل (١١).

وأمّا المرتدّ فقد نقل الإجماع في «الناصرية (١٢) والغنية (١٣) والمنتهى» فيما نقل عنه (١٤) و «الغنية والمفاتيح (١٥) والنجيبية» على أنّه يجب عليه القضاء بل في «الناصريّة (١٦)» إجماع المسلمين. وفي «التذكرة (١٧)» لا نزاع في الملّي عندنا. وبعدم

__________________

(١) غنية النزوع : في صلاة القضاء ص ١٠٠.

(٢) روض الجنان : في قضاء الصلوات ص ٣٥٦ س ٤ ٥.

(٣) مدارك الأحكام : في قضاء الصلوات ج ٤ ص ٢٨٩.

(٤) ذخيرة المعاد : في صلاة القضاء ص ٣٨٣ س ٤٢.

(٥) الحدائق الناضرة : في قضاء الصلوات ج ١١ ص ٢.

(٦) إرشاد الأذهان : في السهو والشكّ ج ١ ص ٢٧١.

(٧) حاشية الإرشاد : في قضاء الصلوات ص ٤١ ٤٢ السطر الأخير والأول (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٩).

(٨) روض الجنان : في قضاء الصلوات ص ٣٥٦ س ٦ وما بعده.

(٩) ذخيرة المعاد : في صلاة القضاء ص ٣٨٨ س ٢٧.

(١٠) وسائل الشيعة : ب ٣ من أبواب المستحقّين للزكاة ح ٢ ج ٦ ص ١٤٨ ١٤٩.

(١١) مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٢٣٦.

(١٢ و ١٦) الناصريات : من ترك الصلاة في حال فسقه ثمّ تاب .. ص ٢٥٢.

(١٣) غنية النزوع : في صلاة القضاء ص ٩٩.

(١٤) نقله عنه السيّد العاملي في مدارك الأحكام : في قضاء الصلوات ج ٤ ص ٢٩٢.

(١٥) مفاتيح الشرائع : في موارد لزوم الفريضة ج ١ ص ١٨٢.

(١٧) لم نعثر عليه في التذكرة حسب ما تصفحناه فراجع لعلّك تجده إن شاء الله.

٥٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

سقوط القضاء عن المرتدّ صرّح في «المبسوط (١) والمراسم (٢) والغنية (٣) والسرائر (٤) والإشارة (٥) والشرائع (٦) والإرشاد (٧) والتحرير (٨) والدروس (٩) واللمعة (١٠) والألفية (١١) والإثنى عشرية (١٢) للشيخ حسن والنجيبية والمفاتيح (١٣)» وإجماع «الغنية والغرية والمفاتيح والمنتهى» على ما نقل عنه منقول (١٤) على ذلك.

وقضية إطلاقهم أنّه لا فرق في ذلك بين الملّي والفطري. وفي عبارة «المبسوط» ظهور تامّ فوق الإطلاق ، وأظهر منها عبارة «الشرائع» وأظهر منها عبارة «الإرشاد». وبعدم الفرق بين الفطري والملّي في وجوب القضاء صرّح في «نهاية الإحكام (١٥) والكتاب (١٦)» فيما يأتي و «الذكرى (١٧) والبيان (١٨) والموجز الحاوي (١٩)

__________________

(١) المبسوط : في حكم قضاء الصلوات ج ١ ص ١٢٧ ١٢٨.

(٢) المراسم : في القضاء وأحكامه ص ٩٢.

(٣) غنية النزوع : في صلاة القضاء ص ٩٩.

(٤) السرائر : في أحكام قضاء الصلوات ج ١ ص ٢٧٧.

(٥) إشارة السبق : في القضاء ص ١٠٠.

(٦) شرائع الإسلام : في قضاء الصلوات ج ١ ص ١٢٠.

(٧) إرشاد الأذهان : خاتمة في قضاء الصلوات ج ١ ص ٢٧٠.

(٨) تحرير الأحكام : في قضاء الفوائت ج ١ ص ٥٠ س ٣١.

(٩) الدروس الشرعية : في صلاة القضاء ج ١ ص ١٤٥.

(١٠) اللمعة : في قضاء الصلوات ص ٤٤.

(١١) الألفية : خاتمة في الملتزم ص ٧٦.

(١٢) الاثناعشرية : في قضاء الصلوات ص ١١ س ١١. (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٥١١٢).

(١٣) مفاتيح الشرائع : في موارد لزوم قضاء الفريضة ج ١ ص ١٨٢.

(١٤) لم نعثر على ناقل هذا الإجماع.

(١٥) نهاية الإحكام : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٣٢٢.

(١٦) يأتي في ص ٦٠٥.

(١٧) ذكرى الشيعة : في مواقيت القضاء ج ٢ ص ٤٣٠ ٤٣١.

(١٨) البيان : في قضاء الصلاة ص ١٥٢.

(١٩) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في أحكام القضاء ص ١٠٩.

٥٩٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وكشف الالتباس (١) والجعفرية (٢) والغرية وإرشاد الجعفرية (٣) وشرح الألفية» للكركي (٤) و «الروضة (٥) والمقاصد العلية (٦) والمسالك (٧) والدرّة ومجمع البرهان (٨) والمدارك (٩)» وقوّاه في «الروض (١٠)» ومواريث «الدروس (١١)» ومال إليه في «الذخيرة (١٢)».

وقال أكثر هؤلاء (١٣) : الحقّ قبول توبته باطناً ، والمراد بعدم قبول توبته عدم سقوط القتل عنه وعدم عود زوجته وماله إليه لا عدم صحّة إسلامه وعدم طهارته وصحّة عبادته. وفي «مجمع البرهان (١٤)» قال : ولا عدم دخوله الجنّة. واحتمل فيه في المواريث أنّه يرجع إليه ماله وزوجته إن تاب وهي في العدّة. وقد بسطنا الكلام في ذلك في شرح كتاب المواريث من هذا الكتاب (١٥) ، لكنّ في

__________________

(١) كشف الالتباس : في أحكام القضاء ص ١٦٩ س ٢١ ٢٢. (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٢) الرسالة الجعفرية (رسائل المحقّق الكركي : ج ١) في قضاء الصلوات ص ١٢٠.

(٣) المطالب المظفّرية : في قضاء الصلوات ص ١٣٦ السطر الأول والثاني (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(٤) شرح الألفية (رسائل المحقّق الكركي : ج ٣) في قضاء الصلوات ص ٣٥٠.

(٥) الروضة البهية : في صلاة القضاء ج ١ ص ٧٤٢.

(٦) المقاصد العلية : في صلاة القضاء ص ٣٨٦ ٣٨٧.

(٧) مسالك الأفهام : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٣٠١.

(٨) مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٢٠٢.

(٩) مدارك الأحكام : في قضاء الصلوات ج ٤ ص ٢٩٢ ٢٩٣.

(١٠) روض الجنان : في قضاء الصلوات ص ٣٥٥ س ٧.

(١١) لم نعثر في مواريث الدروس الشرعية على تقوية حكم القضاء على المرتدّ من دون فرق بين الملّي والفطري ، فراجع.

(١٢) ذخيرة المعاد : في صلاة القضاء ص ٣٨٣ س ٤ وما بعده.

(١٣) كما في مسالك الأفهام : في قضاء الصلوات ج ١ ص ٣٠١ ، ومدارك الأحكام : في قضاء الصلوات ج ٤ ص ٢٩٢ ٢٩٣ ، ومجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٢٠٢.

(١٤) مجمع الفائدة والبرهان : في قضاء الصلوات ج ٣ ص ٢٠٢ وج ١٣ ص ٣٢٨.

(١٥) يأتي في ج ٨ ص ٢١ ٢٢ من الطبعة الرجلية.

٥٩٩

.................................................................................................

______________________________________________________

«الروض (١) والروضة (٢) والذخيرة (٣)» ومواريث «المسالك (٤) ومجمع البرهان (٥)» في الحدود أنّ المشهور عدم قبول توبته. وهذه الشهرة شهرة المتقدّمين ، وقد سمعت ما في «نهاية الإحكام» وما تأخّر عنها. وعن أبي علي (٦) أنّه قبل توبة المرتدّ مطلقاً. نعم قال في «الخلاف (٧)» : المرتدّ الذي يستتاب يقضي ما فاته في زمن ردّته وقبله ، ثمّ ذكر بعد ذلك الإجماع على ذلك ، وهذا الإجماع يدلّ على الاختصاص ، فليلحظ ويتأمّل فيه. وفي كتاب المرتدّ (٨) منه الإجماع على عدم قبول توبة المرتدّ عن فطرة. وفي الأخبار «لا توبة له (٩)» بعموم لغوي ، والشهرة منقولة على ذلك في باب الحدود في ثلاث مواضع ، ولم يعرف الخلاف قبل «نهاية الإحكام» وقد أوضحنا ذلك في باب الحدود (١٠) ويأتي (١١) في المكاسب ما له نفع تامّ عند بيع النجس. وقد بيّنّا الحال في المرأة والخنثى في كتاب المواريث (١٢).

وهل لهذا المرتدّ عن فطرة قوت في ماله إن قلنا بقبول توبته؟ احتمالان ، الأوّل : أنّ له ذلك لأنّه حيّ فيحتاج إلى قوت. والثاني : لا لعدم تعلّق غرض الشارع بحفظه فسقطت حرمته لكنّ تكليفه مع بقائه يستلزم قوتاً إلّا أنّه يجوز له عدم الأكل أو يجب عليه حتّى يموت ويحرم عليه القوت من كلّ أحد ، وقد يفصّل بين

__________________

(١) روض الجنان : في قضاء الصلوات ص ٣٥٥ س ٦.

(٢) الروضة البهية : في صلاة القضاء ج ١ ص ٧٤٢.

(٣) ذخيرة المعاد : في صلاة القضاء ص ٣٨٣ س ٧.

(٤) مسالك الأفهام : في موانع الارث ج ١٣ ص ٣٥.

(٥) مجمع الفائدة والبرهان : في الحدود في الارتداد ج ١٣ ص ٣٢٦ و ٣٢٧.

(٦) نقله عنه المولى الأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان : كتاب الحدود في الارتداد ج ١٣ ص ٣٢٦.

(٧) الخلاف : في قضاء العبادات للمرتدّ اذا تاب ج ١ ص ٤٤٢ ٤٤٣ مسألة ١٩٠.

(٨) الخلاف : في المرتدّ وأقسامه ج ٥ ص ٣٥٣ ٣٥٤ مسألة ٣.

(٩) وسائل الشيعة : ب ١ من أبواب حدّ المرتدّ ح ٢ ج ١٨ ص ٥٤٤.

(١٠) لم نعثر على باب الحدود في مفتاح الكرامة.

(١١) يأتي في ج ٤ ص ١٢ من الطبعة الرحلية.

(١٢) راجع مفتاح الكرامة : ج ٨ ص ٣٦ ٣٧.

٦٠٠