مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٩

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي

مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلّامة - ج ٩

المؤلف:

السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي


المحقق: الشيخ محمّد باقر الخالصي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٧٠٢

.................................................................................................

______________________________________________________

تعرّض له سوى مولانا المجلسي ، قال : لو كان هذا القسم داخلاً في النصّ فلعلّ مفاده أنّه لا تأثير في السهو في الشكّ بمعنى أنّه لو شكّ في فعلٍ يجب عليه تداركه كالسجدة والقيام وكان يجب عليه فعلها فسها ولم يأت به ، فلو ذكر الشكّ والمحلّ باقٍ يأتي به ولو ذكر بعد تجاوز المحلّ لا يلتفت إليه ، لأنّه يرجع إلى الشكّ بعد تجاوز المحلّ ، وفيه إشكال ، إذ يمكن أن يقال : هذا الفعل الواجب بسبب الشكّ بمنزلة الفعل الأصلي في الوجوب ، فكما أنّ السجدة الأصلية إذا سها عنها وذكر قبل الركوع يأتي بها ولو ذكر بعد الركوع يقضيها بعد الصلاة فكذا هذه السجدة الواجبة يجب الإتيان بها لو ذكرها بعد القيام وقبل الركوع ، لأنّه خرج عن حكم الشكّ في أصل الفعل بسبب ما لزمه من السجدة بسبب الشكّ ، فقد تيقّن ترك السجدة الواجبة والوقت باقٍ ، فيجب الإتيان بها ، وكذا القول في الذكر بعد الركوع.

والتعويل على بعض محتملات هذا النصّ في الخروج عن القواعد المعلومة مشكل كما عرفت مراراً ، لكن يمكن أن يقال شمول أدلّة السهو في أفعال الصلاة لتلك الأفعال غير معلوم ، إذ المتبادر منها نسيان أصل الأفعال لا الأفعال الواجبة بسبب عروض الشكّ ، وفي تلك الصورة لم يحصل اليقين بترك الفعل حتّى يجب تداركه في الصلاة وبعدها بتلك العمومات ، بل إنّما حصل اليقين بترك فعلٍ وجب الإتيان به بسبب الشكّ ، ودخول مثله في تلك العمومات غير معلوم ، فيرجع إلى حكم الأصل وهو عدم قضاء الفعل. فإن قيل : الأصل استمرار وجوب التدارك ، قلنا : المأمور به هو التدارك قبل فوات المحلّ وبعد التجاوز الإتيان بالمأمور به متعذّر. نعم يمكن أن يتمسّك في ذلك بما رواه الشيخ في الصحيح عن حكم بن حكيم قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن رجل نسي من صلاته ركعة أو سجدة أو الشي‌ء منها ثمّ يذكر بعد ذلك ، قال : يقضي ذلك بعينه ، قلت : أيعيد الصلاة؟ قال : لا (١). وبما رواه في الصحيح عن ابن سنان عنه عليه‌السلام أنّه : قال : إذا نسيت شيئاً من الصلاة

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٢٣ من أبواب الخلل ح ٧ ج ٥ ص ٣٣٧ ، تهذيب الأحكام : باب ٩ في كيفية الصلاة وصفتها ح ٤٦ ج ٢ ص ١٥٠ بتفاوت يسير.

٤٢١

.................................................................................................

______________________________________________________

ركوعاً أو سجوداً أو تكبيراً ثمّ ذكرت فاقض الّذي فاتك سهواً (١). إذ الظاهر أنّه يصدق على تلك الأفعال أنّها شي‌ء ، لكن لم يعمل بعموم الخبرين أحد من الأصحاب إلّا في موارد معيّنة. وربّما قيل في مثل هذا بوجوب إعادة الصلاة ، لأنّ التكليف بالصلاة وأجزائها وهيئاتها معلوم وبعد فوات المحلّ الإتيان به على الوجه المأمور به متعذّر وما دام الوقت باقياً يجب السعي في تحصيل براءة الذمّة ولا تحصل يقيناً إلّا بإعادة الصلاة ، وفي الشكّ في الأفعال الأصلية بعد التجاوز عن محلّها وإن كان يجري مثل هذا لكن الأدلّة الدالّة على عدم الالتفات إليها مخرجة عن حكم الأصل. وبالجملة ، فالمسألة في غاية الإشكال ، لكن العمومات الدالّة على عدم إعادة الصلاة وعدم الالتفات إلى ما شكّ فيه ممّا مضي وقته والإمضاء (والمضي خ ل) فيما شكّ فيه ، بل عموم (٢) «رفع عن امّتي الخطأ والنسيان» وغير ذلك ممّا يقوّي عدم الالتفات إليه وصحّة الصلاة ، والأحوط المضيّ في الشكّ وإتمام الصلاة ثمّ الإعادة. وما يتفرّع على هذا الإشكال ما إذا شكّ في السجدتين معاً في حال السجود فنسي أن يأتي بهما حتّى قام فذكر في القيام أو بعد الركوع ، فعلى تقدير كونهما بحكم الأجزاء الأصلية يجب عليه العود في الأوّل وتبطل صلاته في الثاني وعلى الوجه الآخر لا يلتفت إليه أصلاً (٣)

الثامن : السهو في موجب الشكّ كأن يسهو في الاحتياط عمّا يوجب سجود السهو أو عن فعل في سجدتي السهو اللتين لزمتا بسبب الشكّ في الصلاة ، فالمشهور أنّه لا يجب عليه لذلك سجود السهو كما في «أربعين (٤)» مولانا المجلسي قلت : صرّح بذلك جماعة من المتأخّرين (٥) ، قال مولانا المجلسي : لأنّ ظاهر الأدلّة

__________________

(١) تهذيب الأحكام : باب ١٦ في أحكام السهو ح ٣٨ ج ٢ ص ٣٥٠.

(٢) الخصال : باب التسعة ح ٩ ج ٢ ص ٤١٧ ، الوسائل : ب ٢٣ من أبواب الخلل ح ٢ ج ٥ ص ٣٤٥.

(٣ و ٤) الأربعين للمجلسي : في حديث ٣٥ ليس على الإمام سهو ص ٥٣٧ ٥٣٨.

(٥) منهم السيّد في مدارك الأحكام : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٤ ص ٢٦٨ ، والشهيد الثاني في مسالك الأفهام : في الخلل في الصلاة ج ١ ص ٢٩٧ ، والسبزواري في ذخيرة المعاد : في الشكّ والسهو ص ٣٦٩ س ١١.

٤٢٢

.................................................................................................

______________________________________________________

على وجوب سجود السهو اختصاصها بأصل الصلاة اليومية (١) فلا تشمل ما نحن فيه. وفي «فوائد الشرائع (٢) والميسية والروض (٣) ومجمع البرهان (٤) والروضة (٥) والمقاصد (٦)» وغيرها (٧) أنّه لو كان السهو عنه ممّا يتدارك تداركه ولا سجود سهو عن الزيادة إن كانت. غير أنّ في «المجمع» أنّ الظاهر وجوب سجدتي السهو (٨) أيضاً.

وقال المجلسي : لا ينبغي الشكّ في وجوب الإتيان بالسجدة فيما إذا نسيها في الصلاة وذكرها قبل القيام أو قبل الشروع في التشهّد أو نسي واحدة من سجدتي السهو وذكر قبل الشروع في التشهّد ، إذ ليس الإتيان بها من جهة السهو حتّى يسقط بالسهو في السهو ، بل إنمّا يجب بأصل الأمر بصلاة الاحتياط وبسجدتي السهو (٩). واحتمل في «الذخيرة (١٠)» سقوط التدارك للعموم. وفي جملة من الكتب المتقدّمة (١١) و «تعليق الإرشاد (١٢) والمسالك (١٣)» أنّه لو كان ممّا يتدارك بعد الفراغ فعله بعد ، قال المحقّق الثاني : ولم أجد للأصحاب في ذلك تصريحاً (١٤).

__________________

(١) الأربعين للمجلسي : في حديث ٣٥ ليس على الإمام سهو ص ٥٣٧ ٥٣٨.

(٢) فوائد الشرائع : في الخلل ص ٥٣ س ٨ ١٠ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(٣) روض الجنان : في السهو والشكّ ص ٣٤١ س ٢٤.

(٤) مجمع الفائدة والبرهان : في السهو والشكّ ج ٣ ص ١٣٦.

(٥) الروضة البهية : في أحكام السهو ج ١ ص ٧٢٣.

(٦) المقاصد العلية : في أحكام الخلل ص ٣٢٤.

(٧) كذخيرة المعاد : في الشكّ والسهو ص ٣٦٩ س ١١ ١٢.

(٨) مجمع الفائدة والبرهان : في السهو والشكّ ج ٣ ص ١٣٦.

(٩) الأربعين للمجلسي : في حديث ٣٥ ليس على الإمام سهو ص ٥٣٩.

(١٠) ذخيرة المعاد : في الشكّ والسهو ص ٣٦٩ س ١٢.

(١١) منها مسالك الأفهام : في الخلل ج ١ ص ٢٩٧ ، والروض : في السهو والشكّ ص ٣٤٢ السطر الأول ، والروضة البهية : في أحكام السهو ج ١ ص ٧٢٣.

(١٢) حاشية إرشاد الأذهان : في السهو والشكّ ص ٣٩ س ٥ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٩).

(١٣) مسالك الأفهام : في الخلل في الصلاة ج ١ ص ٢٩٧.

(١٤) فوائد الشرائع : في الخلل ص ٥٣ س ١٠ (مخطوط في مكبتة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

٤٢٣

.................................................................................................

______________________________________________________

واحتمل في «الذخيرة» سقوط التدارك (١). ونحوه صاحب «المجمع» لكنّه استظهر فيه وجوب سجدتي السهو وقال : وجوب التلافي أظهر (٢).

وقال المولى المجلسي : إذا جاز عن محلّ الفعل ولم يجز عن محلّ تدارك المنسي إذا كان في أصل الصلاة فظاهر الشهيد الثاني وبعض المتأخّرين وجوب الإتيان به بما مرّ ، وفيه نظر لما عرفت مراراً أنّه (أنّ خ ل) بعد الشروع في فعلٍ آخر فات محلّه المأمور به بالأمر الأوّل ، والعود يحتاج إلى دليل ، وشمول أدلّة العود لصلاة الاحتياط ممنوع ، لكن يمكن ادّعاء الشمول في بعض العمومات ، وأمّا سجود السهو إن قيل به هنا في أصل الصلاة فقد صرّح الشهيد الثاني بسقوطه في صلاة الاحتياط وسجود السهو. واحتمل المحقّق الأردبيلي القول بالفرق بين الصلاة والسجود بلزومه في الأوّل دون الثاني وهو غريب. ولو ذكر بعد التجاوز عن محلّ السهو أيضاً فقال بعضهم : تبطل الصلاة والسجدة إن كان المتروك ركناً ، ولو لم يكن ركناً يجب الإتيان به بعد الصلاة وبعد السجدة لكن لا يجب له سجود السهو. واحتمل المحقّق الأردبيلي هنا أيضاً السجود لصلاة الاحتياط دون السجود. والمسألة في غاية الإشكال ، لعدم تعرّض القدماء لتلك الأحكام ، وإنّما تصدّى لها بعض المتأخّرين ، وكلامهم أيضاً لا يخلو عن إجمال وتشويش. وأكثر النصوص الواردة في تدارك ما فات ووجوب سجود السهو لها ظاهرها الصلوات اليومية ، وفي بعضها ما يشمل كلّ صلاة بل كلّ فعل متعلّق بالصلاة. وهذا الخبر أعني لا سهو في سهو مجمل يشكل الاستدلال به ، ومقتضى الأصل عدم وجوب الإتيان بالفعل بعد فوات محلّه.

ثمّ قال : وقد بقي صورة اخرى للسهو في موجب الشكّ وهو أن يترك صلاة الاحتياط أو سجود السهو الواجب بسبب الشكّ ثمّ يذكرهما فلا يترتّب على السهو حكم ، إذ لو كان قبل عروض المبطل فلا خلاف في صحّة الصلاة ووجوب

__________________

(١) ذخيرة المعاد : في الشكّ والسهو ص ٣٦٩ س ١٢.

(٢) مجمع الفائدة والبرهان : في السهو والشكّ ج ٣ ص ١٣٦.

٤٢٤

.................................................................................................

______________________________________________________

الإتيان بهما ومع عروض المبطل فالأظهر الصحّة فيه أيضاً ، ولو استمرّ السهو إلى آخر العمر يحتمل وجوب صلاة الاحتياط على الولي مع علمه بذلك ، ولو كان سجود السهو شرطاً لصحّة الصلاة يحتمل وجوب قضاء الصلاة على الولي (١)

وفي «الموجز الحاوي (٢) وكشف الالتباس (٣) والروض (٤) والمقاصد العلية (٥) والمجمع (٦)» انه لو زاد في صلاة الاحتياط أو نقص ركناً بطلت.

قلت : وأمّا نسيان الركن في سجدتي السهو فإنّما يكون بترك السجدتين معاً ولا ريب حينئذٍ في وجوب الإعادة لبطلان هيئة الفعل بذلك ، وقد علمت الحال فيما إذا زاد فيهما سجدتين.

وفي «المدارك» بعد أن ذكر صوَراً أربع وهي الّتي تعرّض لها أكثر من تعرّض لذلك قال : وأكثر هذه الأحكام مطابق لمقتضى الأصل. نعم يمكن المناقشة في الحكم بالبناء على وقوع المشكوك فيه إذا كان في محلّه لعدم صراحة الروايات بذلك وأصالة عدم فعل ما تعلّق به الشكّ وإن كان المصير إلي ما ذكروه غير بعيد ، إذ لا يبعد حمل السهو على ما يتناول الشكّ لكونه سبباً فيه ولأنّ الظاهر أنّ السهو المتعلّق بالامام والمأموم هو الشكّ ، والمتبادر من نفي حكم الشكّ فيما أوجبه الشكّ عدم وجوب تداركه كما ذكر في المعتبر (٧). قلت : و «المنتهى» فيما نقل عنه (٨) وغيره (٩).

__________________

(١) الأربعين للمجلسي : في حديث ٣٥ ليس على الامام سهو ، ص ٥٣٩ ٥٤٠.

(٢) الموجز الحاوي (رسائل العشر) : في الخلل ص ١٠٦.

(٣) كشف الالتباس : في الخلل ص ١٦٠ س ٢ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٤) روض الجنان : في السهو والشكّ ص ٣٤٢ ، س ٢.

(٥) المقاصد العلية : في أحكام الخلل ص ٣٢٣.

(٦) مجمع الفائدة والبرهان : في السهو والشكّ ج ٣ ص ١٣٧.

(٧) مدارك الأحكام : في الخلل في الصلاة ج ٤ ص ٢٦٩.

(٨) نقل عنه الطباطبائي في الرياض : ج ٤ ص ٢٥٣.

(٩) كرياض المسائل : في الخلل ج ٤ ، ص ٢٥٣.

٤٢٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وأنت خيبر بأنّه إن كان مراده من الأصل الأوّل أصالة البراءة فمع اعتباره أصل العدم لا يبقى ذلك الأصل ، لأنّ شغل الذمّة مستصحب وإن أراد القاعدة الشرعية ففيه أنّه إنمّا هو في الشكّ في الشي‌ء وقد تجاوز محلّه ، ولعلّ مراده من حمل السهو على ما يتناول الشكّ أنّ ذلك يكون من باب عموم المجاز. وعلى ما في «المنتهى (١) والتنقيح (٢)» وغيرهما (٣) لا يبقى سوى الصورتين الناشئتين من التفسيرين ، ولا ريب في مطابقة التفسير الثاني لمقتضى الأصل ، فلا يحتاج إلى نصّ ، والمحتاج إليه إنمّا هو الأوّل لمخالفته الأصل الدالّ على لزوم تحصيل المأمور به على وجهه ولا يتمّ إلّا مع عدم الشكّ ، مضافاً إلى إطلاق ما دلّ على لزوم تدارك المشكوك مع بقاء المحلّ ، فتأمّل. وحيث إنّ النصّ يحتمله ويحتمل الثاني لا يمكن التمسّك به لإثباته إلّا أن ترجّح إرادته بإخبار المصنّف في «المنتهى» بكونه مراد الفقهاء مع ظهوره من جملة من كلماتهم واستدلالهم بالنصّ على أن لا سهو بناء على أنّ ظاهره إثبات حكم مخالف للأصل غير موافق له وليس ذلك إلّا على تقدير التفسير الأوّل مع اعتضاده بما في كثير من كتبهم من الاعتبار وهو أنّه لو تداركه أمكن أن يسهو ثانياً ولا يتخلّص من ورطة السهو فلا ينفكّ عن التدارك وهو حرجٌ فيكون منفيّاً ، لأنّه شرّع لإزالة حكم السهو فلا يكون سبباً لزيادته. وفيه : انه لو تمّ ذلك لكان الحكم في قوله (٤) عليه‌السلام «ولا على الإعادة إعادة» كذلك ولم يفتوا بذلك.

وربما يوجّه كما في «المصابيح» بوروده مورد الغالب وهو كثير الشكّ ، لأنّه الّذي يحصل له الشكّ بعد الإعادة أيضاً غالباً دون غيره ، وقال أيّده الله تعالى : ولا تتحقّق الكثرة بالمرّتين ، فتأمّل ، انتهى (٥). وفيه : أوّلاً أنّ في دعوى الغلبة بحيث

__________________

(١) منتهى المطلب : في الخلل ج ١ ص ٤١١ س ٢١.

(٢) التنقيح الرائع : في الخلل ج ١ ص ٢٦٢.

(٣) رياض المسائل : السهو في السهو ج ٤ ص ٢٥٢.

(٤) وسائل الشيعة : باب ٢٥ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح ١ ج ٥ ص ٣٤٠.

(٥) مصابيح الظلام : في السهو والشكّ ج ٢ ص ٣٨٠ س ٧ ٨ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

٤٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ينزّل عليها النصّ تأمّلاً. وثانياً انه يجري في نفي السهو عن السهو ، فيخرج عن صلاحيّته للاستدلال به على نفي السهو في السهو من حيث هو سهو في سهو وإن لم يكن هناك كثرة ، وهو خلاف ما عليه الأصحاب. وقد يقال عليه أيضاً : إنّ كثير الشكّ أو السهو لا إعادة عليه ، فتأمّل.

وفي «مجمع البرهان» أنّ المراد بهذه الكلمة نفي استحباب الإعادة في موضعها كمن صلّى منفرداً ثمّ أعاد مع الجماعة استحباباً فلا يعيد مرّة اخرى ، قال : ويحتمل أن يكون المراد انه على تقدير الإعادة لقصور ، لشكٍّ أو سهوٍ أو عدم طهارة ثوب سواء كان ممّا يوجب مثله الإعادة أو لا لا ينبغي الإعادة إلّا مع الموجب انتهى ، (١) ولعلّه يريد نحو ما إذا أعاد الناسي للنجاسة الصلاة خارج الوقت استحباباً على القول به فلا يستحبّ له الإعادة مرّة اخرى وأمثال ذلك.

وفي «الرياض» أنّ الأظهر في معناه انه إذا أعاد الصلاة لخللٍ موجب للإعادة ثمّ حصل أمر موجب لها فإنّه لا يلتفت إليه. ويعضده قوله عليه‌السلام : «لا تعود الخبيث الحديث (٢)» والاعتياد يحصل بالمرّتين كما صرّح به في الحيض ، لكن في حصوله بهما عرفاً تأمّل. ثمّ قال : ولا يبعد العمل بذلك ، لصحّة الرواية ، وظهور دلالتها واعتضادها بغيرها ، وعدم القطع بشذوذها وإن لم يظهر قائل صريح بها فإنّ ذلك لا يستلزم الإجماع على خلافها (٣). قلت : وقد قال نحو ذلك المجلسي ومال إليه ونقل عن والده الميل إليه أيضاً (٤). وقال في «المصابيح (٥)» : لعلّ الكليني عامل بها ، لانه رواها ، وكذا الشيخ في النهاية جرياً على عادته. قلت : لم يتعرّض لذلك في «النهاية» أصلاً.

وقد يقال (٦) على ما في «الرياض» : إنّا لا نسلّم وضوح الدلالة وقد صرّح

__________________

(١) مجمع الفائدة والبرهان : في السهو والشكّ ج ٣ ص ١٣٥.

(٢) وسائل الشيعة : باب ١٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح ٢ ج ٥ ص ٣٢٩.

(٣) رياض المسائل : السهو في السهو ج ٤ ص ٢٥٣ ٢٥٤.

(٤) بحار الأنوار : في باب أحكام الشكّ والسهو ج ٨٨ ص ٢٨٤.

(٥) مصابيح الظلام : في السهو والشكّ ج ٢ ص ٣٨٠ س ٥ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٦) رياض المسائل : في السهو ج ٤ ص ٢٥٤.

٤٢٧

أو كثر سهوه عادةً ،

______________________________________________________

جمعٌ بعدم القائل بذلك مع انها نصب أعينهم فقد عملوا بأطراف الرواية وأعرضوا عن هذه الكلمة مع ظهور الفتاوى في انحصار المقتضي لعدم الالتفات إلى الشكّ في امور مخصوصة. وما في «الذكرى» من جعله من الشكّ الكثير حيث قال : يظهر من قوله عليه‌السلام : «ولا على الإعادة إعادة (١)» أنّ السهو يكثر بالثانية إلّا أن يخصّ بموضع وجوب الإعادة (٢) ضعيف كما في «الذخيرة (٣)» وغيرها (٤) ، إذ ليس في ذلك أي في نفي الإعادة في الإعادة دلالة على أنّ ذلك باعتبار الكثرة. وقال في «المدارك» بعد نقل ما في الذكرى هو كذلك إلّا اني لا أعلم بمضمونها قائلاً (٥).

[في كثير السهو]

قوله قدّس الله تعالى روحه : (أو كثر سهوه) أي لا حكم للسهو مع كثرته كما نطقت به عبارات الأصحاب كما في «الذكرى (٦)» قلت : في كثير منها ذكر التواتر مع الكثرة وقد يراد به التتابع والتوالي كما يأتي. وفي «المصابيح» الإجماع على أن لا حكم له مع كثرته بل قال : إنّه ضروري (٧). وفي «النجيبية والرياض (٨)» انه لا خلاف فيه. وفي «الغنية (٩)» الإجماع على انه لا حكم لكثرة السهو وتواتره.

__________________

(١) وسائل الشيعة : ب ٢٤ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح ١ ج ٥ ص ٣٤٠.

(٢) ذكرى الشيعة : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٤ ص ٥٥.

(٣) ذخيرة المعاد : في الشكّ والسهو ص ٣٧١ س ١٢.

(٤) كرياض المسائل : السهو في السهو ج ٤ ص ٢٥٤.

(٥) مدارك الأحكام : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٤ ص ٢٧٤.

(٦) ذكرى الشيعة : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٤ ص ٥٧.

(٧) مصابيح الظلام : في حكم كثير السهو ج ٢ ص ٣٦٦ س ٨ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٨) رياض المسائل : في حكم كثير السهو ج ٤ ص ٢٤٨.

(٩) غُنية النزوع : فيما يتعلّق بالصلاة ص ١١٤.

٤٢٨

.................................................................................................

______________________________________________________

والحاصل : أنّ أصل الحكم ممّا لا خلاف فيه أصلاً وإنّما الخلاف في مواضع يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى ، ولكن قد ورد في أخبار كثيرة (١) أنّ مَن كثر سهوه يعدّ صلاته بالخاتم تارةً وبالحصى اخرى وأنّه يخفّف صلاته ويدرج فيه إدراجاً ، وأفتى بها جملة من الأصحاب (٢) ، بل في خبر زرارة وأبي بصير الّذي أوردوه في المقام «قالا : قلنا له عليه‌السلام : الرجل يشكّ في صلاته كثيراً حتّى لا يدري كم صلّى قال : يعيد (٣)». فينبغي ملاحظة الجمع بينها وبين أخبار الباب (٤) الّتي منعت عن الالتفات إلى الشكّ إذا كثر أشدّ منع وأفتى بها الأصحاب (٥) من غير خلاف. ولا ينبغي أن نقول : إنّهم أعرضوا عن تلك الأخبار لمعارضتها لهذه ، لأنّا وجدناهم قد عملوا بها وتلقّوها بالقبول في باب الفعل الكثير وقالوا (٦) : إنّ العدّ بالحصى ونحوه غير داخل في الفعل الكثير ، مع أنّها معتبرة السند موافقة للأصل والقاعدة ولا حرج ولا عسر في العمل بها ، لأنّ تخفيف الصلاة أسهل شي‌ء وترك المستحبّ لتحصيل الواجب والخروج عن العهدة وإطاعة الشيطان ممّا لا غبار عليه ، والعدّ بالحصى والأصابع غير داخل في الفعل الكثير أصلاً ، ولم أجد أحداً تعرّض لنفي المنافاة قبل الاستاذ أدام الله سبحانه حراسته ما عدا المولى الأردبيلي فإنّه تعرّض لحال

__________________

(١) وسائل الشيعة : باب ٢٨ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ج ٥ ص ٣٤٣.

(٢) منهم العلّامة في المنتهى : في القواطع ج ١ ص ٣١٠ س ٣٠ والسبزواري في ذخيرة المعاد : في الفعل الكثير ص ٣٥٥ س ٤١ والأردبيلي في مجمع الفائدة والبرهان : في مبطلات الصلاة ج ٣ ص ٧٢.

(٣) وسائل الشيعة : باب ١٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح ٢ ج ٥ ص ٣٢٩.

(٤) وسائل الشيعة : باب ١٦ من أبواب الخلل في الصلاة ج ٥ ص ٣٢٩.

(٥) منهم المحقّق في المعتبر : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٢ ص ٣٩٣ والسيّد في مدارك الأحكام : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٤ ص ٢٧١ والسيّد علي في رياض المسائل : في حكم كثير السهو ج ٤ ص ٢٤٨.

(٦) منهم البحراني في الحدائق الناضرة : في تحديد الفعل الكثير ج ٩ ص ٤٤ والعلّامة في تذكرة الفقهاء : في تروك الصلاة ج ٣ ص ٢٩٢ والشهيد الأوّل في ذكرى الشيعة : في تروك الصلاة ج ٤ ص ٨.

٤٢٩

.................................................................................................

______________________________________________________

خبر أبي بصير وزرارة بمعنى آخر ستعرفه.

قال الاستاذ دام الله ظلّه العالي : إنّ كثرة الشكّ متفاوتة شدّةً وضعفاً ، فمنها الضعيفة الّتي بأدنى حضور القلب ترتفع ، ومنها ما هو أشدّ لا يرتفع إلّا بكمال التوجّه ، ومنها ما هو أشدّ لا يرتفع إلّا بتخفيف الصلاة ، ومنها ما لا يرتفع إلّا بالعدّ ، ومنها ما لا يرتفع بشي‌ءٍ من ذلك ، وهذا ما نحن فيه ، وهو المراد من أخبار الباب وكذا غيره من المراتب السابقة عليه إذا كان من الشيطان مريداً أن يطاع ويعصى الله كأن تثقل عليه العبادة ويبغضها وينفر منها ويصدر منه إبطالها ونحو ذلك ، وكذا إذا آل العدّ إلى الحرج. وأمّا إذا آل إلى العسر فقد يقال بأنه يدخل في تلك الأخبار الاخر في قولهم عليهم‌السلام «لا بأس» وكذا في أمرهم إذا كان محمولاً على الاستحباب ، لأنّ العسر لا ينافي الاستحباب والأولوية. والحاصل أن المكلّف لا بدّ أن يلاخظ مفاسد إطاعة الشيطان ويلاحظ وجوب الامتثال في أعظم الفرائض ويحصله بما أمكنه لكنّ الشيطان كثيراً ما يختدعه فيقول لم تصر كثير الشكّ ونحو ذلك (١).

وأمّا خبر أبي بصير (٢) فقد قال في «مجمع البرهان» : إنّ المراد بكثرة الشكّ أوّلاً غير المرتبة التّي لا حكم لها فكانه باعتبار أفراد المشكوك كما يشعر به «حتّى لا يدري» ويحتمل كونها تلك المرتبة ويكون الحكم بعدم الحكم فيها للتخيير لا الوجوب (٣).

قلت : الحمل الأوّل هو الصواب إن كان مراده بأفراد المشكوك كثرة احتمالات شكّه وأطرافه لا كثرة عدد شكّه على قياس ما في أخبار كثيرة من أنّ مَن شكّ فلم يدر كم صلّى تجب عليه الإعادة ، ولكن رواية عليّ بن حمزة (٤) وردت بهذا المضمون والإمام عليه‌السلام قال : «فليمض في صلاته ويتعوّذ بالله من الشيطان».

__________________

(١) مصابيح الظلام : في حكم كثير السهو ج ٢ ص ٣٦٧ س ١٥ وس ٢١ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٢) تقدم في ص ٤٢٩.

(٣) مجمع الفائدة والبرهان : في السهو والشكّ ج ٣ ص ١٤٢.

(٤) وسائل الشيعة : باب ١٦ من أبواب الخلل في الصلاة ح ٤ ج ٥ ص ٣٢٩.

٤٣٠

.................................................................................................

______________________________________________________

والصدوق (١) عمل بمضمونها والشيخ (٢) حملها على النافلة تارةً وعلى مَن كثر سهوه اخرى ، الّا أن يقال قوله : «يشك» فعل مضارع يفيد الاستمرار التجدّدي فيكون المراد كثير الشكّ ، مع أنّ قوله عليه‌السلام : «فإنّه يوشك أن يذهب عنه» صريح في ذلك.

هذا واعلم أنّ في «الموجز الحاوي (٣) وكشف الالتباس (٤)» أنّ عدم الحكم للكثرة إنمّا هو للمختار لا من ألجأتهُ ضرورة أو خوف إلى كثرته ، فإنّ هذه الكثرة لا عبرة بها لكونها لسبب وتزول بزواله. وقال صاحب «الرسالة السهوية» ذكر لي بعض أنّ هذا الحكم مختصّ بالمختار وأمّا من ألجأتهُ ضرورة أو خوف إلى ذلك فإنّه يعيد دائماً ، وسكت عليه ، وللتأمّل فيه مجال.

وقال مولانا العلّامة المجلسي (٥) : المشهور بين الأصحاب أنّ حكم الكثرة مخصوص بالشكّ. قلت : وهو ظاهر «المعتبر (٦) والمختلف (٧) والتحرير (٨) والتذكرة (٩)» وكذا «المنتهى ونهاية الإحكام» على ما نقل عنهما (١٠) وصريح «كشف الرموز (١١) والبيان (١٢) والدروس (١٣) والمهذّب البارع (١٤)

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه : في أحكام السهو والشكّ ح ١٠٢٢ ج ١ ص ٣٥٠.

(٢) تهذيب الأحكام : في أحكام السهو في الصلاة ح ٤٧ ج ٢ ص ١٨٨.

(٣) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في الخلل ص ١٠٥.

(٤) كشف الالتباس : في الخلل ص ١٦٠ س ١٩ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٥) بحار الأنوار : في أحكام الشكّ والسهو ج ٨٨ ص ٢٧٦ ، الأربعين : في حديث ٣٥ ص ٥٤٩.

(٦) المعتبر : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٢ ص ٣٩٣.

(٧) مختلف الشيعة : في السهو ج ٢ ص ٤٠٠ ٤٠١.

(٨) تحرير الاحكام : في الخلل الواقع في الصلاة ج ١ ص ٤٩ س ٢١ ٢٢.

(٩) تذكرة الفقهاء : في أحكام السهو ج ٣ ص ٣٢٢.

(١٠) نقل عنهما السيّد في رياض المسائل : في حكم كثير السهو ج ٤ ص ٢٤٨.

(١١) كشف الرموز : في خلل الصلاة ج ١ ، ص ٢٠٢ ٢٠٣.

(١٢) البيان : في الخلل الواقع في الصلاة ص ١٥٠.

(١٣) الدروس الشرعية : في أحكام الشكّ ج ١ ص ٢٠٠.

(١٤) المهذّب البارع : في الخلل الواقع في الصلاة ج ١ ص ٤٥٥ ٤٥٦.

٤٣١

.................................................................................................

______________________________________________________

والموجز الحاوي (١) وكشف الالتباس (٢) والمدارك (٣) والمفاتيح (٤) والشافية» وغيرها (٥). وفي «المدارك (٦)» نسبته إلى صريح المعتبر ، وفي «الذخيرة» أنّه يشعر به كلام المعتبر (٧). وفي «شرح الألفية (٨)» للمحقّق الثاني و «فوائد الشرائع (٩) وتعليق الإرشاد (١٠) وإرشاد الجعفرية (١١) والميسية والمقاصد العلية (١٢) والروضة (١٣) والروض (١٤) والمسالك (١٥)» شمول الحكم للسهو والشكّ. وفي «الذخيرة» أنّه ظاهر الشيخ والغنية والسرائر (١٦) ، وكأنّه لأنّهم عبّروا بالسهو ، وعلى هذا فهو ظاهر «الوسيلة (١٧) والإشارة (١٨) والشرائع (١٩)»

__________________

(١) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في الخلل ص ١٠٥.

(٢) كشف الالتباس : في الخلل ص ١٥٩ س ١٦ ١٧ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٣) مدارك الأحكام : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٤ ص ٢٧١.

(٤) مفاتيح الشرائع : في حكم كثير الشكّ ج ١ ص ١٨٠.

(٥) كالحدائق الناضرة : لا حكم للسهو في الكثرة ج ٩ ص ٢٨٨.

(٦) مدارك الأحكام : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٤ ص ٢٧١.

(٧) ذخيرة المعاد : في الشكّ والسهو ص ٣٧٠ س ٣٩.

(٨) شرح الألفية (رسائل المحقّق الكركي : ج ٣) في الخلل الواقع في الصلاة ص ٣٠٩.

(٩) فوائد الشرائع : في الخلل ص ٥٤ س ٣ ٤ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(١٠) حاشية إرشاد الأذهان : في السهو والشكّ ص ٣٩ السطر الأخير (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٩).

(١١) المطالب المظفّرية : في أحكام السهو ص ١٢٦ س ١٣ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦).

(١٢) المقاصد العلية : في أحكام الخلل ص ٣٢٥.

(١٣) الروضة البهية : في أحكام السهو ج ١ ص ٧٢٢.

(١٤) روض الجنان : في السهو والشكّ ص ٣٤٣ س ٢٥.

(١٥) مسالك الأفهام : في الخلل في الصلاة ج ١ ص ٢٩٨.

(١٦) ذخيرة المعاد : في الشكّ والسهو ص ٣٧٠ س ٢٥ ٢٦.

(١٧) الوسيلة : في بيان أحكام السهو ص ١٠٢.

(١٨) إشارة السبق : في صلاة الجمعة وشروطها ص ٩٩.

(١٩) شرائع الإسلام : في الخلل الواقع في الصلاة ج ١ ص ١١٨.

٤٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

وغيرها (١) ولعّله لذلك قال (٢) بعد ذلك فيها : إنّه ظاهر كثير وإنّ شمول الحكم للسهو في كلامهم أظهر. وكذا قال في «الكفاية (٣)» وقال فيهما : وكلام هؤلاء يقتضي عدم الإبطال بالسهو في الركن وعدم القضاء إذا كان السهو موجباً له ولم أجد أحداً صرّح بالحكمين من الأصحاب مع تصريح بعضهم بسقوط سجود السهو ، والفرق بينه وبين القضاء محلّ نظر (٤).

قلت : في «الذكرى (٥) والموجز الحاوي (٦) والروض (٧) والروضة (٨) وغاية المرام (٩) وكشف الالتباس (١٠) والمدارك (١١)» وغيرها (١٢) أنّه لو كثر السهو عن ركن فلا بدّمن الإعادة ، وكذا عن واجب يستدرك ، إمّا في محلّه أو في غير محلّه لوجوب الإتيان بالمأمور به. وفي «الذخيرة (١٣) والكفاية (١٤)» أنّ في كلامهم هذا نظراً. قلت : واحتمل في «الذكرى» (١٥) اغتفار زيادة الركن سهواً ، واحتمل في

__________________

(١) كالمهذّب : في السهو ج ١ ص ١٥٦.

(٢) ذخيرة المعاد : في الشكّ والسهو ص ٣٧٠ س ٣٩.

(٣) كفاية الأحكام : في الخلل الواقع في الصلاة ص ٢٥ س ٣٥.

(٤) ذخيرة المعاد : في الشكّ والسهو ص ٣٧٠ س ٤٠ ٤١ ، كفاية الأحكام : في الخلل الواقع في الصلاة ص ٢٥ س ٣٨.

(٥ و ١٥) ذكرى الشيعة : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٤ ص ٥٧.

(٦) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في الخلل ص ١٠٦.

(٧) روض الجنان : في السهو والشكّ ص ٣٤٣ س ٢٨.

(٨) الروضة البهية : في أحكام السهو ج ١ ص ٧٢٢ ٧٢٣.

(٩) غاية المرام : في الخلل ص ١٩ س ٧ (من كتب مكتبة مسجد گوهر شاد برقم ٥٨).

(١٠) كشف الالتباس : في الخلل ص ١٦٠ س ١٠ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(١١) مدارك الأحكام : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٤ ص ٢٧٢.

(١٢) كرياض المسائل : في حكم كثير السهو ج ٤ ص ٢٤٩.

(١٣) الظاهر وقوع السقط في الذخيرة بقرينة ما في كفايته ، فراجع ذخيرة المعاد : في الشكّ والسهو ص ٣٧٠ س ٤١.

(١٤) كفاية الأحكام : في الخلل الواقع في الصلاة ص ٥ ذكرى الشيعة : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٤ ص ٥٧. ٢ السطر الأخير.

٤٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

«الروض (١)» عدم وجوب القضاء إذا كان السهو موجباً له.

وقال مولانا العلّامة المجلسي : حمله على هذا المعنى يوجب تخصيصات كثيرة تخرجه عن الظهور لو كان ظاهراً ، إذ لو سلّمنا كونه بحسب اللغة حقيقة فيه فكثرة استعماله في المعنى الآخر بلغت حدّاً لا يمكن فهم أحدهما منه إلّا بالقرينة وشمولها للشكّ معلوم بمعونة الأخبار الصريحة فيشكل الاستدلال بها على المعنى الآخر بمجرّد الاحتمال. وأمّا التخصيصات الكثيرة فهي أنّه لو ترك بعض الركعات أو الأفعال سهواً يجب عليه الإتيان به في محلّه إجماعاً ، ولو ترك ركناً سهواً وفات محلّه بطلت صلاته إجماعاً ولو كان غير ركن أتى به بعد الصلاة لو كان ممّا يتدارك ، فلم يبق للتعميم فائدة إلّا في سقوط سجود السهو ، وتحمّل تلك التخصيصات الكثيرة أبعد من حمل السهو على خصوص الشكّ لو كان بعيداً ، مع أنّ مدلول الروايات المضي في الصلاة وهو لا ينافي وجوب سجود السهو ، إذ هو خارج من الصلاة ، فظهر أنّ من عمّم النصوص لا يحصل له في التعميم فائدة ، ولذا تشبّث من قال بسقوط سجود السهو بالحرج لا بتلك الأخبار ، انتهى كلامه (٢) على مقامه.

قلت : وممّا يقال أيضاً في توجيه ذلك : إنّ عموم ما دلّ على لزوم الإتيان بمتعلّق السهو وموجبه سالم عن معارضة نصوص المسألة ، لاختصاص جملة منها بالشكّ والاتفاق على إرادته من لفظ السهو في الأخبار الاخر وإرادة معناه الحقيقي بوجوب استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه وعموم المجاز جائز مع قيام القرينة عليه بالخصوص ولم نجدها ، والاتفاق على إرادة الشكّ أعمّ من إرادة السهو ، لاحتمال كونه قرينة على إرادة الشكّ بالخصوص (٣) ، وقد يقال بعد ذلك كلّه : إنّ حمل السهو المنفي على معنى أعمّ يشمل الشكّ والسهو بالمعنى الأخصّ أولى ، لأنّه أقرب المجازين إلى الحقيقة المتعذّرة ولا وجه لمنعه ، وأمّا الحكم بوجوب

__________________

(١) روض الجنان : في السهو والشكّ ص ٣٤٣ السطر الأخير.

(٢) بحار الأنوار : في أحكام السهو والشكّ ج ٨٨ ص ٢٧٧.

(٣) رياض المسائل : في حكم كثير السهو ج ٤ ص ٢٤٨ و ٢٤٩.

٤٣٤

.................................................................................................

______________________________________________________

تدارك المسهوّ عنه في الصلاة أو بعدها فلا يوجب تخصيص نفي السهو ، إذ ليس هو السبب في وجوب الحكم بتداركه وإنمّا السبب عموم أدلّته ، وسببيّة السهو ليست إلّا بالنسبة إلى سجود السهو ، فلا يجب مع الكثرة وليس له فيه تخصيص أصلاً. والحاصل : أنّ المراد من السهو المنفي موجبه وليس إلّا خصوص سجود السهو والمسهوّ عنه إنمّا وجب أداءً وتداركاً بعموم أدلّة لزوم فعله ، وكذا فساد الصلاة بالسهو عن الركن لم ينشأ من نفس السهو بل من جهة الترك حتّى لو حصل من غير جهة لفسدت ، فقد بان أنّ هذا القول قويّ جداً (١) ، وستسمع كلام المصرّحين بسقوط سجود السهو إذا اقتضاه السهو.

هذا وقد صرّح جماعة (٢) بأنّ معنى المضي في الصلاة عدم الإعادة وعدم الاحتياط فيما إذا استلزم الشكّ أحدهما لو لا الكثرة وعدم تدارك الفعل المشكوك فيه وإن كان في محلّه ركناً كان أو غيره ، بل يبني على وقوع المشكوك فيه ما لم تستلزم الزيادة فيبني على وقوع المصحّح.

وقال المجلسي : لا خلاف في ذلك ظاهراً ما عدا صلاة الاحتياط فقد تردّد فيها الأردبيلي (٣). وفي «المصابيح» نسبة ذلك إلى الأصحاب (٤). وفي «الرياض» صرّح به جمع من غير خلاف بينهم (٥). وقال المجلسي (٦) : المشهور أنّه يبني على الأكثر وتسقط عنه صلاة الاحتياط ، والمحقّق الأردبيلي اختار البناء على الأقلّ ، قال : ولم أرَ به قائلاً غيره. وقال المجلسي أيضاً : إنّ الأدلّة على عدم صلاة

__________________

(١) رياض المسائل : في حكم كثير السهو ج ٤ ص ٢٤٨ و ٢٤٩.

(٢) منهم الشهيد الثاني في روض الجنان : في السهو ص ٣٤٣ س ٢٥ ، والسبزواري في الذخيرة : في الشكّ ص ٣٧٠ س ٣٤ والبحراني في الحدائق : في السهو ج ٩ ص ٢٩٥.

(٣) بحار الأنوار : في أحكام الشكّ والسهو ج ٨٨ ص ٢٧٨ ٢٧٩.

(٤) مصابيح الظلام : في كثير السهو ج ٢ ص ٣٦٦ س ١٧ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٥) رياض المسائل : في حكم كثير السهو ج ٤ ص ٢٥٠.

(٦) بحار الأنوار : في أحكام الشكّ والسهو ج ٨٨ ص ٢٨٠ و ٢٧٩.

٤٣٥

.................................................................................................

______________________________________________________

الاحتياط أظهر منها في غيرها. وفي «المعتبر (١) والتذكرة (٢) والذكرى (٣) والموجز الحاوي (٤) وكشف الالتباس (٥) وتعليق الإرشاد (٦) والذخيرة (٧) والكفاية (٨) والمصابيح (٩)» وغيرها (١٠) أنّ سجدتي السهو تسقطان إذا اقتضاهما الشكّ كالشكّ بين الأربع والخمس. وقال المجلسي : إنّه لا يخلو من قوّة لكنّ الأحوط إيقاعهما. وقال : إنّ المحققّ وغيره تمسّكوا بلزوم الحرج ولم يظهر من الأصحاب مخالف إلّا الأردبيلي حيث تردّد (١١). وفي «المصابيح (١٢)» أنّ مقتضى الأخبار سقوطهما إذا اقتضاهما الشكّ مع ظهور أنّ وجوب الإتيان بهما التفات إلى الشكّ بلا شبهة. وفي «السهوية» أنّ عبارة السرائر تؤذن بعدم سقوط سجود السهو مطلقاً. نعم قد نصّ على التداخل. قلت : وقد وقع في كلام بعض المتأخّرين وهمٌ من عدم الفرق بين سقوط سجود السهو للسهو وبينه للشكّ.

وأمّا ما اختير فيه سقوط سجود السهو إذا اقتضاه السهو فهو «الذكرى (١٣) والدروس (١٤)

__________________

(١) المعتبر : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٢ ، ص ٣٩٣.

(٢) تذكرة الفقهاء : في أحكام السهو ج ٣ ص ٣٢٢.

(٣) ذكرى الشيعة : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٤ ص ٥٦.

(٤) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في الخلل ص ١٠٦.

(٥) كشف الالتباس : في الخلل ص ١٦٠ س ١٣ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٦) حاشية إرشاد الأذهان : في السهو والشكّ ص ٣٩ س ١. (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٩).

(٧) ذخيرة المعاد : في الشكّ والسهو ص ٣٧٠ س ٣٧.

(٨) كفاية الأحكام : في الخلل الواقع في الصلاة ص ٢٥ س ٣٤ ٣٥.

(٩) مصابيح الظلام : في كثير السهو ج ٢ ص ٣٦٦ س ١٨ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(١٠) كمسالك الأفهام : في الخلل الواقع في الصلاة ج ١ ص ٢٩٨.

(١١) بحار الأنوار : في أحكام الشكّ والسهو ج ٨٨ ص ٢٧٩.

(١٢) مصابيح الظلام : في كثير السهو ج ٢ ص ٣٦٦ س ١٨ ٢٠ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(١٣) ذكرى الشيعة : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٤ ، ص ٥٧.

(١٤) الدروس الشرعية : في أحكام الخلل ج ١ ص ٢٠٧.

٤٣٦

.................................................................................................

______________________________________________________

والبيان (١) وتعليق الإرشاد (٢) وفوائد الشرائع (٣) والروضة (٤) والروض (٥) والمقاصد العلية (٦) والمسالك (٧) والرياض (٨)» وغيرها (٩). قال : في «الذكرى» هل تؤثّر الكثرة في سقوط سجدتي السهو؟ لم أقف للأصحاب فيه على نصّ وإن كان ظاهر كلامهم يشمله ، وكذا الأخبار تتضمّن ذلك إلّا أنّ المراد به ظاهراً الشكّ ، لامتناع حمله على عموم أقسام السهو ، والأقرب سقوط السجدتين دفعاً للحرج (١٠). وما نسبناه إلى «الدروس والبيان» فهمناه من قوله فيهما : ولو تعدّد سبب السجود تعدّد ما لم يدخل في حدّ الكثرة. وفي «الذخيرة» بعد نقل ما ذكره في الذكرى : قال هو حسن عملاً بظاهر الروايات ، وإن لم نجعل الروايات شاملة للسهو بل خصّصناها بالشكّ كان الحكم به مشكلاً ، إذ التعليل بنفي الحرج ضعيف ، ومن الأصحاب من ذهب إلى عدم سقوط السجدتين ، واختاره بعض المتأخّرين ، وهو متّجه إن خصّصنا الروايات بالشكّ : قلت : لعلّه أراد ببعض المتأخّرين صاحب «المدارك (١١)» فإنّه استظهر العدم. وفي «أربعين» مولانا المجلسي (١٢) يشكل الاستدلال بالنصوص على سقوطه فالأحوط الإتيان به. وقد يظهر من «المبسوط والخلاف والتذكرة والذكرى» وغيرها في مسألة ما إذا نسي أربع سجدات من فريضة عدم سقوط

__________________

(١) البيان : في الخلل الواقع في الصلاة ص ١٤٨.

(٢) حاشية إرشاد الأذهان : في السهو والشكّ ص ٣٩ س ١ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٧٩).

(٣) فوائد الشرائع : في الخلل ص ٥٤ س ٥ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٦٥٨٤).

(٤) الروضة البهية : في أحكام السهو ج ١ ، ص ٧٢٣.

(٥) روض الجنان : في السهو والشكّ ص ٣٤٣ س ٢٦.

(٦) المقاصد العلية : في أحكام الخلل ص ٣٢٥.

(٧) مسالك الأفهام : في الخلل في الصلاة ج ١ ص ٢٩٨.

(٨) رياض المسائل : في حكم كثير السهو ج ٤ ص ٢٤٩.

(٩) كالحدائق الناضرة : في السهو ج ٩ ص ٢٩٦ ٢٩٧.

(١٠) ذخيرة المعاد : في الشكّ والسهو ص ٣٧٠ ٣٧١ س ٤٤.

(١١) مدارك الأحكام : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٤ ص ٢٧٢.

(١٢) الأربعين للمجلسي : في حديث ٣٥ ليس على الإمام سهو ص ٥٥٢.

٤٣٧

.................................................................................................

______________________________________________________

موجب السهو ، لأنّهم حكموا أنّ عليه ثماني سجدات ، وسيأتي بيان ذلك.

واعلم أنّه لو أتى بعد الحكم بالكثرة بما شكّ فيه بطلت صلاته كما في «المهذّب البارع (١) والموجز الحاوي (٢) وكشف الالتباس (٣) والجعفرية (٤) وشرحيها (٥) وشرح الألفية» للكركي (٦) «والمسالك (٧) والروض (٨) والروضة (٩) والمقاصد (١٠) والمدارك (١١)» وغيرها (١٢). وفي «الذكرى (١٣)» أنّه الظاهر. وفي «الدروس (١٤)» أنّه أقرب. وفي «الرياض» أنّه ظاهر النصوص والفتاوى (١٥). وفي «البيان» تبطل إن كان عدداً قطعاً أو ركناً على الأقوى ، وإن كان غيرهما فالأقرب البطلان (١٦). وفي «الروض (١٧) والمقاصد العلية (١٨)» لو أتى بما شكّ فيه بطلت وإن ذكر بعد فعله الحاجة إليه. وقال

__________________

(١) المهذّب البارع : في الخلل الواقع في الصلاة ج ١ ص ٤٥٥.

(٢) الموجز الحاوي (الرسائل العشر) : في الخلل ص ١٠٥.

(٣) كشف الالتباس : في الخلل ص ١٦٠ س ٢ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣).

(٤) الرسالة الجعفرية (رسائل المحقّق الكركي : ج ١) في أحكام السهو ص ١١٧.

(٥) المطالب المظفّرية : في السهو والشكّ ص ١٢٦ س ٢ (مخطوط في مكتبة المرعشي برقم ٢٧٧٦). والآخر لا يوجد لدينا.

(٦) شرح الألفية (رسائل المحقّق الكركي : ج ٣) في الخلل الواقع في الصلاة ص ٣٠٩.

(٧) مسالك الأفهام : في الخلل الواقع في الصلاة ج ١ ص ٢٩٩.

(٨) روض الجنان : في السهو والشكّ ص ٣٤٣ س ٢٧.

(٩) الروضة البهية : في أحكام السهو ج ١ ص ٧٢٢.

(١٠) المقاصد العلية : في أحكام الخلل ص ٣٢٥.

(١١) مدارك الأحكام : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٤ ص ٢٧٢.

(١٢) كذخيرة المعاد : في الشكّ والسهو ص ٣٧١ السطر الأوّل.

(١٣) ذكرى الشيعة : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٤ ص ٥٦.

(١٤) الدروس الشرعية : في أحكام الشكّ ج ١ ص ٢٠٠.

(١٥) رياض المسائل : في حكم كثير السهو ج ٤ ص ٢٥٠.

(١٦) البيان : في الخلل الواقع في الصلاة ص ١٥١.

(١٧) روض الجنان : في السهو والشكّ ، ص ٣٤٣ س ٢٧ ٢٨.

(١٨) المقاصد العلية : في أحكام الخلل ص ٣٢٥.

٤٣٨

.................................................................................................

______________________________________________________

المجلسي : لم يخالف في ذلك إلّا المحقّق الأردبيلي والشهيد حيث ذكرا التخيير على سبيل الاحتمال ، والأردبيلي مال إليه في آخر كلامه ، والعلّامة والشهيد احتملا البطلان إذا عملا بمقتضى شكّه ، والشهيد الثاني جزم بالبطلان ، والشهيدان عمّما الحكم في صورتي تذكّر الاحتياج إلى الفعل المأتيّ به وعدمه ، واستدلّ العلّامة بأنّه فعل خارج عن الصلاة ، وعلّل الشهيدان بأنّه زيادة منهيّ عنها ، واعترض المحقّق الأردبيلي على الدليلين بوجوهٍ ذكرها. ثمّ قال المجلسي : الأحوط عدم الإتيان بالفعل المشكوك فيه (١).

واستحسن في «الذخيرة» البطلان فيما كانت زيادته في الصلاة مبطلة إن كان الأمر بالمضيّ على سبيل الإيجاب ، وفيه إشكال ، إذ يجوز أن يكون من باب الترخيص والاستحباب (٢). وفي «الشافية» قال فيه احتمالان.

وفي «الذكرى» لو تذكّر بعد الشكّ أتى بما يلزمه ، فلو كان قد فعل ففي الاجتزاء به وجهان أقربهما ذلك إن سوّغنا فعله ، وإلّا فالأقرب البطلان للزيادة المنهيّ عنها ويحتمل قويّاً الصحّة ، لظهور أنّها من الصلاة ، انتهى (٣).

واختلف الأصحاب فيما تحقّق به الكثرة ، فالمشهور بين المتأخّرين أنّه يرجع في ذلك إلى العرف كما في «الذخيرة (٤) والمصابيح (٥)» وعليه المحقّقون كما في «المهذّب البارع (٦)» وهو مذهب الأكثر كما في «أربعين (٧)» مولانا المجلسي و «الرياض (٨)».

__________________

(١) بحار الأنوار : في أحكام الشكّ والسهو ج ٨٨ ص ٢٧٩ ٢٨٠.

(٢) ذخيرة المعاد : في الشكّ والسهو ص ٣٧١ السطر الأوّل والثاني.

(٣) ذكرى الشيعة : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٤ ص ٥٦.

(٤) ذخيرة المعاد : في الشكّ والسهو ص ٣٧١ س ٣.

(٥) مصابيح الظلام : في كثير السهو ج ٢ ص ٣٦٦ س ٢٢ ٢٣ (مخطوط في مكتبة الگلپايگاني).

(٦) المهذّب البارع : في الخلل الواقع في الصلاة ج ١ ص ٤٥٤.

(٧) الأربعين للمجلسي : في حديث ٣٥ ليس على الإمام سهو ص ٥٥٤.

(٨) رياض المسائل : في حكم كثير السهو ج ٤ ص ٢٥٠.

٤٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي «الوسيلة» أن يسهو ثلاث مرّات متواليات (١). وفي «المبسوط (٢)» نسبته إلى القيل ، وظاهره عدم ارتضائه. وفي «التحرير (٣)» نسبة ذلك إلى الشيخ ولم نجده ولا نقل غيره عنه ولا هو في غيره. وفي «الشرائع» قيل : أن يسهو ثلاثاً في فريضة أو يسهو مرّة في ثلاث فرائض (٤).

وقال في «السرائر» : حدّه أن يسهو في شي‌ء واحد أو فريضة واحدة ثلاث مرّات فيسقط بعد ذلك حكمه أو يسهو في أكثر الخمس أعني ثلاث صلوات من الخمس فيسقط بعد ذلك حكم السهو في الفريضة الرابعة (٥). وفي «كشف الالتباس» الظاهر أنّ مراده التوالي (٦). وقال في «المعتبر» بعد نقله : لا نعلم لذلك أصلاً في لغةٍ أو شرع (٧). وفي «غاية المرام» نسبة مذهب ابن إدريس إلى أبي العباس ويأتي كلامه. وفي «الدرّة» لا يخلو من حسن. وفي «الرياض» لعلّ ابن حمزة وابن إدريس يريدان بيان المعنى العرفي لا التحديد الشرعي فلا نزاع وإن كان يستشكل في مطابقة بعضها على الإطلاق (٨).

قلت : قال في «غاية المرام» أنّ مذهب ابن حمزة خيرة الشهيد (٩) ولعلّه أراد ما في «البيان (١٠) والدروس (١١)» من أنه يحصل بتوالي ثلاث في فريضة أو في فرائض.

__________________

(١) الوسيلة : في أحكام السهو ص ١٠٢.

(٢) المبسوط : في أحكام السهو والشكّ ج ١ ص ١٢٢.

(٣) تحرير الأحكام : في الخلل الواقع في الصلاة ج ١ ص ٤٩ س ٢٢.

(٤) شرائع الإسلام : في الخلل الواقع في الصلاة ج ١ ص ١١٨.

(٥) السرائر : في أحكام السهو والشكّ ج ١ ص ٢٤٨.

(٦) كشف الالتباس : في الخلل ص ١٦٠ س ١ (مخطوط في مكتبة ملك برقم ٢٧٣٣.

(٧) المعتبر : في الخلل الواقع في الصلاة ج ٢ ص ٣٩٤.

(٨) رياض المسائل : في السهو الكثير ج ٤ ص ٢٥١.

(٩) غاية المرام : في الخلل الواقع في الصلاة ص ١٩ س ٢.

(١٠) البيان : في الخلل الواقع في الصلاة ص ١٥١.

(١١) الدروس الشرعية : في أحكام الشكّ ج ١ ص ٢٠٠.

٤٤٠