مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٩

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٩

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ما لا تَفْعَلُونَ) (١) ، وـ المسلمون عند شروطهم (٢) ، وغير ذلك ، يدل (٣) على اللزوم.

ولو وجد القائل لكان القول به جيّدا جدّا وان لم يكن ـ لعدم الخروج عن قولهم أيضا ـ دليل واضح ، إذ الإجماع غير واضح ولا دليل غيره الّا أنه يحتاج إلى جرأة.

نقل عن مالك في التذكرة أنّ القرض يثبت له الأجل ابتداء وانتهاء بأن تقرضه مؤجّلا وتقرضه حالّا ثم يؤجّله ، وأجاب عن دليله ـ بأن المؤمنين عند شروطهم ـ (٤) ، لا يدلّ على الوجوب فيحمل على الاستحباب.

وأنت تعلم ان ظاهره الوجوب (٥) وكذا غيره.

ويدلّ عليه أيضا مضمرة الحسين بن سعيد ، قال : سألته عن رجل أقرض رجلا دراهم إلى أجل مسمّى ، ثم مات المستقرض أيحلّ مال القارض عند موت المستقرض منه أو لورثته من الأجل ما للمستقرض في حياته؟ فقال : إذا مات فقد حلّ مال القارض (٦)

ولا يضرّ إضمار مثله ، لعظم شأنه في الطائفة فيمنع ذلك عن نقل مثله الذي كالصريح أنه عن الإمام عليه السلام ، عن غيره ، ولا عدم صراحة دلالتها ،

__________________

(١) الصف ـ ٢.

(٢) عوالي اللآلي : ج ٢ ص ٢٥٨ طبع قم ـ مطبعة سيد الشهداء.

(٣) خبر لقوله قده : (ان ما قلناه إلخ).

(٤) عوالي اللآلي : ج ١ ص ٢٣٥ ـ ٢٩٥ وج ٢ ص ٢٥٧ وج ٣ ص ٢١٧ وعبارة التذكرة هكذا : قال مالك يثبت الأجل في القرض ابتداء وانتهاء ، اما ابتداء فبان يقرضه مؤجّلا ، واما انتهاء فبان يقرضه حالا ثم يؤجله (انتهى).

(٥) فان القضايا الإخبارية في مقام الإنشاء آكد في الدلالة على الوجوب من الإنشاء نفسه كما قرر في الأصول.

(٦) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من أبواب الدين والقرض.

٨١

الّا أن يشترط في لازم.

______________________________________________________

لأنها كالصريح في تقرير السائل في أنّ الأجل لازم في القرض مطلقا للمستقرض من غير تفصيل بأنّه إن كان شرط في عقد لازم ، يلزم ، والا فلا.

ويدل عليه أيضا من جهة مفهوم (١) الشرط الذي هو حجّة عندهم.

وحملها في الشرائع (٢) على الاستحباب ، ولعلّه لعدم القائل أو الإجماع ، فتأمّل.

قوله : «الا ان يشترط في لازم» يعني لا يلزم تأجيل الحالّ الا ان يجعل تأجيله في عقد لازم ، مثل ان يقول : بعتك هذه الدار بكذا وشرطت عليك ان يكون دينك أو قرضك الفلاني مؤجّلا إلى سنة ، وقبل المشتري.

وقال في التذكرة (٣) : بعتك هذا بشرط ان تصبر (تصيّره خ) بالدين كذا أو اشترى على هذا الشرط إلخ. وفيه تأمّل.

فيؤجّل ذلك الدين حينئذ ويلزم الوفاء به للأدلّة المتقدمة مع عدم المانع المذكور هناك ، هنا ، بل يمكن عدم الخلاف هنا.

ولأنّ جزء عقد لازم ، لازم.

وقد مرّ معنى لزوم الشرط هل أنه يجب الوفاء به فيأثم إذا خالف ويبطل العقد أولا ، بل يحصل الإثم فقط ، ويترتب على المخالفة أثرها فيجعل الشرط كالعدم أو لا يترتب ، بل يلزم عليه.

مثلا لو خالف وعزل الوكيل عن وكالته المشترطة يأثم ولا يبطل العقد

__________________

(١) وهو قوله عليه السلام : إذا مات فقد حل مال القارض.

(٢) قال في الشرائع : الثانية لو شرط في القرض لم يلزم ، وكذا لو أجل الحالّ لم يتأجل ، وفيه رواية مهجورة تحمل على الاستحباب (انتهى).

(٣) عبارة التذكرة هكذا : بعتك كذا بشرط ان تصيّر علىّ بالدين الحال كذا ، أو اشترى على هذا الشرط فإنه يبقى لازما بقوله عليه السلام : المؤمنون عند شروطهم (انتهى).

٨٢

.................................................................................................

______________________________________________________

فيحتمل ان ينعزل وان لا ينعزل أو أنه يثبت الخيار للمشتري؟ وظاهر كلام الأكثر هو الأخير ، ومقتضى الشرطيّة هو الأوّل أي البطلان كأنه لا قائل به.

فمقتضى الأدلّة الدالّة على وجوب الإيفاء بالعقود والشروط ، هو الوجوب واللزوم والإثم بالمخالفة دون البطلان ، فان الشرط كأصل العقد ، ومقتضى كونه كالعقد هو الإثم فقط.

ثمّ انه هل يخرج ذلك الشرط عن الجواز بالكلّية ويصير لازما من الجانبين مثل أصله أو يتعدّى عنه أيضا بحيث لا يسقطه التقايل والتراضي أيضا ، أو ان نفعه للمشترط (له خ) فقط ليحصل له التسلط على الفسخ إذا لم يأت صاحبه بما شرط ، فإذا رضي هو بعدم الإتيان بالشرط لا يلزم الآخر فعله ولا يأثم بتركه.

وظاهر جعله كالأصل هو اللزوم من الجانبين كالأصل كما هو ظاهر قولهم : ان الشرط الجائز في لازم ، يجعله لازما ويقلب اللازم جائزا (١) وان كان يظهر ممّا تقدم في بيان شرط العقد أن نفعه للمشترط له فقط.

ولا يخفى أنّ هذا إذا لم يكن لغيرهما مدخل في الشرط ، واما معه فلا ، مثل شرط العتق.

ويظهر في هذا المحلّ من التذكرة الأوّل ، لأنّه قال بعد شرط التأجيل في عقد لازم : وإذا دفع المقترض أو المديون المال قبل الأجل لم يجب على صاحبه قبضه ، سواء كان عليه في ذلك ضرر أولا (٢).

وهو كالصريح في ذلك ، ولكن هو مبنيّ على كون الأجل لازما وعدم وجوب القبول قبله في مطلق المؤجّل ، وقد مرّ فيه التأمّل فتذكر.

__________________

(١) يعني يقلب العقد اللازم لو خلى وطبعه جائزا بتخلف الشرط.

(٢) الى هنا عبارة التذكرة.

٨٣

ويجب نيّة القضاء مع غيبة المالك.

______________________________________________________

وعلى هذا فيخرج بالشرط في اللازم جميع الأمور الجائزة ، عن أصله ، ويدخل في اللزوم بحيث يبطل أثر جوازه بالكليّة ، فلو شرط الوكالة في عقد لازم مثل بيع أو إجارة أو نكاح يلزم تلك الوكالة بحيث لا يبقى لأحدهما العزل والانعزال ، فلو فعل يمكن أن يأثم فقط ولم يحصل أثره.

ولكن الأصل جواز ذلك الشرط مع عدم ظهور لزومه بهذا المعنى ، إذ لا يظهر دليل عليه سوى شرطه في عقد لازم ، وفي إيجابه ذلك خفاء يدل على عدم ظهور ذلك كلّه ويوجب التأمّل في ذلك فيمكن حصول العزل مع الإثم.

ويمكن حصول الخيار للمشترط كما إذا لم يفعل التوكيل ابتداء وبطلان العقد ، وان لا يكون مؤثرا من الجانب الذي أخذ الشرط منه ، لانه الغرض من الشرط ويبقى الآخر على حاله ، وهذا أظهر فتأمّل.

قوله : «ويجب نيّة القضاء إلخ» الظاهر أنّ المقصود انه يجب الوفاء عند الطلب ، فان لم يكن المالك حاضرا بل غائبا ، يقصد الوفاء بمعنى انه يكون في قصده ، إذا خطر بباله بمعنى ان يكون جازما على الأداء وقت الحضور عند الإمكان الشرعي والطلب.

وكأنه إجماعيّ مستندا إلى أنه يجب الإتيان بهما أمكن ، والى صحيحة عبد الغفار الجازي ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن رجل مات وعليه دين قال : ان (١) كان على بدنه أنفقه من غير فساد ، لم يؤاخذه الله عزّ وجلّ إذا علم من نيّته الأداء الّا من كان لا يريد ان يؤدّي عن أمانته فهو بمنزلة السارق ، وكذلك الزكاة أيضا ، وكذلك من (٢) استحلّ ان يذهب بمهور النساء (٣).

__________________

(١) في الكافي : ان كان اتى على يديه من غير فساد.

(٢) إذا استحل مهور النسوان خ ل يب.

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ١ من أبواب الدين والقرض.

٨٤

.................................................................................................

______________________________________________________

وفيها ، تحريم الإسراف وعدمه على البدن وجواز الدين للصرف فيه وتحريمه للفساد وفوريّة الأداء فافهم.

وتدل عليه رواية زرارة بن أعين ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يكون عليه الدين لا يقدر على صاحبه ، ولا على وليّ له ولا يدري بأي أرض هو؟ قال : لا جناح عليه بعد ان يعلم الله منه أن نيّته الأداء (١).

ولا يضرّ وجود أبان (٢) فيها.

ومرسلة ابن فضّال ، عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : من استدان فلم ينو قضاءه كان بمنزلة السارق (٣) (٤).

وهي تدل على العموم ، وهذا يؤيّد الإثم بالقصد والنيات فتأمّل.

والظاهر عدم الفرق بين الغائب والحاضر الّا انه لما كان في الحاضر يجب الأداء (وخ) ما ذكر النيّة ، ولكن قد لا يتمكّن عنه هنا أيضا فالقصد لازم كالغائب حتى يؤدّي.

قال في شرح الشرائع : ان وجوب نيّة القضاء ثابت على كل من عليه حقّ ، سواء كان ذو الحق غائبا أم حاضرا الا ان ذلك من أحكام الإيمان كما قالوا في العزم على فعل الواجب الموسّع في وقت الترك.

وفيه تأمّل ، إذ دليله غير ظاهر ، ولو كان من أحكام الإيمان ينبغي الخروج

__________________

(١) الوسائل باب ٢٢ حديث ١ من أبواب الدين والقرض.

(٢) سندها كما في التهذيب هكذا : أحمد بن محمد ، عن فضالة ، عن أبان ، عن زرارة بن أعين قال : سألت إلخ.

(٣) فروع الكافي باب الرجل يأخذ الدين وهو لا ينوي قضائه حديث ٢ ، وفيه من استدان دينا فلم ينو إلخ.

(٤) الوسائل باب ٥ حديث ٢ من أبواب الدين والقرض.

٨٥

والوصيّة به مع أمارة الموت وعزله.

______________________________________________________

عنه بعدمه ، وليس كذلك فقصدهم غير ظاهر ، ويمكن كونه من أحكام الإيمان إذا كان ضروريّا وليس ببعيد كونه كذلك إلا في النادر فيقبل عذره.

على انه لو كان ينبغي قصد وجوب الأداء ، أي اعتقاد وجوبه لا قصد الأداء أو فعل الواجب ، فان قصد فعل الصلاة الواجبة أداء ، الظاهر انه ليس من أحكام الإيمان بالمعنى المذكور ، لانه لو اعتقد وجوبها وقصد عدم فعلها لو لم يفعل لم يكفر ، فلعل قصدهم ما ذكرناه فتأمّل.

قوله : «والوصيّة به مع امارة الموت وعزله» وجوب الوصيّة به عندهم مع ظهور علامة الموت ، كأنّه لا خلاف فيه.

ويدلّ عليه بعض الاخبار (١) أيضا مؤيّدا بالاعتبار ، فإنه لو لم يفعل يمكن عدم علم الورثة فيضيع المال خصوصا إذا لم يكن الشهود المقبولة ، ومعها يمكن عدم حصول الشهادة ، وانه يحتاج الى اليمين ، ولأنها غاية ما يمكن حينئذ في ردّ مال الغير ، بل يقولون : يجب عليه الوصيّة بما له وبما عليه وسيجي‌ء في الوصيّة.

وأما وجوب العزل فذكروه أيضا ، ودليله غير ظاهر الّا ما يتخيّل أنه غاية ما يمكن ، وانه أقرب الى الوفاء ، وبعيد عن تصرف الغير.

ولكن الإيجاب بمثل هذا مشكل الّا ان يكون إجماع أو نحوه.

ويشكل أيضا تعيّنه بذلك بحيث لو تلف يكون من مال الغريم من غير ضمان الا مع التفريط والتقصير ، فالقول به بعيد ، نعم فائدة التعيين ما مرّ والتأكيد في الأداء ، ودفع وجوب (٢) المعيّن (العين خ).

ولا يبعد وجوب الإشهاد أيضا في الكلّ مع الإمكان والقول بوجوب والوصيّة

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٢٩ ج ٢ من أبواب الاحتضار.

(٢) هكذا في النسخ كلها مطبوعة ومخطوطة ولعل الصواب : وجوب دفع المعيّن.

٨٦

.................................................................................................

______________________________________________________

وقوله : (وعزل الدين) يمكن أن يكون تتمّة للوصيّة أي يجب حينئذ الوصيّة والعزل كما هو الظاهر ، ويمكن كونه عطفا على (نيّة القضاء) فيكون واجبا في الغائب مطلقا ، ولكن ينبغي ان لا يكون مطلقا بل مع طول الغيبة واليأس من الحضور ، فيعزل احتياطا ويشهد عليه ويوصي به لصاحبه.

هذا مع معلوميّة صاحبه.

وأمّا لو لم يكن يعرفه ، قيل : اجتهد في طلبه بمعنى أن يبذل جهده على العادة باستخباره في مواضع يمكن كونه هناك عادة الى أن ييأس ، فيتصدّق على موضع التصدّق المندوب وان كان واجبا عليه أو على وارثه ، لأنه في أصله مندوب على مالكه وليس بواجب عليه ، فالوجوب عليهما كوجوب التصدّق المندوب على الوكيل والوصيّ. فيجوز على السادة والأغنياء ، والأحوط أن يكون على مستحق الزكاة كما ـ هو ظاهر عبارات الأصحاب في أمثاله لوجوبه الآن على المتصدّق.

والظاهر من دليل (١) وجوبه ومن كلامهم ، التصدق على المستحقين ، ويؤيّده (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ) (٢) ، ولانه لرفع الاحتياج ، ولأنّ المالك أرضى به ، ولأنه أحوط.

ولكن في وجوب التصدّق تأمّل ، ولهذا ما جوّزه ابن إدريس وتوقف العلّامة في أكثر كتبه على ما نقل في شرح الشرائع ، وقال : لعدم النص ، ولأن تصدّق مال نفسه لغيره مع عدم إبراء نفسه ، غير معلوم الجواز ، لأنهم يقولون حفظه واجب ، ولانه كالإسراف والتبذير المنفي (٣) ، وان كان لبراءة الذمّة وحصول الثواب ، فإنه غير

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٢٢ من أبواب الدين والقرض وباب ٢ و ٧ و ١٨ من كتاب اللقطة.

(٢) التوبة ـ ٦٠.

(٣) راجع الوسائل باب ٢٥ ـ ٢٦ ـ ٢٧ و ٢٩ من أبواب الإنفاق من كتاب النكاح ، وباب ٣٥ من أبواب آداب السفر من كتاب الحج وباب ٦ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه.

٨٧

.................................................................................................

______________________________________________________

ظاهر مع انه قد يكون عينا.

ولا ينبغي النزاع في الجواز إذا كان دينا ، لانه ماله ، ومال الغير في ذمته ، وقضيّة التسلّط جواز التصرف في ماله ما شاء ، والأصل وعدم ظهور المانع ، لان صرف المال في وجه الله ، ولبراءة الذمّة ـ ولو احتياطا ـ لا يسمّى إسرافا ولا تبذيرا ، ولأن النصّ في مال الغير ـ إذا لم يعلم صاحبه ـ كثير جدّا (١) وقد سلمه أيضا.

وليس التوقف ، لعدم النص ، ولا يحتاج الى الخصوص ، بل لوجود نصّ على عدم التصدّق هنا بخصوصه مع تلك النصوص وهو :

صحيح معاوية بن وهب ، قال : سئل أبو عبد الله عليه السلام ، عن رجل كان له على رجل حقّ ففقد ولا يدري أحيّ هو أم ميّت؟ ولا يعرف له وارث ، ولا نسب ولا بلد؟ قال : اطلبه ، قال : ان ذلك قد طال فأصدّق به؟ قال : اطلبه (٢).

ويمكن حملها على عدم اليأس بالكلّيّة ، لأنّ الأمر بالطلب معه لا يحسن من الحكيم ، وهو ظاهر ، والاستحباب ، والتخيير ، جمعا بين الأدلّة.

وقال في التذكرة ـ بعد ان قال : فإن أيس قيل : يتصدّق به عنه ، وذكر رواية زرارة ـ (٣) ـ : وهذه الرواية (٤) صحيحة السند ، وتدل من حيث المفهوم على منع التصدّق ووجوب الطلب دائما.

ولا يخفى بعده ، لأنّ الطلب مع اليأس وعدم إمكان الوجدان ، عبث لا يؤمر

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٤٧ من أبواب ما يكتسب به وباب ٢ ـ ٧ ـ ١٧ و ١٨ من كتاب اللقطة.

(٢) الوسائل باب ٦ حديث ٢ من أبواب ميراث الخنثى وما أشبهه وباب ٢٢ حديث ٢ من أبواب الدين والقرض.

(٣) الوسائل باب ٢٢ حديث ١ من أبواب الدين والقرض.

(٤) يعني رواية معاوية فإنه ذكرها أيضا فراجع التذكرة الفصل الثاني من كتاب الديون ج ٢ ص ٣.

٨٨

.................................................................................................

______________________________________________________

به فكأنّ مراده (١) ، مع عدم اليأس ، وان كان بعيدا ، لأن الغرض معه كأنه يريد اليأس في الجملة كما أشرنا إليه في التأويل للجمع فذلك غير بعيد ، ولا ينافي ما قاله الأصحاب.

ويؤيّد القول بجواز التصدق ، أنّه انما تصرّف الآن في ماله ويقصد عن المالك وحصول الثواب له ولا ضرر عليه ، لأنه ان ظهر ورضي ، والّا فيأخذ العوض في الدنيا والآخرة ، فهو محسن ينبغي عدم السبيل عليه في هذا الفعل بطلب العوض عنه ، لا في الدنيا ، ولا في الآخرة لنفي جنس السبيل عنه (٢) ، وليس بتضييع للمال ، لحصول الثواب له على تقدير عدم الرضا ، وبراءة الذمة على تقديره.

وظاهر هذا الكلام وكلام الأصحاب انه حينئذ لا يحتاج إلى الوصيّة لأنه قد برء ذمّته بذلك.

وفيه تأمّل لاحتمال أن يظهر بعده ولم يرض ويكون للمديون مال يمكن الوفاء فلا يبعد حينئذ وجوب الأداء فالوصيّة به ينبغي ، وانما فائدة التصدّق جواز التصرف في باقي الأموال ان كان فيه عين موجودة غير ممتازة ، والخروج عن عهدة الواجب وعدم الضمان مع عدم ظهور الصاحب على الظاهر.

ثمّ ان كان الإيصال إلى الحاكم ممكنا ينبغي اختيار ذلك ، لأنه وكيل الغائب ، وأيضا ان أراد التصدق ، هو أعلم بمواقعة.

والظاهر حينئذ حصول برأيه المتصرف المديون ، واما الحاكم فهو اعرف.

وأيضا الظاهر عدم الخروج عن الضمان على تقدير العزل والوصيّة ، وان تعيّن دفع ذلك من جهة الوصيّة ، لأصل عدم صيرورته له الا بقبض المالك أو وكيله

__________________

(١) يعني كان مراد العلامة من قوله : (ووجوب الطلب دائما) فرض عدم اليأس وان كان هذا الاحتمال بعيدا.

(٢) إشارة إلى قوله تعالى (ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ.)

٨٩

ولو مات المالك سلّمه الى ورثته أو من يتّفقون عليه.

ولو جهله تصدّق به عنه مع اليأس.

ويجوز أخذ ثمن ما باعه الذمّي من خمر وشبهه.

______________________________________________________

وأصل عدم برأيه الذمّة بعد الشغل ، وهو ظاهر ، وانما الفائدة ما تقدّم (١) ، واتباع (٢) قول العلماء مع عدم نصّ فيه ، ومجرّد جواز العزل بإذنهم ، لا يدلّ على سقوط الضمان وان قلنا انه امانة فتأمّل.

قوله : «ولو مات المالك إلخ» دليل وجوب التسليم الى الوارث ووكيلهم الذي يتّفقون عليه بعد موت المالك ، ظاهر.

قوله : «ولو جهله إلخ» مرّ شرحه مفصلا عن قريب (٣).

قوله : «ويجوز أخذ ثمن إلخ» يعني إذا كان للمسلم على الذمي دين يجوز أخذه منه من ثمن ما لا يجوز أخذ ثمنه للمسلم ويجوز ذلك للذمي ، مثل ثمن خمر باعه الذمي على مثله الذي يجوز له البيع ، عليه بشرط عدم الظهور والاستتار وان علم المسلم الآخذ منه.

دليله ان له عليه ثمنا ، فيكون في ذمته وفي ماله مطلقا ، فيجوز أخذه من كلّ ماله إذا كان ممّا يجوز تملكه له ويبرأ ذمته بهما يصدق عليه اسم حقّه.

وكأنه الإجماع أيضا مستندا اليه ، والى الأخبار.

مثل صحيح داود بن سرحان ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل كانت له على رجل دراهم ، فباع خنازير أو خمرا ، وهو ينظر فقضاه؟ قال : لا بأس به أمّا للمقضي فحلال ، واما للبائع فحرام (٤).

__________________

(١) من قوله قده : وانما فائدة التصدق جواز التصرف إلخ.

(٢) عطف على قوله قده : ما تقدم.

(٣) بقوله قده ـ في شرح قول المصنف ره ـ : والوصية به : واما لو لم يكن يعرفه إلخ فلاحظ.

(٤) الوسائل باب ٢٨ حديث ١ من أبواب الدين والقرض.

٩٠

.................................................................................................

______________________________________________________

وهذه في التهذيب في باب الدين ، ورويت في الكافي في باب بيع العصير والخمر في الحسن ، عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام (١).

فيها تأمّل ، لأنه إن حملت على كون البائع مسلما فظاهر الأصحاب وبعض الاخبار عدم جواز الأخذ ، وان حملت على الذمي فقوله : (للبائع حرام) محلّ التأمّل ، إذ يجوز له ذلك خفية الا ان يحمل على الإظهار كما هو الظاهر (٢).

ولو سلّم تحريمه للبائع حينئذ (في حين الظهور خ) ، فكونه حلالا للقابض مشكل ، وبالجملة هذه لا تخلو عن اشكال.

وحسنة زرارة ، عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يكون لي عليه الدراهم فيبيع بها خمرا وخنزيرا ثم يقضي منها؟ قال : لا بأس أو قال : خذها (٣).

وهذه أيضا غير مقيّدة بالذمي ، ويمكن حملها عليه.

وصرّح بالذمي في رواية منصور ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : لي على رجل ذمّيّ دراهم ، فيبيع الخمر والخنزير وانا حاضر أفيحلّ لي أن آخذها؟ فقال : انما لك عليه دراهم فقضاك دراهمك (٤).

وفي السند كلام (٥) مع احتمال عدم العلم بكون ذلك المدفوع ثمن الخمر بعينه ، وبالجملة الأخبار مختلفة حتى يوجد في بعض منها جواز التصدق بثمن الخمر.

وفي حسنة محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل ترك

__________________

(١) الوسائل باب ٦٠ حديث ٢ من أبواب ما يكتسب به.

(٢) من قوله : (وهو ينظر) كما لا يخفى.

(٣) الوسائل باب ٦٠ حديث ٣ من أبواب الدين والقرض.

(٤) الوسائل باب ٦٠ حديث ١ من أبواب الدين والقرض.

(٥) وسندها كما في الكافي هكذا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن يونس بن يعقوب ، عن منصور.

٩١

ولا تصح قسمة ما في الذمم.

______________________________________________________

غلاما له في كرم له يبيعه عنبا أو عصيرا ، فانطلق الغلام فعصر خمرا ثم باعه؟ قال : لا يصلح ثمنه ، ثمّ قال : ان رجلا من ثقيف أهدى الى رسول الله صلّى الله عليه وآله روايتين من خمر فأمر بهما رسول الله صلّى الله عليه وآله فأهريقتا ، وقال : ان الذي حرّم شربها حرم ثمنها ، ثمّ قال أبو عبد الله عليه السلام : ان أفضل خصال هذه التي باعها الغلام ، ان يتصدق بثمنها (١) ويمكن حملها على العصير ، وكراهة الثمن ، واستحباب التصدق به ، وعلى جهل مالك الثمن الذي اشترى الخمر ، فيتصدق بثمنه.

وفيهما بعد ، وفي بعض الاخبار : يجوز بيع الخمر والخنزير وقضاء الدين منها بعد موت من أسلم وعليه دين ، ولا يجوز له بنفسه بيعها (٢).

والحاصل انه ان كان إجماع فيعمل به ، والا فالأخبار مختلفة بحيث يشكل الجمع بينها وانطباقها على القوانين فتأمّل.

ومعلوم عدم جواز الأخذ من الحربي ، لعدم الرواية ، وعدم الجواز له ، لعدم تقرير الشرع له على مذهبه.

وقيّد في الذمّي أيضا بالستر كما أشرنا اليه ، ولكن ليس بمعلوم أنه حرام فقط فيجوز (له خ) الأخذ أو أن الأخذ حرام فلا يجوز ، كأنه أظهر وأحوط.

قوله : «ولا يصحّ قسمة ما في الذمم» يعني لو قسّم (٣) ما في الذمم لأشخاص ـ بأن قال أحدهما للآخر : أنّ ما في ذمّة فلان ، لك تستوفيه ، وما في ذمّة فلان ، لي ، أستوفيه ، ورضي الآخر ، أو يكون في ذمّة شخص واحد قسّموا بينهما كذلك ، فلو قال : ما في الذمّة كان أعمّ وأخصّ.

__________________

(١) الوسائل باب ٥٥ حديث ١ من أبواب ما يكتسب به.

(٢) راجع الوسائل باب ٦١ حديث ١ من أبواب ما يكتسب به وباب ٥٧ ذيل حديث ٢ منها.

(٣) لو قسّم فعل الشرط ، وقوله قده : لا يصحّ تلك القسمة جواب الشرط.

٩٢

.................................................................................................

______________________________________________________

لا يصحّ تلك القسمة أي لا يترتب عليها أثرها فيبقى المال على شركته ، فكلّ ما حصل بيد أحد فالآخر شريكه فيه ، مثل ما كان قبل القسمة ـ فلا يجوز التصرف فيه الّا بإذن الشريك ،.

الحكم (١) ، المشهور بينهم ومستندهم رواية غياث ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ عليهم السلام في رجلين بينهما مال (منه ئل) بأيديهما ومنه غائب عنهما اقتسما (فاقتسما خ) الذي في أيديهما واحتال كل واحد منهما بنصيبه فقبض أحدهما ولم يقبض الآخر؟ قال (فقال خ) : ما قبض أحدهما فهو بينهما ، وما ذهب فهو بينهما (٢).

ويؤيّده عدم التعيين ، والقسمة فرعه ، والشهرة ليست بحجّة ، وابن إدريس مخالف ، ونقل عنه أن لكل واحد ما قبض كما هو مقتضى القسمة.

والمستند غير معتبر لوجود غياث كأنه (ابن إبراهيم) البتري.

وأدلّة لزوم الشرط تقتضيه ، وكذا التسلط على مال نفسه ، وجواز الأكل مع التراضي ، والتعيين التام ليس بمعتبر في القسمة ، بل يكفي في الجملة كما في المعاوضات فإنه يجوز البيع ونحوه.

ولان الدين المشترك بمنزلة الدينين لشخصين وللمالك ان يخصّ أحدهما دون الآخر.

فلو كان قائل بتخصيص كلّ واحد قبل القسمة بحصته ، لأمكن ذلك أيضا ، فإن الثابت في الذمّة أمر كلّي قابل للقسمة ، وانما يتعيّن بتعيين المالك فله ان يعين.

__________________

(١) يعني هذا الحكم الذي ذكرناه في توضيح عبارة المصنف هو المشهور بين الأصحاب.

(٢) الوسائل باب ١٣ حديث ١ من كتاب الضمان.

٩٣

ولو باع الدين بأقلّ منه وجب على المديون دفع ما عليه إلى المشتري على رأي.

______________________________________________________

ولكن الظاهر انه لا قائل بذلك قبل القسمة ، وبعدها ، القول به نادر من غير دليل ، والشهرة مع الخبر المجبور بها ، تمنع ذلك ويؤيّده الاستصحاب والاحتياط فتأمل.

قوله : «ولو باع الدين بأقل إلخ» يعني لو باع شخص دينه الذي في ذمّة آخر من أجنبيّ بأقلّ ممّا عليه ، عينا أو قيمة بحيث ما حصل فيه الربا ، صحّ البيع بشرائطه ، وان كان صرفا وجب على المديون الذي بيع ما عليه من الدين ، دفع جميع ما عليه وما وقع عليه العقد ، إلى المشتري على رأي المصنف ، وهو المشهور والموافق للقوانين.

لانه عقد صدر من أهله في محلّه ، ووقع على الجميع ، فهو أحد الطرفين فينتقل الى مشتريه كما ينتقل جميع الطرف الآخر إلى البائع كما هو المقرّر في المعاوضات.

والرأي إشارة إلى رأي آخر نقل عن الشيخ ، وهو انه لا يلزم على المديون دفع أكثر ممّا أعطاه المشتري إلى البائع الذي هو صاحب الدين.

ولا يظهر له وجه إلّا رواية محمد بن الفضيل ، قال : قلت للرضا عليه السلام : رجل اشترى دينا على رجل ، ثم ذهب الى صاحب الدين فقال له : ادفع اليّ ما لفلان عليك فقد اشتريته منه؟ فقال : يدفع إليه قيمة ما دفع الى صاحب الدين وبرء الذي عليه المال من جميع ما بقي عليه (١).

ورواية أبي حمزة ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل كان له على رجل دين فجاءه رجل فاشتراه منه بعرض ثم انطلق إلى الذي عليه الدين فقال

__________________

(١) أورده والذي بعده في الوسائل باب ١٥ حديث ٣ ـ ٢ من أبواب الدين والقرض.

٩٤

.................................................................................................

______________________________________________________

له : أعطني ما لفلان عليك فاني قد اشتريته منه كيف يكون القضاء في ذلك؟ فقال أبو جعفر عليه السلام : يردّ عليه الرجل الذي عليه الدين ، ماله الذي اشترى به من الرجل الذي له عليه الدين.

وفيهما ـ مع ضعف السند ـ كما قاله ـ في التذكرة ـ ان محمد بن الفضيل نقل هذا المضمون تارة عن الامام عليه السلام ، وتارة عن أبي حمزة عن امام آخر عليه السلام (١) ، وقد يجعل الشيخ مثل ذلك قادحا للرواية (٢) ، وان لم يكن كذلك.

وانهما مخالفان للقوانين ، بل الكتاب والسنة خصوصا الأولى ، فإنها تدل على تملك المديون ، الباقي ولا وجه له.

وان الثانية لا صراحة لها فيما قاله الشيخ ، إذ قد يكون ماله الذي اشتراه به مساويا لما عليه ، كما هو المتعارف في المعاوضات ، من عدم الزيادة قاله في التذكرة ، وما نقل فيها إلّا الأخيرة ، وأجاب به ، وبضعف السند ، وبالحمل على ما إذا حصل الربا (٣).

ولا يمكن شي‌ء منها في الأولى (٤) إلا بحمل (ما بقي) (٥) على ما كان عليه

__________________

(١) فان سند الاولى ـ كما في الكافي باب بيع الدين بالدين ـ هكذا : محمد بن يحيى وغيره ، عن محمد بن أحمد ، عن محمد بن عيسى ، عن محمد بن الفضيل قال : قلت للرضا عليه السلام إلخ. وسند الثانية هكذا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسن بن علي ، عن محمد بن الفضيل ، عن أبي حمزة ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام إلخ.

(٢) فكيف افتى رحمه الله بما حاله هذه هنا.

(٣) عبارة التذكرة ـ بعد نقل خبر أبي حمزة عن الباقر عليه السلام ـ هكذا ، وهو (يعني خبر أبي حمزة) ـ مع ضعف سنده ـ غير صريح فيما ادعاه الشيخ لجواز ان يكون المدفوع مساويا ، وأيضا يحتمل ان يكون ربويا ويكون قد اشتراه بأقل فيبطل الشراء ، ويكون الدفع جائزا بالاذن المطلق المندرج تحت البيع (انتهى).

(٤) يعني رواية محمد بن الفضيل المتقدمة.

(٥) في قوله عليه السلام : من جميع ما بقي.

٩٥

ولا يجوز بيع الدين بدين آخر وان اختلفا ، ويجوز بيعه بعد حلوله ، على المديون وغيره ، وبيعه بمضمون حالّ لا مؤجّل.

______________________________________________________

فتأمّل.

ثم اعلم انه يجب ملاحظة عدم الربا وشرط الصرف لو كانا أثمانا كسائر شروط البيع.

والظاهر عدم لزوم اعتبار الثاني لو وقع بطريق الصلح ، بخلاف الأوّل فإن الظاهر دخول الربا فيه كما مرّ فتأمّل.

قوله : «ولا يجوز بيع الدين إلخ» دليل عدم الجواز هو الرواية المشهورة من طريق العامّة ، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : لا يجوز بيع الكالي بالكالئ (١).

ومن طريق الخاصّة رواية طلحة بن زيد ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : لا يباع الدين بالدين (٢).

قال في القاموس : الدين ، ماله أجل ، وما لا أجل له فقرض ، والكالئ والكلاءة ، بالضم ، النسيئة.

فلا يكون المحرّم الّا مع كون العوضين كليهما مؤجّلين.

ولكن هل يعتبر كون التأجيل قبل العقد أم لا؟ وجهان ، بل يصدق مع تحققه بعده أيضا بأن يبيع أحدهما متاعه مؤجّلا من الآخر بثمن كذلك ، وذلك أيضا يكون محرّما.

وظاهر العرف ذلك (٣) ، بل كلام الفقهاء أيضا حيث ما جوز الأكثر إلّا

__________________

(١) المستدرك للحاكم النيسابوري الشيعي المتوفّى ٤٠٥ ـ ج ٢ ص ٥٧ من كتاب البيوع عن ابن عمر ، عن النبيّ صلّى الله عليه وآله ، وقال بعد نقل الحديث : هذا حديث صحيح على شرط مسلم والبخاري ولم يخرجاه (انتهى) وكنز العمال ج ٤ ص ٧٧ تحت رقم ٩٦٠.

(٢) الوسائل باب ١٥ حديث ١ من أبواب الدين والقرض.

(٣) يعني ظاهر العرف اعتبار تأجيلهما في صدق الكالئ بالكالئ.

٩٦

.................................................................................................

______________________________________________________

السلف أو النسيئة (١) ، وقالوا : لا يجوز تأجيلهما ، لانه بيع الكالئ بالكالئ.

ويمكن تخصيصه بالأوّل (٢) ، لأنه المتبادر من قوله : بيع الدين بالدين والكالئ بالكالئ ، إذ يفهم ظاهر تقدم الوصف على العقد.

ويؤيّده الأصل مع عدم العلم بالإطلاق عرفا ، وأدلّة جواز العقد من الكتاب والسنة والإجماع حتى يتحقّق النقل وذلك متحقّق فيما تقدم على العقد دون الغير.

مع ان سند روايتي المنع والتحريم غير معلوم الصحّة ، لأن الأولى عاميّ ما نعرف سندها (٣) ، والثانية ضعيفة ب (طلحة بن زيد البتري) فالاقتصار على موضع اليقين أولى ، وان قيل بصدقه عليه أيضا عرفا.

ومثله الكلام في صدقه على ما في الذمّة حالّا ، فإنه يطلق (يصدق خ) عليه عرفا الدين ، يقال : لي على فلان دين كذا وكذا ، وانه ما يعطى ديني.

وبالجملة يطلق على ما في الذمّة مطلقا حالّا ومؤجّلا ، وهو شائع في العرف وان لم يكن في اللغة على ما تقدم ، فيمكن التحريم لذلك أيضا ولكن قد يرجّح الجواز بما تقدم.

فالظاهر انه لا كلام في جواز بيع الدين الحالّ على من عليه ، بالعين ، وبما في الذمّة حالّا ومؤجّلا ، وفي المؤجّل بالأخيرين تأمّل ، بل مطلقا لعدم استحقاق الطلب وإمكان (٤) التسليم اللذين هما شرط لصحّة العقد.

__________________

(١) يعني حصرهم الجواز بالسلف الذي يكون التأجيل في المثمن أو النسيئة التي يكون التأجيل فيها في الثمن ظاهر في صدق التأجيل فيهما بنفس العقد.

(٢) يعني التأجيل قبل العقد.

(٣) لم نعثر عليه مسندا في كتب العامّة أيضا.

(٤) يعني عدم إمكان التسليم.

٩٧

.................................................................................................

______________________________________________________

وقد يمنع (١) عند العقد بل يكفي في الجملة ، وعند طلب المشتري ، فلو كان الأجل مثل الأجل الأوّل أو أكثر يمكن الجواز.

وأما على العين فقد نقل المنع عن ابن إدريس مطلقا ، وغيره جوّز بعد الحلول ومنع (٢) القبل بالأخير ، بل الأوّل أيضا لما مرّ.

وأنت بعد التأمّل فيما تقدم تحقّق الأمر ، فإنّ دليل الجواز قويّ فما خرج بالدليل الشرعي ، فهو الممنوع ، والباقي يبقى على حاله ، والذي تحقّق المنع منه كون كليهما دينا مؤجلين قبل العقد لا غير وان كان الاحتياط يقتضي منعه أيضا فتأمّل.

ثم انه لا بدّ في الجائز منها ملاحظة شرائط البيع من عدم الزيادة وغيره ، وقوله : (وان اختلفا) إشارة إلى دليل (٣) المنع ليس اتفاق الجنس وتحقق الربا بالتفاوت بالأجل بل كونه دينا يمنع مطلقا.

وقوله : (ويجوز بيعه بعد حلوله على المديون وغيره) يحتمل ان يريد به كما هو الظاهر ، (بالعين) ، سواء كانت حالّا أو مؤجّلا ، وقوله : (وبيعه بمضمون حالّ لا مؤجّل) صريح في ذلك يعني بعد الحلول يجوز بيعه عليه وعلى غيره لكن لا مطلقا بل بالعين مطلقا وبالمضمون الحالّ أي في الذمّة.

فمفهومه أنه لا يجوز قبل الحلول بيعه مطلقا ، وبعده بالمؤجّل ، وهما (٤) محلّ التأمّل ، وقد مرّ سببه وما يدلّ على جوازه قبل الحلول أيضا بغير دين قبل العقد مطلقا وبعده كذلك بالطريق الاولى.

وان الذي ثبت تحريمه هو القسم الواحد ، وهو الدين المؤجّل بالمؤجّل بشرط

__________________

(١) يعني قد يمنع كون إمكان التسليم معتبرا عند العقد بل يكفي إمكانه عند طلب المشتري.

(٢) يعني منع غير ابن إدريس بيعه قبل حلول الأجل بالمؤجل لكونه من مصاديق بيع الدين بالدين.

(٣) هكذا في النسخ كلها مخطوطة ومطبوعة ولعل الصواب ان دليل المنع إلخ.

(٤) الظاهر ان الضمير عائدا إلى بيعه مطلقا وبعده بالمؤجّل.

٩٨

ومن عليه حق وله مثله تساقطا ، وان كان مخالفا افتقر إلى التراضي.

ولو دفع المديون عروضا (١) للقضاء من غير مساعرة ، احتسب بقيمتها يوم القبض.

______________________________________________________

كونهما كذلك قبل العقد ، وبالحقيقة دليله الإجماع لعدم صحّة الخبر.

ولو عمل بالخبر ينبغي تحريم المؤجّل مطلقا بما في الذمّة أيضا كما هو ظاهر عبارة المتن للصدق عرفا وان لم يكن لغة فتأمّل ولا تخرج عن الاحتياط علما وعملا.

قوله : «ومن عليه حق إلخ» لعلّ دليله ما يظهر ان الحقين متساويان من غير فرق ومرجح ، فيبرء ذمة كل واحد بما له في ذمة الآخر ، ولا يظهر دليل آخر.

وينبغي التراضي ، لأنّ شغل الذمّة معلوم ، ولا تحصل البراءة الّا به شرعا ، إذ لكلّ حقّ ، يمكن ان يكون له طلبه واستيفائه ولا يمنع من ذلك حقه في ذمته كما في الحدود والتعزيرات ولا شك ان الأحوط هو التراضي من الجانبين بالإبراء والصلح ونحوهما كما إذا كان مخالفا ، بان يكون أحدهما ذهبا والآخر فضّة ، أو أحدهما نقدا والآخر جنسا أو كل واحد جنسا.

قوله : «ولو دفع المديون إلخ» وجه احتسابها بالقيمة يوم القبض ، انه انما دفعها عوضا عن ماله ، فلمّا لم يكن مثل ماله احتاج الى المساعرة وقت الدفع (اليه خ) بنيّة القضاء ودخوله في ملك الغريم عوضا عن ماله ، ولا فرق في ذلك بين كون المدفوع مثليّا وقيميّا فإنّ القيمة يوم القبض لا بدّ منه في الكلّ.

والظاهر انه يدخل في ملك القابض ، لكن بشرط قبضه اقتضاء أو بغير قصد غير ذلك فتأمّل.

ويؤيّده صحيحة محمد بن الحسن الصفار ، قال : كتبت إليه في رجل كان

__________________

(١) والعرض بالسكون ، المتاع (الى ان قال) والجمع عروض مثل فلس وفلوس (المصباح المنير).

٩٩

ويحل الديون المؤجّلة بموت المديون لا المالك.

______________________________________________________

له على رجل مال فلمّا حلّ عليه المال أعطاه به (بها يب ئل) طعاما أو قطنا أو زعفرانا ولم يقاطعه على السعر ، فلما كان بعد شهرين أو ثلاثة ارتفع الطعام والزعفران والقطن أو نقص ، بأيّ سعرين يحسبه (١) لصاحب الدين؟ سعر يومه الذي أعطاه وحلّ ماله عليه أو السعر الثاني بعد شهرين أو ثلاثة يوم حاسبه؟ فوقّع عليه السلام : ليس له الّا على حسب سعر وقت ما دفع اليه الطعام ان شاء الله ، قال : وكتبت اليه : الرجل استأجر أجيرا ليعمل له بناء أو غيره ، من الاعمال وجعل يعطيه طعاما أو قطنا أو غيرهما ثم تغيّر الطعام والقطن عن سعره الذي كان أعطاه إلى نقصان أو زيادة أيحسب له بسعره يوم أعطاه ، أو بسعره يوم حاسبه؟ فوقع عليه السلام يحتسب (يحسب ئل يحتسبه يب) سعر يوم شارطه فيه ان شاء الله (٢).

وظاهره ان المكتوب اليه هو الحسن العسكري صلوات الله عليه وعلى آبائه وولده.

والدلالة ظاهرة ، والسند واضح ، مع ان المطلوب أيضا واضح بحمد الله.

قوله : «ويحل الديون إلخ» وجهه أنّ بقاء الدين على الميّت بعد موته لا معنى له ، ومعلوم انه لم ينتقل إلى ذمّة الورثة للأصل ، ولعدم تكليف أحد بفعل غيره ، والظاهر أنه إجماعي أيضا.

وسنده الروايات ، مثل صحيحة الحسين بن سعيد ، قال : سألته عن رجل أقرض رجلا دراهم إلى أجل مسمّى ثمّ مات المستقرض أيحلّ مال القارض عند موت المستقرض منه أو لورثته (للورثة ئل) من الأجل مثل ما للمستقرض في

__________________

(١) في الوسائل والتهذيب : بعد قوله : (يحسبه) قال : لصاحب الدين إلخ ولكن الظاهر زيادة لفظة (قال) كما نقل عن التذكرة.

(٢) الوسائل باب ٢٦ حديث ٥ من أبواب أحكام العقود من كتاب التجارة.

١٠٠