مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٩

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٩

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٣

وللمرتهن الاستيفاء لو خاف الجحود من غير إذن من الراهن ووارثه.

______________________________________________________

كما في رواية السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه ، عن عليّ عليهم السلام قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : الظهر يركب إذا كان مرهونا ، وعلى الذي يركبه نفقته ، والدرّ يشرب إذا كان مرهونا ، وعلى الذي يشرب نفقته (١).

ويمكن ـ مع ضعفها ـ حملها على الإذن ولو كان مأخوذا من العادة المتعارفة بينهم ، وعلى المساواة بين النفقة والركب والشرب وعدم حصول الإذن ثم التراضي وكذا صحيحة أبي ولّاد ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأخذ الدابّة والبعير رهنا بماله ، إله ان يركبهما (يركبه يب)؟ فقال : ان كان يعلفهما (يعلفه يب) فله ان يركبهما (يركبه يب) ، وان كان الذي رهنهما (رهنه يب) عنده يعلفهما (يعلفه يب) فليس له ان يركبها يركبه يب) (٢).

قوله : «وللمرتهن الاستيفاء إلخ» يعني له أن يأخذ دينه من الرهن من غير اذن الراهن ، ومن غير اذن وارثه بعد موته ان خاف جحودهما خوفا ، سواء أمكن له الإثبات عند الحاكم أم لا ، لإمكان الحرج وتوجه اليمين ، هذا ظاهر المتن.

ويمكن ان يكون خوفا مظنونا بقرائن ، لا مجرّد الوهم.

وأيضا يمكن تقييده بعدم البيّنة المقبولة أو عدم إمكان الإثبات عند الحاكم ، لعدم جواز التصرف في مال الغير إلا باذنه ، وخرج صورة عدم الإمكان للضرورة والإجماع وبقي الباقي.

ورواية (٣) سليمان بن حفص المروزي ، قال : وكتبت إليه : في رجل مات

__________________

(١) الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من كتاب الرهن.

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من كتاب الرهن.

(٣) قوله قده : ورواية مبتدأ وخبره قوله قده : تشعر.

١٦١

ولو ظهر للمشتري من المرتهن أو وكيله عيب رجع على الراهن ، ولو كان الرهن مستحقا رجع على المرتهن القابض.

______________________________________________________

وله ورثة فجاء رجل فادّعى عليه مالا ، وان عنده رهنا؟ فكتب عليه السلام : ان كان له على الميّت مال ولا بيّنة له عليه فليأخذ ماله ممّا (بما خ ل) في يده وليردّ الباقي على ورثته (١) (الحديث) تشعر باشتراط عدم إمكان الإثبات ، لكنها غير صريحة ولا صحيحة وقد مرّ ما يدل على الحكم فتذكر.

والأولى اذن الحاكم ان أمكن.

والظاهر انه لا يشترط عدم البيّنة وعدم إمكان الإثبات عند الحاكم ، لما مرّ من دليله ، واحتمال أول (٢) الأمر إلى التفويت ولا يفوت من الغريم شي‌ء ، فتأمّل.

قوله : «ولو ظهر للمشتري إلخ» يعني لو اشترى شخص الرهن ، من المرتهن الذي هو وكيل للراهن أو من وكيل آخر ثم ظهر فيه عيب موجب للخيار في الفسخ وفسخه ، يرجع المشتري على الراهن لا الوكيل.

وجهه ظاهر ، وهو ان الوكيل واسطة في إيقاع البيع ، وانما المال له فيجب أن يردّ اليه الرهن ويستردّ منه الثمن.

وكذا في أرش النقص لو لم يفسخ وهو ظاهر.

بخلاف ما لو خرج الرهن مستحقا للغير وحينئذ يردّ المال الى صاحبه ويرجع بالثمن الى المرتهن ان قبّضه إيّاه ، والا فإلى من قبضه راهنا أو وكيله ، لانه لا وكالة في الغصب ولا يلزم أحدا شي‌ء إلّا بقبضه ، فلا يلزم الا القابض ، وهو أيضا ظاهر ، ولا فرق في ذلك كلّه بين الرهن وغيره.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٠ حديث ١ من كتاب الرهن.

(٢) يعني يحتمل أداء الأمر ـ لو اشترط عدم البيّنة وعدم إمكان الإثبات ـ إلى تفويت حق المرتهن.

١٦٢

والراهن والمرتهن ممنوعان من التصرف في الرهن.

______________________________________________________

قوله : «والراهن والمرتهن إلخ» تحريم مطلق التصرف ـ للراهن والمرتهن إلّا بإذن الآخر ـ ظاهر ، لأن الحق لهما ، وهو في المرتهن أظهر ، لأنه ليس ماله ، ومجرّد الرهن لا يستلزم جواز التصرف وهو ظاهر.

والدليل عليه من العمومات قائم.

ويدل عليه أيضا بعض الروايات بالخصوص ، مثل موثقة عبيد بن زرارة ، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل رهن رهنا الى غير وقت ، ثم غاب ، هل له وقت يباع فيه رهنه؟ قال : لا حتى يجي‌ء (١).

وموثقة ابن بكير ـ له ـ وهو عبد الله بن بكير الثقة الفطحي ـ قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل رهن رهنا ثم انطلق فلا يقدر عليه أيباع الرهن؟ قال : لا حتى يجي‌ء صاحبه (٢).

وهما يدلان على جواز الرهن من غير تعيين وقت ووكالة في البيع ، وعلى منع البيع على تقدير التعذّر أيضا ، فتأمّل.

والظاهر ان عدم جواز تصرفه ممّا لا خلاف فيه إلّا ان حصول الإثم بمجرد قوله : (بعت) مثلا ، مشكل ، فيحتمل عدم الصحة فقط.

وان تصرفه بالاذن يجوز ، وقبل الاذن يصحّ أيضا مع القول بالفضولي.

والظاهر عدم القول به في العتق لقولهم عليهم السلام : لا عتق إلا في ملك (٣) ، ويمكن الجواز والتأويل كما في (لا بيع إلّا فيما يملك) (٤).

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ من كتاب الرهن.

(٢) الوسائل باب ٤ حديث ٣ من كتاب الرهن.

(٣) راجع الوسائل باب ٥ من كتاب العتق ج ١٦ ص ٦ وعوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٩٩ رقم ٤.

(٤) راجع الوسائل باب ٢ من أبواب عقد البيع ج ١٢ ص ٢٥٢ وج ٣ ص ٤٢١ رقم ٣ وعوالي اللآلي ج ٢ ص ٢٤٧ رقم ١٦.

١٦٣

.................................................................................................

______________________________________________________

واما الراهن ، فدليل منعه ـ عمّا يخرجه عن الرهن كالبيع والعتق أو ينقصه مثل اجارة الدار مع الغرض ـ ظاهر ، سواء كان ذلك التصرف قوليّا أو فعليا.

واما ما لا ينقصه مثل تزويج العبد مع الغرض فغير معلوم الدليل الا ان يكون إجماعا ، وهو غير ظاهر ، وكذا ملاعبة أمته المرهونة وتعليمها الصنعة ، بل وطئها مع تحقق عدم الحمل يقينا أو ظنا قريبا منه.

بل وردت روايات معتبرة بجواز وطئها للراهن ان تمكّن ، مثل حسنة الحلبي ـ لإبراهيم ـ قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل رهن جاريته عند قوم أيحلّ له ان يطأها؟ قال : ان الذين ارتهنوها يحولون بينه وبينها (ذلك كا) ، قلت : أرأيت ان قدر عليها خاليا؟ قال : نعم لا أرى هذا عليه حراما (١).

وصحيحة محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام في رجل رهن جاريته قوما إله ان يطأها؟ فقال : ان الذين ارتهنوها يحولون بينه وبينها فقلت : أرأيت ان قدر على ذلك خاليا؟ قال : نعم لا ارى بذلك بأسا (٢).

ويؤيّده عدم وقوع ما ينافيهما في الروايات على ما رأيت ، وان كان (٣) ، فيمكن حملهما على ما لا ضرر فيه من الحمل وغيره مثل كونها صغيرة وآيسة ، وحاملا من الزنا.

وبالجملة المنع مطلقا غير ظاهر الوجه كما هو ظاهر أكثر العبارات خصوصا عن الوطء ومثله وأقل منه ضررا وما لا ضرر على الرهن مثل الاستخدام ولبس الثوب إذا لم ينقص ولا يضر وسكنى الدار وركوب الدابّة واستكتاب المملوك كذلك.

__________________

(١) الوسائل باب ١١ حديث ٢ من كتاب الرهن.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ١ من كتاب الرهن.

(٣) يعني وان كان في الروايات ما ينافيهما فيمكن حمل هاتين الروايتين إلخ.

١٦٤

.................................................................................................

______________________________________________________

نقل عن التذكرة جواز مثله عن الشافعي ومالك ، والمنع عن أبي حنيفة والشيخ.

قال الشيخ : واما استخدام العبد المرهون وركوب الدابّة المرهونة وزراعة الأرض المرهونة وسكنى الدار ، فان ذلك غير جائز عندنا ويجوز عند المخالفين.

وهذا يشعر بعدم الخلاف عندنا ، بل الإجماع فتأمّل.

ثم قال : ويمكن الاحتجاج للأوّل بقوله عليه السلام : (والظهر يركب إذا كان مرهونا وعلى الذي يركب نفقته (١) ، وروي ان الرهن محلوب ومركوب (٢).

ومن طريق الخاصّة رواية السكوني المتقدّمة عن الصادق عليه السلام (٣) ، وحملها على الراهن.

والظاهر أن المراد المرتهن ويحتمل الأعم كما هو ظاهر اللفظ ، وقريب منها صحيحة أبي ولاد المتقدمة (٤).

ثم قال : ولان التعطيل ضرر منفي بالأصل ، وبقوله عليه السلام : لا ضرر ولا إضرار (٥) ، فعلى هذا القول يجوز سكنى الدار وركوب الدابة واستكتاب العبد ولبس الثوب إذا لم ينقص باللبس إلخ.

وهذا يشمّ منه رائحة الجواز عنده ، فتأمّل.

__________________

(١) الظاهر ان هذا الحديث هو خبر السكوني المتقدم.

(٢) سنن أبي داود ج ٣ ص ٢٨٨ باب في الرهن ومتن الحديث هكذا عن النبي صلّى الله عليه (وآله) وسلّم ، قال : لبن الدر يحلب بنفقته إذا كان مرهونا والظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا وعلى الذي يركب ويحلب ، النفقة. وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢٢٠ رقم ٩٢ وج ٣ ص ٢٣٤ رقم ٢.

(٣) راجع الوسائل باب ١٢ حديث ٢ من كتاب الرهن.

(٤) راجع الوسائل باب ٢ حديث ١ من كتاب الرهن.

(٥) عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٨٣ رقم ١١ وج ٢ ص ٧٤ رقم ١٩٥ وج ٣ ص ٢١٠ رقم ٥٤ طبع مطبعة سيد الشهداء قم.

١٦٥

ولو أذن أحدهما للآخر صحّ ، والّا وقف على الإجازة الّا ان يعتق المرتهن.

ولو باع الراهن فطلب المرتهن الشفعة ، ففي كونه اجازة للبيع نظر.

ولو أحبلها الراهن فهي أم ولد ، ولا يبطل الرهن ، وفي جواز بيعها قولان.

ولو اذن المرتهن في البيع فباع بطل الرهن ولم يجب رهنيّة الثمن.

ولو اذن الراهن في البيع قبل الأجل لم يجز للمرتهن التصرف في الثمن الّا بعده.

______________________________________________________

قوله : «ولو أذن أحدهما للآخر إلخ» جواز التصرف بالإذن ظاهر ، والتوقف على الإجازة مبني على جواز الفضوليّ في تصرف المرتهن ، وعدم جوازه في العتق مبني على عدم جواز الفضولي فيه كما مرّ ، وقد تقدم فتأمّل.

وكذا تصرف الراهن ، بل أولى منه ، لأنّ المال له وكان للمرتهن ، المنع لتعلّق حقّه به ، فإذا جاز الفضولي فللراهن بالطريق الأولى فتأمّل.

قوله : «ولو باع الراهن إلخ» وجه النظر ظاهر ، ولكن كونه إجازة أظهر ، لأنّ الشفعة مسبوقة ببيع صحيح ، وهو فرع رضا المرتهن فطلبها يدل على رضاه بالبيع ، وهو ظاهر الا ان يكون جاهلا فينبغي العدم وسماع دعواه به ان أمكن.

قوله : «ولو أحبلها الراهن إلخ» وجه كونها أم ولد ، هو صدق تعريفها ، ووجه عدم البطلان عدم المنافاة ، ووجه القولين وجودهما.

والظاهر ترجيح الرهن وجواز البيع لسبقه وكثرة دليله وعدم ظهور شمول دليل عدم بيعها ، لما نحن فيه ، فتأمّل.

قوله : «ولو اذن المرتهن إلخ» عدم جواز تصرف المرتهن في الثمن قبل الأجل ظاهر لأنه ما يستحقّ الأخذ إلّا بعد حلوله ، فقبله ما لم يصرّح المالك به ، لم يجز.

١٦٦

وإذا حلّ الأجل باع المرتهن ان كان وكيلا ، والا ، الحاكم.

______________________________________________________

واما الجواز بعده فكأنّه مفهوم من الاذن في البيع والتوكيل ، فإن فائدته جواز التصرف في الثمن.

ويحتمل توقفه بعده أيضا على الإذن ، لأنّ التوكيل في البيع لا يستلزم جواز أخذ الثمن والتصرف فيه ، وهو ظاهر الّا ان يدل عليه بشي‌ء فكأنه المراد ، ولكن الفرق بين قبل حلوله وبعده لم يظهر.

الا ان يقال : التصرف بعد الحلول يفهم من التوكيل في البيع وأخذ ماله ، فإنه ينصرف الى وقت الاستحقاق لا قبله أو يخصّص بما إذا كان الثمن من جنس الدين فيجوز الأخذ من غير اذن كما قيل مثله فيما إذا كان في ذمّة المديون مثل الدين يقع على التقاصّ من غير تراض وفي الا أصل والتساوي تأمّل فتأمّل.

قوله : «وإذا حلّ الأجل باع إلخ» جواز بيع المرتهن حال الحلول مع الوكالة ظاهر.

واما بيع الحاكم مع العدم ، فكأنّ المراد مع غيبة المالك ، وظهور الأمر عنده ، وطلب المرتهن ذلك.

ويحتمل مع حضوره أيضا إذا امتنع من البيع وأداء الدين كما يفعل ذلك في سائر الحقوق ، لما روي ، عن أمير المؤمنين عليه السلام رواه عمّار ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام يحبس الرجل إذا التوى على غرمائه ، ثمّ يأمر فيقسّم ماله بينهم بالحصص ، فان أبى باعه فيقسّمه (فيقسم خ قسم خ) بينهم ـ يعني ماله ـ (١).

ولرواية محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : الغائب يقضى عنه إذا قامت البيّنة عليه ويباع ماله ويقضى (عنه خ) وهو عنه غائب ويكون

__________________

(١) الوسائل باب ٦ حديث ١ من كتاب الحجر ج ١٣ ص ١٤٦.

١٦٧

ويبطل الرهن بالإقباض والإبراء وإسقاط حق الرهانة.

ولو شرط ان لم يؤدّ في المدّة كان مبيعا بعدها ، بطل وضمن بعد المدّة لا فيها.

______________________________________________________

الغائب على حجته إذا قدم ، ولا يدفع المال إلى الذي أقام البيّنة إلا بكفلاء إذا لم يكن مليّا (١).

والظاهر ان الذي يفعله هو الإمام عليه السلام أو نائبه الذي هو بمنزلة وكيله ووكيل الغائب ، والظاهر عدم الخلاف في جواز ذلك للحاكم ، بل يمكن الوجوب كما يفهم من التذكرة وتقدم في فروع الدّين.

ويفهم وجوب الكفيل ـ مع عدم الملائة ـ من الرواية ، وتخصيصها بمال الغائب لملاحظة جانبه ، بل ينبغي الكفيل مع الملائة أيضا وكونه أيضا مليّا ، وارادة الضامن من الكفيل في الرواية ، لأنه مع إعسار الغريم ما ينفع الكفيل وهو ظاهر.

قوله : «ويبطل الرهن إلخ» أي يبطل الرهن ويخرج عن الرهانة بإقباض الراهن أو غيره دين المرتهن الذي ـ عليه الرهن ـ إيّاه ، وبإبراء المرتهن الراهن عن دينه ، وبإسقاطه حقّ الرهانة.

والأوّلان ظاهران ، ودليل الثالث انه حق له يقبل الإسقاط كسائر الحقوق فيسقط به فهو بمنزلة فسخ عقد الرهن ، بل عينه الجائز له ، وهو أيضا ظاهر.

قوله : «ولو شرط ان لم يؤد إلخ» أي لو شرطا في عقد الرهن ان لم يؤدّ الدين ـ في مدّة معيّنة كان الرهن مبيعا بذلك الدين ـ بطل الرهن والشرط معا لانه لا شك في بطلان هذا الشرط عندهم لعدم الصيغة وللتعليق المانع من صحّة البيع.

ولأن الأصل عدم الانتقال ، وما وجد هنا السبب ، إذ لا سبب هنا الّا البيع ولا بيع ، إذ ليس الموجود الّا عقد الرهن.

__________________

(١) الوسائل باب ٢٦ نحو حديث ١ بالسند الثالث من أبواب كيفيّة الحكم ج ١٨ ص ٢١٦.

١٦٨

ولو رهن المغصوب عند الغاصب صحّ ولم يزل الضمان.

______________________________________________________

ولانه لا يصحّ كون شي‌ء واحد رهنا على دين شخص ومبيعا له ، وهو ظاهر.

وببطلان الشرط يبطل المشروط ، وهو أيضا ظاهر ، إذ ما وقع التراضي الذي هو شرط الصحّة الّا على وجه لا يصحّ ، فلا يصح.

واما عدم الضمان في المدّة ، والضمان بعدها ، فهو مبنيّ على ما تقرر عندهم من ان كلّ ما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده وما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده ، فلما كان في المدّة مقبوضا برهن فاسد وهو ممّا لا يضمن بصحيحه فلا يضمن بفاسده ، وبعدها لمّا كان مقبوضا بالبيع الفاسد الذي يضمن بصحيحه ، فيضمن بفاسده.

وهذه القاعدة مشهورة في عباراتهم ولا نعرف دليلها ، فكأنها مجمع عليها ، وليس بواضح مع انه قد يقال هنا : انه كان مقبوضا عنده بالرهن الفاسد الذي ممّا لا يضمن به فبقي عنده على هذا الوجه ، نعم لو طلب ولم يعطه ومنعه ـ لانه هو مبيعة أو أخذ بذلك القصد ـ يمكن ذلك فتأمّل.

قوله : «ولو رهن المغصوب إلخ» دليل صحّة رهن المال المغصوب عند الغاصب ـ وان كان قبل أخذه منه ـ ظاهر وهو وجود شرائط صحّة الرهن.

واما عدم زوال الضمان ، فكأنّه للاستصحاب ، وعلى اليد ما أخذت حتى تؤدي (١).

ولا منافاة بين الرهن والضمان ، فان المرتهن أمين لا يضمن إذا لم يكن غاصبا ، ومعه يكون ضامنا.

__________________

(١) عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٤٤ رقم ١٠٦ وص ٣٨٩ رقم ٢٢ وج ٢ ص ٣٤٥ رقم ١٠ وج ٣ ص ٣٤٦ رقم ٢ وص ٢٥١ رقم ٣ طبع مطبعة سيّد الشهداء قم.

١٦٩

وفوائد الرهن ، للراهن ، ولا يدخل الحمل في الرهن وان تجدّد على رأي.

______________________________________________________

ويحتمل زواله كما قيل ، لان سبب الضمان هو كونه غاصبا ومتصرّفا في مال الغير بغير إذنه فإذا رضي بالرهن وكونه عند الغاصب صار يده عليه باذن المالك ورضاه وزال الغصب والتعدي ، وهو ظاهر ـ ولهذا ، غير مكلّف بالإعطاء ويصحّ عباداته المنافية للأداء في أوّل الوقت ـ وبزوال علّة الضمان يزول ، كما هو مقتضى العليّة.

وكون مجرد الأخذ ظلما ، سببا له دائما ـ حتى بعد الرضا بكونه عنده ـ غير معلوم.

ودلالة ـ على اليد ما أخذت (١) ـ عليه غير ناصّة بحيث لا يقبل التخصيص مع ان سنده أيضا غير ظاهر.

ولأنه (٢) حينئذ هو بمنزلة الوكيل والودعيّ ، ولعله الأصحّ ، ولما مرّ مؤيّدا بالأصل فتأمّل.

قوله : «وفوائد الرهن للراهن إلخ» وذلك واضح لانه نماء ملك شخص يكون له حتى يتحقق الناقل ، وعقد الرهن لا يقتضي ذلك ، وهو ظاهر.

ويدل عليه الخبر (٣) أيضا ، ويمكن كونه مجمعا عليه ، بل لا يقتضي كون ذلك رهنا أيضا لعدم تحقّق ما يقتضي ذلك مع تحقق الأصل المقتضي للعدم.

ومنها الحمل وان تجدّد في وقت كون امّه رهنا ، لما مرّ.

وأما عدم دخول الموجود حال الرهن ، فهو ظاهر ، ولهذا أشار إليه بالطريق

__________________

(١) تقدم آنفا ذكر محل هذا الحديث.

(٢) الظاهر كونه عطفا على قوله قده : لان سبب الضمان وكذا قوله قده : ولما مرّ فالمناسب حينئذ تقديم هذه الجملة على قوله : ولعله الأصح كما لا يخفى.

(٣) راجع الوسائل باب ٨ وباب ١٠ من كتاب الرهن.

١٧٠

وإذا قضى دين الرهن لم يجز إمساكه على الآخر.

ولو رهن غير المملوك بإذن مالكه صحّ وضمن قيمته.

ولو بيع بأزيد طالبه المالك بالزيادة.

______________________________________________________

الأولى لأنه حال وجوده كسائر أموال الراهن فلا يصير رهنا الّا مع التصريح به كما في بيع امّه على المشهور (١).

قوله : «وإذا قضى إلخ» دليل عدم جواز إمساك الرهن لدين آخر للمرتهن ـ بعد ان قضى دينه الذي كان الرهن عليه ـ ظاهر لانه فكّه ممّا رهن عليه ولم يرهنه على غيره فلا يكون رهنا ، ولا يجب الارتهان رأسا ، لما تقدم من عدم الرهن على المال.

قوله : «ولو رهن غير المملوك إلخ» دليل صحّة رهن مال الغير باذنه ظاهر ، وهو اذن المالك المتسلّط على ماله بما يجوز ، ولا شكّ أنّ ذلك جائز ومجمع عليه ، بل يستحبّ لقضاء حاجة المسلم وإدخال السرور وازالة الكرب فيترتب عليه أحكام الرهن فيلزم العارية ويضمن الراهن مطلقا ، ويباع عند الحلول ، ويؤخذ منه الدين ، لانه رهن.

واما الذي يجب على راهنه لمالكه إذا لم يكن باذلا بلا ضمان ، فالظاهر انه أكثر الأمرين من قيمته يوم بيعه وما بيع به ، لأن الزائد على قيمته مال المالك أيضا لأنه من ثمن ملكه ، وهو ظاهر.

ويجوز بيعه بأقل بعد الاستيذان ، بأنّه يبيعه بما يشتري ، وعليه القيمة.

وقول المصنف : (وضمن قيمته) مبنيّ على ان الغالب انه لا يباع بأقل من قيمته وعدم وجود ذلك الاذن ، بل لا يجوز ذلك الّا مع اذن المالك وحينئذ ، الظاهر

__________________

(١) واما وجه الأولوية فلأنه لو لم يدخل الحمل المتجدد في الرهن فلأن لا يدخل الحمل الغير المتجدد ، بالطريق الاولى.

١٧١

ولو غرس الراهن اجبر ، على الإزالة.

ولو رهن ما يمتزج بغيره كاللقطة من الخيار صحّ وكان شريكا ان لم يتميّز.

وحق الجناية مقدم ، فان افتكّ المولى في الخطاء بقي رهنا.

______________________________________________________

أن ليس الّا ما بيع الّا مع ضمان الراهن الزيادة ، وبالجملة يرجع كلامه إلى انه يضمن أكثر الأمرين المذكورين.

قوله : «ولو غرس الراهن إلخ» أي لو غرس الراهن في الأرض المرهونة بغير اذن المرتهن اجبر على ازالة غرسه ، ودليله واضح.

فلو لم يفعل فالظاهر أنّ له الإزالة من غير ضمان ما ينقص بها الّا ان يتعدى من مجرّد الإزالة عن المتعارفة.

ويحتمل ان يرفع الى الحاكم ، ومع التعذر يزيل بنفسه وهو أحوط خصوصا ان لم يفت نفع بذلك.

وكذلك لو غرس المرتهن أيضا.

قوله : «ولو رهن ما يمتزج بغيره كاللقطة من الخيار (١) صحّ وكان شريكا ان لم يتميّز».

وجه الصحّة كونه مملوكا صالحا للبيع والانتقال ، وأخذ الدين منه من غير مانع عنه فصحّ رهنه كسائر الأموال ، ووجه الشركة وجود موجبها وهو المزج مع عدم التميّز ، فيعمل به ما يعمل بسائر المشتركات.

قوله : «وحق الجناية إلخ» وجه تقدمه على حقّ الرهانة ظاهر ، لأنه ليس بأعظم من حقّ الملكيّة ولو كان العبد ملكا للمرتهن وجنى كانت الجناية مقدّمة على حقه ، فلو جنى العبد المرهون جناية لزمها (٢) في رقبته ، مثل ان قتل خطأ ، فإن فكّه

__________________

(١) فارسي يعني القثّاء.

(٢) هكذا في النسخ كلها ولعل الصواب لزمته كما لا يخفى.

١٧٢

وان سلّمه كان فاضل الأرش رهنا.

ولو استوعب بطل الرهن.

ولو جنى على مولاه عمدا اقتص منه وبقي رهنا ، ولو كانت خطأ لم يخرج عن الرهن

______________________________________________________

المولى ـ لأن الأمر إليه حينئذ ، بأن اعطى أرش جنايته ـ بقي العبد مرهونا كما كان.

وان سلمه إلى ولي المجني عليه فأخذ هو منه أرش الجناية ، فإن بقي منه شي‌ء مثل العشر مثلا كان ذلك رهنا والا بطل الرهن.

وجهه ظاهر لان العين رهن وتعلّق حق آخر بها.

فان استوعبها بطل الرهن وسقط والّا يبقى رهنا وكان الفكّ تبرّعا.

والظاهر حينئذ عدم الفرق بين العمد والخطأ ، ولا بين فكّ المولى وغيره مثل ان يعفو وليّ الجناية ، فلو قال : (١) (فان فكّ بقي رهنا) كان أشمل وأخصر وأولى لبعده عن توهم الاختصاص بالخطإ.

لعل وجه تخصيص الخطأ أنه إلى المولى ، وذكر المولى لدفع توهم انه يقول : انا فككته ، فكأنهم أخذوا وانا اشتريت منهم ، فتأمّل.

قوله : «ولو جنى على مولاه إلخ» وجه الاقتصاص ـ لو جنى دون النفس ، على المولى عمدا بموجب ذلك ، مثل قطع اليد ـ عموم أدلّة القصاص ، بل هنا اولى ، وعدم بطلان الرهن وبقائه ، هو (٢) الاستصحاب مع عدم حصول ما يخرجه عنه ، فانّ الاقتصاص لا يمنع الباقي عن الرهانة ، وهو ظاهر.

ولو كانت الجناية على المولى ، وكذا على مال المولى خطأ ، فلا قصاص لعدم الموجب وهو العمد ولا أرش أيضا ، إذ لا يثبت للمولى على ماله مال ، وهو مقرّر عندهم ويستحسنه العقل ولم يخرج عن الرهن لعدم الموجب فيبقى كما كان.

__________________

(١) يعني المصنف رحمه الله.

(٢) يعني وجه عدم بطلان الرهن هو الاستصحاب إلخ.

١٧٣

ولو كانت نفسا قتل في العمد.

ولو جنى على من يرثه المولى اقتصّ في العمد وافتكّ في الخطأ.

______________________________________________________

ويحتمل إسقاط حق الرهانة عما يقابل أرش الجناية أو عدم ثبوته (١) للمولى على ماله ، لانه لا يفيد ، إذ ماله ، له.

وهنا قد تحصل الفائدة فكأنه صار مال المرتهن وأيضا قد يقال : بأنه قد يملك فيحصل له الفائدة فكأنّ القاعدة مبنيّة على عدم تملكه ، ولكن الظاهر انه يملك كما مرّ.

ويحتمل كونها عامّة وعموم أدلّة ثبوت الأرش يقتضي الثبوت مع إمكان ما يؤخذ ، (يوجد خ) بل يمكن الثبوت في ذمته ويتبع به بعد العتق كما قيل ذلك في أمور تلزمه فتأمّل ، الله يعلم.

قوله : «ولو كانت نفسا قتل في العمد» ما تقدّم كان في غير النفس من الطرف وهذا حكم ما لو كانت في النفس ، فلو قتل مولاه قتل به يعني يجوز للورثة قتله به ، فان قتل بطل الرهن والا يبقى مرهونا ، وهو ظاهر وان كان خطأ فكما تقدم.

وما ذكره لظهوره ، ويمكن إدخاله فيما تقدّم.

قوله : «ولو جنى على من يرثه المولى إلخ» بأن قتل ابنه مثلا ، فان كان عمدا يجوز له الاقتصاص ، فإن اقتصّ بطل الرهن وهو ظاهر ، وان عفى يمكن كونه باقيا كما في عفو غير المولى ، وان قصد التملك ـ بمعنى فكّه عن الرهانة ـ فليس ذلك ببعيد ، فكأنّه (٢) صار ملكا جديدا له كما يصير لغيره.

ولأنه (٣) يجوز له بيعه حينئذ على الظاهر كسائر أصحاب الجنايات فيجوز

__________________

(١) يعني عدم ثبوت الأرش للمولى على ماله كما هو احد القولين.

(٢) هذا بمنزلة ذكر الدليل لقوله : فليس ذلك ببعيد.

(٣) عطف على معنى قوله قده : فكأنه صار إلخ.

١٧٤

وقيمة الرهن المأخوذة من المتلف ، والأرش رهنان.

ولو صار العصير خمرا خرج عن الرهن ولو عاد خلّا عاد.

______________________________________________________

الفكّ.

ولأن لصاحب الجنايات ، القتل والتملك فالتخليص عن الرهن بالطريق الأولى.

ويحتمل العدم ، إذ ليس لوليّ الدم الّا القتل والعفو والاسترقاق ، فلو لم يعف ولم يقتل بقي رهنا ، إذ (وخ) لا يمكن الاسترقاق ، لانه تحصيل الحاصل فتأمّل.

وان كان خطأ ، فله العفو ، فان عفى بقي رهنا ، وهو ظاهر.

والظاهر أنّ له فكّه عن الرهن كما قاله المصنف في غيره ، وهو مؤيّد لما تقدم من جواز الافتكاك إذا جنى خطأ على طرف المولى ونحوه وجواز الفكّ في العمد إذا كان على نفس المولى ، ويحتمل العدم كما تقدّم فتأمّل.

قوله : «وقيمة الرهن المأخوذ إلخ» يعني لو أتلفه متلف أو جنى على العبد المرهون أحد لزمه بها أرش ، قيمته ، والأرش كان رهنا كأصله ، لأنه عوض الرهن الذي لزم من غير اذن المرتهن في التبديل فيكون رهنا كأصله كما أنّه صار ملكا للمالك.

وهو أيضا ظاهر لان مقتضى الرهن انه ان جرى عليه شي‌ء بحيث يكون له عوض ، يكون ذلك هو الرهن ، ولأنّ الأرش بمنزلة المتلف منه.

قوله : «ولو صار العصير خمر إلخ» سبب جواز رهن العصير ظاهر ، وسبب خروجه عن الرهانة بالخمرية عدم كون الخمر ملكا ولا بدّ من كون الرهن ملكا.

وسبب عودها بعد صيرورته خلّا عود الملكيّة فيما كان رهنا وزوال المانع عن الرهانة ، فيعود ما كان ثابتا تابعا للملكيّة وما كان سبب الزوال الّا زوال

١٧٥

ولو زرع المرتهن الحبّ فالزرع للراهن رهن.

______________________________________________________

الملكيّة فتأمّل فيه.

قوله : «ولو زرع المرتهن إلخ» كون الزراعة ملكا للراهن ، لأنّ الزرع للزارع اي صاحب الحبّ ، وهو المشهور بين العامّة والخاصّة كما يدل عليه رواية عقبة بن خالد ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أتى أرض رجل فزرعها بغير اذنه حتى إذا بلغ الزرع جاء صاحب الأرض فقال : زرعت بغير اذني فزرعك لي وعليّ ما أنفقت ، إله ذلك أم لا؟ فقال : للزارع زرعه ولصاحب الأرض كراء أرضه (١).

وفي السند محمد بن عبد الله بن هلال (٢) ، وهو مجهول ، وعقبة أيضا غير مصرّح بتوثيقه.

والدلالة أيضا غير واضحة ، لكن لا يضرّ ، إذ الظاهر عدم الخلاف عندنا ، مسندا إليها (٣) والى ان الزرع نماء مال صاحب الحبّ ، فيكون له كما في سائر الاملاك وهو ظاهر.

ولكن في كونه رهنا للمرتهن على ما كان الحبّ رهنا عليه تأمّل لأنه قد مرّ ان النماء لا يدخل في الرهن.

ولعلّ الوجه أنّ الحبّ الذي كان رهنا هو بعينه كبر وصار زرعا فهو كالسمن في الحيوان.

وفيه تأمّل فيحتمل كون مقدار الحبّ من الزرع رهنا ويكون شريكا كما لو

__________________

(١) الوسائل باب ٣٣ حديث ٢ من كتاب الإجارة ج ١٣ ص ٢٨٢.

(٢) السند كما في التهذيب هكذا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن محمد بن عبد الله بن هلال ، عن عقبة بن خالد.

(٣) الظاهر ان المراد ان عدم الخلاف مسند إلى أمرين (أحدهما) هذه الرواية (ثانيهما) قاعدة تبعيّة النماء لصاحب الحبّ.

١٧٦

والرهانة موروثة دون الوكالة والاستيمان.

والقول قول المرتهن في عدم التفريط ، وفي القيمة معه.

وفي ادّعاء تقدّم رجوعه في إذن البيع للراهن ، عليه.

______________________________________________________

امتزج فتأمّل.

قوله : «والرهانة موروثة إلخ» وجهه أنه حق ماليّ فيدخل تحت أدلة الميراث ، ولانه توثيق مال فهو تابع له وموروث كالمال ، ولأنه عوض الدين ، وعلى تقديره فيورث ما يتعلّق به ، وكأنه لا خلاف في ذلك أيضا.

واما الوكالة في بيعه ، التي كانت للمورث فتبطل بموته فلا ينتقل بالإرث.

وكذا لو جعله أمينا ووضع الرهن في يده فإنه يبطل بموته ، ولا دليل على ثبوتهما للورثة ، ولا فرق بينهم وبين غيرهم.

ولأنه قد يرضى الإنسان بها لشخص دون وارثه ، ولعلّه لا خلاف فيه أيضا. مع ظهوره.

قوله : «والقول قول المرتهن إلخ» دليل سماع قوله في عدم التفريط وعدم زيادة القيمة ، الأصل ، وأنّ المنكر ، وأنه الغارم فلا يغرم الّا ما قال به أو أثبت عليه.

قوله : «وفي ادعاء تقدم إلخ» يعني لو اتفقا على رجوع المرتهن عن الاذن للراهن في بيع الرهن ، ولكن قال الراهن : رجعت بعد البيع فالبيع صحيح والرهن باطل وليس الثمن أيضا رهنا لما تقدم من ان الاذن في البيع يبطل الرهن ولا يستلزم رهانة الثمن ، وقال المرتهن : لا بل رجعت قبله فالبيع باطل والرهن على حاله.

ووجه كون القول قوله استصحاب الرهانة الى ان يعلم المزيل ولم يعلم ، وأنّ الأصل عدم البيع قبل الرجوع.

وبالجملة الظاهر ان الراهن مدّع لأنه يريد إثبات بطلان ما هو قابل

١٧٧

وقول الراهن في قدر الدين ، وفي ادعاء الإيداع لو ادعى الآخر الرهن.

______________________________________________________

بوجوده وصحته ، بدعوى الاذن في البيع المبطل للرهانة فهو يريد إخراج الحقّ عن يده وتسلّطه ، والأصل بقائه فيصدق عليه تعريف المدعى ، وعلى المرتهن تعريف المنكر.

ويحتمل كون القول قول الراهن لوجود الاذن في البيع والأصل بقاؤه الا ان يتحقق الرجوع وليس.

وأيضا الأصل صحّة البيع ، والمبطل يحتاج الى دليل.

ولعلّ دليل الأوّل أرجح لأن الرجوع متحقق ، والأصل عدم تحقق البيع قبله ، والأصل صحّة البيع لو لم يكن المانع متحقّقا ، والرجوع مانع.

وبالجملة المسألة لا تخلو عن اشكال ، ولكن رعاية جانب المرتهن أقوى لتحقق حقه واحتمال تضييعه ، بخلاف الراهن فإنه لا بدّ له من دفع الدين فلا يضره الرهن غالبا.

قيل : ولأنّ الراهن يدّعي بيعا والمرتهن يدّعي رجوعا ، تعارضا ، تساقطا والأصل بقاء الرهن.

ونقل فرقا أيضا بين تقدّم الدعوى وتأخرها فقال : فلو تقدم الراهن بقوله : تصرفت بإذنك فقال المرتهن كنت رجعت فالقول قوله ، وبالعكس القول قول المرتهن ثم قال : وهذا هو المفتي به فعنده في الأوّل تأمّل.

وعندي فيهما تأمّل فتأمّل فيه فان للوقف مجالا وان كان الظاهر ترجيح الرهن لتحققه والشك في زواله بخلاف البيع الصحيح فتأمل.

قوله : «وقول الراهن إلخ» وجهه ظاهر ، ومفهوم ممّا تقدم ، وكذا كون القول قوله في ادّعاء الإيداع لو أنكر الآخر وادّعى الرهانة ، فإنّ الأصل عدم الرهانة وحصول تسلّط لغير (غير خ) المالك على ماله ، وهو ظاهر.

١٧٨

وفي تعيين القضاء لأحد الدينين ، وفي عدم الرد.

ولو قال : رهنتك العبد ، فقال : بل الأمة تحالفا وخرجا عن الرهن.

______________________________________________________

ويدل عليهما (١) روايات مثل صحيحة محمد بن مسلم (٢) فلا يلتفت الى ما يخالفها ، مع الضعف (٣).

قوله : «وفي تعيين القضاء إلخ» وجهه أيضا ظاهر ، لأن الدافع ، له ان يقصد ، إمّا عن الدين الذي عليه الرهن ، أو الذي لا رهن عليه ، أو الذي عليه الرهن الفلاني دون الآخر.

وبالجملة ، الأمر إلى قصده ، والقصد فعله ، والبيّنة عليه متعذرة فيسمع منه كما في سائر الأمور وان أمكن له البيّنة بأن يلفظ (تلفظ خ) ويعلم ذلك ولكن الأصل عدم وجوب ذلك عليه.

وكذا وجه أنّ القول قول الراهن في عدم ردّ المرتهن الرهن عليه ان كان عنده ، لأن الأصل عدم الرد وبقائه عنده ، وهو ظاهر وان كان في الوديعة خلاف ذلك وهو يحتاج الى الدليل وسيجي‌ء ، مع ان الفرق حاصل لأنه أخذ عوضا عن الدين بخلاف الودعيّ.

قوله : «ولو قال : رهنتك إلخ» سبب التحالف وجود شرطه ، وهو كون الدعوى لكلّ واحد مع إنكار الآخر ، فالراهن يدّعي رهانة العبد والمرتهن منكر ، فيتوجّه اليمين عليه وبطلت هذه الدعوى والمرتهن يدعي رهانة الأمة والراهن منكر لها فيتوجه عليه اليمين بعدم رهن الأمة وتبطل هذه الدعوى أيضا ، هذا ظاهر المتن.

__________________

(١) يعني على تقديم قول الراهن في قدر الدين وفي ادعاء الإيداع.

(٢) الوسائل باب ١٧ حديث ١ من كتاب الرهن.

(٣) الوسائل باب ١٧ حديث ٤ من كتاب الرهن.

١٧٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وقد قيل عليه : انما يحلف الراهن فقط فتبطل الدعوى ولا يحتاج الى حلف المرتهن بعدم كون العبد رهنا عنده ، لان الرهن لمحض مصلحته فإذا ما (١) أراد وأنكر يبطل بمجرّد إنكاره.

وأيضا إنّ الرهن من جهته جائز فإذا لم يرد أو (وخ) لم يكن يقول : أسقطت حقي ان كان رهنا أو يبرء من ذلك ونحو ذلك ولا يحتاج الى الحلف.

ويمكن ان يعتذر بان الكلام مع عدم الاسقاط ، والراهن يعرف كون ذلك رهنا فيريد الخروج من حقه ، وقد لا يبطل بمجرّد الإنكار ، إذ حصول عقد ثابت يقينا غير معلوم البطلان بمجرد إنكاره فيريد الراهن بطلانه حتى يتصرف في العبد بما يريد.

وأيضا قد يكون ممّا اشترط حفظه ، ونقصه عليه بوجه من الوجوه ويريد هو الخلاص من ذلك ، فيحلف.

وأيضا قد يكون شرطا رهنا في بيع لازم فيريد الخروج عن العهدة ، فإذا قبل خرج ، وإذا لم يقبل يطلب منه رهنا ، فيحلف لذلك ، وغير ذلك من الفوائد وبالجملة ان تصوّر له نفع لو أنكر يحلف ، والا فلا ، والظاهر انه قد يترتب ، فتأمّل.

__________________

(١) نافية بقرينة ما يأتي من قوله قده : فإذا لم يرد إلخ.

١٨٠