مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٩

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٩

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٣

ولو شهد الشاهد بأنه أقرّ له بدار كانت ملكه الى حين الإقرار ، بطلت الشهادة.

ولو قال : هذه الدار لفلان وكانت ملكي إلى وقت الإقرار أخذ بأوّل كلامه.

ويشترط كون المقرّ به تحت يده.

______________________________________________________

للغير ، لان الاحتمال ولو كان نادرا ينفي لزوم الإقرار عملا بالاستصحاب.

يحتاج إلى التأمل فتأمّل.

وأما وجه بطلان الشهادة ـ لو شهد الشاهد بأنه أقر لفلان بدار كانت ملكه الى حين الإقرار ـ فظاهر ممّا تقدم ، وهو المنافاة ولا يلتفت الى التأويل المصحّح للشهادة.

قوله : «ولو قال هذه الدار لفلان إلخ» في الأخذ بأول الإقرار ـ في مثل قول (هذه الدار لفلان وكانت ملكي إلى أول وقت الإقرار) ـ هو المذكور في أكثر الكتب.

ولي فيه تأمل بناء على ما تقدم من القاعدة خصوصا مع قول التذكرة فيما تقدم حيث قال : ولا يحتمل ان يقال آه.

قوله : «ويشترط كون المقرّ به تحت يده» الظاهر ان المراد باشتراط كون المقرّ به تحت يد المقرّ ، كونه حال الإقرار وتصرفه فيه تصرفا ملكيّا ليخرج نحو إقرار المستعير ملكيّة المعار في ترتب جميع الاحكام ، والا فيترتب عليه بعض الأحكام بدون الشرط كما سيأتي في إقراره بحريّة عبد الغير ، فإن إقراره هنا ليس بلغو لا حكم له أصلا ولهذا لا يجوز له ان يأكل من كسبه بغير اذنه ان كان صادقا وان اذن له المولى ويمنعه الحاكم من ذلك وهو ظاهر.

قال في التذكرة : يشترط في القضاء والحكم بالإقرار بالملكيّة ـ لمن أقرّ له كون المقرّ به تحت يد المقرّ وتصرفه فيه ، فلو أقرّ بما ليس في يده ، بل في يد الغير ، كعبد

٤٢١

فلو أقرّ بحرّية عبد غيره لم يقبل.

فلو اشتراه كان فداء من جهته وبيعا من جهة البائع.

فلا (ولا خ) يثبت فيه خيار الشرط والمجلس.

______________________________________________________

زيد ، أقرّ به لغيره ، لم يحكم بثبوت الملكيّة في العبد للمقرّ له بمجرد الإقرار ، بل يكون دعوى أو شهادة ، ولا يلغوا الإقرار من كلّ وجه ، بل لو حصل المقرّ به في يده بملكيته ظاهرة ، أمر آه (١).

ويحتمل ان يكون كونه شرطا في ترتب الأحكام حال الحكم لا حال الإقرار بصحّته ، وهو بعيد يأباه.

قوله : «فلو أقرّ بحرّية عبد غيره إلخ» أي لو قال لمن هو عبد ظاهرا في يد شخص ، أنه حرّ لا يقبل ذلك أي لا يصير حرّا كما لو كان في يده وقال ذلك ، بل هو شاهد واحد على ذلك ، فلمالكه بيعه على غيره وعليه أيضا على الظاهر ، إذ قد يوجد بشرائه ظاهرا غرض صحيح ، مثل استنقاذه وتخليصه من العبوديّة ، فليس بواضح كون الشراء ظاهرا له حراما حتى يكون معاونة على بيعه كما قيل في البيع لمن يجوز له البيع بعد نداء يوم الجمعة على من لا يجوز له ذلك ، وكما في تزويج شخص ممن يقرّ بتحريمها عليه لبنا أو رضاعا ، ولو وجد في مثله أيضا وجه صحيح ، مثل تخليصه من يد ظالم لا شكّ في جواز إيقاع صورة العقد إن لم يندفع الا به ، بل يحتمل وجوبه فتأمّل.

ثمّ لا شكّ ان ليس هنا شراء حقيقيّ بحسب ظاهر الشرع ، ولو كان كاذبا في نفس الأمر يكون شراء بحسب نفس الأمر ، وقالوا : فلا يترتّب عليه حينئذ أحكام الشراء بالنسبة اليه ، وكأنّ مرادهم بحسب ظاهر الشرع ، واما بحسب نفس الأمر فهو مكلف بمقتضاه.

فلا يثبت له خيار الشرط لو شرط ، ولا خيار المجلس ، ولا خيار الحيوان ، إذ

__________________

(١) إلى هنا عبارة التذكرة ٢ : ١٥٠.

٤٢٢

ثم يحكم بالعتق على المشتري.

______________________________________________________

شراءه هنا استنقاذ الحرّ من العبوديّة الباطلة.

قال في التذكرة : هذا من جانبه إجماعا (١) ، فيحكم (٢) بحرّيته بعد شرائه ، والآمر يرفع يده عنه عملا بإقراره ، ولا شكّ في ذلك بالنسبة الى ما يفعل معه المقرّ فليس له إعماله وأخذه كسب يده ، بل يعامل معه معاملة الأحرار.

واما الحكم بكونه حرّا مثل الإقرار بالنسبة إلى غيره ، فلا.

والحكم بان ليس له أحكام الشراء مطلقا ، لا يخلو عن بعد ، إذ ينبغي ان يكون له ذلك بالنسبة إلى إقرار البالغ ، فله ان يأخذ الأرش وخيار الغبن ، وأخذ ما غبن فيه ، بل لو فسخ في المجلس ينبغي ان يقبل منه.

وكذا باقي الخيارات ، فإن البائع والحاكم باعتقاد البيع وان لم يكن بالنسبة إليه بيعا ، بل افتراء واستنقاذا.

والظاهر انه ما وجب التزام أحكام البيع اللازم من جميع الوجوه عليه بإقراره الحرّية والتزام الاستنقاذ والافتداء ، فله ان يرجع عن الاستنقاذ ، إذ هو غير لازم فلا يمكن الحكم عليه بأكثر من أحكام الشراء اللازم بحسب ظاهر الشرع ، نعم ليس له بحسب إقراره تسليمه اليه ، ولكن قد يؤخذ منه بعد أخذ ثمنه قهرا ويحكم الحاكم بعد سماع الإقرار في حق الغير.

بل الظاهر وجوب ردّ الثمن من البائع على المشتري لو فسخ البيع بأحد الوجوه الجائزة في البيع ، بل لا يبعد للمشتري جواز أخذ ثمنه قهرا وسرقة وعلى أي وجه اتفق دون ردّ المبيع ان لم يكن (٣) قصد التصدق والقربة في استنقاذ الحرّية ،

__________________

(١) عبارة التذكرة هكذا : إذا كان صورة إقراره ان عبد زيد حرّ الأصل ، أو أنه أعتق قبل ان أشتريه فإذا اشتراه فهو فداء من جهته إجماعا (انتهى).

(٢) هذا التفريع من الشارح قده.

(٣) هكذا في النسخ المخطوطة والمطبوعة : بدون الواو ، ولعل الصواب : وان لم يكن زيادة مع الواو ليكون قوله قده أخذ الثمن منه جوابا له.

٤٢٣

فان مات العبد ولا وارث له وله كسب أخذ المشتري الثمن.

ولو قال : له في ميراث أبي أو من ميراث أبي أو في هذه الدار ، مأة ، فهو إقرار.

______________________________________________________

أخذ الثمن منه.

ثم ان مات العبد وله مال ، ملكه بعد الاستنقاذ والحكم بالحريّة ، فقال المصنف وغيره : يأخذ المشتري ثمنه من ماله.

كأنّ وجهه انه مال البائع بالولاء فيأخذ ثمنه اقتصاصا حيث تعذر العين والعوض ، هذا.

وفيه تأمّل ، إذ يحتمل كونه حرّ الأصل أو معتق (١) في كفارة ونحو ذلك فلا يكون ماله للبائع ، بل اما لورثته مع الوجود ، ومع العدم للإمام عليه السلام.

نعم ان كان للبائع في غير الكفارة ، بل تبرعا ، غير مبرئ عن ضمان حرّيته ولم يكن له وارث ويكون الإقرار على هذا الوجه ، ولا يكون متبرعا في الافتداء ومتقرّبا الى الله في تخليص حرّ ، فإنه حينئذ يكون الثمن بمنزلة التصدق حيث صرف في البرّ لله لاستنقاذ حرّ عن العبوديّة ، ويكون قصده الأخذ منه مهما أمكن وتعذّر ذلك بالكليّة إلا عن هذا المال.

فليس ببعيد جواز أخذ الثمن ، بناء على ان ماله للبائع ، لأن الولاء له حينئذ على ما قالوا ، فيمكن حمله عليه ، وفي هذا الحكم تأييد لبعض ما تقدم فافهم.

وهذا كلّه على تقدير صدقه.

واما ان كان كاذبا فالمبيع عبد له يفعل به ما يجوز فعله بالعبد من الاستخدام وغيره ان تمكن ، وماله بعده ، له بناء على ان مال العبد لمولاه فتأمّل.

قوله : «ولو قال : له في ميراث أبي إلخ» وجه كون قوله : (في ميراث

__________________

(١) ولعل الصواب بل الظاهر معتقا بالنصب.

٤٢٤

بخلاف ، له في ميراث (ثي خ) من أبي أو من ميراثي (من أبي خ) ، أو في داري هذه ، أو في مالي.

______________________________________________________

أبي ، أو من ميراث أبي مائة) مثلا إقرارا ، ظاهر ، لان هذا الكلام كالصريح في ان للمقر له دين على أبيه ومتعلّق بتركته ، وان له استحقاقا في ذلك ، ولا فرق بين ان يقول : (على أبي مائة) وبين ما تقدم.

بخلاف ، (له في ميراثي من أبي أو من ميراثي من أبي أو في داري أو في مالي مائة) فان ظاهره تناقض ، لان ظاهر (له) ملكيّة المقر له ، وظاهر الإضافة ملكيّة المقرّ ، فإذا حمل على الظاهر فلا حكم لهذا الكلام ، فلا إقرار.

وإن أردنا تصحيحه بالتأويل ، لعدم حمل كلام العقلاء على اللغو والتناقض كما هو مقتضى القاعدة ، يحتمل (١) ان تكون الإضافة لأدنى ملابسة فيكون المجاز في الإضافة وحينئذ يكون إقرارا.

ويحتمل أن يقال : المجاز في (له) فانّ المراد الإنشاء والوعد بالتملك بالهبة ونحوها ، والإضافة لتكون على أصلها ، وحينئذ لا يكون إقرارا.

وظاهر أولويّة الثاني لأصل براءة الذمة والاستصحاب.

قال في التذكرة (٢) : ولا يحتمل ان يقال : انه أضاف إلى نفسه لما بينهما من الملابسة (إلى قوله) : لأن الاحتمال ولو كان نادرا ، ينفي لزوم الإقرار عملا بالاستصحاب.

وقال في موضع آخر (٣) منها قاعدة الإقرار ، الأخذ بالقطع والبت والحكم بالمتيقن.

__________________

(١) جواب لقوله قده : وان أردنا.

(٢) في أواخر الفصل الثاني من كتاب الإقرار.

(٣) في أوائل الفصل الثاني من كتاب الإقرار.

٤٢٥

ولو قال في هذه المسائل : بحقّ واجب أو بسبب صحيح ونحوه صحّ.

______________________________________________________

وفي موضع آخر منها اللفظ قد يكون صريحا في التصديق وينضم إليه قرائن تصرفه الى الاستهزاء والتكذيب ، ومن جملتها الأداء والإبراء وتحريك اللسان الدال على شدة التعجب في الإنكار ، فعلى هذا يحمل قوله : (صدقت) وما في معناه على هذه الحالة فلا يكون إقرارا ، فإن وجدت القرائن الدالّة على الإقرار حكم به آه (١).

لأنه ان حمل على الظاهر فليس بإقرار ، وان حمل على غيره فهنا احتمالان ، الإقرار ، وعدمه فان سلّم تساويهما فترجح الثاني بالأصل والاستصحاب.

واما إذا انضمّ الى جميع الصور التي قيل بعدم الإقرار فيها ، مثل قوله : (بحق واجب أو بسبب صحيح) فقد أكّد كونه إقرارا ودفع التناقض بإرادة المعنى المجازي الذي مستلزم للإقرار ، لا المجازي الذي مستلزم لعدمه ، كما هو عادة التأكيد فصار قرينة صريحة صارفة عن الحقيقة والمجاز اللذين يستلزمان عدم الإقرار ، فصار كالصريح في الإقرار.

وهذا تحرير هذه المسائل.

فلا يرد حينئذ ما أورده المحقّق الثاني وغيره على هذه المسائل في كلامهم ، مثل قوله (٢) في شرح القواعد : فإذا قال : داري لفلان لم يمتنع ان يكون المراد الدار التي هي بحسب الظاهر لي ، ملك لفلان إلخ.

وقوله (٣) : الا ان يقال : المتبادر من قوله : (داري التي هي بحسب الواقع لي) (إلى قوله) : ولا يضرّ ذلك لأنه ان سلّم كونه متبادرا فشيوع الآخر في

__________________

(١) وتتمة العبارة : وان وجدت القرائن الدالّة على غيره حكم بعدم الإقرار (انتهى).

(٢) يعني المحقق الثاني في جامع المقاصد ج ١ ، ص ٥٣.

(٣) عطف على قوله قده : (قوله في شرح القواعد ، وكذا قوله أيضا معترضا إلخ).

٤٢٦

.................................................................................................

______________________________________________________

الاستعمال ، أمر واضح.

وقوله ـ أيضا معترضا على الشيخ وابن إدريس حيث ذهبا الى عدم الإقرار في مثل (داري) ، والى الإقرار بعد ضم الأمور المتقدمة ـ : ولا ريب ان الإضافة بأدنى ملابسة مجاز الا انه لا يضرّ ذلك ، لانه استعمال شائع مشهور ، والتناقض (١) الذي فرّ منه الشيخ وابن إدريس في الفرض لا يندفع بقوله : بأمر حق واجب إلخ.

وكذا قوله (٢) : ولقائل أن يقول التناقض المدّعى لزومه ، في قوله : (داري لفلان) ، لازم هنا لأنّ ما كان ميراثا لأب المقر فهو ملك له أو على حكم مال الميّت مع الدين ، وعلى كل تقدير فليس ملكا للمدين ، وقد اقتضى الإقرار كونه ملكا له ، (فان قيل) المراد بقوله : (له في ميراث أبي) استحقاق ذلك (قلنا) : هو خلاف الظاهر ، فإنه خلاف الوضع اللغوي والشهير في الاستعمال العرفي ، وإذا جاز ارتكاب مثل هذا هنا ، ففيما سبق أولى.

وكذا قوله (٣) : بعد ملاحظة ما قلنا ، ولا يظهر فرق بين المسألتين (أي بميراث أبي) و (ميراث من أبي) والأقوى صحّة الإقرار فيهما.

__________________

(١) في المبسوط : والفرق بين المسألتين انه إذا قال في ميراثي من أبي فقد أضاف الميراث الى نفسه وإذا جعل جزء (له) من ماله لم يكن ذلك الا على وجه الهبة ، واما إذا أضيف إلى نفسه فما جعل له جزء من ماله ، وانما أقر له بدين في تركة أبيه (الى ان قال) : هذا كلّه إذا لم يقل بحقّ واجب ، فسواء اضافه الى نفسه أو لم يضفه فإنه يكون إقرارا ولا يكون هبة لأن الهبة لا تكون حقا واجبا (انتهى).

(٢) وفي السرائر : وإذا قال له عليّ من ميراث أبي ألف درهم لم يكن أيضا إقرارا ، لأنه أضاف الميراث الى نفسه ثم جعل له جزء ولا يكون له جزء من ماله الا على وجه الهبة أو الصدقة ، ولو قال : له من ميراث أبي ألف درهم كان ذلك إقرارا بدين في تركته ، وهكذا لو قال : داري هذه لفلان لم يكن إقرارا لمثل ما قدمناه لان هذا مناقضة (الى ان قال) : فاما إذا قال : هذه داري ، أو داري لفلان بأمر حق ثابت كان إقرارا أيضا صحيحا (انتهى).

(٣) عند شرح قول المصنف في القواعد : ولو قال : له في ميراث أبي. إلخ.

٤٢٧

ولو قال : لفلان عليّ شي‌ء أو مال قبل تفسيره بأقلّ ما يتموّل.

ولا يقبل بالحبّة من الحنطة.

______________________________________________________

وكذا قوله (١) : وقد قدمنا ما يدل على عدم الفرق في الحكم ـ أي (٢) بين قوله : (له من هذه الدار كذا) وبين (من داري) أو (مالي).

وكذا قوله (٣) : وقد عرفت ان هذا القول ـ أي ـ بحق واجب أو سبب صحيح ونحوه ـ :

لا يدفع التناقض فيما قدّمناه ، بل يؤكّده ، فإن جعل دليلا في العدول عن الظهور فبقوله : (داري) و (ملكي) فصحّة الإقرار صالحة للدلالة على ذلك أيضا وان كانت مع هذا القول آكد.

قوله : «ولو قال : لفلان عليّ شي‌ء إلخ» قد عرفت أنه لا يشترط في الإقرار ، المعلوميّة ، بل يصحّ بالمجهول ، فلو قال لزيد علي شي‌ء لزمه ما صدق عليه شي‌ء ، فان لم يفسر حبسه الحاكم حتى يفسّره ، فان فسّره بما يتموّل عادة قبل ذلك من غير خلاف وان كان أقل ما يتموّل.

وان فسّر بما لا يتموّل عادة ، ولكن كان من جنس ما يتموّل عادة كالحبّة من الحنطة والسمسم ، فجزم المصنف هنا بعدم القبول ، لان المتبادر من (له علي شي‌ء) ما يتموّل عادة ويسمع دعواه ، والحبّة ليست كذلك.

ولكن قال في التذكرة : فالأقوى القبول (وهو أصحّ وجهي الشافعية) فإنه شي‌ء يحرم أخذه ، وعلى من أخذه ردّه (٤).

ويمنع عدم سماع الدعوى ، ويؤيّده أصل براءة الذمة وصدق اللفظ الذي

__________________

(١) في شرح قول المصنف ره : ويصح لو قال من هذه الدار إلخ ص ٥٤٧.

(٢) تفسير من شارح هذا الكتاب قدس سره.

(٣) في شرح قول المصنف ره : ولو قال في ذلك كلّه بحق واجب أو سبب صحيح إلخ.

(٤) إلى هنا عبارة التذكرة.

٤٢٨

ولا بكلب الهراش ، ولا السرجين.

وجلد الميتة والخمر والخنزير.

______________________________________________________

أقرّ به عليها في الجملة ، والضابطة المتقدمة ، والزبيبة والتمرة كذلك (١).

وان لم يكن من جنس ما يتموّل ـ ولكن له منفعة يعتدّ بها عادة ويجوز اقتناؤه كالسرجين الطاهر ، وان لم يكن له منفعة يعتدّ بها المقصودة ككلب الهراش ـ فجزم المصنف بعدم القبول أيضا فيهما ، كأنه لما مرّ.

قال في التذكرة : في الكلب المعلّم والسرجين اشكال أقربه ، القبول ، لأنها أشياء يثبت فيها الحقّ والاختصاص ويحرم أخذها ويجب ردّها (٢).

كأنه الأولى لما تقدم ، على انه قد يقال : الكلب المعلم يتموّل على العادة ، بل السرجين أيضا وكلب الهراش نجد أنّ الأصحاب يصرّحون بعدم تملكه والاعتداد بنفعه ، ولا يبعد قبوله عند من كان يعتدّ بمثله.

واما كلب الماشية والزرع والحائط والكلب القابل للتعليم ، فملحق بالمعلّم صرح به في التذكرة (٣).

وامّا ان فسره بما لا يجوز الانتفاع به واقتنائه ، مثل جلد الميتة والخمر والخنزير والكلب الذي لا منفعة له أصلا فلا تقبل عندنا قاله في التذكرة (٤) ، كأنه مجمع عليه.

ولا يبعد قبوله إذا كان القائل (القابل خ) ممن يعتقد جواز الانتفاع بها ،

__________________

(١) يعني تفسير الشي‌ء بالزبيبة والتمر ، كتفسيره بالحبّة في عدم القبول.

(٢) الى هنا عبارة التذكرة.

(٣) حيث قال : وكلب الماشية والزرع والحائط ملحق بالمعلم (انتهى).

(٤) حيث قال : وان لم يكن من جنس ما يتموّل فامّا ان يجوز اقتناؤه لمنفعة أولا (الى ان قال) والثاني كالخمر التي لا حرمة لها أو الخنزير وجلد الكلب والكلب الذي لا منفعة فيه ، وهذا لا يقبل تفسيره به عندنا (انتهى).

٤٢٩

ولا ردّ السلام أو (وخ) العيادة ، ولو لم يفسّر حبس حتى يفسّر.

______________________________________________________

سواء كان كافرا أو مسلما ، مخالفا أو موافقا ، جاهلا يمكن كونه جاهلا بمثله ، فتأمّل.

قال في التذكرة : لو قال : له عليّ شي‌ء ، وفسره بالخنزير والخمر قبل على اشكال آه.

واما التفسير بردّ السلام والعبادة ، ومثلهما تسميت العاطس ، وجواب الكتاب ، فجزم المصنف أيضا بعدم القبول ، لان المتبادر من مثل (له عليّ شي‌ء) ثبوت مال في ذمته ، والذي يسمع دعواه ، المطالبة وهذه الأشياء تسقط بالفوات قاله في التذكرة (١).

ويحتمل عدم السقوط ، فيجب الرد فيما هو واجب ، ويستحب في المستحب مع بقاء محلّه ورأيت في كتاب النووي ، انه يصحّ ان يبرأ عن حق السلام ، فيحتمل القبول لما تقدم ، ولما سيأتي من قبول تفسير مال عظيم بأقلّ ما يتموّل ، لاحتمال ارادة عظيم خطره حيث يكفر مستحلّه.

ولا شكّ ان حمل (له عليّ شي‌ء) على ردّ السلام ليس بأبعد منه ، ولأنه لفظ صالح لذلك الحمل ويدّعيه المقر ، والأصل حمل كلام الغير على الصحّة.

قال في التذكرة : يحتمل القبول إذا أراد ان عليّ ردّ السلام إذا سلم وتسميته إذا عطس ، لما روي في الخبر : للمسلم على المسلم ثلاثون حقا. يردّ سلامه ، ويسمّت عطسته ويجيب دعوته آه (٢).

__________________

(١) في التذكرة ـ بعد حكمه بعدم القبول ـ : ما هذه عبارته ، لبعده عن الضم في معرض الإقرار ، إذ لا مطالبة بهما ، والإقرار في العادة بما يطلب المقرّ له ويدّعيه ، ولأنهما يسقطان لفواتهم ولا يثبتان في الذمة ، والإقرار يدل على ثبوت الحق في الذمة وكذا لو فسّره بتسميت عطسته (انتهى).

(٢) الوسائل باب ١٢٢ قطعة من حديث ٢٤ من أبواب أحكام العشرة من كتاب الحج ج ٨ ص ٥٥٠ وفيه : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : للمسلم على أخيه ثلاثون حقا لا براءة له منها الا بالأداء ، أو العفو (الى

٤٣٠

ولو فسّر بدرهم ، فقال المدعي أردت العشر لم يقبل دعوى الإرادة.

بل له أن يدّعي على العشرة فيقدم قول المفسّر (المقر خ ل).

______________________________________________________

قال في التذكرة : اما لو قال : له عليّ حق ، فإنه يقبل التفسير بالعبادة وردّ السلام وقال بعض الشافعيّة : لا فرق بين ان يقول : له عليّ شي‌ء أو حق كيف والحق أخصّ من الشي‌ء ، فيبعد ان يقبل تفسير الأخص بما لا يقبل تفسير الأعم فتأمّل.

واما الفرق بين الشي‌ء والمال فظاهر ، فإنه لا يقال لنحو رد السلام مال ، ويقال : له شي‌ء بلا شكّ فلا يقبل تفسيره وان قبل تفسير الشي‌ء به فالجمع بينهما في حكم واحد محلّ التأمّل.

وقال في التذكرة : إذا قال : له عليّ مال يقبل تفسيره بأقل ما يتموّل ولا يقبل تفسيره بما ليس بمال إجماعا كالكلب والخنزير وجلد الميتة ، ويقبل بالتمرة ، الواحدة (إلى قوله) : وكذا لو فسّره بالحبّة من الحنطة والشعير.

قوله : «ولو فسر بدرهم إلخ» أي لو قال : له عليّ شي‌ء أو مال ثم فسّره بدرهم مثلا أو بمائة أو قال المقر : أردت بالشي‌ء أكثر من درهم كالعشرة والمائتين ، فان صدّقه فذلك ، وان كذّبه ، فقال المصنف لم يقبل دعواه يعني لا يسمع هذه الدعوى ولا يعمل بمقتضاه من البيّنة واليمين فإنه دعوى اطلاع على باطنه وذلك ممّا لا يمكن.

نعم له ان يدّعي عليه عشرة فيكون هو مدعيا عليه البيّنة ، فالقول قول المقرّ مع يمينه ويمكن ان يدعي إرادة ذلك لوجود قرائن تدل عليه فكأنه يكون حينئذ مدعيا لوجودها فتأمّل.

__________________

ان قال) ويجيب دعوته (الى ان قال) ويسمت عطسته ويرشد ضالته ويرد سلامه الحديث.

٤٣١

ولو فسّر بالمستولدة قبل.

ولو قال : مال عظيم أو نفيس أو كثير أو جليل ، أو خطير ، أو مال أي مال ، قبل تفسيره بالأقلّ.

______________________________________________________

قال في التذكرة : وحلف (١) المقرّ على انه ما أراد مائتين ، وانه ليس عليه الا مائة ويجمع بينهما في يمين واحدة وقال (٢) بعض الشافعيّة : لا بد من يمينين ، والمشهور الأول ، فإن نكل المقر حلف المقرّ له على استحقاق المائتين ولا يحلف على الإرادة لعدم إمكان الاطلاع عليها (٣).

وهذا يشير بسماع الدعوى ، ولكن لا يمكن الحلف عليه ، لانه لا بد فيه من العلم ، ويبعد العلم على الإرادة ، ويمكن كون المقصود هنا أيضا ذلك على انه قد يعلم الإرادة بالقرائن فيصح الحلف ان علم فتأمّل.

ولهذا قال في التذكرة : يصح حلف الوارث بعد موت القمر بعدم إرادة الزيادة إذا ادعاه المقر له وخصوصيّة الوارثيّة لا دخل لها وان كانت الخلطة أكثر فتأمّل.

ولا ينبغي النزاع في قبول تفسيره بأم الولد ، لأنها مملوكة ، وشي‌ء ، ومال ، فيصحّ الإقرار بها.

قوله : «ولو قال : مال عظيم إلخ» لعل دليل قبول التفسير في ذلك كلّه بأقل ما يتموّل ، ما تقدم ، وما قال في التذكرة : لو قال : له عليّ مال عظيم أو جليل (٤) أو مال وأيّ مال ، قبل تفسيره بأقل ما يتمول أيضا كما قال (٥) (مال)

__________________

(١) صدره في التذكرة هكذا : وان قال : أراد به المائتين حلف المقر على انه ما أراد مائتين إلخ.

(٢) في التذكرة : وبه قال بعض الشافعيّة ، وقال بعضهم لا بد إلخ.

(٣) إلى هنا عبارة التذكرة وزاد فيها بخلاف ما إذا مات المقرّ وفسر الوارث وادّعى المقر له زيادة فإن الوارث يحلف على ارادة المورث لانه قد يطلع من حال مورثه ما لا يطلع عليه غيره (انتهى).

(٤) في التذكرة بعد جليل : أو نفيس أو خطير أو غير تافه أو مال إلخ.

(٥) في التذكرة : مال لم يزد عليه.

٤٣٢

.................................................................................................

______________________________________________________

لانه يحتمل أن يريد به عظم خطره ، بكفر مستحلّه ووزر غاصبه والجائر فيه ، ولأن أصل ما يبنى عليه الإقرار ، الأخذ بالمتيقن والترك لغيره ، ولا يعتبر الغلبة (١) وقال في (٢) موضع آخر : والأصل في ذلك انه ليس في العظيم حدّ في الشرع ولا في اللغة ، ولا في العرف والناس مختلفون (يختلفون ـ التذكرة) في ذلك فبعضهم يستعظم القليل ، وبعضهم لا يستعظم الكثير فلم يثبت في ذلك حدّ يرجع اليه ، ولا في اللغة ، ولا في العرف قانون يعوّل عليه فيرجع المقر الى تفسيره وبيانه لأنه أعرف بمراده (٣).

ثم نقل الخلاف عن الشيخ في الكثير (٤) بأنه لو قال : له عليّ مال كثير يلزمه ثمانون ، بناء على الرواية التي تضمّنت أن الوصيّة بالمال الكثير وصيّة بثمانين.

ولكن (٥) الرواية خلاف الأصل وما تقدم ، ولم يثبت كون غزاة النبيّ صلّى الله عليه وآله ثمانين ، وارادة ذلك بقوله (مواطن كثيرة) ، وعلى تقديره لم يكن حجّة لاحتمال كون ذلك اتفاقا ثمانين لا انه موضوع له ، فلا يدل على عدم إطلاقه على أقل من ذلك.

ونقل ان العامة قالوا : ان مواطنه كانت اثنين وسبعين ، ولا شكّ في صدق الكثير على أقل من ذلك ، فقال «كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً» (٦) ،

__________________

(١) الى هنا عبارة التذكرة.

(٢) المناسب ان يقول : (الى قوله) الأصل إلخ لأن هذه العبارة عقيب تلك العبارة بفصل أسطر في مسألة واحدة.

(٣) إلى هنا عبارة التذكرة.

(٤) في المبسوط : وان قال له عندي مال كثير كان ذلك إقرارا بثمانين على الرواية التي رويت فيمن اوصى بمال كثير انه ثمانون (انتهى).

(٥) لم نعثر على هذه الرواية كما سينبّه عليه الشارح قده أيضا وانما وردت في النذر فراجع باب ٣ من كتاب النذر من الوسائل ج ١٦ ص ١٨٦ فيه اربع روايات.

(٦) البقرة ـ ٢٤٩.

٤٣٣

ولو قال أكثر من مال فلان (ممّا لفلان خ) الزم بقدره وبزيادة (أو زيادة خ) ويرجع فيها اليه.

______________________________________________________

«واذكروا اسمَ الله كثيراً (١) ، قال في التذكرة (٢) : وله أمثال كثيرة في القرآن ان اقتصرت ، وأصحابنا التجأوا في ذلك الى الرواية وكانت المواطن عندهم ثمانين موطنا ، إذا عرفت هذا فنقول : تقصر الرواية على ما وردت عليه ، ويبقى الباقي على الاجمال.

وبالجملة ينبغي حفظ الضابط وعدم الخروج عنها الّا بدليل ، فان كانت الرواية صحيحة ، أو العمل بها في موردها مجمعا عليه ، والّا فيعمل فيه أيضا بالضابطة فتأمل.

إلّا أنّ الرواية مرسلة والإجماع غير معلوم.

ثم اعلم ان الرواية وردت في نذر المتوكّل (٣) ، فالذي قدمناه من التذكرة أنها في الوصيّة محلّ التأمّل ، لعلّها رواية أخرى وردت في الوصيّة ، وعدم علمنا بها لا يضرّ بمثل المصنف قدّس الله سرّه.

قوله : «ولو قال أكثر من مال فلان إلخ» وجه إلزامه بمثل مال فلان والزيادة ، ظاهر ، فان مقتضى الإقرار ذلك.

وكذا كون الرجوع في تفسير الزيادة إليه فيقبل بما فسّره به فإنه بمنزلة (له

__________________

(١) الأحزاب ـ ٤١ والآية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً.)

(٢) الاولى نقل عبارة التذكرة وهي هكذا : وقال الليث بن سعد : يلزمه اثنان وسبعون درهما لان الله قال : «(لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ) وكانت غزواته صلّى الله عليه وآله وسراياه اثنين وسبعين. وهو غلط لان ذلك ليس بحدّ لأقلّ الكثير ، وانما وصف ذلك بالكثرة ولا يمنع ذلك وقوع الاسم على ما دون ذلك وقد قال الله تعالى «كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً» ، وليس المراد ما ذكره ، وكذا قوله تعالى «اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً» ولم ينصرف الى ذلك وله أمثال كثيرة في القرآن ، وأصحابنا التجأوا في ذلك الى الرواية وكانت المواطن ثمانين موطنا إذا عرفت هذا (الى آخر ما نقله الشارح قدّس سره).

(٣) قد أشرنا إلى انها أربع روايات ، نعم في اثنين منها قصّة نذر المتوكل وفي اثنين منها لا تكون هذه القصّة فلاحظ ج ١٦ من الوسائل ص ١٨٦ باب ٣ من كتاب النذر.

٤٣٤

ويصدق لو ادعى ظن القلّة.

أو ادعى ان ارادة الدين أكثر بقاء من العين ، أو ان الحلال أكثر بقاء من الحرام.

ولو قال : كذا درهما فعشرون:

______________________________________________________

عندي كذا) فعليه تفسيره فيجب القبول ولا يجوز الطلب بأكثر.

وكذا قبول قوله في (انه ظنّ القلّة) فيقبل مقدار ما قال به والزيادة ، لأن المال قد يخفى ، وقد يظن غيره قلّته فهو أمر ممكن ويدعيه المقر وليس الإلزام إلّا بقوله ويقول : هذا قولي وإرادتي ، فيقبل لما تقدم.

وكذا دعواه إرادة ان الدين أكثر بقاء من العين والحلال أكثر بقاء من الحرام ومال فلان عين أو حرام ، والأصل في ذلك كله ما تقدم من الضابطة فتذكرها.

قوله : «ولو قال : كذا درهما فعشرون» الإقرار ب (كذا) مثل الإقرار ب (الشي‌ء) المبهم ، سواء كرره أم لا ، ومع التكرار ، يحمل على التأكيد وسيجي‌ء ، فلو لم يأت بتمييزه يقبل تفسيره بما أمكن ، مثل تفسير الشي‌ء ، قاله في التذكرة.

وأما مع التميّز الدرهم المنصوب ، فقال : يلزمه عشرون درهما ، لأنّ أقلّ عدد مفرد يكون تمييزه منصوبا ، هو عشرون و (كذا) كناية عنه.

وفيه تأمّل لأن (كذا) كلمة برأسها ويجوز كون تمييزها منصوبا مفردا ولزمه درهم ، ويؤيده ما تقدم من الضابطة ، وينبغي القبول منه على تقدير دعواه وعدم الإلزام بأكثر من ذلك ان لم يقبل أو لم يكن يقبل أو لم يمكن الاستعلام.

قال في التذكرة : لو قال : كذا درهما لزمه درهم واحد وكان الدرهم منصوبا على التمييز لا تفسير لما أبهم (أبهمه خ) (١) ، وقال أبو حنيفة : يلزمه عشرون

__________________

(١) في التذكرة وقال بعض الكوفيين : انه منصوب على القطع ، كأنه قطع ما ابتدء به وأقر بدرهم وبه

٤٣٥

ولو جرّ فمأة.

ولو رفع فدرهم.

ولو قال : كذا كذا درهما فأحد عشر.

______________________________________________________

درهما ، لأنه أقل اسم عدد مفرد ينصب الدرهم المفسّر عقيبه ، وهو جيّد ان كان المقر عارفا بالعربيّة ، والأقرب الأول لأنه المتيقن (١) ، وفيه تأمّل لا يخفى.

ولو جرّه فقال هنا بلزوم المائة ، وجهه ان أقل عدد مفرد يكون تمييزه مجرورا هو المائة ، وقال في التذكرة : وان جرّه لزمه بعض درهم وصار تقديره له عليّ جزء درهم أو بعض درهم ويرجع في تفسير قدره اليه ، وتكون (كذا) (٢) كناية عن ذلك الجزء ، وقال بعض أصحاب أبي حنيفة انه يلزمه مائة درهم ، لأنه أقل عدد يضاف اسم العدد اليه وينجز به وما ذكرناه أولى ، لأنه المتيقن ، ولا ينظر إلى الاعراب في تفسير الألفاظ المبهمة (٣).

ولا يحتاج الى هذا التنزيل ، لأنه قد يكون المراد ب (كذا) بعض الدرهم وجزء الدرهم فيكون تمييزه مجرورا ، فالكناية مثل ما يكنى عنه ويمكن صحّة هذا وان كان القائل من أهل العربيّة.

والوقف كالجرّ.

وان رفعه ، قال في التذكرة : لزمه درهم واحد إجماعا ، والتقدير كذا هو درهم.

قوله : «ولو قال : كذا كذا درهما فأحد عشر» وجه كونه احد عشر ان أقل عدد مركّب يكون تمييزه منصوبا ، هو احد عشر ، هذا للعارف بالإعراب.

__________________

قال الشافعي وقال أبو حنيفة إلخ.

(١) إلى هنا عبارة التذكرة.

(٢) في عدّة نسخ (وكذا) تكون كناية إلخ.

(٣) إلى هنا عبارة التذكرة.

٤٣٦

(ولو قال خ) كذا وكذا درهما احد وعشرون ان عرف.

______________________________________________________

والظاهر ، الدرهم الواحد مطلقا كما لو قال : درهم ، فإنه يحتمل التأكيد كما مرّ.

قال في التذكرة : لو قال له : له عليّ كذا كذا فهو بمنزلة من لم يكرّر (١) ، فان نصبه لزمه درهم لا غير. وقال أبو حنيفة يلزم أحد عشر ، لأنه أقل عدد مركّب ينصب بعده التمييز ان كان عالما بالعربيّة ، والأجود ما قلنا تنزيلا للاقرارات على المتيقن لا على المظنون (٢) ولو رفع كان لزمه واحد أيضا وتقديره كذا كذا هو درهم ، ولا خلاف فيه ولو جرّ لزمه بعض درهم ، لاحتمال ان يكون قد أضاف جزء الى جزء ثم أضاف الجزء الآخر الى الدرهم فيصير كأنه قال : بعض بعض درهم ، ويقبل تفسيره وكذا لو وقف (٣) ، لاحتمال الجرّ.

ويحتمل في الوقف والجرّ كون كذا مضافا الى درهم والثاني تأكيدا فاصلا وتقدير درهم آخر بينهما كما قيل في تيم ، تيم عدي ، والحكم ما تقدم.

واما وجه كونه أحدا وعشرين إذا قال : كذا وكذا بالعطف ، انه تمييز أقل عدد مركب بالعطف ، إذ لا معنى للتأكيد مع العطف ، كذا لمن يعرف الاعراب ، والظاهر هنا أيضا مطلق الواحد.

قال في التذكرة : لو كرّر كذا مع العطف ، فان رفع الدرهم لزمه درهم واحد ، لأنه ذكر شيئين ثم أبدل منهما درهما واحدا ، فكأنه قال : درهما درهما ، ولو نصب فالأقرب انه يلزمه درهم واحد أيضا ، لأنّ كذا يحتمل ان يكون أقلّ من درهم ، فإذا عطف عليه مثله ثم فسرهما بدرهم واحد جاز ، وقال الشافعي يلزمه

__________________

(١) في التذكرة بعد قوله : لم يكرر : يلزمه درهم واحد ثم التقدير ان تقول : اما ان ينصب الدرهم أو يرفعه أو يجرّه أو يقف فان نصب لزمه درهم لا غير (الى ان قال) : وقال أبو حنيفة : يلزمه احد وعشرون درهما.

(٢) حيث أخرجت أصالة براءة الذمة عن أصلها ولو رفع إلخ (التذكرة).

(٣) إلى هنا عبارة التذكرة.

٤٣٧

ويرجع الإطلاق إلى نقد البلد ووزنه وكيله ، ومع التعدد الى ما يفسّره ، ويقبل تفسيره بغيره.

ويحمل الجمع على أقلّه وهو الثلاثة وان كان جمع كثرة.

______________________________________________________

درهمان (الى قوله) : ولو جرّ الدرهم لزمه درهم عند بعض الشافعيّة ، والحق انه يلزمه بعض الدرهم ، والتقدير انه يلزمه شي‌ء وبعض درهم ، وكلاهما بعض (١).

والظاهر ان حال الوقف مثل حال الجرّ لأنه أقل وقد مرّ ، فاكتفى بذلك.

ثم قال : لو قال : كذا وكذا درهما ، فان قلنا : إن كرّر مرّتين لزمه درهمان فهنا يلزمه ثلاثة ، وان قلنا : يلزمه درهم فكذا هنا (٢) ، والذي ينبغي العمل بالضابطة فتأمّل.

قوله : «ويرجع الإطلاق إلى نقد البلد إلخ» وجه رجوع الإقرار ـ إذا كان مطلقا ـ الى نقد البلد ان كان نقدا ، والى كيله ووزنه ان كان مكيلا أو موزونا مع الوحدة وعدم تفسير المقرّ به ، ظاهر.

كالرجوع الى تفسيره وقبول تفسيره بغير نقد البلد مع التعدد ، ولا يبعد القول مع الوحدة أيضا ، لأنه يمكن ان يراد غير المتعارف في البلد وان كان خلاف الظاهر لما تقدم ، فتأمل.

قال في التذكرة (٣) : يقبل مع كون التفسير أجود من نقد البلد أو مساويا وان كان ناقصا يحتمل القبول ، وهو الأقوى.

قوله : «ويحمل الجمع على أقلّه إلخ» ويحتمل القبول لو قال : أردت اثنين ، لأنّ مذهب جماعة انه الأقلّ أو مجازا والضابطة تقتضيه اختاره في التذكرة بل الواحد أيضا بتأويل ، مثل كونه كثيرا (كبيرا خ) أو كثير النفع ، فكأنه جمع ، فتأمّل.

__________________

(١) إلى هنا عبارة التذكرة.

(٢) منقول بالمعنى على نحو التلخيص فراجع البحث الرابع من كتاب إقرار التذكرة.

(٣) إلى هنا عبارة التذكرة.

٤٣٨

ولو قال : من واحد إلى عشرة فتسعة.

ولو قال : درهم في عشرة ولم يرد الحساب فواحد.

والإقرار بالظرف ليس إقرارا بالمظروف وبالعكس.

______________________________________________________

قوله : «ولو قال من واحد إلى عشرة إلخ» وجه كونه حينئذ تسعة ، خروج الابتداء عرفا دون الانتهاء أو العكس ، ويحتمل عدم خروج شي‌ء ، فيكون عشرة ، فالظاهر خروجهما فتكون الثمانية للضابط ، اختاره في التذكرة.

قوله : «ولو قال : درهم في عشرة إلخ» وجه كونه حينئذ واحدا من عشرة ظاهر ، بل لو لم يعلم ارادة الضرب والحساب ، فكذلك ، نعم لو صرّح بالضرب والحساب وكان عالما بذلك ولم يدع الجهل والنسيان يكون عشرة ، والكل واضح بحمد الله.

ولو كان من أهل الحساب وقال ذلك ، فان قال : ما أردت مصطلح الحساب بل ما تريد العامّة من كونه في عشرة فيكون واحدا ، أو مع العشرة فيكون أحد عشر ، يقبل منه لما تقدم قاله في التذكرة.

قوله : «والإقرار بالظرف ليس إقرارا بالمظروف وبالعكس» قال في التذكرة : الإقرار بأحد الشيئين لا يستلزم الإقرار بالآخر ، والظرف والمظروف شيئان متغايران ، فلا يلزم من الإقرار بأحدهما الإقرار بالآخر ، لأنّ الأصل ، البناء على اليقين (١) ، فلو قال : له عندي ثوب في منديل أو تمر في جراب ، أو لبن في كوز ، أو طعام في سفينة ، أو دراهم في كيس ، لم يدخل الظرف في الأقارير ، لاحتمال أن يريد : في جراب لي ، أو منديل لي (٢) ، ولا تناقض لو ضم هذه اللفظة إلى الإقرار (٣).

__________________

(١) في التذكرة : فلا يلزم من الإقرار بالظرف الإقرار بالمظروف ولا بالعكس فلو قال إلخ.

(٢) في التذكرة : وإذا احتمل ذلك لم يلزمه من إقراره ، المحتمل ولا تناقض.

(٣) في التذكرة : ولو كان اللفظ المطلق يدل على الإضافة إلى المقرّ له لزم التناقض مع التصريح بالإضافة إلى المقرّ وكذا لو قال إلخ.

٤٣٩

.................................................................................................

______________________________________________________

وكذا لو قال : غصبته زيتا في جرّة (١) ، وثوبا في منديل لم يكن مقرّا إلّا بغصب الزيت والثوب خاصّة دون الجرّة والمنديل (٢). وجهه ما تقدم.

ثم قال : ولو قال : له عندي غمد فيه سيف أو جرة فيها ماء (زيت ـ التذكرة) أو جراب فيه تمر ، فهو إقرار بالظرف خاصّة (٣) ، وكذا لو قال : غصبته فرسا في إصطبل (٤) أو غصبته دابة عليها سرج أو زمام أو بغلة عليها برذعة (٥) ، أما (٦) لو قال : غصبته عبدا على رأسه عمامة أو في وسطه منطقة أو في رجله خف فهو إقرار بها مع العبد ، لأنّ للعبد يدا على ملبوسه ، وما في يده ، فهو في يد سيّده ، فإذا (وإذا خ) أقر بالعبد للغير كان ما في يده لذلك الغير ، بخلاف المنسوب الى الفرس ونحوه ، فإنه لا يدلها على ما هو عليها (٧).

ويمكن ان يقال : لا تناقض لو قال : العمامة لي ، فلو ادعى ذلك لا يبعد قبوله (٨).

والتحقيق أنه يكون إقرارا بالعبد فقط ، ويكون ما عليه تحت يد السيد فيحكم له بظاهر اليد ان ثبت أن ما هو تحت يد العبد ، تحت يد سيده فيصحّ للمقرّ دعواه

__________________

(١) والجرّة بالفتح إناء معروف من خزف (مجمع البحرين).

(٢) الى هنا عبارة التذكرة.

(٣) في التذكرة : دون المظروف للتغاير الذي قلناه وعدم الاستلزام بين الإقرار بالشي‌ء والإقرار بغيره ، ولصدق الإضافة إلى المقر في المظروف ولو قال : غصبته إلخ.

(٤) في التذكرة : فهو إقرار بالفرس خاصّة ، ولو قال : غصبته دابّة إلخ.

(٥) بالذال والدال ، الحلس الذي يلقى تحت الرحل والجمع البراذع (مجمع البحرين).

(٦) في التذكرة : فهو إقرار بالدابّة والبغل خاصّة دون السرج والزمام والبرذعة اما لو قال : غصبته إلخ.

(٧) إلى هنا عبارة التذكرة.

(٨) عبارة التذكرة ، ولهذا لو جائت بعبد وعليه عمامة وقال : هذا العبد لزيد كانت العمامة له أيضا (انتهى).

٤٤٠