مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٩

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٩

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٣

ويتعلّق حق الغرماء بدية الخطأ والعمد ان قبل ديته.

______________________________________________________

في ثمن رقبتها وأخذها في ثمن رقبتها يفسخ بيعها مؤيّدا بعموم جواز أخذ عين المال للغريم ، وإذا أخذها يفعل بها ما يريد من البيع وغيره.

واما أنه هل يجوز (له خ) بيعها على تقدير عدم الرجوع والفسخ ، فيمكن ذلك ، لأنه بيع في ثمن الرقبة.

ويشكل ذلك بأنه ليس كلّها يصرف في ثمن رقبتها فيمكن جواز ذلك المقدار فقط ، والكلّ أيضا ، لأنه بيع في الثمن الا أنّ للبائع شريكا يأخذ ، خصوصا إذا لم تبتع الا الكلّ ، وعدم البيع بالكلّية لعدم حصول الوفاء بثمن الرقبة.

ويمكن الاختصاص حينئذ أيضا فتبتاع في ثمن رقبتها ويخصّص (ويختصّ خ) صاحبها بالثمن ، لأنّ دينه المجوّز لبيعها ، فتكون هذه أيضا صورة لاختصاص غريم ببعض الزيادة فتأمّل.

ويظهر من التذكرة أن العين إذا كانت من المستثنيات في الدين مثل جارية ، أو عبد ، أو دابّة ، أو دار ، أو قوت يوم وليلة ، لا يكلّف بالإعطاء ، وليس له الأخذ لعموم دليل الاستثناء فيمكن منع بيع أم الولد وإعطائها إذا كانت منها.

قوله : «ويتعلّق حق الغرماء إلخ» وجه تعلّق الديون ـ بدية الخطإ على نفس المفلّس ، وكذا العمد بعد قبول الدية ـ هو أدلّة جعل الدية من جملة التركة وفي حكم مال المقتول كما هو المقرر عندهم وسيأتي في محلّه ، والظاهر انه لا خلاف فيه.

ويدل عليه الخبر ، مثل رواية عبد الحميد بن سعيد ـ في باب الديون ـ قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام (الى ان قال) : إنما أخذوا الدية فعليهم ان يقضوا عنه الدين (١).

__________________

(١) هذا الحديث منقول بطرق مختلفة مع اختلاف ألفاظه في الجملة وما أشار إليه الشارح قده متنه هكذا : عن عبد الحميد بن سعيد قال : سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن رجل قتل وعليه دين ولم يترك

٢٦١

ولا يثبت الفسخ إلا في المعاوضة المحضة كالبيع والإجارة.

ولو كانت الدابة في بادية نقلت إلى مأمن بأجرة المثل مقدمة على الغرماء.

______________________________________________________

ولا يضرّ عدم التصريح بتوثيق عبد الحميد بن سعيد ـ مع كونه مصنفا ، صاحب كتاب ـ ، لأنّها مؤيّدة فتأمّل.

قوله : «ولا يثبت الفسخ إلخ» يعني انما يثبت الفسخ للبائع فيما يوجد عين ماله عند المفلّس بعد الحجر إذا كان سبب انتقاله إليه معاوضة محضة ، مثل البيع والإجارة ، والهبة المعوّضة والصلح وغيرها لا غير المعاوضة أصلا مثل الهبة الغير المعوّضة ، ولا ما فيه شائبة المعاوضة مثل النكاح والخلع على معنى أنّ المرأة لا تفسخ النكاح بتعذّر استيفاء الصداق بالفلس ، ولا الزوج بفسخ الخلع به ، ولا العافي عن القصاص بالصلح على المال بعذر (يعذر خ) (يتعذّر خ) ذلك به.

كما أن ليس للزوج فسخ النكاح إذا لم تسلّم المرأة نفسها.

وكأنّ كل ذلك مجمع عليه عند الأصحاب كما يفهم من التذكرة ، والأصل ، والقواعد يقتضيانه.

قوله : «ولو كانت الدابة إلخ» لعلّ مراده أنه لو كانت العين المستأجرة دابّة ، عليها حمل متاع أو نفس محترمة كالمفلّس وفسخ صاحبها الإجارة في بادية غير مأمون من الضياع ورجع الى عينه ، نقلت مع حملها إلى المأمن بالأجرة مقدمة على ديون الغرماء ، لانه اما لحفظ النفس أو لمصلحتهم كاجرة الكيّال والوزّان ويجبر صاحب العين على ذلك لئلا يفوت على المفلّس شي‌ء مع عدم الضرر عليه إذ يأخذ الأجرة.

ويحتمل أن يكون المراد إذا كانت الدابة من عين مال المفلّس وهي في

__________________

مالا فأخذ أهله الدية من قاتله أعليهم أن يقضوا الدين؟ قال : نعم ، قال : قلت : وهو لم يترك شيئا؟ قال : إنما إلخ. الوسائل باب ٢٤ نحو حديث ١ بالطريق الخامس من كتاب الدين ج ١٣ ص ١١٢.

٢٦٢

ولو زرع ترك بعد الفسخ بأجرة المثل مقدّمة على الغرماء.

ولو أفلس المؤجر بعد تعيين ما آجره فلا فسخ ، بل يقدّم المستأجر

______________________________________________________

بادية يخاف هلاكها نقلت إلى المأمن بالأجرة المتقدمة لتسلم عن الهلاك وتصرف في الديون ، وهو أقرب الى اللفظ ويبعد عما نحن فيه.

وعلى كلّ تقدير لا يسلّم ماله الّا الى الحاكم ، ومع التعذر يحفظه حتى يوصله اليه ، ويمكن تسليمه الى العدل ليوصل مع الضرورة ، والحفظ والاعلام أولى ان أمكن لئلا يحصل التصرف بالنقل من غير اذن.

بل قد يخطر بالبال عدم جواز ذلك في مال له صاحب وكان بيد المستعير أو الودعي فأخذه ليوصله إلى أهله أو بعث إليه الّا أن يكون مأذونا بوجه ، فتأمّل.

قوله : «ولو زرع ترك إلخ» أي لو كان العين أرضا مزروعة فإن كان وقت الحصاد ، فمعلوم أنه بعد فسخ صاحبها يكلّف المفلّس بالحصاد ، وقبله لا يكلّف بالقطع قصيلا الّا ان يكون من ذلك الجنس ، ولا يجوز له القلع والإزالة أيضا بالأرش وغيره ، بل يجب عليه الصبر بأجرة الى أو انه لئلا يحصل ضرر على أحد.

وقد أشار المصنف ـ بقوله (١) : (وليس له الإزالة بالأرش) ـ إلى انه يجب عليه الإبقاء.

ولكن الظاهر ان له ذلك مع الأرش ، وكذا الزرع فلا فرق عند المصنف بين الزرع والغرس.

المراد بالأرش على تقديره أن يقوّم الغرس باقيا (الى أن يفنى خ) مستحقا للبقاء في الأرض بالأجرة ، ومقلوعا والتفاوت هو الأرش ، فتأمّل.

وهذه الأجرة مقدّمة على الديون لانه لمصلحتها وكذا البناء.

قوله : «ولو أفلس المؤجر إلخ» وجه عدم فسخ المستأجر ـ ما استأجره

__________________

(١) يعني فيما تقدم فلاحظ.

٢٦٣

بالمنفعة لتعلّق حقه بعين الدار.

ولو كانت الأجرة (الإجارة خ) واردة على ما في الذمّة فله الرجوع الى الأجرة مع بقائها.

(الثالث) قسمة أمواله ، ويبادر الحاكم الى بيع المخشى تلفه أوّلا وبعده بالرهن.

______________________________________________________

بعينه وحصول الحجر بعد حصول الإجارة بشرائطها ـ هو الأصل ومقتضى القواعد.

وسبب تقديم المستأجر ـ في استيفاء المنفعة من غير مشاركة من الغرماء معه في أخذ ما يقابله ـ هو ما تقدم ، وأنه لا شي‌ء له في ذمة المفلّس ، وهو كما اشترى أحد من المفلّس شيئا قبل الحجر والتفليس وأخذه.

وأما لو كانت الإجارة واردة على ما في الذمّة مثل دار موصوف أو دابّة كذلك ، فليس المستأجر مقدّما في الاستيفاء ، بل ان كان عين ما وقع العقد عليه موجودا بعينه ، كان له أخذ ذلك ، والفسخ والضرب بالحصّة مع الغرماء لما تقدم ، والا فالضرب لا غير فتأمّل.

«الثالث قسمة أمواله»

قوله : «ويبادر الحاكم إلخ» ظاهر المتن وجوب مبادرة الحاكم الى بيع مال المفلّس الذي يخشى تلفه ولفظة (أوّلا) في المتن للتأكيد وهو ظاهر ، لوجوب الحفظ وعدم التلف.

ولعلّ جعل ذلك من المستحب في الشرائع (١) باعتبار ان المراد احتمال التلف قبل ما سواه لا ظن التلف أو علمه قبل بيعه فإنه حينئذ يجب المبادرة.

__________________

(١) قال في الشرائع : يستحب إحضار كل متاع في سوقه ليتوافر الرغبة وحضور الغرماء متعرضا للزيادة ، وان يبدء ببيع ما يخشى تلفه وبعده بالرهن لانفراد المرتهن به (انتهى).

٢٦٤

وينبغي إحضار كل متاع في سوقه وإحضار الغرماء.

والتعويل على مناد أمين.

______________________________________________________

واما كون بيع الرهن بعد ذلك بلا فصل فوجوبه غير ظاهر ، بل الظاهر هو الاستحباب ودفع الثمن الى المرتهن ليعلم أنه يبقى منه شي‌ء بعد إعطاء ما عليه الرهن أم لا؟.

قال في التذكرة : مسألة ينبغي للحاكم ان يبدأ ببيع الرهن. وهو ظاهر في الاستحباب.

ثم قال : مسألة ويقدّم بيع ما يخاف عليه الفساد كالفواكه وشبهها لئلا يضيع على المفلّس ، ولا على الغرماء ، ثم الحيوان لحاجته إلى النفقة وكونه عرضة للهلاك ، ثم سائر المنقولات لان التلف إليها أسرع من العقارات.

وهو ظاهر في وجوب تقديم ما يخشى التلف ، واستحباب الرهن كما ترى.

قال في شرح الشرائع : وهذا التقديم ـ اي تقديم ما يخاف تلفه على الرهن ـ يناسب الاستحباب ، لأنّ الغرض منه معرفة الزائد والناقص وهو يحصل قبل القسمة وفي التذكرة قدّمه على بيع المخوف ، وما هنا أولى.

وأنت تعلم أنّه ليس في التذكرة إلا التقديم بحسب الذكر في المسألة لا الفعل بل الظاهر منها وجوب الثاني واستحباب الأول كما قاله أيضا فتأمل ، على أنه قد يناقش في استحباب أولويّة ذلك على باقيها فتأمل.

قوله : «وينبغي إحضار إلخ» كأنّه يريد الاستحباب كما هو الظاهر ، وكأنه مبنيّ على احتمال زيادة في الثمن في ذلك السوق ، وكذا في إحضار الغرماء ، والا فالمناسب الوجوب وان أطلق الجماعة ، الاستحباب.

وينبغي إحضار المفلّس أيضا ليطمئنّ قلبه وقلب المشتري ويظهر عن أمواله فإنه أعرف به.

وينبغي أيضا ان يعوّل على مناد أمين يرضى به الغرماء والمفلّس دفعا

٢٦٥

ويقدم أجرته.

ويجري عليه نفقته ونفقة أهله وكسوتهم ، على عادة أمثاله إلى يوم القسمة فيعطى هو وعياله نفقة ذلك اليوم.

______________________________________________________

للتهمة وان تنازعا عيّن الحاكم.

والظاهر أن لا وجوب هنا وان قاله في شرح الشرائع مع ذكره احتمال الاستحباب ويقدّم اجرة المنادي ، لأنه لمصلحة الغرماء كاجرة الوزّان والكيّال والحمال وغيرها ممّا يتعلّق بمصلحة المال والغرماء من الحفاظ وغيرهم.

قوله : «ويجرى عليه إلخ» أي يجب ان يعطى المفلّس نفقته ونفقة من يجب نفقته عليه على عادة أمثاله.

لعل المراد : باعتبار الشرف والضعة حينئذ قال ذلك في شرح الشرائع (١).

وأطلق المصنف ذلك ولم يقيّد الأهل بمن تجب نفقته فيحتمل الحمل على العموم ، فتأمّل.

والذي يقتضيه التأمل ، القيد في المنفق عليهم دون العادة بما ذكره في شرح الشرائع ، بل الاجراء على سبيل العادة بمعنى أنه لا يستضرّ بذلك الأكل ولا ينقص ، ولا يلاحظ الشرف والضعة ، ويحتمل كونه المراد بعادة أمثاله فيعطى من يوم الحجر الى يوم القسمة ونفقة ذلك اليوم فقط.

ولعلّ دليل ذلك هو الإجماع كما يفهم من ظاهر كلامهم.

ويمكن فهم هذا المقدار من الرواية الدالّة على استثناء المسكن وقد تقدمت (٢) في الدين.

__________________

(١) قال في المسالك : ما هذا لفظه : الظاهر ان المراد ب (عادة أمثاله) من هو في مثل شرفه وضعته وباقي أوصافه بحسب ما هو عليه الآن (انتهى) ج ١ ص ٢٤٤.

(٢) راجع الوسائل باب ١١ من كتاب الدين ج ١٣ ص ٩٤.

٢٦٦

.................................................................................................

______________________________________________________

ويمكن بحسب مفهوم الموافقة ، وهو ظاهر ، بل يمكن فهم أكثر من ذلك أيضا ، فكأنه ترك للإجماع.

ولكن قال في التذكرة : لو كان للمفلّس صنعة تكفيه لمؤنته وما يجب لعياله أو كان يقدر على تكسّب ذلك ، لم يترك له شي‌ء وان لم يكن له شي‌ء من ذلك ترك له قوت يوم القسمة وما قبله من يوم الحجر.

على أنّه قال : لا يجب على المفلّس التكسب فلا يجب قبول الهبة والوصيّة والصدقة ، ولا تجبر المرأة على أخذ المهر من الزوج القادر ، ولا على التزويج لتحصيل المهر.

وفي غير التزويج تأمّل ، فلا يبعد القول بالوجوب ، إذ الإجماع على عدمه غير ظاهر ، ولا غيره من الأدلّة ، سوى الأصل.

ويمكن دفعه ب (لا ضرر ولا إضرار) (١) ووجوب الخروج من حقوق الناس مع الإمكان وعدم الضرر ، وإذا فتح مثل هذا الباب يلزم منه مفاسد ، ولهذا قال في شرح الشرائع : لو قيل بوجوب الكسب اللائق بحاله ، كان حسنا فتأمّل.

وأيضا قال : ويجعل النفقة ممّا لا يتعلّق به حق بعضهم.

وقال أيضا : لا يجوز ان يباع على المفلّس مسكنه ولا خادمه ان كان من أهله ، سواء كان المسكن والخادم اللذان لا يستغنى عنهما المفلّس عين مال بعض الغرماء ، أو كان جميع أمواله أعيان مال أفلس بأثمانها ووجدها أصحابها ، أولا (إلى قوله) : والحديث (٢) ليس على إطلاقه لأنه مشروط بالإجماع بشرائطه ، فخرج عن الاحتجاج في صورة النزاع ، لأنّ شرط الأخذ عندنا ان لا يكون ممّا يحتاج اليه المفلّس في ضروريات معاشه ، ولعموم الأخبار الدالّة على المنع من بيع المسكن.

__________________

(١) عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٨٣ رقم ١١ وج ٢ ص ٧٤ رقم ١٩٥ وج ٣ ص ٢١٠ رقم ٥٤.

(٢) الظاهر ان المراد حديث لا ضرر ولا ضرار.

٢٦٧

ويقدم كفنه الواجب لو مات قبل القسمة.

______________________________________________________

ويفهم من ذلك ان لا دليل لهم سوى الإجماع وأخبار استثناء السكنى (١).

ولعلّ في رواية السكنى تصريحا بكونه عين مال الغريم (٢) فتذكر.

وذكر أيضا (٣) أنّ أم الولد لو كانت تخدم وتكفي للخدمة لا يأخذ غيرها أخرى للخدمة.

فهو يشعر بأنه لا يجوز دفعها ولا بيعها لو كانت ممّا يحتاج اليه ولو في ثمن رقبتها وطلب مالكها ايّاها فليس له هذا العين وتكون مستثناة عن دليل الرجوع الى العين بالإجماع مؤيدا بدليل (٤) منع أم الولد عن البيع ، مع ما مرّ في بيعها في ثمن رقبتها (٥) ، وبالأصل وبالعمل بمقتضى القاعدة المتقدمة فتأمل.

قوله : «ويقدم كفنه إلخ» والظاهر عدم الخلاف في تقديم كفنه على الديون مطلقا لو مات المفلّس قبل قسمة أمواله وبعد الحجر.

يدل عليه الخبر أيضا مثل رواية إسماعيل بن أبي زياد ، عن أبي جعفر ، عن أبيه ، قال : قال رسول صلّى الله عليه وآله : أوّل ما يبدء به من المال ، الكفن ، ثمّ الوصيّة ، ثم الميراث (٦).

ويدل عليه أيضا ، صحيحة زرارة قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل مات وعليه دين بقدر كفنه؟ قال : يكفن بما ترك الا ان يتجر عليه انسان فيكفّنه ويقضي مما (بما ئل) ترك دينه (٧).

__________________

(١) راجع الوسائل باب ١١ من كتاب الدين ج ١٣ ص ٩٤.

(٢) لم نعثر الى الآن على هذه الرواية فتتّبع.

(٣) يعني شرح الشرائع.

(٤) راجع الوسائل باب ٢ من أبواب الاستيلاد ج ١٦ ص ١٠٣.

(٥) راجع الوسائل باب ٢٤ من أبواب بيع الحيوان ج ١٣ ص ٥١.

(٦) الوسائل باب ٢٨ حديث ١ من كتاب الوصايا ج ١٣ ص ٤٠٦ وفيه أول شي‌ء يبدأ إلخ.

(٧) الوسائل باب ١٣ حديث ١ من كتاب الدين ج ١٣ ص ٩٨.

٢٦٨

ثم يقسّم الحاكم على الأموال الحالّة الثابتة شرعا دون المؤجّلة.

فلو (ولو خ) ظهر غريم بعد القسمة نقضت وشارك.

ولو حلّ المؤجّل قبل القسمة شارك.

______________________________________________________

قيل وكذا كفن زوجته دون قريبه.

والظاهر أنّه يكتفى بالواجب من الكفن ، وينبغي اختيار الا دون ، وكأنه مختار البيان ويحتمل اللائق.

وكذا مئونة التجهيز ، من السدر والكافور وغيرهما مثل الماء والمكان ان احتاج الى الأجرة.

والظاهر عدم الفرق ـ في أكثر ما تقدم ـ بين المفلّس وغيره من المديونين أنه (إذ خ) لو تسامح بالمستثنيات ، يجوز بيعها والصرف وان كانت أمّ ولد بشرط كونها في ثمن رقبتها ، على تردّد.

قوله : «ثم يقسم الحاكم إلخ» دليل تقسيم الحاكم مال المفلّس ـ على الديون الحالّة وقت الحجر ، الثابتة ذلك شرعا لا غير ـ كأنه الإجماع ، وما تقدم من تعلّق الديون الحالّة حينئذ بذلك المال ، فلا حق للغير.

ويحتمل ارادة الحالّ قبل القسمة ، لما سيأتي من قوله : (ولو حلّ إلخ) ومعلوم ان هذا للحاكم اما بنفسه أو بوكيله وأمينه.

قوله : «فلو ظهر غريم إلخ» المراد غريم ثبت شرعا كون دينه حالا حين الحجر ويحتمل قبل القسمة فينقض القسمة ويجمع المال ثم يقسّم من الرأس ، لظهور بطلان القسمة الأولى لتعلّق حقّ هذا الغريم أيضا إليها (فيها خ).

ويمكن عدم النقض والأخذ له من كلّ أحد بحساب دينه ان أمكن ، قال في التذكرة : احتمل عدم النقض بل يشارك إلخ.

وقد يعلم من شرح الشرائع ان فيه خلافا ، وان الحق النقض وفيه تأمل.

قوله : «ولو حلّ المؤجل إلخ» وجهه انه إذا حلّ الدين استحق المطالبة

٢٦٩

ولو جنى عبده قدم حق المجني عليه.

وليس له فكّه.

______________________________________________________

للقدرة ، إذ المال موجود فيتعلّق به كسائره هذا.

ولكن مقتضى ما تقدّم ، أنّ الديون الحالّة حين الحجر تعلّقت بالمال الموجود ، فما بقي للحالّ بعده ـ وان كان قبل القسمة ـ ما يتعلّق به فتأمّل لعل الأول أولى لعموم أدلّة أداء مال الغير مع القدرة مهما أمكن وما علم ثبوت تعلّق دين الغريم السابق بحيث يمنع من تعلّق الغير ، وعدم تعلّق الدين الحادث (١) بعد الحجر (به خ) ، لا يستلزم ذلك ، لثبوته قبل ذلك.

نعم المؤجّل حين القسمة لا يتعلّق به لعدم استحقاق الطلب ، ولا الحادث بعد الحجر على ما صرّح به في التذكرة وغيرها ، ولعله لا خلاف في ذلك كله فتأمّل.

قوله : «ولو جنى عبده إلخ» أي لو جنى عبد المفلّس ، قدّم حق المجنيّ عليه على حق الغرماء ليستوفي حقه ، فإن بقي منه شي‌ء ، فلهم والا فلا.

وجهه ان حق المجني عليه انّما تعلّق برقبته بالأصالة دون حق الغرماء.

قال في التذكرة والشرائع ـ في بيان ترتيب القسمة ـ : انه مثل حق الرهانة ، بل مقدمة (٢) عليه وعلى الغريم ، لأنه متعلّق بالعين أوّلا وبالذات بخلافه.

وليس التقديم مخصوصا بالاستيعاب كما قيّده به في شرح الشرائع وهو ظاهر ، بل هو أحق ومقدم (يقدم خ) مطلقا ، فيستوفي حقّه والباقي لهم كما في الرهن ان كان فينبغي تقديم استيفائه على غيره مثل الرهن ، لإمكان أن يفضل منه.

قوله : «وليس له فكه» أي ليس للمفلّس فكه باعتبار كونه محجورا عليه

__________________

(١) في هامش بعض النسخ المخطوطة هكذا : وعدم تعلّق الدين الحادث بالحجر قبل ذلك لا يستلزم بعد الحجر به (انتهى).

(٢) هكذا في النسخ ولعل الصواب (مقدم).

٢٧٠

ولو اقتضت المصلحة تأخير القسمة ، جعل المال في ذمّة مليّ ، فإن تعذّر أودع من الثقة.

______________________________________________________

وهو ـ مع عدم المصلحة في فكه ـ واضح ، واما إذا كانت المصلحة فيه ، فله ذلك بمعنى أن يفك الحاكم ذلك.

قوله : «ولو اقتضت المصلحة إلخ» أي يجوز مع المصلحة تأخير القسمة فيجعل (بان يجعل خ) في ذمّة ملي بالقرض ، ويحتمل بالبيع ونحوه ، ينبغي مع الرهانة والأمانة.

نقل في شرح الشرائع عن التذكرة الأمانة في المقترض ، وقال : وهو حسن ولو لم يكن الرهن اكتفى بالضمان والا فبالقرض مع الأمانة والا فبالملائة مع الوثوق بعدم التلف ، وان لم يكن (لم يمكن خ) فيودع من ثقة ، ينبغي بالشهود.

وقال (١) في التذكرة : لا تؤخر القسمة لاحتمال غريم ولا تكلّف الغرماء بالشهود على عدم غريم آخر بخلاف الورثة فإنها تكلّف بالشهود وفرق (٢) بالضبط في الورثة غالبا دون الغريم ، فيمكن الشهادة على الأوّل دون الثاني (٣).

وفيه تأمّل ، إذ ينبغي العدم في الكلّ الا مع المظنّة ، إذ تأخير إعطاء مال الناس إليهم لاحتمال الشريك والتكليف بإثبات عدمه ـ مع أنّ الأصل العدم ، وآية الإرث تقتضي عدم التوقف ـ ضرر ، وهو اعرف قدس الله سره.

__________________

(١) لا يخفى انه ليس في التذكرة هذه العبارة بعينها بل ذكر ما هو بمضمون الحكمين في ضمن المسألتين (أحدهما) عند قوله ره : المسألة إذا قسم الحاكم مال المفلّس بين غرمائه ثم ظهر غريم آخر إلخ و (ثانيهما) عند قوله ره ـ قبل المسألة المذكورة ـ : إذا ثبت الديون عند الحاكم وطلب أربابها القسمة عليهم لم يكلّفهم الحاكم إقامة البيّنة إلخ فراجع التذكرة ـ البحث الثاني في بيع ماله وقسمته من كتاب التفليس ، والله العالم.

(٢) يعني فرق التذكرة بين الغرماء والورثة بالضبط إلخ.

(٣) قال في التذكرة : ولا فرق بين القسمة على الغرماء والقسمة على الورثة الا ان الورثة يحتاجون إلى إقامة البيّنة على انه لا وارث غيرهم بخلاف الغرماء ، والفرق ان الورثة أضبط من الغرماء وهذه شهادة على النفي يعسر تحصيلها ومدركها ، فلا يلزم من اعتبارها ـ حيث كان الضبط أسهل ـ اعتبارها حيث كان أعسر (انتهى).

٢٧١

(الرابع) حبسه ، ويحرم مع إعساره الثابت باعتراف الغريم أو البيّنة ولو ماطل مع القدرة ، فللحاكم حبسه ، والبيع عليه.

______________________________________________________

«الرابع حبسه»

قوله : «ويحرم مع إعساره إلخ» أي يحرم حبس المفلّس مع ثبوت إعساره باعتراف الغرماء ، أو بالبيّنة عند الحاكم وحكمه به أو ثبوته عند الحاكم بعلمه بذلك وحكمه به.

وفي جعل هذا ـ رابع أحكام المفلّس المتقدّم ـ ، خفاء ، فان الظاهر انه المفلّس الذي حجر عليه الحاكم ومنعه من التصرف ، فلا معنى لحبسه ، ولا لمماطلته ، ولا بيعه (لبيعه خ) بنفسه ، ولا البيع عليه ، ولهذا غيّر الأسلوب في الشرائع وقال : (ولا يجوز حبس الغريم) ولم يكتف بالضمير الراجع الى المفلّس المبحوث عنه ، فهو حسن سواء قلنا : ان الحجر داخل في مفهوم المفلّس أم لا ، لتبادر الذهن إلى الذي ممنوع.

ولانه المعرف في أول كتاب المفلّس في الشرائع (١).

ولأنّ سائر الأحكام المتقدّمة مخصوصة به.

وأيضا هذا الحكم مخصوص بغير المفلّس ، فلا يحسن إرجاع الضمير الى المفلّس ، ولا جعله أعم غير مخصوص.

فقول شارح الشرائع ـ : وهذا الحكم لا يختصّ بالمفلّس (الى قوله) : وانما يحسن العدول لو شرطنا في صدق المفلّس الحجر ، والا فالمديون المعسر مفلّس أيضا ـ لا يحسن ، لما مرّ.

__________________

(١) قال في الشرائع : المفلس هو الفقير الذي ذهب خيار ماله ، وبقي فلوسه ، والمفلّس ، هو الذي جعل مفلّسا اي منع من التصرف في أمواله (انتهى).

٢٧٢

.................................................................................................

______________________________________________________

على أنّ كون المديون المعسر مطلقا مفلّسا ، غير ظاهر شرعا ولغة لما قال في أوّل الكتاب : انه شرعا (١) هو الممنوع إلخ ولغة : الذي ذهب خيار ماله وبقي فلوسه.

قال في التذكرة : من وجب عليه دين حالّ فطولب به ولم يؤدّه نظر الحاكم ، فان كان له مال ظاهر أمره الحاكم بالقضاء (الى قوله) : والزم (٢) بالخروج عن الديون ، فان امتنع مع قدرته على القضاء حبسه الحاكم ويحلّ لصاحب الدين الإغلاظ في القول ، بأن يقول : يا ظالم ، يا متعدّي ونحو ذلك لقوله صلّى الله عليه وآله : ليّ الواجد يحلّ عقوبته وعرضه (٣) ، واللّي المطل ، والعقوبة ، حبسه (الحبس خ) ، والعرض الاغلاظ له في القول ، وقال صلّى الله عليه وآله : ان لصاحب الحق مقالا (٤) (انتهى).

والظاهر أنّ الوجدان ، الغنى بمعنى قدرته على الوفاء.

وانه يفهم من ظاهر الخبر جواز الاغلاظ في الكلام إذا كان صادقا في كلّ حق فافهم.

والخبر مشهور بين العامّة والخاصّة ، وانه يريد اما الحبس على تقدير عدم البيع أو على التخيير ، فإنه لا يتعيّن كما يفهم من المتن وغيره أيضا.

قال في التذكرة ـ بعد هذا ـ : إذا كان للمديون مال ، أمره الحاكم ببيعه

__________________

(١) ليس في الشرائع لفظة (شرعا) كما نقلناه آنفا نعم يحتمل كون الكلام مأخوذا من عبارة شرح الشرائع.

(٢) وألزمه ـ التذكرة. قال في المسالك : عرّف المفلس بتعريفين أحدهما لغوي والآخر شرعي إلخ ج ١ ص ٢٣٦.

(٣) عوالي اللآلي ج ٤ ص ٧٢ رقم ٤٤ وسنن أبي داود ج ٣ ص ٣١٣ باب في الحبس في الدين وغيره تحت رقم ٣٦٢٨ مع تقديم وتأخير قال ابن داود : قال ابن المبارك (راوي الحديث) (تحل عرضه) يغلظ له و (عقوبته) يحبس له.

(٤) صحيح مسلم : ج ٣ ص ٢٢٥ وصحيح البخاري : ج ٢ باب استقراض الإبل.

٢٧٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وإيفاء الدين من ثمنه مع مطالبة أربابها فإن امتنع باع الحاكم متاعه وقضى منه الدين (الى قوله) : بل يحبس أو يباع عليه (انتهى).

وظاهر أنّ البيع انما يكون على تقدير عدم وجدان ما يجوز إعطائه بدلا عن الدين وعدم أخذ صاحبه بالقيمة ، والا فإن كان من الجنس يعطى ، ومن غيره أيضا بالقيمة فلا يحتاج الى البيع وهو ظاهر وصرّح بالأوّل في التذكرة.

وبالجملة لا خلاف على الظاهر في تحريم حبس المديون ، بل مطالبته وملازمته وأدائه ، على تقدير عدم ثبوت قدرته على الأداء شرعا ، كما يحرم عليه الامتناع والمماطلة عن أداء حقّ الناس ، وهو ظاهر.

وفي الكتاب (١) والسنة أيضا اشارة إليه ، مثل موثقة عمّار ـ كأنّه الساباطي ـ عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : كان أمير المؤمنين عليه السلام يحبس الرجل إذا التوى ـ يعني تأبّى ـ على غرمائه ثم يأمر به فيقسّم ماله بينهم بالحصص ، فان أبى باعه فيقسّمه بينهم ـ يعني ماله ـ (٢).

ورواية عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : ألف درهم أقرضها مرّتين أحبّ اليّ من أن أتصدّق بها مرّة ، وكما لا يحلّ لغريمك ان يمطلك وهو مؤسر فكذلك لا يحلّ ان تعسره إذا علمت أنه معسر (٣).

وقوله تعالى «فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ» (٤) ، ظاهر في تحريم الطلب ووجوب الإنظار الى ان يبرأ (ييسر خ) ، وهو خير ، «وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ» (٥).

__________________

(١) سيأتي الإشارة إليه من الشارح قدس سرّه.

(٢) الوسائل باب ٦ مثل حديث ١ من كتاب الحجر ج ١٣ ص ١٤٧.

(٣) الوسائل باب ٨ حديث ٥ من أبواب الدين من كتاب التجارة ج ١٣ ص ٩٠.

(٤) البقرة ٢٨٠.

(٥) البقرة ٢٨٠.

٢٧٤

.................................................................................................

______________________________________________________

بل يجب نيّة الأداء حين عدم القدرة على تقدير القدرة.

ويدل عليه صحيحة عبد الغفار الجازي ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : سألته عن رجل مات وعليه دين ، قال : ان كان على بدنه أنفقه من غير فساد ، لم يؤاخذه الله عزّ وجلّ إذا علم من نيّته الأداء الّا من كان لا يريد أن يؤدي عن أمانته فهو بمنزلة السارق ، وكذلك الزكاة أيضا ، وكذلك (من استحلّ (١) أن يذهب بمهور النساء) (٢).

ثمّ ان الظاهر ، انه يثبت إعساره بعلم القاضي فيحكم به ، ومعلوم ثبوت إعساره باعتراف الغريم بالنسبة إلى المعترف ، فإذا كان ممن يقبل شهادته يصير شاهدا أيضا ، وكذا بالبيّنة الشرعية لأنها حجّة شرعيّة.

والظاهر ان لا خلاف في ثبوته بالعدلين ، ويمكن بالواحد واليمين أيضا على ما يفهم من كلامهم.

قال (٣) في التذكرة : شرط في البيّنة أن يكونوا من أهل الخبرة الباطنة والعشرة المتقادمة وكثرة الملابسة سرّا وجهرا وكثرة المجالسة وطول الجواز ، فإن الأموال قد تخفى ولا يعرف تفصيلها الّا بأمثال ذلك فان عرف القاضي أنّهم من أهل الخبرة فذاك ، والّا جاز له أن يعتمد على قولهم إذا كانوا بهذه الصفة.

ويمكن ان يقال بجواز الاكتفاء بقول الشهود إذا كانوا عدولا عارفين بطريق الشهادة على الإعسار ، فلا يحتاج إلى معرفة القاضي وجود تلك الأوصاف فيهم من موضع والتفتيش والتجسس.

__________________

(١) إذا استحل مهور النسوان خ ل يب.

(٢) الوسائل باب ٥ مثل حديث : من أبواب الدين من كتاب التجارة ج ١٣ ص ٨٦.

(٣) في التذكرة هكذا : إذا أقام مدعي الإعسار البيّنة شرط فيها ان يكونوا من أهل الخبرة إلخ.

٢٧٥

ولو ادّعى الإعسار وكان له أصل مال أو كان أصل الدعوى مالا افتقر إلى البيّنة.

______________________________________________________

ثم قال : صورة الشهادة بالإعسار يجب ان تكون على الإعسار (١) المتضمّن للنفي (إلى قوله) : فيقول الشهود : انه معسر لا يملك الا قوت يومه وثياب بدنه (الى قوله) : ولا يقتصرون على قولهم : لا شي‌ء له لئلّا يتمحّض شهادتهم نفيا لفظا ومعنى (انتهى).

لعلّ المراد ، الا قوت يومه إلخ ، للتمثيل والا يجوز لهم ان يستثنوا سائر ما استثنى في الدين وما يعرفون وجوده عنده ويشهدون على عدم الغير (العين خ ل) ممّا يدعى عدمه.

وليس بواضح اشتراط عدم التمحّض نفيا لفظا ومعنى ، فإنه معنى نفي ، ولا يترتب أثره على ظاهر اللفظ ، وهو اعرف.

قوله : «ولو ادّعى الإعسار إلخ» يريد أنه لم يثبت إعسار المديون بالطرق المتقدّمة ، فإن طولب بالحقّ ، فان لم يدع الإعسار كلّف بالأداء إلى آخر ما تقدم ، وان ادّعاه ، فان لم يعلم له وجود مال شرعا يقبل قوله بيمينه مع عدم البيّنة للمدعي وطلبه اليمين لاحتمال الوجود ، ويجوز الإحلاف بمجرد الاحتمال ، ولا يشترط العلم والظن على الظاهر ، لعموم أدلة اليمين على المنكر (٢) من غير معارض وظاهر أنه ينكر المال وهم يدّعون وجوده عنده ، والأصل عدمه ، وأنه لو خلى لخلّى وقوله : (انا معسر) بمنزلة قوله : (لا مال عندي) يجب أدائه إليكم وان علم انه كان له مال ـ يجب الأداء منه ظاهرا أو كان أصل الدعوى وصول مال كذلك بيده باعترافه أو

__________________

(١) هكذا في النسخ كلها ، ولكن في التذكرة : (على الإثبات المتضمن للنفي) التذكرة ج ٢ ص ٥٩.

(٢) الوسائل باب ٣ من أبواب كيفيّة الحكم ج ١٨ ص ١٧٠ وعوالي اللآلي ج ١ ص ٢٤٤ وص ٤٥٣ وج ٢ ص ٢٥٨ وص ٣٤٨ وج ٣ ص ٥٢٣.

٢٧٦

فان شهدت بتلف أمواله فلا يمين.

ولو شهدت بالإعسار افتقر الى اطلاعها على باطن أمره وأحلف.

وان لم يكن له أصل مال ولا كانت الدعوى مالا قبلت يمينه بغير بيّنة.

______________________________________________________

بعيره ولم يعلم زواله وادعى تلفه والإعسار به أو كونه ممّا لا يجب منه الأداء ـ افتقر إلى البيّنة لرفع الأصل فصار يدعى تلف ما هو كان موجودا ، والأصل بقائه.

ولا يشترط اتصافها بالصفات المتقدمة ، بل يكفى وجود ما يعتبر فيها مطلقا.

فان شهدت بتلف ذلك المال بعينه ثبت ولا يمين عليه حينئذ وهو ظاهر لأنه قد اثبت ما يدعيه شرعا ولا يمين على المدّعي المثبت.

نعم لو ادّعى الغريم وجود مال آخر وأنكره يتوجه اليمين على تقدير عدم البيّنة وهو ظاهر.

وان شهدت بالإعسار لا بتلف المال بعينه ، لا بدّ من كون الشاهد متّصفا بالصفات المتقدمة ، من اطلاعه على باطن حاله كما تقدم ، قال المصنف : (واحلف المديون) (١).

وقد ظهر ممّا تقدم أنّ الوجه عدم الإحلاف ولا وجه للإحلاف.

قال في التذكرة ـ فيما إذا شهدت بالإعسار وقد شرط في البيّنة ما تقدّم وفي صورة شهادته ما تقدم أيضا ـ : فإن طلب الغرماء إحلافه مع البيّنة لم يلزم خلافا للشافعي في أحد قوليه ، وفي الثاني انه مستحب ، نعم لو ادّعى أنّ له مالا لا يعرفه الشاهدان فالأقوى عندي أنّ له إحلافه على ذلك لإمكان صدقه في دعواه وحينئذ يتوقف اليمين على استدعاء الخصوم فلا يجوز بغير طلبهم لجواز ان يعفو فلا يتبرّع

__________________

(١) ليس في كلام المصنف لفظة (المديون).

٢٧٧

.................................................................................................

______________________________________________________

الحاكم (١).

ويمكن حمل ما في المتن على ذلك.

وفيه أيضا تأمّل ، إذ الفرض شهادة الشاهد العالم بباطن حاله وشهادته بالنفي ، بحيث لا يبقى احتمال ، فكيف ـ مع ذلك ـ يحتاج إلى دليل آخر على النفي إذا دلّ دليل على قبول الشهادة بالنفي ، ولو فتح مثل هذا الباب لأمكن في أكثر الدعاوي ، فيكلّف المدّعي مع البيّنة باليمين فتأمّل.

ولا شكّ أنّ هذه الدعوى بحسب الظاهر مكذّب للبيّنة ومناف لقول العلماء والخبر المشهور بين العامّة والخاصة الذي هو دليل الحكم بالبيّنة واليمين في موضعهما ، وهو ، البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر (٢) فتأمّل.

فالظاهر عدم الإحلاف في صورة الإعسار لو وقعت الشهادة على الوجه المتقدم ، نعم يحتمل في صورة الشهادة على تلف مال معهود مع عدم ثبوت الإعسار مطلقا بما ذكر كما أشرنا اليه ، ولهذا قال في التذكرة ـ بعد ما نقلناه عنه ـ في مسألة أخرى (٣) : ويحتمل قويا ، إلزامه باليمين على الإعسار ان شهدت البيّنة على تلف المال وسقوطها عنه ان شهدت بالإعسار ، لأنها إذا شهدت بالتلف صار كمن ثبت له أصل مال واعترف الغريم بتلفه وادّعى مالا غيره ، فإنه يلزمه اليمين كذا هنا إذا قامت البيّنة بالتلف فإنها لا تزيد على الإقرار (٤).

__________________

(١) إلى هنا عبارة التذكرة ولكن في عبارة التذكرة بدل قوله : على استدعاء الخصوم إلخ هكذا : على استدعاء الخصم لأنها حقّه ويجوز ان يعفو عنها فلا يتبرّع الحاكم بإحلافه (انتهى).

(٢) سنن أبي داود ج ٣ ص ٣١١ باب اليمين على المدعى عليه وراجع الوسائل : ج ١٨ باب ٣ من أبواب كيفيّة الحكم.

(٣) يعني في مسئلة ادعاء الإعسار التي تقدمت.

(٤) من قوله : ويحتمل الى هنا عبارة التذكرة.

٢٧٨

.................................................................................................

______________________________________________________

والظاهر أنه لا يحتاج الى الدعوى كما في صورة دعوى الإعسار وعدم ثبوت مال فإنه إذا لم يقم البيّنة ولم يعترف الغريم ولا يعلم الحاكم ، فالظاهر أنّ للغرماء إحلافه على الإعسار ، وهذا بعد ثبوت تلف مال معيّن ، يصير كذلك فتأمّل فإن عبارات الأصحاب في هذه لا تخلو عن شي‌ء.

والظاهر ان الذي نقلناه عن التذكرة أخيرا (١) ليس بمخالف للمتن وغيره وليس عكسه ، لان مراد المتن وغيره بعدم اليمين في صورة التلف ، عدمها على التلف ، لا على الإعسار ، ولهذا قال في التذكرة : وان شهدت البيّنة بالتلف سمعت ، فان طلب الغرماء اليمين على ذلك مع البيّنة لم يجابوا.

والظاهر ان (ذلك) (٢) إشارة إلى التلف لا الإعسار فقول : ثبوت اليمين على الإعسار حينئذ ، كما نقلناه ، لا ينافي المتن وغيره ولا هو عكسه كما قال في شرح الشرائع ولا ما ذكره في موضع آخر منها من نفي اليمين في الصور كما فهمه في شرح الشرائع.

نعم الظاهر ثبوت المنافاة بين هذا وبين ما نقلناه عنه في موضع آخر من التذكرة من قوله : (فالأقوى عندي) ويمكن الجمع بينهما أيضا فتأمّل.

قال فيها أيضا : وحيث قلنا : لا يقبل قوله إلّا بالبيّنة لو ادّعى أن الغرماء يعرفون إعساره كان له إحلافهم على نفي المعرفة ، فإن نكلوا حلف وثبت إعساره وان حلفوا حبس ، وكلّما ادّعى ثانيا وثالثا ـ وهلم جرّا ـ إعساره ، كان له تحليفهم الّا ان يعرف القاضي أنّه يقصد الإيذاء واللجاج ، فإذا حبسه لا يغفل عنه بالكليّة.

والظاهر انه لا يشترط في ذلك عدم سماع قوله الا بالبيّنة ، فإنه لو ادّعى

__________________

(١) وهو قوله ره : ويحتمل قويا إلزامه إلخ.

(٢) يعني في قول التذكرة : (اليمين على ذلك).

٢٧٩

ومع القسمة يطلق.

ولا يجوز مؤاجرته ولا استعماله.

ولو كان له دار غلّة أو دابّة وجب ان يؤاجرها ، وكذا المملوكة وان (لو خ) كانت أم ولد.

______________________________________________________

ـ في صورة يقبل قوله بيمينه ـ علمهم بذلك ولا يحلف ، فالظاهر ان له ذلك ، لانه دعوى ممكن مسموع عقلا فينبغي سماعه شرعا ، فان لم يحلفوا يمكن سقوط الحلف عنه والدعوى أيضا ، مثل ما إذا ردّ المنكر اليمين على المدعي ونكل ، وكأنّه ما ذكره ، لأنه كصورة النكول وهو معلوم الجواز فتأمّل.

قوله : «ومع القسمة يطلق» إذا حبس الغريم ثمّ قسّم ماله على الغرماء في صورة جواز ذلك ، يجب إخراجه عن الحبس وإطلاقه ، الا ان يكون دين آخر وما ثبت إعساره فيخلّى في السجن.

ولكن لا يغفل عنه ـ كما مرّ في عبارة التذكرة ـ بأن يطعم وينظر في حاله لاحتمال المرض وغيره.

ويحتمل ان يكون المراد رفع الحجر عن المفلس بعد قسمة أمواله.

قوله : «ولا يجوز مؤاجرته إلخ» أي لا يجوز للحاكم ولا للغريم مؤاجرة المديون ولا تكليفه بعمل لتحصيل الدين بغير رضاه وجبره على ذلك ، وقد مرّ البحث عن ذلك.

قوله : «ولو كان له إلخ» لعلّ المراد بدار غلّة ودابّة يجب مؤاجرتهما ما لا يجب بيعهما والّا بيعا في الدين ، مثل كونهما موقوفين أو كونهما عين مال شخص غير حاضر أو حاضر سامح مدّة أو أنه لا يشتريها أحد أو المصلحة في تأخير بيعهما أو رضي الغرماء بالتأخير ورضي المالك أيضا ، وبغير اذنه مشكل.

ويحتمل كون الدابة من المستثنيات وكذا المملوكة.

٢٨٠