مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٩

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٩

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٣

ولو قال : له هذه الجارية فجاء بها حاملا فالحمل له على اشكال.

ولو قال له : درهم درهم ، أو درهم فوق درهم ، أو مع درهم ، أو تحت درهم ، أو درهم فدرهم فواحد.

______________________________________________________

وإثباته ، بخلاف العبد فلا يكون إقرارا بما عليه ، فتأمل.

هذا كلّه واضح الا انه وردت رواية في الوصيّة بالصندوق وفيه مال انه مع المال لمن اوصى له (١).

كأنها حسنة لعقبة بن خالد ، واخرى ضعيفة لمفضل بن صالح (٢) ، فتأمّل.

قوله : «ولو قال : له هذه الجارية إلخ» يحتمل أن الحمل للمقرّ له ، ويحتمل للمقر أيضا كما يقتضيه سوق الكلام.

وجه الاشكال ، كون الحمل داخلا في (هذه الجارية) بمنزلة جزء لها ، فيكون الحمل تابعا وكونه غير صريح في ذلك ، والأصل ، والضابطة المتقدمة ، فيكون غير داخل ، فيكون للمقر ، وهو الأظهر.

قوله : «ولو قال : له درهم درهم إلخ» وجه لزوم الدرهم الواحد في الكلّ ظاهر ممّا تقدم إلّا في الأخير ، وهو (درهم فدرهم) فإنه ظاهر في الاثنين ، لان الفاء للعطف كالواو وثم ، ولكن الضابطة تقتضي الوحدة فيه أيضا ، لاحتمال عدم فهمه عدم جواز التأكيد بغير فاء ، ومجي‌ء فاء لغير العطف ، وهو جار فيما تقدم من العطف فهناك أيضا كونه واحدا احتمال قوي ، ولأنه يحتمل ان يكون المراد ،

__________________

(١) راجع الوسائل باب ٥٨ من كتاب الوصايا.

(٢) سند الأولى ـ كما في الكافي ـ هكذا : محمد بن يحيى ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام وسند الثانية كما فيه أيضا : محمد بن يحيى ، عن احمد بن محمد بن أبي نصر ، عن أبي جميلة ـ المفضل بن صالح ـ عن الرضا عليه السلام.

٤٤١

ولو قال : درهم ودرهم أو ثم درهم ، فاثنان.

ولو قال : درهم ، ودرهم ، ودرهم فثلاثة.

______________________________________________________

فدرهم واجب عليّ بسبب إقراري ونحو ذلك.

قال في التذكرة : ان أراد العطف ، فدرهمان ، وان لم يرد العطف لزمه درهم واحد (الى قوله) : لان الفاء قد تستعمل لغير العطف فيؤخذ بالتعيين.

قوله : «ولو قال : درهم ودرهم إلخ» وجه كونه اثنين حينئذ هو عدم التأكيد مع الواو ، وثم تدلّ على التكرار ، ولكن قد علمت أنّ مقتضى الضابطة الواحدة ، لاحتمال عدم المعرفة ، ولاحتمال أن ثم درهم لازم عليّ ، فتأمّل.

قوله : «ولو قال : درهم ودرهم أو ثمّ درهم إلخ» وجه الثلاثة ان الواو للعطف ، ولا يكون للتأكيد فلا يكون إلّا إقرارا فيلزم بكل لفظ ، واحد ، فلو كرّره مائة يكون المقر به مائة ، كما انه لو كرّر بدون العطف مائة مرّة يكون واحدا الا انه لو قال : أردت بالثالث تأكيد الثاني يقبل قوله ، فيكون اللازم درهمين ، لاحتمال التأكيد اللفظي ، فيكون الثالث مع العطف تأكيدا لفظيّا ، وهو ظاهر.

واما أنه لو قال : انه تأكيد للأوّل فليس بمقبول ، لعدم التأكيد اللفظي ولا المعنوي ، وهو ظاهر كعدم قبول كون الثاني تأكيدا للأوّل ، فسبب عدم القبول ليس وجود الفصل وعدم جواز التأكيد مع الفصل كما قاله بعض الشافعيّة نقله في التذكرة ثم قال : وكذا لو كرر ب (ثمّ).

واما لو قال : ودرهم غير درهم فهو ثلاثة قطعا ، لعدم جواز التأكيد اللفظي مع المغايرة وظاهره انتفاء المعنوي.

واعلم انه إذا كان قوله : (أردت به تأكيد الثاني) مقبولا ويلزمه حينئذ درهمان ، ينبغي ان لا يحكم بلزوم الثلاثة مطلقا ، بل الدرهمين ، لاحتمال إرادة تأكيد الثاني بالثالث فلا تعيين بلزوم الثلاثة ، فالضابطة تقتضي الدرهمين في مثله ،

٤٤٢

ولو قال : أردت بالثالث تأكيد الثاني قبل ، ولو قال : أردت تأكيد الأول لم يقبل.

ولو كرّر الإقرار في وقتين فهما واحد الا ان يضيف الى سببين مختلفين.

______________________________________________________

وهو ظاهر بل درهما ، لما مرّ.

نعم لو قال : أردت تأكيد الأول وكان من أهل المعرفة وما ادّعى الجهل والنسيان ، يمكن إلزامه بالثلاثة والا فلا ، فتأمل.

ثم في قول التذكرة أيضا : ـ وان قال : أردت به تكرير الثاني وتأكيده قبل ولزمه درهمان لا غير ويصدّق باليمين ـ تأمّل واضح ، لأنه إذا قام الاحتمال المقبول ـ وهو أخبر بقصده ـ فمقتضى الضابطة وما تقدم في كلامه مرارا ، يقتضي (١) عدم اليمين ، بل يصدق بمجرّد قوله ، بل يحمل عليه بمجرد الاحتمال وان كان نادرا بعيدا ولم يدّعه كما تقدم غير مرّة وقال هنا أيضا.

والحق الأوّل أي تصديقه لو قال : تأكيدا للثاني ، لأنه يحمل على التأكيد ، وهو أخبر بلفظه ، ولا شكّ ان اللفظ محتمل للتأكيد والإقرار فلا يثبت في ذمته بالتجويز والاحتمال ويحتمل ان يكون مراده اليمين مع دعوى المقرّ له عدم إرادته التأكيد للثاني بل للعطف ، فتأمّل.

قوله : «ولو كرّر الإقرار في وقتين إلخ» وجه كون الإقرارين المتفقين في المقر به والمختلفين في الزمان واحدا ظاهر ، وهو الأصل وعدم اليقين بالتعدد ، فيكون تكراره لإقراره بشي‌ء واحد مرّتين ، وهو غير بعيد.

الا ان يضيف كل واحد الى سبب مغاير لسبب الآخر ، بان يقول في الغداة : (له عليّ درهم لثمن تمر) وفي المساء : (له عليّ درهم لثمن ثوب) ونحو ذلك ،

__________________

(١) هكذا في النسخ كلها مخطوطها ومطبوعها ولعل الصواب إسقاط لفظة (يقتضي) كما لا يخفى.

٤٤٣

ولو أضاف أحدهما حمل المطلق عليه.

ويدخل الأقل تحت الأكثر.

ولو قال : له عبد عليه عمامة فهو إقرار بهما بخلاف دابّة عليها سرج.

ولو قال : (له خ) : ألف ودرهم رجع في تفسير الألف اليه.

ولو قال : خمسة عشر درهما.

أو ألف ومأة وخمسة وعشرون درهما ، أو ألف ومأة درهم ، أو ألف وثلاثة دراهم فالجميع دراهم.

______________________________________________________

فإنه يلزمه الدرهمان للصراحة.

واما لو أضاف إحداهما فقط فقال في المساء : (له عليّ درهم) فيجوز ارادته الدرهم الأوّل الذي لزمه بسبب شراء تمر ، فيحمل عليه ، لما مرّ ، وهو ظاهر.

وكذا دخول الأقل تحت الأكثر بأن يقول : له عليّ عشرة دراهم ، ثم قال : له علي خمسة وبالعكس ، لما تقدم من الأصل وجواز التداخل ، فلا يتيقن التعدد.

قوله : «ولو قال : له عبد إلخ» قد مرّ الفرق بين العبد والدابة فتذكّر.

قوله : «ولو قال : ألف ودرهم إلخ» وجهه ظاهر ، إذ ما علم من كلامه هذا كون الألف ، درهما ولا غيره ، إذ يصح ضم أيّ شي‌ء أريد بالألف ، مثل ألف ثوب ودرهم ، ودابّة وغير ذلك.

اما لو قال : خمسة عشر درهما فالظاهر ان كلّه دراهم ، لأن خمسة عشر مركّب عدديّ ، ودرهما مميّز (تمييز خ) المجموع ، وهو المفهوم عرفا ولغة كما بيّن في قواعد العربيّة.

وكذا لو قال : ألف مائة وخمسة وعشرون درهما ، أو ألف ومائة درهم ، أو ألف وثلاثة دراهم ، فان الجميع يلزم ان يكون دراهم لما تقدم.

٤٤٤

ولو قال : درهم ونصف رجع في تفسير النصف اليه.

ولو قال : له هذا الثوب أو (هذا خ) العبد ، فان عيّن قبل ولو أنكر المقر له حلف وانتزع الحاكم ما أقرّ به أو جعله (في يد خ) أمانة.

ولو قال : له في هذه الدار مأة رجع في تفسير المأة اليه (١).

______________________________________________________

هذا ظاهر كلامه ، وفيه تأمّل بجواز تمييز ألف ومائة وخمسة بغير درهم ، ولهذا يصح ان يقال : ألف ثوب ، ومائة غنم ، وخمسة عبيد وعشرون درهما ، وكذا ألف ثوب ، ومائة دراهم ، وألف ثوب وثلاثة دراهم فلا يظهر كون الكلّ دراهم ، بل الأخيرة فقط ، نعم المتبادر ذلك.

ولكن قد مرّ أن الاحتمال البعيد النادر يصار اليه (مصار اليه خ) ، ومقبول ، فلا يتعين ، فتأمل.

ويؤيده قوله : أو قال (درهم ونصف رجع في تفسير النصف اليه) مع ان المتبادر ان المراد نصف درهم فتأمل.

قوله : «ولو قال : له هذا الثوب إلخ» معلوم ان هذا إقرار مجمل لا يمكن الحكم عليه فيلزم عليه التعيين ، فان أبى حبس حتى يعيّن ، فان عيّن وقبل المقرّ له ، فلا كلام ، وان أنكر وادعى الآخر ، حلف المقر ، بعدم قصده ذلك أو عدم استحقاقه له ، وانتزاع الحاكم ما أقرّ به عن يده لو جعله امانة عنده كما تقدم.

قوله : «ولو قال : له في هذه الدار إلخ» كون الرجوع الى المقرّ في تفسير المائة بأنه دينار أو درهم ظاهر قيل ، وكذا في إرادة معنى ظرفيّة الدار التي في يده للمائة بأي معنى كان وما فسّر ويحتمله اللفظ.

__________________

(١) في النسخة المطبوعة بعد قوله (إليه) : بأنه دينار أو درهم ولكن ليست هذه الجملة في النسخ المخطوطة التي عندنا من الإرشاد وهي ثلاث نسخ.

٤٤٥

والإقرار بالولد ليس إقرارا بزوجيّة أمّه (الأم خ).

«البحث الثاني في الإقرار بالنسب»

ويشترط فيه أهليّة المقر.

وتصديق المقرّ له ان كان غير الابن أو كان ابنا بالغا.

وان لا يكذبه الحسّ ، ولا الشرع ولا منازع له في الإقرار بالولد.

فلو أقرّ بمن هو أكبر سنا.

______________________________________________________

قوله : «والإقرار بالولد ليس إقرارا بزوجيّة أمه» وجه عدم كون الإقرار بالولد إقرارا بزوجيّة أمه ، ظاهر ، إذ قد يكون حاصلا بالشبهة أو تكون أمة ، أو حصل بإباحة المالك وكان ذكر هذه في الإقرار بالنسب أولى فتأمل.

«البحث الثاني في الإقرار بالنسب»

قوله : «ويشترط فيه أهليّة المقر إلخ» يشترط في صحّة الإقرار بالنسب كون المقر متصفا بما مرّ في الإقرار بالمال حتى يكون هو أهلا له.

ويزيد عليها اشتراط تصديق المقرّ له ، المقرّ في إقراره إذا كان الإقرار بغير الولد الغير البالغ ، فان كان طفلا لا يحتاج الى التصديق.

ولعلّ دليله ، الإجماع وعموم أدلّة الإقرار (١) مع عدم إمكان اعتبار تصديقه.

واشتراط ان لا يكذبه العقل ولا الشرع ، وان لا يكون من تنازعه في ذلك بان يقول : ولدي.

فلو أقرّ بمن هو أكبر سنا منه أو مساويا أو أقل ، ـ ولكن لا يمكن كونه ولدا له

__________________

(١) الظاهر إرادة الأدلّة التي قاله الشارح قده في أوّل كتاب الإقرار كتابا وسنة وإجماعا فراجع.

٤٤٦

أو بمشهور النسب أو لم يصدّقه البالغ أو نازعه آخر لم يقبل (إقراره خ).

______________________________________________________

أو دعوى ولديّة من كان بعيدا عنه بحيث لا يمكن فرض حصوله عنه ، وغيره ممّا يكذبه العقل والحس ـ لا يقبل منه هذا الإقرار ، بل يرد ويكذب.

وكذا ان أقرّ بولديّة من حكم الشارع بكونه ولدا لغيره لشهرة نسبه أو شهادة العدلين أو علم الحاكم به ، أو يكون بالغا وكذّبه ، أو نازعه آخر في كونه ولدا له ـ فلم يقبل في ذلك كلّه ، بل ينفى عنه الّا في الأخيرين ، فإنه يمكن ان يثبته شرعا ولو بالقرعة في الأخير.

الظاهر عدم الفرق ـ في ذلك كلّه ـ بين الذكر والأنثى ، ملحقا كان ، أو كان ملحقا به ، ولا بين كونه رشيدا وعدمه ، ومراهقا وعدمه ، وبين تكذيب الأمّ بأن تقول : ليس لك ، بل لغيرك وعدمه ذكر في التذكرة.

وتنظّر في القواعد في ثبوت النسب بإقرار الأم.

وادّعى الشيخ (الشارح خ) الإجماع في الأب ، وعدم الدليل في الأم فيبقى على حاله ، وهو عدم الثبوت بل الإلزام (١) بإقرارها ، بالنسبة إليها فقط.

والعقل لم يجد الفرق ، بل يحكم في الأمّ بالطريق الأولى فتأمّل.

واما اعتبار التصديق فيما اعتبر ، فهو المشهور بحيث لا يعرف الخلاف ، فكأنه مجمع عليه والعقل يساعده ، لان الحكم على شخص بإقرار آخر مع أهليته للتصديق والتكذيب مع تصديقه ، مخالف للعقل والنقل.

نعم يلزم المقر بمقتضى إقراره ، لدليل الإقرار ، فلو كان بنتا لا يجوز له تزويجها وتملكها وغير ذلك.

ثم اعلم ان مقتضى كلامهم انه إذا ثبت النسب بين المقر والطفل ، ثبت

__________________

(١) يعني يثبت بإقرار الأم الإلزام بالنسب إليها فقط لا مطلقا.

٤٤٧

ولو استلحق مجهولا بالغا وصدقه قبل.

______________________________________________________

نسبه مثل الفراش ، فيكون أب المقرّ جدا ، وامه جدّة واخوته وأخواته أعماما وعمات ، وولده اخوة وأخوات ، فلو رجع لم يقبل ولا يسمع تكذيب الولد بعد البلوغ ، ولا ينفع تكذيب احد منهم ذلك.

قال في التذكرة : إذا أقرّ بالولد وحصلت الشرائط ثبت النسب بينه وبين الولد ، وكذا بين الولد وكل من ثبت بينه وبين الولد المشهور.

ثم قال : ولا يكفي (١) السكوت في الولد البالغ وعدم التكذيب ، بل لا بدّ من التصديق.

وانه (٢) لو رجعا بعده يحتمل بطلان النسب ، ـ إذ ما ثبت إلا بالإقرار وقد رجعا ـ مثل ما مرّ في المال.

وعدمه ، فإنه حكم بالنسب فصار الإقرار كالفراش فلا ينتفي بالنفي والاجتماع على ذلك ، ولعلّه الأولى والأنسب وقرّبه في التذكرة.

وقال أيضا : لا اعتبار بتصديقه حالة أصغر فلو استلحق صغيرا فلما بلغ كذّبه فالأقرب أنه لا اعتبار بالتكذيب ولا يندفع النسب (الى قوله) وهو أظهر وجهي الشافعي.

وعلى ما اخترناه لو أراد المقرّ به تحليفه ينبغي أن لا يمكّن منه ، لأنه لو رجع لم يقبل فلا معنى لتحليفه ولو (٣) استلحق مجنونا فأفاق فأنكر ، فالأقرب أنه كالصغير آه فتأمّل.

قوله : «ولو استلحق مجهولا إلخ» إشارة إلى اعتبار التصديق في الإقرار

__________________

(١) عبارة التذكرة هكذا : فلو أقر ببنوّة البالغ فسكت البالغ لم يثبت النسب ولم يكن كافيا في الالتحاق ، بل يعتبر ان يصدقه (انتهى).

(٢) عطف على قوله قده : انه إذا ثبت النسب إلخ.

(٣) اما لو استلحق مجنونا إلخ (التذكرة).

٤٤٨

ولو كان صغيرا لحق في الحال ، ولا يقبل إنكاره بعد بلوغه.

ولو أقرّ ببنوّة الميّت قبل ، صغيرا كان أو كبيرا ولا يعتبر التصديق وكذا لا يعتبر لو أقرّ ببنوّة المجنون.

ولو أقرّ بغير الولد افتقر إلى البيّنة أو التصديق.

______________________________________________________

بالولد البالغ ، وذلك يقبل مع الشرائط ، مثل كونهما بالغين عاقلين رشيدين وظاهر حينئذ ثبوت النسب مطلقا فتأمّل.

ويفهم التردد من شرح القواعد ، ونقل عن الشيخ انه يتعدى التوارث إلى أولادهما فقط ، وقال : في الفرق تأمّل.

ولو كان المستلحق ولدا صغيرا الحق في الحال ، ولا يتوقف الى ان يبلغ ويصدّق ، بل لا يقبل تكذيبه بعد البلوغ والرشد كما مرّ.

قوله : «ولو أقرّ ببنوّة الميّت إلخ» لا يعتبر التصديق المعتبر في البالغ الرشيد فإنه انما كان معتبرا مع الإمكان وهنا ليس بممكن فصار كالطفل والمجنون البالغ.

وفي الكبير تأمّل والإجماع نقل في الصغير وليس بمعلوم في الكبير الميّت خصوصا مع التهمة لوجود الإرث ، ومع المنازع مثل أخ فتأمّل.

قوله : «وكذا لا يعتبر لو أقرّ ببنوّة المجنون إلخ» إذ لا اعتبار بكلامه فكأنه طفل.

قال في شرح القواعد : ولا خلاف في ذلك ، وإنكاره بعد الإفاقة كإنكار الصبي بعد البلوغ ان ثبت الإجماع فهو والا ففيه تأمّل ، وقال في حاشيته على الكتاب : لو بلغ المجنون عاقلا ثم طرأ جنونه فعدم القبول فيه أرجح ، وفي الفرق تأمل.

قوله : «ولو أقر بغير الولد إلخ» أي لا بدّ لثبوت النسب ـ بين المقرّ والمقرّ به إذا لم يكن ولدا ـ من البيّنة الشرعيّة.

٤٤٩

وإذا صدّقه توارثا ، ولا يتعدّى التوارث.

ولو كان له ورثة مشهورون لم يقبل في النسب.

______________________________________________________

والظاهر انه يكفي الشياع عنده أيضا على ما هو المشهور بينهم من غير ظهور مخالف فاكتفى في مثل هذا المقام بالظهور ، فيكون الحصر المفهوم هنا ، وصريحا (١) في غيره ـ مثل القواعد ـ إضافيّا بالنسبة الى رجل ويمين أو فاسقين وغير ذلك وأمثاله كثيرة مثل أنهم يقولون ـ في بحث الصوم ـ : لا يثبت الهلال الا بعدلين ، ويعدّونه فيما يثبت بالشياع.

وأجاب في شرح الشرائع : بأنه يمكن ان يثبت بالشياع مع عدم المنازعة (المنازع خ) ، ومعه بالعدلين فقط.

وهو غير واضح ، فان الشياع ان كان حجّة يثبت بها دائما ، والا فلا ، ولو كانت المسألة مجرّدة كان أجر العبارة هيّنا فتأمل.

ويكفي التصديق في ثبوت التوارث بينهما ، ولا يفيد ثبوت النسب ، بل التوارث أيضا بينهما وبين غيرهما ، واليه أشار بقوله : (ولا يتعدى الى آخر) ، ومحصل قوله : فلو كان له ورثة آه راجع الى عدم تعدي التوارث ، فهو تأكيد وزيادة بيان لقوله : (ولا يتعدى) فتأمّل.

فلو كان لهم ورثة مشهورون يعتبر في ثبوته بينهم أيضا التصديق من الطرفين كالأوّلين ، لأن حاصله تصديق الأوّلين في حقهم ولا يقبل إلا في حق أنفسهم ، بل القبول للتوارث أيضا في حق الغير في الجملة الا انه لزم من القبول حال حياتهم بالنسبة إلى أنفسهم ولا يمكن ردّه بعده ، فتأمّل.

وهذا القول أيضا يشعر بثبوت التوارث والنسب في الولد البالغ الرشيد مع

__________________

(١) هكذا في النسخ كلها مخطوطها ومطبوعها ولعل الاولى : (والصريح)مع اللام عطفا على لفظة(المفهوم).

٤٥٠

ولو أقرّ ولد الميّت بآخر ، ثم أقرّ بثالث فأنكر الثالث الثاني ، فللثالث ، النصف ، وللثاني ، السدس ، وللأول ، الثلث.

ولو مات الثالث عن ابن مقر دفع السدس الى الثاني.

ولو كان الأوّلان معلومي النسب لم يلتفت الى إنكار الثالث وكان المال أثلاثا.

ولو أقرت الزوجة مع الاخوة بابن ، فان صدّقها الأخوة ، فللولد سبعة الأثمان ، والا ، الثمن.

______________________________________________________

التصديق ، وكذا عدم قبول الرجوع ، فتأمّل.

ولا فرق في غير الولد بين الإقرار بالأب والام والأخ وغيرهم.

قوله : «ولو أقر ولد الميّت إلخ» يعني إذا مات شخص وله ولد معلوم ، فأقر الولد بولد آخر للميّت ثمّ أقرّ كلاهما بولد ثالث له ، لا شكّ انه يثبت الإرث له ، بل يثبت نسبه ان كانا عدلين ، فان لم ينكر هو أحدهما (في انه ولد خ) بل صدقهما في انه ولد وهما أيضا كذلك يكون المال بينهم أثلاثا مع عدم وارث آخر والّا فللورثة ، وان كذبهما لا يسمع تكذيبه ، الأول ، لفرض ثبوت نسبه ، فهو كإنكار الثاني له فللثالث ، النصف ، إذ لا وارث غيره ، وغير الأول بالنسبة اليه ، ويدفع الأول الى الثاني ، السدس لثبوت وراثته بالنسبة إليه بإقراره ، فيدفع الفاضل اليه.

ويحتمل قسمة النصف بينهما ، لان بقراره ، وهو متساو (مساو خ) معه ، فتأمّل ولو مات الثالث عن ابن ـ أو غيره من الوارث ـ مقر بهما ، يدفع السدس الى الثاني أو إليهما فيقسّمان بينهما كالنصف.

ولو كان الثاني أيضا معلوم النسب الثابت كالأوّل لم يلتفت الى إنكار الثالث له ، بل يقسم المال بينهم أثلاثا ، وهو واضح.

قوله : «ولو أقرت الزوجة بابن إلخ» لو أقرت زوجة الميّت ـ الذي له

٤٥١

وكل وارث أقرّ بأولى منه دفع ما في يده اليه.

وان كان مثله دفع بنسبة نصيبه.

ولا يثبت النسب إلا بشهادة العدلين.

ولو شهد الاخوان بابن للميّت وكانا عدلين يثبت (ثبت خ) النسب والميراث ولا دور.

______________________________________________________

اخوة معلومة ـ بابن له ، فان صدقها اخوة الميّت ، فللولد سبعة أثمان مال الميّت ، والثمن للزوجة كملا وهو ظاهر ، وان لم يصدقها ، فثلاثة أرباع للأخوة والربع الآخر للزوجة ، لإقرار الإخوة بعدم الولد فنصفه ـ وهو الثمن ـ للولد لإقرارها ، ونصفه الآخر للزوجة.

ويحتمل ان يكون له سبعة أثمان الربع ولها ثمن الآخر ، لأن بإقرارها ، لها سبع ما للولد المقرّ به ، إذ ما في يدها مال الميّت وهو مشترك ولم يتعيّن لها ثمن جميع المال منه بل ولم يتعيّن لها ثمن ما في يدها ، هذا أيضا واضح.

قوله : «وكل وارث أقر إلخ» وجه دفع جميع ما في يد المقر الى من هو أولى بالميّت منه بإقراره ، ظاهر ، وكذا بالنسبة إلى نصيبه لو أقر بمن هو مثله في كونه وارثا ، فلو كان المقر بنتا والمقر به ابنا للميّت تدفع إليه ثلثي ما في يدها ، لأنه قد ثبت بإقرارها أن كلّ ما هو للميّت ، بينهما ، وبين أخيها أثلاث (أثلاثا خ) هذا إذا لم يكن وارث آخر غيرهما.

واما مع وجود بنت أخرى مثلا منكرة له فظاهر المتن أنه مثل الأوّل ، تعطي المقر نصف ما في يدها ، وعلى الاحتمال الذي ذكرناه سابقا ثلثاه.

قوله : «ولا يثبت النسب إلا بشهادة العدلين» قد مرّ البحث فيه ، وان المراد ان الحصر إضافي ، لأنه سيصرّح بثبوت النسب بالشياع ، فالمراد لا يثبت بالنساء ، ولا برجل ويمين ، ولا به وبامرأتين ونحو ذلك فتأمّل.

قوله : «ولو شهد الأخوان إلخ» لا شك في ثبوت نسب الابن بشهادة

٤٥٢

ولو كانا فاسقين أخذ الميراث ولم يثبت النسب.

ولو أقرّ باثنين أولى منه دفعة فصدقه كلّ واحد عن نفسه لم يثبت النسب ويثبت الميراث وان تناكرا بينهما.

______________________________________________________

الأخوين العدلين ، وثبوت الإرث له لدليل قبول شهادة العدلين ، ومعلوم عدم الدور هنا ، إذ لا يتوقف قبول قولهما على كونهما أخا له ووارثا للميّت ، لان قبول قولهما للشهادة ، لا للإقرار الموقوف على كونهما وارثين وشهادة العدلين مقبولة مطلقا وان توقف ثبوت بنوّته ووراثته على شهادتهما.

بل وان قلنا : ان قبول قولهما لاقرارهما وكونهما وارثين أيضا ، لا دور لانّ الشرط كونهما وارثين ظاهر ، ومع قطع النظر ، عن إقرارهما ، بل يكفي كونهما صاحبا يد في الجملة على مال الميّت وهو ظاهر.

فلا يرد ان قبول قولهما فرع كونهما وارثين ، وقد يلزم عدمه لو قبل قولهما ، فلو قبل قولهما لزم عدم قبول قولهما وعدم كونهما وارثين ، وهو المراد بالدور هنا ، وهو ظاهر.

والغرض الإشارة الى ما توهم بعض العامّة من الدور ، وهو مدفوع بما تقدم.

ولهذا يثبت الميراث للولد لو كانا فاسقين ، ولا يثبت النسب ، فلو أخر (ولا دور) لكان أولى فإن توهّم الدورية حينئذ أظهر ، لأن القبول لكونه إقرارا ، ووارثا فتأمّل.

قوله : «ولو أقر باثنين أولى منه إلخ» لو أقرّ وارث ظاهر باثنين أولى منه دفعة واحدة ـ بأن كان أخا ـ وصدّق بولدين للميّت ـ وصدقه كل منهما عن نفسه فقط ، لم يثبت النسب لشاهد واحد ويثبت الميراث بينهما مع انه لم يصدّق أحدهما الآخر ، بل كذّبه ، لأنه يثبت الإرث لهما سواء ، بقول وارث ظاهر وصاحب يد ظاهرة ولا ترجيح لأحدهما على الآخر.

٤٥٣

ولو أقرّ بوارث أولى منه ، ثم بأولى منهما ، فان صدّقه الأوّل دفع المال الى الثاني والا الى الأول وغرم للثاني ، ولو أقرّ بمساو للأول ، فان صدقه تشاركا والا غرم للثاني نصف التركة.

______________________________________________________

قوله : «ولو أقر بوارث اولى منه إلخ» مثل عم الميّت أقر بأخ له ثم بابن له ، فان صدّقه المقرّ له الأول في الثاني دفع المال اليه ولا يثبت النسب ولا غرامة ، وان كذّبه يدفع المال إلى الأوّل ويغرم للثاني ، وان أقر بأخ آخر مثلا فان صدّقه الأول شاركه والا غرم للثاني نصف المال بعد دفعه الى الأوّل.

وجه ذلك كلّه ، الإلزام بإقراره وعدم لزوم شي‌ء على غيره بإقراره.

وفيه تأمّل ، إذ ليس قوله : (هذا أخ أو ابن) ان المال له وانه الوارث فقط ولا وارث غيره مشاركا ومقدما ، فإلزامه مشكل ، إذ قد يقول : انه أخ ونعرف ان له آخر (أخ ـ خ) أو ابن وغير ذلك ، فقوله : هذا أخ ليس بصريح في الإقرار بأن المال له فقط حتى يلزم بإقراره.

وقد مرّ في الإقرار بالمال وذكروا في الوكالة أيضا مثله ، انه لو أقر بكون المال للميّت وقال : لا وارث له غيره لم يلزم بتسليم العين لاحتمال وارث آخر فلا يلزمونه هناك وهنا ينبغي بالطريق الأولى.

على انه قد يكون نسي أو لم يعلم ، ثم ثبت عنده الآخر مشاركا ، أو أولى.

وبالجملة قاعدة الإقرار التي هي الأخذ باليقين دون الاحتمال والجواز ، تؤيّد الشبهة هنا ، فتأمّل.

نعم يمكن الغرم لو أقرّ وسلّم المال خصوصا إذا قال لا وارث له غيره.

ويمكن حمل عبارات الأصحاب عليه ، قال في القواعد : ويغرم ان نفى وارثا غيره والا فإشكال ، وللمحقق الشيخ عليّ هناك (١) تحقيق ، ولنا أيضا تحقيق

__________________

(١) راجع جامع المقاصد ج ١ ص ٥٦٤ في ذيل شرح قول المصنف ره : لو أقر الوارث من قوله ره

٤٥٤

ولو أقرّ بزوج لذات الولد أعطاه ربع نصيبه ، والا النصف.

فإن أقرّ بآخر ، لم يقبل.

ولو أكذب إقراره الأوّل أغرم للثاني.

ولو أقرّ بزوجة لذي الولد أعطاها الثمن ، والا الربع.

فإن أقرّ بثانية وكذّبته الأولى غرم نصف السهم.

فإن أقرّ بثالثة غرم لها ثلث السهم.

فإن أقرّ برابعة غرم الربع.

______________________________________________________

فارجع اليه.

قوله : «ولو أقر بزوج لذات الولد إلخ» أي لو أقرّ وارث الميّت ذات الولد بالفعل كالولد واحد الأبوين ، بزوج لها أعطاه المقر ، الزوج ربع نصيبه ، وان أقر الوارث غير الولد بزوج لها ولم يكن لها ولد أعطاه نصف نصيبه.

فإن أقر بزوج آخر لم يقبل إقراره لعدم إمكان الزوجين الوارثين لزوجة واحدة.

ولو أكذب المقر إقراره الأوّل ، وقال : انّما الزوج هو الثاني فيغرم للثاني ما أعطاه الأوّل وهو ظاهر ، ولو أقر بما تقرر عندهم من الأقارير ، فتأمّل.

ولو أقر وارث لميّت ذي ولد اعطى المقرّ الزوجة ثمن ما في يده ، وان لم يكن له ولد أعطاها ربعه.

فإن أقر بزوجة ثانية له ، فان صدقته الأولى قسم الربع أو الثمن بينهما ، وان كذبته غرم لها نصف السهم أي الثمن أو الربع ، ولا اعتبار بتكذيب الثانية في الإقرار الأول لسبقه.

فإذا أقرّ بثالثة وكذبته الثانية غرم لها ثلث الثمن أو الربع.

فإن أقرّ برابعة غرم ربع الثمن أو ربع الربع لها.

__________________

والتحقيق في المسألتين إلخ والكلام طويل فلاحظ ، وأما تحقيق الشارح قده فلم نعثره عليه.

٤٥٥

ولو أقرّ بهن دفعة أو صدقته كان السهم بينهن أرباعا ولا غرم.

ولو أقرّ بخامسة لم يقبل.

ولو أنكر إحدى من أقر بها لم يلتفت وغرم لها ربع الحصّة.

ولو ولدت أمته فأقرّ بنبوّته لحق به ان لم يكن لها زوج.

ولو أقرّ بابن إحدى أمتيه وعيّنه لحق به ، فان ادعت الأخرى ان ولدها ، المقرّ به حلف لها.

ولو مات قبل التعيين أو بعده واشتبه ، فالوجه القرعة.

______________________________________________________

ولو أقر بهن دفعة واحدة من غير ترتيب أو صدّقهن المقر كان الثمن (أو الربع خ) بينهنّ أرباعا ولا غرامة على المقر ، وهو ظاهر ، وفي الغرم ، البحث المتقدم فتذكر وتأمل.

ولو أقر بخامسة لم يقبل ، كالزوج الثاني ، ويمكن ان يستفصل هنا لاحتمال الإمكان كما في نكاح المريض ، فان فسّر به قبل زواله ، والا فلا ، فتأمّل.

ولو أنكر إحدى من أقرّ بها أوّلا واثبت بدلها الخامسة ، لم يلتفت الى إنكاره ويغرم للخامسة ربع الربع أو ربع الثمن ، لإقراره.

قوله : «ولو ولدت أمته إلخ» هذا مبنيّ على ان ولد الأمة لم يلحق ما لم يقرّ ، فإذا ولدت أمته الخالية عمن يدخل عليها حلالا فأقر بولديّة من ولدته ـ مع إمكان كونه منه ـ لحق به ، لإمكانه وعدم المانع الشرعي والعقليّ ، فيؤخذ بإقراره ويثبت النسب ، فإنه ليس بأقل من إقراره بولديّة طفل مجهول ، ومعلوم عدم اللحوق مع انتفاء احد القيود ، فتأمّل.

قوله : «ولو أقر بابن إحدى أمتيه إلخ» المراد ما تقدم وذكره للاحتمال وليتفرع عليه قوله : (فان ادّعت الأخرى أن ولدها ، المقر به حلف لها) المولى.

ولو مات المولى بعد الإقرار بولديّة ولد إحدى أمتيه مجملا قبل ان يعيّن ، أو

٤٥٦

ولو أقرّ بشخص فأنكر المقرّ له نسب المقرّ استحقّ الجميع وافتقر المقر إلى البيّنة.

وإذا تعارف اثنان بما يوجب التوارث ، توارثا مع الجهل بنسبهما ولم يكلّف يكلّفا البيّنة.

______________________________________________________

بعد ان عيّنه لكن اشتبه المعيّن بعد ذلك فالوجه ان يقرع ، لأنه أمر مشكل ، والكبرى ثابتة عندهم ، ويحتمل شركتهما في حصّة المقر به من الإرث وعدم ثبوت نسب واحد بعينه ، والإيقاف حتى يصطلحا ، فتأمّل.

قوله : «ولو أقر لشخص فأنكر إلخ» أي لو أقرّ شخص لشخص بكونه وارثا لميّت ، فأنكر المقرّ له نصيب المقر استحق المقر له جميع تركة الميّت وافتقر المقر إلى البيّنة وما ثبت به نسبه اليه حتى يأخذ المال ويثبت النسب.

هذا إذا لم يكن الأول معلوم النسب وثابتا نسبه اليه.

وهذا يدل على عدم الدور فيما تقدم حيث علم ان قبول الإقرار لم يتوقف على ثبوت نسب المقر ، وكونه وارثا ، بل تكفي اليد كما أشرنا إليه.

قوله : «وإذا تعارف اثنان إلخ» أي لو عرّف اثنان ان أحدهما أخ الآخر مثلا وتصادقا توارثا اي يرث أحدهما الآخر مع جهل الحاكم وسائر الناس بنسبهما ، بل يثبت التوارث في أنسابهما أيضا لحملها على الصدق والصحيح مع الاحتمال وعدم ظهور الخلاف والمنازع فيقسم الحاكم مال أحدهما في الآخر وورثته ولم يكلف أحدهما بالبيّنة وهو أيضا ظاهر.

وكان ينبغي ذكر الإقرار بغير المال والنسب أيضا مثل الزنا وسائر الحدود ، فكأنهم تركوه ، لانه يعلم من ذكر الإقرار بالمال وقد ذكر بعض أحكامه في أبوابه أيضا.

٤٥٧

«المطلب الثاني في تعقيب الإقرار بالمنافي»

إذا قال : له على ألف من ثمن خمر أو مبيع هلك قبل قبضه أو ثمن مبيع فاسد أو ثمن مبيع لم أقبضه ، أو لا يلزمني أو قضيته ، لزمه.

______________________________________________________

قوله : «المطلب الثاني في تعقيب الإقرار بالمنافي إلخ» تعقيب الإقرار بالمنافي ان كان لم يبطله بالكليّة وكان متصلا به عرفا من غير فصل ولا سكوت طويل فهو مقبول فيلزمه ما بقي بعد المنافي كالاستثناء المتصل عرفا وان أبطله بالكليّة أو بعضه مع الفصل الخارج عن العرف فلا يقبل المنافي ، بل يلزمه جميع ما أقرّ به.

كأنه لا خلاف أيضا إلا في الاستثناء ، بناء على ما روي ، عن ابن عباس تجويزه الى شهر أو أربعين يوما (١).

على انه قد أوّل ذلك على تقدير حجيّة قوله ، فتأمل.

وكذا قوله صلّى الله عليه وآله : (ان شاء الله) وان أبطل كلّه مع عدم الفصل المذكور. فظاهر كلامهم عدم القبول المنافي وإلزامه بجميع ما أقرّ به مطلقا مثل قوله : (له عليّ ألف من ثمن خمر).

قال في التذكرة : إذا قال : (لفلان عليّ ألف من ثمن خمر أو خنزير أو كلب) فان فصّل بين الإقرار ـ وهو قوله : (علي ألف) وبين الرافع ، وهو قوله : (من ثمن خمر أو خنزير) ـ بسكوت أو كلام آخر ـ لم يسمع منه ولزمه الألف إجماعا ، لأن وصفه بذلك رجوع عن الإقرار وان كان موصولا بحيث لا يقع بين الإقرار ورافعه سكون ولا كلام ، لم يقبل أيضا ولزمه الألف ، لما فيه من الرجوع والتناقض إلخ (٢).

__________________

(١) لم نعثر على هذه الرواية في كتب الأحاديث من العامة والخاصّة ، نعم نقله العلامة رحمه الله في التذكرة في كتاب الإقرار إجمالا في فصل تعقيب الإقرار بما يرفعه ج ٢ ص ١٦٣.

(٢) الى هنا عبارة التذكرة ج ٢ ص ١٦٦.

٤٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

فيه تأمل ، لما تقدم من قاعدة الإقرار ، قد ذكرها فيها مرارا ، وهي انه مبني على اليقين فكلما لم يتيقن لم يلزم بشي‌ء ولا يخرج عنه بالظن وغيره ويسمع فيه الاحتمال وان كان نادرا ، ولا شكّ انه هنا محلّ اعتقاده بلزوم الثمن بمتابعة هذه الأشياء كاعتقاده صحّة ذلك مطلقا أو إذا كان الشراء من الكافر أو لزوم ذلك إذا كان في زمان الكفر ونحو ذلك.

وبالجملة ـ مع إمكان احتمال لا يلزمه ولا يصير الكلام لغوا محضا ومتناقضا بحسب اعتقاده ـ يشكل الحكم باللزوم بمجرد ما تقدم ، للأصل والقاعدة.

ولهذا قال في التذكرة ـ نقلا عن بعض الشافعيّة ـ : لو قال : لفلان علي من ثمن الخمر ألف ، لم يلزمه شي‌ء بحال ، ولم يرده الا ان يكون لدليل من إجماع ونحوه ، فتأمّل.

ويؤيده نقل الإجماع في صورة الفصل الخارج عن العادة وعدمه مع الوصل.

وما نقل أيضا في التذكرة ، عن الجويني (١) : كنت أودّ ، لو فصل بين ان يكون المقر جاهلا بان ثمن الخمر لا يلزم وبين ان يكون عالما فيعذر الجاهل دون العالم ، ولكن لم يصر إليه أحد من الشافعية (٢) فتأمّل.

وكذا الكلام في تعقيبه بسائر ما ينتظم الكلام ، لكنه يبطل حكمه شرعا.

قال في التذكرة : إذا وصل إقراره بما ينتظم لفظه عادة لكنه يبطل حكمه شرعا (٣) ، فإذا قال : له عليّ ألف من ثمن مبيع مجهول أو بأجل مجهول أو بخيار

__________________

(١) في التذكرة : قال الجويني ـ بعد ذكر القولين : كنت أودّ إلخ.

(٢) إلى هنا عبارة التذكرة.

(٣) المناسب ان يقول : (الى ان قال) فإذا قال إلخ لفصل قوله شرعا مع قوله : فإذا قال بثلاثة أسطر تقريبا.

٤٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

مجهول ، لم يقبل منه ولزمه الألف في الحال (١).

وكذا لو قال : ضمنت لفلان بخيار أو كفلته بخيار وقلنا : انه لا يدخل فيهما الخيار فيلزم الضمان والكفالة في الحال.

وبالجملة أمثال ذلك عندي في غاية الإشكال ، خصوصا في المقرّ به مع قوله : (من ثمن مبيع لم أقبضه) فإنه لا تناقض ولا تنافي بوجه ، فان الثمن يلزم بمجرد عقد البيع ولا يشترط قبض المبيع الا انه لا يكلّف بالتسليم أوّلا بل له ان يمتنع حتى يقبض ، وانه لو تلف قبله يبطل العقد على ما قالوه ولهذا قال في التذكرة : إذا قال له عليّ ألف من ثمن عبد لم أقبضه إذا سلمه سلمت الألف ، قال الشيخ : ان وصل الكلام كان القول قوله مع اليمين.

وقال أيضا : لو قال : له عليّ ألف من ثمن مبيع ثم سكت ثم قال بعد ذلك : (لم اقبضه) قبل قوله عنده رحمه الله اما لو قال : عندي (٢) ألف ثم سكت ، ثم قال ـ بعد ذلك ـ : (من ثمن مبيع لم أقبضه) فإنه لا يقبل قوله ، ويقدم قول المقرّ له مع يمينه إلخ (٣).

ولو لم يكن إجماع في أمثاله يمكن القول بالقبول أيضا ، بل في كل موضع يمكن الاحتمال وان كان بعيدا وان لم يكن متصلا ، بل بيّن مراده بعد ذلك بكلام آخر أنّ ذلك لثمن مبيع لم اقبضه.

ونحوه صرّح به في التذكرة في غير هذا الموضع مرارا.

__________________

(١) الى هنا عبارة التذكرة.

(٢) في التذكرة : الثاني ان يقول : له عندي ألف ثم يسكت ثم قال إلخ وليعلم ان العبارتين في التذكرة على خلاف ما نقله الشارح قده هنا ، فان فيها العبارة الأولى مؤخّرة والثانية مقدمة فراجع البحث الثاني من كتاب الإقرار ج ٢ ص ١٦٦ منها.

(٣) الى هنا عبارة التذكرة.

٤٦٠