مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٩

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٩

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٣

.................................................................................................

______________________________________________________

وصحيحتي الحلبي وأبي الصباح الكناني ، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجلين اشتركا في مال فربحا فيه (ربحا خ) وكان من المال دين (وعليهما دين خ) فقال أحدهما لصاحبه : أعطني رأس المال والربح لك (لك الربح ئل) ، وما توى فعليك؟ فقال : لا بأس به إذا اشترط (اشترطا ئل) وان كان شرطا يخالف كتاب الله (فهو ئل) ردّ الى كتاب الله عزّ وجلّ (١).

وفيها أيضا دلالة على عدم الصحة مع الشرط المخالف لكتاب الله كما هو ظاهر وتقدم وعلى عدم اشتراط الصيغة والمقارنة.

وقيّد في شرح الشرائع هذا الحكم (٢) بما إذا كان الشرط في الانتهاء لا في الابتداء ، لأنّه لو كان فيه (٣) لبطلت الشركة لمنافاته وضع الشركة.

والخبر مشعر بما شرطناه ، فإطلاق المصنف وغيره غير جيّد ، ويمكن أن مراد المطلقين ذلك.

ويحتمل الصحّة على إطلاقه وتأويل الرواية ، بأن المراد من الاشتراط قول أعطني رأس المال إلخ يعني له ذلك إذا قال له : أعطني رأس المال إلخ.

ويؤيّده البطلان إذا كان الشرط في أثناء عقد الشركة أو مقدما ، لما مرّ وعدم لزوم الشرط ان كان متأخرا عن العقد عندهم.

ويحتمل (الصحّة مع الشرط في الانتهاء ، لا في الابتداء) أيضا ، بمعنى (٤) أنّه يلزم مقتضى الشرط على القابل ويجوز له المعاملة بذلك المال وله الريح وعليه

__________________

(١) الوسائل باب ٤ حديث ١ بأسانيد متعددة من كتاب الصلح فلاحظ.

(٢) يعني الحكم المذكور في المتن وهو اختصاص أحدهما إلخ.

(٣) يعني في الابتداء.

(٤) هكذا في النسخة المطبوعة ولكن في النسخ المخطوطة التي عندنا هكذا ويحتمل مع الشرط أيضا بمعنى إلخ.

٣٤١

ويعطى مدعي الدرهمين بيدهما أحدهما ونصف الآخر ومدّعي أحدهما نصف الآخر.

______________________________________________________

الخسران وعليه عوض مال القابل وان لم تكن فيه خاصيّة شرائط الشركة اصطلاحا ويرجع حاصله الى القرض ، وهو مقتضى عموم أدلّة الصلح ، فلو كان المراد بالبطلان هذا المعنى فلا نزاع والا ففيه النزاع.

على أنّ في اشعار الخبر بكونه في الانتهاء مناقشة ، إذ الظاهر صحّة الصلح وتحقق الشركة وان كان الشرط في أثناء المعاملة أو بعدها ، والظاهر ان ليس في الخبر ما ينافي ذلك ، نعم انه مخصوص بما بعد المعاملة ، بل ظهور الربح وكون بعض المال دينا وبعضه عينا ، والظاهر انه (ان ذلك خ) ليس بشرط بالاتفاق فتأمل.

قوله : «ويعطي مدّعي الدرهمين إلخ» ذلك (١) أي ان لمدعي الدرهمين اللذين في يده ويد مدعي أحدهما الدرهم والنصف ، وللآخر النصف ، إذا لم يكن لأحدهما بيّنة أو تكون لهما بيّنة من غير رجحان ولم يحلف أحدهما أو يحلف كلاهما ، فان كان لأحدهما بيّنة فقط فكل المدّعى ، له ، وكذا لمن حلف ، ان نكل الآخر عن اليمين على عدم استحقاق الحالف.

وان كان في يد أحدهما وحلف الخارج فهو له ، والا فهو لصاحب اليد مع الحلف ويد الثالث ، كيدهما ظاهر ، لأنّ أحدهما للاول بلا نزاع وهما في الآخر سواء ، فيقسم ، لعدم الترجيح.

والظاهر ان لكلّ واحد منهما حلف صاحبه على عدم استحقاق صاحبه منه (فيه خ) وان نكل أحدهما ، فالكلّ للآخر كما تقدم وكأنّه مجمع عليه.

ومستنده ما تقدم ، ومرسلة عبد الله بن المغيرة ، عن غير واحد من أصحابنا ،

__________________

(١) في النسخ المخطوطة التي عندنا (دليل ان) بدل (ذلك اي) والظاهر ان قوله قده (إذا لم يكن إلخ) خبر لقول قده (ذلك).

٣٤٢

وكذا لو أودعه أحدهما اثنين ، والآخر ثالثا وذهب أحدهما من غير تفريط ويقسّم ثمن الثوبين المشتبهين على نسبة رأس المال.

______________________________________________________

عن أبي عبد الله عليه السلام في رجلين كان معهما درهمان ، فقال أحدهما : الدرهمان لي ، وقال الآخر : هما بيني وبينك ، قال : فقال أبو عبد الله عليه السلام : اما أحد الدرهمين فليس له فيه شي‌ء ، وانه لصاحبه ويقسم الدرهم الثاني بينهما نصفين (١).

ولا يضر الإرسال لأنه مجمع عليه ، ولما مرّ.

والظاهر أنّها مقيّدة بالقيود المتقدّمة ، وكذلك كلام الأصحاب وان أطلقوا بناء على الظاهر والقواعد لمقرّرة فتأمّل.

قال في التذكرة : هذا ان لم يوجد بيّنة ، والأقرب انه لا بدّ من اليمين فيحلف كل منهما على استحقاق نصف الآخر الذي تصادمت دعواهما فيه ، فمن نكل منهما قضى به للآخر ، ولو نكلا أو حلفا معا قسم بينهما إلخ.

وفيه أيضا ترك بعض القيود وان ذكر البعض ، وان الظاهر انما الحلف (يحلف خ) مع طلب صاحبه ، وعلى عدم استحقاق صاحبه في المدعى ، لا على استحقاقه فتأمّل في كلام التذكرة فإنه أعرف.

قوله : «وكذا لو أودعه إلخ» الحكم السابق بعينه جار فيما لو أودع شخص درهمين عند شخص ، والآخر درهما فامتزجت ثم تلف أحدهما ، سواء كان باختياره وتفريطه أم لا.

الّا انه على تقدير التفريط يأخذان التالف من الودعي لأنه ضامن ، وعلى تقدير العدم لا يضمن ، إذ في صورة الضمان يكون لكلّ واحد نصف ويكون النزاع ، في الرجوع والأخذ من الضامن وأخذ الباقي.

__________________

(١) الوسائل باب ٩ حديث ١ من كتاب الصلح ج ١٣ ص ١٦٩ بطريقي الشيخ واما بنقل الصدوق ففيه بعد قوله : وبينك هكذا : فقال : اما الذي قال : ما بيني وبينك فقد أقر بأن احد الدرهمين ليس له وانه لصاحبه ويقسم الآخر بينهما.

٣٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

ودليله وتفصيله ، يعلم ممّا تقدّم.

ويدلّ عليه أيضا ، رواية السكوني ، عن الصادق ، عن أبيه ، عن آبائه عليهم السلام في رجل استودع رجلا دينارين واستودعه آخر دينارا فضاع دينار منها (منهما يب) فقضى (١) أنّ لصاحب الدينارين دينارا ويقسمان (يقتسمان يب) الدينار الباقي بينهما نصفين (٢).

ولا يضر ضعف السند بالقطع اليه وبنفسه (٣).

هذا في غير المتساوي الأجزاء كالدرهم.

واما إذا كان في المتساوي ، ففي الصورتين ، يحتمل كونه مثل ما تقدم. والاولى والا عدل ان يقسم الباقي بنسبة المالين فيقسم أثلاثا فيعطى صاحب القفيزين من الحنطة الباقية ، ثلثين وصاحب القفيز الواحد ثلثا ، والفرق ، وكونه أولى

__________________

(١) في أحد طريقي الشيخ : يعطى صاحب الدينارين دينارا إلخ.

(٢) الوسائل باب ١٢ حديث ١ من كتاب الصلح ج ١٣ ص ١٧١ بالسند الثاني للشيخ ره.

(٣) حاصل مفاد كلامه قدّس سرّه : ان سنده ضعيف لوجهين (أحدهما) ضعف السكوني بنفسه (ثانيهما) كون سند الشيخ ره إلى السكوني مقطوعا لأن الشيخ ره نقله في باب الصلح من التهذيب بقوله ره : روى السكوني إلخ وليس للشيخ ره في مشيخة كتابيه طريق إلى السكوني.

نقول : لا يخفى ان الشيخ رحمه الله نقل هذا الحديث في موضعين من التهذيب (أحدهما) ما ذكرناه و (ثانيهما) في باب الوديعة وسند الثاني هكذا : محمد بن أحمد بن يحيى ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن الحسين بن يزيد النوفلي ، عن إسماعيل بن أبي زياد السكوني إلخ.

وقال المحقق المتتبع الميرزا محمد الأردبيلي قدّس الله نفسه في رجاله في تصحيح أسانيد الشيخ ره : والى محمد بن احمد بن يحيى بن عمران الأشعري صحيح في المشيخة والفهرست (انتهى) فبهذا يخرج الخبر عن كونه مقطوعا إلى السكوني قال في المشيخة : وما ذكرته في هذا الكتاب عن محمد بن احمد بن يحيى الأشعري فقد أخبرني به الشيخ أبو عبد الله والحسين بن عبيد الله واحمد بن عبدون كلهم عن أبي جعفر محمد بن الحسين بن سفيان ، عن احمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد بن يحيى (انتهى).

٣٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ظاهر ، ذكره في التذكرة قدس الله سره وقريب منه ما ذكره بقوله : «ويقسم ثمن الثوبين المشتبهين على نسبة رأس المال يعني لو اشترى احد ثوبا بعشرة مثلا ، والآخر بأحد عشر واشتبه أحدهما بالآخر بحيث لا يتميّز ، فإن رضي أحدهما بما يريد الآخر ولم يتعاسرا فهو ظاهر ، وان لم يرض أحدهما بما يرضى به الآخر وكلّ يدّعى ما يريده الآخر فيباع الثوبان كلاهما ويقسم بينهما ثمنهما بان يعطى صاحب الأحد عشر مثل ما يعطى الآخر وعشرة كالثمنين.

لان الظاهر عدم التغابن وانهما اشتريا بما يسوى وبيعا كذلك (وخ) كذا في التذكرة وغيرها ، وفيه تأمّل.

ولرواية (١) إسحاق بن عمّار ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام في الرجل يبضعه الرجل ثلاثين درهما في ثوب ، وآخر عشرين درهما في ثوب فيبعث الثوبين فلم يعرف هذا ثوبه ، ولا هذا ثوبه؟ قال : يباع الثوبان فيعطي صاحب الثلاثين ثلاثة أخماس الثمن ، والآخر خمسي الثمن ، قال : قلت : فان صاحب العشرين قال لصاحب الثلاثين : اختر أيهما شئت؟ قال : قد أنصفه (٢).

ولعلّ عدم صحّة السند بالإرسال عن الحسين بن أبي العلاء (٣) ، فإنه نقل الشيخ عنه بغير واسطة ، ومعلوم وجود الواسطة بينهما ، وهي غير معلومة (٤) مع عدم توثيقه ، وقيل : ما في إسحاق من القول لا يضرّ عندهم ، لأنها مقويّة للدليل المتقدم والشهرة.

__________________

(١) عطف على قوله قده : لان الظاهر إلخ.

(٢) الوسائل باب ١١ حديث ١ من كتاب الصلح ج ١٣.

(٣) سندها كما في التهذيب هكذا : الحسين بن أبي العلاء عن إسحاق بن عمار.

(٤) طريق الشيخ الى الحسين بن أبي العلاء على ما ذكره المتتبع الحاج ميرزا محمد الأردبيلي قده صحيح في الفهرست فان طريقه اليه كما في الفهرست هكذا.

٣٤٥

.................................................................................................

______________________________________________________

وفي الدليل تأمّل ، والشهرة ليست بحجّة.

وغير بعيد الحكم على الظاهر بأن يعطي الأجود الذي يسوى أكثر ، الى صاحبه ، والأقلّ كذلك ، لان الظاهر أنّ كلّ أحد يلاحظ ماله ولا يتغابن كما مرّ.

فان لم يتفاوت فلا ينبغي النزاع ، وان وقع ، فلا يبعد التساوي في الثمن أو القرعة ، إذ هما الآن يتساويان في القيمة ، ويمكن تأويل الرواية فتأمّل.

ونقل عن العلّامة في شرح الشرائع التفصيل بأنه إن أمكن بيع كلّ واحد منفردا يباع ويعطي أكثر الثمنين لصاحبه ، والأقل كذلك بناء على الغالب وان أمكن خلافه الّا أنه نادر ولا أثر له شرعا ، فان الغالب الحكم فيه بالمتعارف والغالب.

وان لم يكن التفاوت في الثمنين فلا اشكال ، وان لم يمكن البيع الّا معا فيقسم بنسبة المالين وعليه تحمل الرواية.

وعن ابن إدريس ، القرعة ، وقد حسّنها في شرح الشرائع مطلقا أو في غير محلّ النص ، ونقل عن الدروس تحسين هذا وحسّنه أيضا.

ولعلّ تفصيل العلّامة راجع الى ما ذكرناه ، فإنه إذا علم أكثرهما ثمنا والحال أنه على تقدير البيع يعطي الأكثر لصاحبه فيمكن عنده إعطائه اليه بجنسه ولا يحتاج الى البيع وهو ظاهر.

نعم ان بيعا فيكون كما ذكره ، ويبعد عدم إمكان بيعهما الّا معا الا ان يفرض في غير الثوبين.

واما القرعة فالظاهر أنها ليست في محلّها ، لما مرّ من الدليل على التمييز (١) والحكم للأكثر لصاحبه فتأمّل.

__________________

(١) في نسختين مخطوطتين (على الثمنين) بدل (على التمييز).

٣٤٦

ولو صدّق أحد المدّعيين لعين بسبب يقتضي الشركة كالميراث وصالحه على نصفه صحّ ان كان بإذن شريكه والعوض لهما والا ففي الربع وان لم يقتض الشركة لم يشتركا في المقرّ به.

______________________________________________________

قوله : «ولو صدق احد المدّعيين إلخ» يعني لو ادّعى اثنان عينا في يد ثالث مثل دار وثوب وغيرهما ، بأنه لهما بالمناصفة وصرّح كل منهما بسبب التملك بحيث يقتضي المناصفة مثل كونهما فقط وارثين في ذلك أو توكيلهما واحدا بالشراء شياعا مناصفة في عقد واحد ، وصدّق المدعى عليه أحدهما فيما يدّعيه بمعنى كون النصف له وكذّب الآخر ، فصار (١) ذلك النصف لهما معا بالمناصفة لما تقدم أنّه مشترك (٢) بينهما مشاعة بإقرارهما.

فلو صالح المقرّ له المدّعى عليه بشي‌ء على ذلك النصف المقرّ به ، فان كان باذن شريكه أو أذن بعده ـ على تقدير جواز الفضولي ـ صحّ الصلح على تمام النصف ويكون العوض بينهما نصفين ، كالأصل ، والّا صحّ في ربع المقرّ له بنصف ما صولح عليه ويبطل في ربع شريكه ويكون هو شريكا مع المدّعى عليه ظاهرا بذلك (الربع) ، وهو ظاهر.

واما إذا لم يصرّحا بما يقتضي الشركة المشاعة ، سواء صرّحا بما ينافيه أم لا ، لم يكن ما أقرّ به لأحدهما مشتركا بينهما لعدم الدليل ، وثبوت ملك أحدهما ، لا يستلزم ثبوت ذلك للآخر أيضا ، وهو ظاهر.

نعم ان ادّعى أحدهما على الآخر ذلك يكون دعوى ، فحكمها حكم سائر الدعاوي.

ثمّ اعلم أنّه قال في شرح الشرائع ـ بعد تقرير المسألة ـ : هذا تقرير ما ذكره

__________________

(١) جواب لقوله قده : لو ادعى اثنان إلخ.

(٢) هكذا في النسخ والصواب أنّها مشتركة.

٣٤٧

.................................................................................................

______________________________________________________

المصنف وجماعة (١) : وفيه بحث لان هذا انما يتم على تنزيل البيع والصلح على الإشاعة.

بمعنى انه لو باع شخص حصته من مال مشترك مثل النصف ، لم ينصرف الى ماله ، بل الى النصف المعلوم المشاع مطلقا فيكون المبيع ربع البائع ، وربع الشريك (٢) ، وهم لا يقولون به ، بل يقولون بأنه مخصوص بنصف البائع والمصالح ، بل إنّما ينزّل على ذلك الإقرار ، هذا إذا كان الصلح على النصف مطلقا أو نصفه واما أقر بالنصف للغير يكون إقرارا بربعه ، وربع الشريك له ، ووجهه ان البائع إنما يبيع مال نفسه ، ولا يصح بيع مال الغير الا فضوليّا أو وكالة ، وهما بعيدان فينصرف الى ماله كما هو المتبادر والمتعارف ، بخلاف الإقرار فإنه كالشهادة بأنه لفلان ، وهو قد يكون في ماله ، وقد يكون في غير ماله ، فهنا ينبغي أن يكون ما يصالح عليه هو نصف المقرّ له ، فيكون العوض كلّه له ، والنزاع يبقى للشريك مع المتشبّث هذا إذا كان الصلح على النصف مطلقا أو نصفه.

واما إذا صالح المقرّ له على النصف المقرّ به له ، كان منزّلا على الإشاعة لأنه تابع للإقرار المنزّل على ذلك فيكون قول المصنف والجماعة متجها ويمكن تنزيله على ذلك ، وهذا توجيه حسن لم ينبّه أحد عليه.

نعم قال (٣) الشهيد في بعض تحقيقاته : ويحتمل انصراف الصلح إلى حصّة المقرّ له ويكون العوض كلّه له وتبعه الشيخ علي رحمه الله وقد أطلقوا ، هذا حاصل كلامه (٤).

__________________

(١) في القسمة (المسالك).

(٢) من قوله قده بمعنى الى قوله : وربع الشريك توضيح من الشارح قده لا من المسالك.

(٣) في المسالك : وانما ذكر الشهيد في بعض تحقيقاته انه احتمال انصراف الصلح إلى حصّة المقرّ له من غير مشاركة الآخر مطلقا وتبعه عليه الشيخ عليّ.

(٤) مع اختلاف كثير في ألفاظه فراجع المسالك في شرح قول المحقق : ولو ادعى اثنان دارا إلخ من كتاب الصلح.

٣٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وفيه بحث أمّا (أوّلا) فلأن قول الجماعة ذلك انما هو في مال مشخّص من غير نزاع للبائع والمصالح ، وفيما نحن فيه ليس كذلك لوجود النزاع وعدم ثبوت نصف خالص له ، بل انما ثبت له بحسب الشرع الربع ، لان الفرض ان جميع ما ثبت له مشترك بينه وبين شريكه بحسب نفس الأمر ، وحكم الشرع ظاهرا بإقرارهما ، والظاهر انه لا نزاع في أن المقرّ به مشترك بينهما ، ويفهم من كلامه أيضا فما صالح الا على ربعه وربع شريكه إذ ليس نصف المصالح عليه الا ذلك ، ولا يمكن له مصالحة النصف المخصوص به لما مرّ ، ولما سيجي‌ء وهو ظاهر.

وأمّا (ثانيا) فإنّه على تقدير تسليم ذلك ، هنا قرينة صريحة دالّة على انه ما اصطلح إلا على النصف الذي أقرّ له المتشبّث ، وما قصد المتشبّث والمقرّ له الّا ذلك فينصرف اليه وان كان مطلقا أو مقيّدا بكونه الذي له (لأنه الذي له ـ خ) بحسب الظاهر ورضي المقرّ له بالصلح عليه.

وامّا (ثالثا) فلأنه لا يحتاج هنا الى بحث وتوجيه ، فان كلامهم ظاهر ، بل صريح في ان المصالح عليه انما هو النصف المقرّ به ، إذ لم يصالح المقرّ الا عليه وما ثبت بحسب ظاهر الشرع للشريك المصالح الا ذلك.

اما لو صرّح بأنه انما صالح على نصفه الذي له في نفس الأمر غير المشاع والمقربة ، فإن كان المقرّ عالما ورضي به يلزمه الإقرار بثلاثة أرباع العين ، الربع للشريك ، والنصف للمصالح.

وهذا بعيد ، إذ هو منكر للنصف الآخر ويقول : ان ليس للآخر فيه شي‌ء أصلا ، ولهذا ما توجه الأصحاب الى هذا الاحتمال وحكموا مطلقا بما مرّ فالحكم كما قالوه رحمهم الله ، سواء قال : صالحتك على النصف المقرّبة ، أو نصفي ، أو أطلق ، وينصرفان إلى الأوّل ، لما مرّ الا أن يصرّح ، وحينئذ لم يقع الصلح لعدم رضا الطرف الآخر وهو المقرّ ، فتأمّل.

٣٤٩

وليس طلب الصلح إقرارا ، بخلاف بعني أو ملكني أو أجلني (أحلني خ) أو قضيت أو أبرأت.

ولو بان استحقاق احد العوضين بطل الصلح.

ولو صالحه على درهمين عما أتلفه ، وقيمته درهم صحّ.

______________________________________________________

ومنه علم أنه لو قال : اني قصدت مالي من غير إشاعة لا يسمع ، فان للمقر أن يقول : اني ما اشتريت الّا ما أقررت به ، وهذا مسموع منه.

وعلم أيضا ان احتمال الشهيد (١) الذي تبعه فيه الشيخ عليّ ليس بجيّد ، بل المشهور هو الظاهر.

والعجب أن المتأخرين خصوصا الشيخ عليّ قليلا ما يخرجون عنه مع ضعف دليله وقوّة دليل خلافه ويخرجون في مثل هذه المواضع ، فكأنّ غرضهم مجرّد إبداء الاحتمال لا الفتوى به ، وينبغي مراجعة كلامهم ، وعلى تقدير الفتوى فالظاهر انه في المطلق أو (نصفي) لا الآخر.

قوله : «وليس طلب الصلح إلخ» وجهه ظاهر ممّا تقدم من أنّ الصلح يصح مع الإنكار بخلاف (بعني) و (ملّكني) و (أجّلني) فإنها لا يمكن بدون كون المال للمخاطب أو لموكّله أو لمولّى عليه ، ولكن ظاهر في الأوّل ، لليد والتبادر حتى يحصل غيره فهو إقرار بعدم كونه له بل للمخاطب ، وكذا قضيت أو أبرأت وهو ظاهر ، نعم له ان يرجع ويقول لغير المخاطب ويترتب عليه الفروع.

قوله : «ولو بان استحقاق إلخ» وجهه أيضا ظاهر ان كان الصلح على المال المستحق كما هو الظاهر من قوله : (العوضين) ، وان كان على الذمّة ثم يسلّم المستحق فلا يبطل بل يطالب بالعوض ويردّ المستحق إلى أهله.

قوله : «ولو صالحه على درهمين إلخ» يعني إذا أتلف شخص على آخر

__________________

(١) وهو ما نقله في المسالك ـ كما تقدم ـ بقوله : قال الشهيد في بعض تحقيقاته : ويحتمل انصراف الصلح

٣٥٠

ولو صالح المنكر مدّعي الدار على سكنى سنة صحّ ولا رجوع وكذا لو أقرّ.

ويقضى للراكب دون قابض اللجام على رأي.

______________________________________________________

شيئا قيميّا قيمته درهم ، مثل ثوب وصالحه على درهمين مثلا صحّ الصلح.

وجهه ـ على قول المصنف : بأنّ الصلح عقد برأسه وعدم ثبوت الربا في الصلح ، وكونه مخصوصا بالبيع كما هو ظاهر أكثر كتبه وان تنظّر في موضع من التذكرة في بحث الصلح (١) ـ ظاهر.

وأمّا على القول بالعموم أو قول الشيخ بأنه تابع ففيه تأمّل ، إذ ليس في ذمّته إلا الدرهم لا الثوب فيلزم الربا ، نعم لا يلزم القبض في المجلس الّا على القول بالفرعيّة.

إلا ان يقال : ان الضمان في القيمي أيضا هو للعين المتلفة فوقع الصلح منها على الدرهمين ، وهو مذهب البعض كما نقل في شرح الشرائع ، وليس ببعيد ، للأصل في الموضعين ، فتأمّل.

قوله : «ولو صالح المنكر إلخ» وجهه أيضا علم ممّا سبق من أنه ليس بفرع فيلزم مطلقا مع الإنكار والإقرار ، نعم على القول بالفرعيّة عارية فليس بلازم فلصاحبه الرجوع.

قوله : «ويقضي للراكب إلخ» يعني إذا ادّعى الدابة راكبها وقابض لجامها ، يحكم بأنها للراكب مع اليمين ، لأنه منكر وصاحب يد ، والقابض مدّع

__________________

إلى حصّة المقرّ له ويكون العوض كله له وتبعه الشيخ علي.

(١) قال في آخر الفصل الثاني من كتاب الصلح : يصحّ الصلح على الأعيان بمثلها ، وبالمنافع وبأبعاض الأعيان ، وعلى المنافع بمثلها وأبعاضها ، ولا يشترط ما يشترط في البيع ، فلو صالحه عن الدنانير بدراهم أو بالعكس صحّ ولم يكن صرفا ، ولو صالح على عين بأخرى من الربويات ففي إلحاقه بالبيع نظر ، وكذا في الدين بمثله (انتهى موضع الحاجة).

٣٥١

ولصاحب الحمل لو تداعيا ، الجمل الحامل ، ولصاحب البيت لو تداعيا الغرفة المفتوحة إلى الآخر.

ولصاحب البيت بجدرانه لو نازعه الأعلى ، ولصاحب الغرفة

______________________________________________________

خارج ، إذ الركوب أقوى فالقبض بالنسبة إليه ، كالعدم.

وقيل : هما متساويان ولا رجحان كما في الثوب الذي قبض أكثره شخص واقله آخر.

ويمكن اعتبار القرائن مثل كون الدابّة بحيث يعلم عادة كونها للراكب دون القابض ، فيحكم له أو العكس بخلاف المأخوذ غير المحلّ الذي يأخذ به الراكب ، ويمكن اعتبارها في الثوب المذكور ، فتأمّل.

ثم انه معلوم أنّ المراد مع عدم ظهور تقدم تصرّف منهما ، والا فالحكم له ، وقال في شرح الشرائع : هذا بالنسبة إلى المركوب ، واما بالنسبة إلى السرج فهو للراكب ككون اللجام للقابض ، فيكون الجلّ والرحل كذلك.

فتأمّل فإنه بعيد ان يكون اللجام لشخص والدابّة لآخر ، وكذا الجلّ والرحل ، فالحكم غير واضح خصوصا إذا كان المقبوض حبلا على رأس اللجام.

قوله : «ولصاحب الحمل إلخ» يعني يحكم لصاحب الحمل بالجمل وغيره إذا ادّعاه هو وقابض زمامه ، بقرينة ، ما تقدم مع الخلاف.

والعجب انه ما أشار هنا الى الخلاف كأنّه أحاله على الظاهر.

ويمكن أن يكون المراد ، مدعيان أحدهما صاحب الحمل والآخر لا تصرف له ولا يد له بوجه فإنه حينئذ لا ينبغي الخلاف في انه لصاحبه فتأمّل كما في قوله : (ولصاحب البيت إلخ) أي لو تداعى اثنان الغرفة التي على بيت أحدهما ولها باب الى الجانب الآخر الذي هو في تصرف المدّعي الآخر فيحكم بها للذي ، الغرفة فوق بيته ، لا للّذي باب الغرفة إلى جانب بيته ، وجهه ظاهر.

قوله : «ولصاحب البيت بجدرانها إلخ» يعني يحكم لصاحب البيت

٣٥٢

بجدرانها لو نازعه الأسفل ، وكذا في سقفها على رأي.

______________________________________________________

الأسفل بجدران بيته الذي عليه غرفة شخص ، وهو محلّ جدار لها أيضا إذا ادّعاه صاحب البيت وصاحب الغرفة ، ولصاحب الغرفة إذا كان النزاع في جدران الغرفة.

وجهه أنّ ظاهر وضع اليد على البيت ، وضع على جدرانه ، فان الظاهر أنه جزء تابع ، وان اليد عليه يتحقق بهذا ، ويؤيّده الشهرة ، واستشكله في التذكرة.

واختار في المختلف قول ابن الجنيد بأنّ الحكم باشتراك جدران البيت دون جدران الغرفة ، لأنّ تصرفه أكثر وانتفاعه ، والأوّل نجده أظهر.

واما إذا كان النزاع في سقف الأسفل الذي هو أرض الغرفة ، فالظاهر انه لصاحب الغرفة ، لأن تصرفه وحاجته إليه أكثر.

ويحتمل الشركة واختصاص صاحب الأسفل به إذا كان البناء بحيث لا يمكن كونه منفصلا عن جدران البيت ولا يمكن بناؤه على حدة والّا فيختص بصاحب الغرفة ، وهذا قريب.

قال في شرح الشرائع (١) : يوضع سقف يمكن بناؤه منفصلا عن جدران البيت ، ولا يمكن إحداثه ، لأن المتصل الذي لا يمكن فصله كالجزء للجدران فالعمل بالقرائن والعادات غير بعيد ، والا فالاشتراك والتساوي واختصاص صاحب الغرفة لا غير.

ولكن العادات التي نعرفها الآن تقتضي رجحان قول المصنف فكأنّه

__________________

(١) الذي يناسب كلامه قدس سرّه ، ما ذكره في المسالك ـ عند قول المحقق : (ولو تنازعا في السقف إلخ) بقوله ره : وموضع الخلاف ، السقف الذي يمكن احداثه بعد بناء البيت اما ما لا يمكن كالأزج الذي لا يعقل احداثه بعد بناء الجدار الأسفل لاحتياجه إلى إخراج بعض الاجزاء عن سمت وجه الجدار قبل انتهائه ليكون حاملا للعقد فيحصل له الترصيف بين السقف والجدران وهو دخول آلات البناء من كل منهما في الآخر ، فان ذلك دليل على انه لصاحب السفل ويقدم قوله فيه بيمينه (انتهى كلامه في المسالك رفع مقامه) ج ١ ص ٢٧٣.

٣٥٣

ولمن اتصل بناء الجدار به لو تداعياه ، ولصاحب السقف عليه.

ولمن اليه معاقد القمط في الخص.

______________________________________________________

مبنيّ على ذلك فتأمّل.

ويحتمل ان يكون قوله : (على رأي) إشارة إلى الخلاف في جدران البيت أيضا.

قوله : «ولمن اتصل إلخ» إذا تداعى اثنان في جدار ، فان كان لأحدهما فقط عليه ما يدلّ على ملكيته ويده ، فهو له ، مثل كون بنائه متّصلا بالجدار المتنازع فيه.

وكأن المراد بالاتصال تداخل الأحجار بالبناء المختصّ على وجه يبعد كونه محدثا ، وكذا لو كان عليه لأحدهما سقف أو يكون في ملكه وغير ذلك وان كان لهما أو لا يكون لأحدهما عليه ما تقدم فهو مشترك بينهما.

قوله : «ولمن اليه معاقد القمط في الخصّ» يعني إذا كان الذي ادعياه خصّا اي جدارا من القصب ولم يكن عليه علامة مرجّحة لأحدهما ، فهو لمن كان عقود القمط الى جانبه.

القمط ما يشدّ به الخصّ من ليف أو خوص أو غيرهما.

ودليله العرف والعادة بأنه هكذا يفعل ، فإنه يدل على ان الذي صنعه وعقده كان واقعا في ملكه.

ويؤيّده الشهرة ، ورواية عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن الباقر ، عن أبيه ، عن عليّ عليهم السلام انه قضى في رجلين اختصما إليه في خصّ (١) ، فقال : ان الخصّ للذي يليه القمط (٢) (٣) (القماط ـ ئل) ، ومثله رواية ، عن العامّة (٤) ، فهي

__________________

(١) الخصّ بالضم والتشديد البيت من القصب والجمع اخصاص مثل قفل وأقفال (مجمع البحرين).

(٢) بالكسر وهو حبل يشدّ به الأخصاص (مجمع البحرين).

(٣) الوسائل باب ١٤ حديث ٢ من كتاب الصلح ، ج ١٣ ص ١٧٢.

(٤) النهاية لابن الأثير في مادة (قمط) قال : في حديث شريح : اختصم اليه رجلان في خصّ فقضى

٣٥٤

ولصاحب العلو بالدرجة وبالخارج عن الملك الى العلو لصاحب السفل ، ويتساويان في المسلك.

______________________________________________________

تدل على اعتبار القرائن.

قال في شرح الشرائع : الرواية ضعيفة إلّا أنّ الأصحاب تلقّوها بالقبول وردّها في النافع.

وحينئذ حكم الخص حكم الجدار بين الملكين ، وكأنه أوفق بالأصول والقوانين ، الّا انه يفهم من شرح الشرائع والتذكرة الإجماع ، لأنه قال : عند علمائنا يحكم لمن اليه وجه القمط.

ويدل عليه أيضا رواية منصور بن حازم ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سألته عن خص بين دارين فزعم أنّ عليّا عليه السلام قضى به لصاحب الدار التي من قبله وجه القماط (١).

اعلم ان رواية عمرو مذكورة في الفقيه بطريق ضعيف ، ورواية منصور مذكورة في التهذيب والكافي وفي الفقيه بطريق صحيح ، وبطريق آخر حسن وفي الفقيه بدل (فزعم) (فذكر) وبدل (خصّ) (خطيرة) كذا في التذكرة أيضا.

فالمشهور لا بأس به ، ولا اعتبار بما تقدّم (من شرح الشرائع ـ خ) وان احتمل كونها قضيّة في واقعة يعرفها عليه السلام ، فلا يتعدى ، فتأمّل.

قوله : «ولصاحب العلو إلخ» يعني يحكم لصاحب العلو بالدرجة إذا ادعاها ، وصاحب السفل لأنها لانتفاعه ، وله ضرورة إليها دون صاحب السفل.

والعقل يحكم بان الأمر الذي يكون ، لا بد لشخص دون آخر بأنه لمن هو

__________________

بالخصّ الذي يليه القمط ، ثم قال : هي جمع قماط وهي الشرط التي يشد بها الخصّ ويوثق من ليف أو غيرها ومعاقد القمط تلي صاحب الخصّ والخص البيت الذي يعمل من القصب هكذا قال الهروي بالضم (انتهى) وراجع سنن ابن ماجة ج ٢ كتاب الاحكام باب ١٨ الرجلان يدعيان في خص رقم ٢٣٤٣ ص ٧٨٥.

(١) الوسائل باب ١٤ حديث ١ من كتاب الصلح ج ١٣.

٣٥٥

والخزانة تحت الدرجة.

والثوب الذي في يد أحدهما أكثره ، والعبد الذي لأحدهما عليه ثياب ، والجدار غير المتصل والحامل.

______________________________________________________

ضروريّ له.

ويمكن التفصيل بأنه ان كان سلّما محطوطا في غير محلّ الصعود فهو لمن المحلّ له فإنه في ملكه فاليد له ، وان كان في محلّه مربوطا به بالوتد أم لا فهو لصاحب العلو وان كان في ملك صاحب السفل ، لما تقدّم ولكن مع فرض التردد والصعود به.

وكذا لو كان معمولا بالجصّ واللبن ، لما تقدم هكذا يفهم من التذكرة فتأمّل.

ثمّ البحث في الخزانة التي تحتها ، فالظاهر أنه لصاحب السفل لاتصالها بملكه ووضع يده عليها ، سواء كانت صغيرة أو كبيرة مثل بيت يطبخ ويخبز فيه ويكون سقفها لصاحب العلو ، فتأمّل.

ومعلوم اختصاص صاحب السفل بالخارج عن الملك.

وكذا اشتراكهما في المسلك المعلوم الذي محلّ ترددهما ، وليس بمعلوم اشتراكهما كما ذكره المصنف ، بل الظاهر الاختصاص الا مع فرض عدم اتصاله بملكه وقرينة أخرى فتأمّل.

وأيضا معلوم تساويهما في الثوب الذي في يدهما وان كان أكثره في يد أحدهما ، إذ لا عبرة بمثل هذه الكثرة.

وكذا العبد الذي في يدهما ولا رجحان بكون لباس أحدهما عليه بعد تساويهما في اليد.

وكذا الجدار الخالي عن علامة الاختصاص مثل ما فيه علامة الاتصال وحمل السقف وغير ذلك.

٣٥٦

ولا ترجيح بالخوارج والروازن.

فيحكم في هذه الصور مع عدم البيّنة لمن حلف.

ولو حلفا أو نكلا فهو لهما.

ولا يجب على الجار وضع خشب جاره على حائطه (جانبه خ) بل يستحب.

______________________________________________________

وان الأمور الخارج على (عن ـ خ) سطح الجدار كالنقوش والكتابات في صوب أحدهما ليس بمرجح لاشتراكه بينهما ، وكذا بالروازن من جانبه فإنه قد يحصل هذا في ملك الغير كثيرا باذنه وغيره ، فتأمّل فيه.

قوله : «فيحكم في هذه الصور إلخ» يعني في جميع الصور التي حكم بان المتنازع فيه مشترك بينهما وهما متساويان يكون ذلك المتنازع فيه لمن يحلف ، فان حلف أحدهما ولم يحلف الآخر ، فهو للحالف ، وهو ظاهر.

وعلى تقدير حلفهما أو إقدامهما عليه فلا يحتاج اليه أو نكولهما معا فهو لهما يعني مشترك بينهما على النصف فهو مال مشترك يمكن التصالح عليه ، كسائر المشتركات ، ويحتمل القرعة وكان الاولى أعدل لعدم الاشكال عند الفقيه ، لإمكان قطع نزاعهم بالشركة من غير لزوم محذور ، والقرعة انما تكون فيما أشكل عنده فتأمّل.

قوله : «ولا يجب على الجار إلخ» وجه عدم وجوب وضع خشب (خشبة ـ خ) الغير ، جارا وغيره على حائطه ، هو العقل والنقل ، وكذا عدم جوازه بغير اذنه وهو ظاهر ولا خلاف عندنا قاله في التذكرة.

ونقل عن بعض العامّة ان للجار أن يضع جذعه على جدار جاره وان امتنع اجبر فيجب عليه القبول (١).

__________________

(١) عبارة التذكرة هكذا : وقال مالك واحمد : ان للجار ان يضع الجذوع على جدار غيره ، فان امتنع اجبر على ذلك وهو قول الشافعي في القديم (انتهى) موضع الحاجة.

٣٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

فقول الأصحاب إشارة الى ردّه ، ويدل على رده العقل ، فإنه قاض بقبح التصرف في مال الغير إلا باذنه وعدم وجوبه إلا بدليل ، والنقل مثل قوله صلّى الله عليه وآله : الناس مسلطون على أموالهم (١) وقوله صلّى الله عليه وآله : لا يحل مال امرئ مسلم إلّا بطيب نفس منه (٢).

واما دليل استحباب قبوله فهو ما يدل على استحباب قضاء حوائج المسلمين ، وما يدل على الوصيّة في حق الجار مثل ما روي عنه صلّى الله عليه وآله : لا زال يوصيني جبرئيل بالجار حتى كاد ان أظن (يظن ـ خ) ان يورّثه (٣).

وما روي أيضا من طريقهم : ان النبيّ صلّى الله عليه وآله قال : لا يمنع أحدكم جاره ان يضع خشبه على جداره (٤).

وهو دليل وجوب القبول والجواز بغير الاذن عنده ، فان سلّم صحّته يحمل على الاستحباب والمبالغة كما في سائره جمعا ، فللمالك ان يمنع الجار ويتصرف هو في ماله ب (مهما) أراد وان حصل الضرر بالغير.

قال في التذكرة : يجوز للرجل التصرف في ملكه بأيّ أنواع التصرفات شاء سواء حصل به تضرر الجار أو لا ، فله ان يبني ملكه حماما بين الدور ، وان يفتح خبازا بين العطارين أو يجعله دكان قصارة بين المساكن ، وان أضرّت الحيطان بالدق (٥) ، وان يحفر بئرا إلى جنب بئر جاره يجذب (٦) ماءها أو يحفر بالوعة أو مرتفعا يجر (٧)

__________________

(١) عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٢٢ و ٤٥٧ وج ٢ ص ١٣٨ وج ٣ ص ٢٠٨.

(٢) عوالي اللآلي ج ١ ص ١١٣ و ٢٢٢ وج ٢ ص ٢٤٠ وج ٣ ص ٤٧٣.

(٣) الوسائل باب ٨٦ قطعة من حديث ٥ من أبواب أحكام العشرة ج ٨ ص ٤٨٨.

(٤) التذكرة للعلامة رحمه الله البحث الثاني من كتاب الصلح والمسند ج ٢ ص ٢٣٠ ولفظه هكذا : عن أبي هريرة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله : لا يمنعنّ رجل جاره ان يجعل خشبته في جداره.

(٥) وأخر بها (التذكرة).

(٦) يجتذب (التذكرة).

(٧) يجري (التذكرة).

٣٥٨

فان رجع في الاذن قبل الوضع صحّ ولو رجع بعده لم يصحّ الا بالأرش.

______________________________________________________

ماءه إلى بئر جاره لما تقدّم ، ثم نقل الخلاف عن بعض العامّة (١).

قوله : «فان رجع إلخ» يعني ، له ان يرجع عن الاذن في وضع الخشب على جداره قبل الوضع بغير خلاف عندنا ، بل ما لم يؤدّ الى خراب وتضييع شي‌ء إلى المأذون له واما بعده ففيه التأمّل.

قال المصنف في التذكرة : الأقرب ان له الرجوع أيضا كما في سائر العواري ، ولكن ليس له القلع مجانا ، بل مع الأرش وان كان القلع يؤدي الى خراب ملك الجار وان شاء أبقاه بالأجرة فيثبت له الخيار بين القلع وبين التبقية بالأجرة (ان (٢) رضي صاحبه).

وينبغي ان تكون الأجرة بعد حذف الأرش فافهم.

واما الأرش فيحتمل ان يكون هو عوض ما نقص آلات الوضع بالهدم ، ويحتمل ان يكون التفاوت ما بين المعمور والخراب ذكرهما في شرح الشرائع واختار الأوّل.

ويحتمل ثالثا وهو جميع ما أخرجه المالك في المهدوم بسبب أخذ الخشب بعد وضع قيمة الآلات الموجودة عنه فيدخل فيه أجرة الأكّار وغيرها وهو الأظهر ، ويحتمل الحمل الثاني عليه بتكلّف ، فتأمّل.

وظاهر المصنف بل الأكثر جواز إخراج الخشب المعاد وان كان مستلزما للخراب على المأذون فيعطى الأرش.

__________________

(١) قال ـ بعد أسطر : وقال أحمد في الرواية الأخرى : انه يمنع من ذلك ، وهو قول بعض الحنفيّة (التذكرة ج ١ أواخر الفصل الثالث من كتاب الصلح).

(٢) في التذكرة بدل هذه الجملة قال : كما لو أعار أرضا للبناء وهو أظهر قولي الشافعي.

٣٥٩

.................................................................................................

______________________________________________________

ويحتمل عدم الجواز ، وهو مذهب الشيخ ، لأن العارية في مثل هذا للتأبيد ، فكأنّه قال : أعرني بحيث يكون دائما عندي ما دام الجدار ولا يكون لك الرجوع بوجه والتزم ذلك فصار لازما لأن المسلمين عند شروطهم (١) ، ولأن الأصل في العقود ، اللزوم وخرجت العارية في غير محلّ النزاع بالإجماع ونحوه وبقي الباقي ، ولأنّه يستلزم الضرر ، ولا ضرر ولا ضرار في الإسلام (٢) ولا ينجبر بالأرش ، إذ قد يكون بحيث لو لم يعر الخشبة كان يسهل عليه تحصيل غيرها بحيث يبقى دائما وقد تخيّل بقاءها دائما ، وحينئذ يخرب ملكه وقد لا يوجد من بنى ويكون الخرج زائدا بكثير على الأوّل.

ولا يعارضه أن المنع أيضا ضرر على مالك الخشب ، لأنه فعله بنفسه من غير إجبار مع ان العادة قاضية بأن مثل هذه العارية انما تكون للدوام ، وان أحدا لا يرتكب مثل هذه العارية مع تجويز رجوع مالكه إذا كان مستلزما للخراب كما في العارية للدفن.

ولا ينفع الفرق بان النبش حرام ، وانه قياس لما تقدم ، ولان الغرض ، التمثيل والتأييد ، على انه قد يقال به : لظهور العلّة المشتركة.

ويدفع الفرق بأنّه على تقدير جواز الرجوع لا يكون النبش حينئذ حراما ، بل تكون هذه من الصور المستثنيات الكثيرة.

ثمّ ان الظاهر على تقدير الجواز ، ما كان ينبغي وجوب الأرش ، لأنه (جواز الرجوع ـ خ) انما هو بسبب كونه عارية ، وهي جائزة دائما والمالك قد أضرّ نفسه بقبول العارية الجائزة ، فكأنّه جوّز على نفسه ، الرجوع والتخريب ، فكأنّه المخرّب

__________________

(١) إشارة الى الحديث النبوي المشهور.

(٢) إشارة الى الحديث النبوي المشهور بل المجمع عليه.

٣٦٠