مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٩

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]

مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان - ج ٩

المؤلف:

الشيخ أحمد بن محمّد الأردبيلي [ المقدّس الأردبيلي ]


المحقق: الشيخ مجتبى العراقي
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٦٣٣

وهو لازم من طرف الراهن خاصّة.

______________________________________________________

نعم ان احتاج الى التصرف في ماله يحتاج الى الإذن ان لم يكن ويمكن الاحتياج لعموم عدم التصرف في مال الغير الّا بطيب نفس منه (١) ، وله نظائر فتأمّل.

وان لم يلزمه فالظاهر أن لا كلام في اشتراط الإذن ، وقال في الدروس : ويتفرع عليه فروع ـ الى قوله ـ : الثالث لا بدّ فيه من اذن الراهن ، لانه من تمام العقد ، فلو قبض من دون إذنه لغى.

الضمير في (عليه) راجع الى القول باشتراط القبض ، وفي (فيه) الى القبض وظاهر هذه العبارة أن القبض شرط والاذن شرط فيه مطلقا فتأمّل.

وقال في الشرائع : وهل القبض شرط؟ قيل : لا ، وقيل : نعم ، وهو الأصحّ ، ولو قبضه من غير اذن الراهن لم ينعقد.

ومذهبه ان كان عدم الاشتراط في الصحّة ، بل في اللزوم فقط كما فهمه المشهور فالإذن هنا لا بدّ منه ولكن قوله : (لم ينعقد) غير موافق لمذهبه الّا ان يريد عدم اللزوم أو عدم انعقاد القبض.

والظاهر ان مذهبه هو الاشتراط للصحّة لا للّزوم فالإذن غير معلوم ، وكذا عدم الانعقاد فتأمّل ، وحمله الشارح ـ بتكلّف ـ على اللزوم وهو غير لازم.

قوله : «وهو لازم من طرف الراهن خاصّة» لمّا كان مقتضى العقد ، اللزوم ، كان مقتضى ذلك ، اللزوم من الطرفين ، الا انه لما كان الرهن لمصلحة المرتهن فكان من جهته جائزا ، ولازما من جهة الراهن ليحصل له نائب مناب المال والوثيقة.

__________________

(١) عوالي اللآلي : ج ١ ص ٢٢٢ رقم ٩٨ وص ١١٣ رقم ٣٠٩ وج ٢ ص ٢٤٠ رقم ٦ وج ٣ ص ٤٧٣ رقم ٣ طبع مطبعة سيد الشهداء بقم.

١٤١

ويشترط كونه عينا مملوكة.

______________________________________________________

ودليله الإجماع المستند الى ذلك ، قال في التذكرة : وهو عقد لازم من طرف الراهن جائز من طرف المرتهن إجماعا فليس للراهن فسخ الرهن ويجوز للمرتهن فسخه.

قوله : «ويشترط كونه عينا إلخ» يريد بيان باقي أركان الرهن وهي أربعة : (الأول) الصيغة وقد مرّت.

(الثاني) الرهن الذي هو الوثيقة ، اشترط كونه عينا من الأعيان المتعيّنة ، فلا يصحّ رهن ما في الذمّة ، من الديون ، ولا المنافع مثل سكنى الدار وخدمة العبد.

دليل الأخير ظاهر ، وهو انه ليس شيئا موجودا يمكن استيفاء الدين منه ، نعم يمكن استيفاء (١) شي‌ء في وقت وينفذ ، وهكذا ، ولا يمكن بيعه وأخذ الحقّ منه عند ارادته.

ودليل الأوّل ـ ان قيل : بعدم صحّة بيع الدين مطلقا ، فذلك ، وكذا ان قيل : باشتراط القبض قاله في التذكرة والا فالدليل عليه غير واضح.

والأصل والعمومات يقتضي الجواز ، وقد مرّ جواز بيعه وعدم اشتراط القبض.

على أنه قد يقال : بإمكان القبض في الجملة لأنّه يجوز بيعه كما مرّ فيجوز قبضه ، ويكفي لقبضه قبض فرد من أفراد ما يصدق عليه ، ولا يجب كون المقبوض قبله مشخّصا وهو ظاهر.

وكونه أيضا مملوكة ، سواء كان ملكا للراهن أو لغيره باذنه ، فلا يصحّ رهن ما لا يملكه الراهن ، وغير المأذون ، والخمر إذا كان الراهن مسلما ، وان كان المرتهن ذميّا وضعت على يدي ذمّي ، ووجهه واضح.

__________________

(١) الاستيفاء في وقت ـ خ.

١٤٢

يمكن قبضه.

ويصح بيعه.

فلا (١) ينعقد رهن الدين ، ولا المنفعة ، ولا ما لا يصحّ تملّكه وان وضع المسلم الخمر على يد ذمّيّ ، ولا الطير في الهواء ، ولا الوقف.

______________________________________________________

وكذا وجه كونه ممّا يمكن ويجوز قبضه لهما ، فلا يصحّ رهن الطيور المملوكة الغير المعتادة للعود في الهواء ، والسموك المملوكة في البحر ، وكذا الخمر (الخمور خ) مع إسلامه وان كان الراهن كافرا ووضع على يد ذمّي وإن كان أخذ ثمنه جائزا بعد بيعه ، فتأمّل.

وفي جواز رهن المصحف والعبد المسلم عند الكافر تأمّل ، والأصل وعموم أدلّة الرهن ـ إذا لم يسلّما إليه ـ يقتضي الجواز.

ويمكن ان يقال : لا سبيل (٢) هنا ، بل استيثاق ، فان لم يحصل حقه يبيعهما المالك أو وكيله فيعطى مال المرتهن.

ونفي السبيل ولزوم تسلّط الكافر على المصحف ـ الذي ينافي تعظيم كتاب الله العزيز الواجب ـ يدل على المنع ، ويؤيّده القول بعدم جواز البيع عليه ، ولعل الأول أظهر كما قال به المصنف بعيد هذا فتأمّل.

ويشترط أيضا كونه قابلا للبيع فلا يصحّ رهن الوقف والخمر وان كان متخذا للتخليل.

وقيل : يظهر ويحلّ ولو بعلاج بان يطرح فيه خلّ أو عصير أو غير ذلك من الأعيان ، سواء كان مائعا أو جامدا بالقصد وغيره بشرط أن يكون طاهرا ، وهو

__________________

(١) قد تقدّم توضيح كل واحد من هذه التفريعات في كلام الشارح قده عند كل واحد من الأصول فلاحظ.

(٢) إشارة إلى قوله تعالى (وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً) ـ النساء ـ ١٤١.

١٤٣

.................................................................................................

______________________________________________________

المفهوم من التذكرة مع عدم نقله الخلاف إلّا عن الشافعي ، فإنه قال : لا يطهر ان كان سبب التخليل ما يطرح فيه معلّلا بأن سبب النجاسة والتحريم هو الخمريّة ، ويزولان بزوالها ضرورة زوال المعلول بزوال علّته.

وردّ استدلال الشافعي ـ بأن (١) ما وقع فيه ينجس ولا يطهر لعدم الانقلاب ، وسبب آخر ولا يمكن طهارة ما طرح فيه مع نجاسته مع كونه مائعا ـ بأن (٢) المطروح فيه كالآنية (٣).

وهذا (٤) مشكل على تقدير نجاسة الخمر وعدم دليل خاصّ على طهارته مع طرح شي‌ء فيه ، من إجماع وخبر صحيح صريح ، فان (٥) كان ، والا فالظاهر قول الشافعي ، وقد مرّ في بحث الطهارة وسيجي‌ء أيضا.

وقال أيضا في التذكرة : لو طرح العصير على الخلّ وكان العصير غالبا يتغيّر الخلّ فيه عند الاشتداد ، طهر إذا انقلب خلّا لزوال المقتضي للنجاسة ، وهو أحد وجهي الشافعي والثاني أنّه لا يطهر.

ولو كان الغالب الخلّ وكان يمنع العصير من الاشتداد فلا بأس به ، وبه قال الشافعية.

وفي الأوّل تأمّل الا ان يكون منصوصا أو مجمعا عليه وليسا (٦) ، والثاني جيّد فتأمّل.

__________________

(١) بيان الاستدلال الشافعي.

(٢) بيان لرد استدلال الشافعي فراجع التذكرة ج ٢ ص ١٨.

(٣) يعني كما أن الآنية المتنجسة بالخمر تطهر بالتخليل تبعا فكذا المقام.

(٤) من كلام الشارح قدّس سره.

(٥) ان كان دليل فهو والا فالقول قول الشافعي ظاهرا.

(٦) يعني لا منصوص ولا مجمع عليه.

١٤٤

.................................................................................................

______________________________________________________

ولا رهن أرض الخراجيّة أيضا وهي التي فتحت عنوة أو أسلم أهلها عليها بان تكون الأرض مملوكة للمسلمين ، وهم يتصرفون فيها ويعطون الخراج الى الامام عليه السلام ويصرفه في مصالح المسلمين ، فإنه اجرة أرضهم.

وجهه ظاهر إذا كانت منفردة عن البناء والغرس ، فإنها ملك للمسلمين قاطبة وليس للراهن منها حصّة معيّنة ، بل له الانتفاع باجرتها من جهة المصالح أو بالأرض باذن الناظر ولا يمكن بيعها.

واما إذا كانت فيها الأبنية والاغراس ، فظاهر جواز رهنهما بدونها ان لم تكن من اجزاء تلك الأرض وتوابعها.

واما ما (إذا خ) كانت منها أو رهنتا معها فالظاهر عدم صحّة الرهن فيها والابنية منها واما هما فيمكن صحّة رهنهما إن أمكن بيعهما.

قال في التذكرة : لا يصحّ رهن أرض الخراج (الى قوله) : وان كان فيها بناء أو غرس ، فان كان البناء معمولا من ترابها فحكمه حكمها ، وان كان من غيرها جاز رهنه ورهن الغرس ، وان أفراد الغرس والبناء ، بالرهن صحّ ، وان رهنه مع الأرض لم يصحّ رهن الأرض ، فأمّا البناء والغراس فمبنيّ على القولين في تفرّق الصفقة ، فإن قلنا : يفرق صحّ في الجائز منه ، وإذا قلنا : لا يفرق ـ لأن الصفقة جمعت حلالا وحراما ـ قدح الجميع ، وان قلنا : لا يفرّق ـ لان ذلك يؤدّى الى جهالة الغرض في الجائز منه ـ صحّ هنا فيما يجوز لأنه لا غرض فيه إلخ (١).

ويوجد في كثير من العبارات : يجوز بيعها تبعا للآثار من بناء أو غرس ، ويجوز رهنها كذا قاله في شرح الشرائع مع منعه في المتن.

وفيه تأمّل واضح ، فإنه كيف يجوز تبعيّة ما لا يجوز بيعه ورهنه بسبب جواز

__________________

(١) الى هنا عبارة التذكرة.

١٤٥

ورهن المدبّر ابطال لتدبيره.

______________________________________________________

ما يجوز فيهما ذلك الّا أن يقوم عليه دليل وحجّة وليس على الظاهر سوى جواز التصرف وبيع الأثر ورهنه ، ولعلّ عندهم دليلا وما رأيناه وقد مرّ البحث عن ذلك فتذكر.

والظاهر أنه لا يجوز إخراجها من الملك بوجه إلّا جعلها مسجدا كما جوزه في الدروس وغيره.

ولعل وجهه أنه مصلحة من مصالح المسلمين مؤيّدا بعموم أدلّة جواز المسجد والترغيب في بنائه من غير قيد ، وفعل الناس في زمانهم عليهم السلام من غير اذن سابق وبعدهم عليهم السلام الى الآن من غير إنكار من العلماء والصلحاء ذلك.

ولعله لا يشترط هنا ملكيّة الجاعل مسجدا ، أو يقال : انه يصير قبله ملكا ثم يصير مسجدا كما قيل مثله في العبد (١) المأمور بعتقه ، ويؤيده انه يجوز جعل الامام عليه السلام إيّاه مسجدا وليس بملك له.

ويجوز بإذنه أيضا من غير التملك وقد مرّ البحث في ذلك فتأمّل وتذكر.

قوله : «ورهن المدبر إلخ» الظاهر أنه لا نزاع في جواز ابطال التدبير ثم الرهن لأنه جائز عند الأصحاب.

والظاهر أيضا عدم جواز جعل خدمته رهنا لأنه من المنافع وقد اشترط العين وان ورد رواية دالّة على جواز بيع خدمته (٢) وقد عمل بها الشيخ (٣).

ولو قيل به فلا يستلزم القول بجواز رهنها ، إذ ليس كل ما يجوز بيعه يجوز

__________________

(١) يعني لو قال له قائل : أعتق عبدك عني فأعتقه يصير الآمر قبل إعتاق المأمور مالكا ثم يعتق من ملكه كي لا ينافي قوله عليه السلام : لا عتق إلا في ملك فكذا هنا فتأمّل.

(٢) راجع الوسائل باب ٣ حديث ١ ـ ٣ ـ ٤ من كتاب التدبير إلخ ج ١٦ ص ٧٤.

(٣) راجع الاستبصار ج ٤ ص ٢٩ قوله ره : فالوجه في الجمع إلخ.

١٤٦

ويمضي رهن ملكه لو ضمه الى ملك غيره ويقف الآخر على الإجازة.

ويصح رهن المسلم والمصحف عند الذمّي إذا وضعا (وضعهما خ) على يد مسلم.

______________________________________________________

رهنه ، نعم العكس صادق.

واما رهنه حال التدبير ، هل يصحّ أم لا؟ وعلى تقدير الصحّة هل يبطل التدبير أم لا؟ ففيه البحث وظاهر المصنف هنا والتذكرة الصحّة مع البطلان.

وفيه تأمّل ، إذ الظاهر الصحّة مع عدم البطلان بعموم أدلّة الرهن وجواز التصرف في المدبّر ، ولكن لمّا لم يكن بينه وبين الرهن منافاة فالظاهر بقائه موقوفا ، فان بيع في الدين بطل تدبيره وان لم يبع يبقى مدبّرا.

ويؤيّده أنه لو كان بينهما منافاة لزم عدم صحّة الرهن لوجود التدبير قبله ، وعلى تقدير بطلان التدبير بالرهن ، انما يبطل بعد إتمام الرهن ، وصحته رهنا غير معلوم الصحّة لورود العقد على المدبّر الذي لا يجتمع رهنه مع تدبيره ولهذا بعينه قيل : بعدم صحّة بيعه الا بعد ابطال التدبير.

على ان البطلان بعد إتمام الرهن لم ينفع لوقوع الصيغة على المدبّر ، فالظاهر الصحّة وعدم المنافاة فيبقى مدبّرا مرهونا ، الا ان يقال : يبطل قبيل الصيغة كما في العبد المأمور بعتقه.

ولكن هناك قبل ذلك ، للضرورة وليست هنا لعدم نصّ ولا إجماع.

قوله : «ويمضى رهن ملكه إلخ» دليله قد مرّ في البيع مع التأمّل فتذكر ويزيد هنا عدم الدليل على جواز الفضوليّ في الرهن الّا القياس على البيع والشراء أو عدم القائل بالفرق ان صحّ.

قوله : «ويصح رهن المسلم إلخ» أي العبد المسلم ، قد مرّ دليله.

١٤٧

والمرتد وان كان عن فطرة ، والجاني عمدا أو خطاء.

وانما يصح على دين ثابت في الذمّة لا على ما لم يثبت وان وجد سببه كالدية قبل استقرار الجناية.

______________________________________________________

قوله : «والمرتد وان كان عن فطرة إلخ» عطف على المسلم أي ويصح رهن العبد المرتد ، دليله عموم أدلّة الرهن مع عدم المانع ، إذ ليس الّا الارتداد ، وليس بمانع ، إذ قد لا يقتل وان وجب قتله ولم يخرج عن الملك فيباع في الدين.

وكذا العبد الجاني ، بل يزيد هنا أنه قد تعفى عنه ، فإنّه جائز ، بل حسن فيباع في الدين.

ويمكن جواز تسليم المرتد إلى الذمّي أي المرتهن الذميّ المرتدّ ، ويمكن العدم لحرمة أصل الإسلام.

قوله : «وانما يصح على دين ثابت إلخ» إشارة إلى الركن الثالث ، وهو ما عليه الرهن واشترط كونه دينا ، فظاهره عدم جوازه على الأعيان الغير المضمونة مثل الوديعة والعارية الغير المضمونة والمستأجرة ، والمضمونة ، مثل ان تكون مغصوبة أو مستعارة مضمونة ، ولا على درك الثمن أو المبيع لما يشعر به تعريف الرهن ، المقدم عن الشرائع حيث قيّد بالدين.

لعل دليله الأصل ، وعدم ثبوته إلّا في المجمع عليه ، وهي ليست كذلك.

وأنّ الرهن لاستيفاء الحقّ ، ولا حقّ في الاولى (١) ، ولا يمكن استيفاء العين فيها وفي الثانية (٢) من الرهن أي شي‌ء كان.

وفيه تأمّل ، إذ عموم أدلّة الرهن يدفع الأصل وفي ثبوته حين الرهن تأمّل سيذكر.

__________________

(١) يعني في الأعيان الغير المضمونة لا يصح الاستيفاء من عين تلك الأعيان.

(٢) يعني لا حق للمرتهن في الأعيان المضمونة.

١٤٨

.................................................................................................

______________________________________________________

مع انه قد يقال : الأصل تسلّط المالك على ماله ، والتصرف فيه باذنه.

وأن الاستيفاء أعم من أخذ العين المدفوعة أو المثل أو القيمة.

ويمكن اعتبار صدق التعريف أيضا بوجه مّا ان كان جائزا عند المعرّف ، فكأنّ الجواز في الثانية (١) أظهر ، ولهذا قال في التذكرة : فالأقوى جواز الرهن عليها أي على الأعيان المضمونة.

ويفهم منه عدم الخلاف في عدم الصحّة على الاولى ، لعدم الثبوت وعدم حق بحيث يستحقّ استيفائه.

ويمكن باعتبار الأوّل إلى الثبوت بان يقصّر في الحفظ فيضمن.

ولكن اشتراط الثبوت حال الرهن ينفيه وان كان في تحققه في جميع الصور التي قالوه أيضا محلّ التأمّل كما في العارية المضمونة ، فإنه لا يضمن الّا بعد التلف وسيجي‌ء غيره فتأمّل.

وأمّا اشتراط الثبوت حال الرهن ـ إمّا بالفعل أو بالقوّة ، مثل زمن الخيار كما قاله في التذكرة ـ فكأنّ دليله أن ذلك ثابت إجماعا ، قال في التذكرة : عقد الرهن ، بعد ثبوت الحقّ وتقرّره في الذمة إجماعا.

ولا إجماع في غيره الا أنّك قد عرفت أن لا يحتاج اليه ، ويكفي شمول عموم الأدلّة والتسلّط فتأمّل.

لعلّه الى هذا نظر في التذكرة حيث قال : اما لو قارنه وامتزج الرهن بسبب ثبوت الدين ، مثل ان قال : بعتك هذا العبد بألف وارتهنت هذا الثوب به (الى قوله) : الأقرب الجواز.

وقد مرّ التأمّل فيه ولا يبعد ، لعموم الأدلّة وعدم ظهور مانع الا اشتراطهم

__________________

(١) يعني في الأعيان المضمونة.

١٤٩

ويصحّ على مال الكتابة ، فإن فسخ المشروطة للعجز بطل.

ولا ينعقد على ما لا يمكن استيفائه منه كالإجارة المتعلّقة بعين المؤجر كخدمته ويصحّ في العمل المطلق.

وان يجعل الرهن على دين ، رهنا على آخر.

______________________________________________________

ذلك وهو غير ثابت بالدليل في محلّ النزاع ، ولهذا تجد تجويزهم في الدرك على الثمن والمبيع وغير ذلك فتأمّل.

قوله : «ويصح على مال الكتابة إلخ» وجهه ظاهر ، وهو شمول الأدلّة مع وجود الشرائط ، وكذا دليل بطلانه على تقدير فسخ المشروطة ، بل هو أظهر ، لأن المال صار للسيد ولا معنى كونه رهنا له وما بقي له شي‌ء في ذمّة العبد.

قوله : «ولا ينعقد على ما لا يمكن إلخ» يعني لا بدّ ان يكون ما يرهن عليه ممّا يمكن استيفائه من الرهن فلا يصحّ الرهن على ما لا يمكن مثل خدمة شخص معيّن ، وكتابته وبناءه إذا استأجر ان يعمل ذلك بنفسه ، إذ مع تعذر عمله لا يمكن استيفاء ذلك من الرهن بوجه.

واما إذا أمكن فيصح سواء كان عينا أو منفعة ، مثل أن استأجر شخصا على تحصيل كتابة كتاب معلوم بأجرة معلومة مطلقا فيثبت في ذمته تحصيل ذلك ويمكن الرهن عليه لإمكان استيفاء ذلك من الرهن فيصح الرهن على ما في الذمة عينا كان أو منفعة ولكن في إطلاق الدين المشترط في الرهن ، عليه تأمّل وان كان باعتبار ما في الذمّة ، من الأجرة ، ففي الحقيقة ، الرهن انما يكون على ذلك.

فيرد عليه انه حينئذ ينبغي الجواز على العمل الخاص أيضا فتأمّل.

فإن فيه مثل ما في الأعيان فإنه يمكن ان يكون معنى الاستيفاء أعم من أن يكون مثلا أو قيمة.

قوله : «وان يجعل الرهن إلخ» يعني لا يشترط في الرهن كونه غير رهن على آخر

١٥٠

ويشترط في المتعاقدين جواز التصرف ، ولوليّ الطفل الرهن وقبوله مع المصلحة دون اسلاف ماله أو إقراضه إلّا مع الغبطة و (أو خ) الحاجة فيأخذ الرهن ، ولو تعذر أقرض من الثقة.

______________________________________________________

كما انه لا يشترط فيما يرهن عليه عدم الرهن عليه فيصحّ الرهن على دين آخر بعد أن كان رهنا على دين.

كما انه يجوز الرهن عليه بعد ان كان عليه رهن آخر.

فان كان على دين أيضا للمرتهن ويعلمه صحّ ، وان كان لغيره فيحتاج الى اذنه ، فان اذن فالظاهر صحته ولم يبطل الأوّل خصوصا إذا كان بحيث يمكن استيفائهما عنه.

بل يكون موقوفا ومتأخرا عن الثاني فإن بقي بعد استيفائه شي‌ء يكون رهنا على الأول يستوفي ذلك منه كذا ذكره في التذكرة.

وليس ببعيد ، ولو ذكر هذه في شرائط الرهن لكان أولى لأنه دفع لمذهب الحنفيّة انه يشترط في الرهن كونه غير مرهون.

قوله : «ويشترط في المتعاقدين إلخ» إشارة إلى الركن الرابع ، وهو كون المتعاقدين جائزي التصرف كما هو شرط في سائر العقود وقد تقدم في البيع.

ويجوز كون العاقد وصيّا ووكيلا ووليّا مع المصلحة واليه أشار بقوله : (ولولي الطفل الرهن إلخ) يعني يجوز له ان يستقرض للطفل فيرهن ، ما أرهن عليه ، وان لزم له مال في ذمّة شخص يأخذ الرهن عليه مع المصلحة ولكن لا يسلف بماله ولا يقرضه الّا مع الغبطة بأن يحصل له نفع يعتدّ به مع الأمن عن التلف أو مع الحاجة بأن يكون في معرض التلف ولا يمكن ضبطه الّا بهذا الوجه فيسلف أو يقرض ويأخذ الرهن من الثقة الملي فإن تعذر الرهن يكتفى بالملاءة والثقة ، ومع التعذر يسقط ، ومع وجودهما يمكن تقديم

١٥١

ويجوز للمرتهن اشتراط الوكالة له ، ولغيره وتلزم.

ووضع الرهن على يد أجنبيّ.

______________________________________________________

الثقة ويحتمل الملي أيضا.

وبالجملة بحسب نظر الولي وظنّه والعادة فتأمّل.

وكان (١) الغبطة مغنيا عن الحاجة ، جمعهما للتوضيح.

قوله : «ويجوز للمرتهن إلخ» أي يجوز للمرتهن ان يشترط في الرهن كونه وكيلا في البيع عند حلول المال وعدم أدائه وفي أخذه عن الرهن.

وكذا له ان يشترط ذلك لغيره ، ومع الشرط يلزم الوكالة بمعنى انه لا يجوز للراهن عزله ، ولكن للوكيل عزل نفسه خصوصا إذا كان لنفسه.

وفيه تأمّل خصوصا إذا كان البيع وشرط الوكالة مصلحة للراهن أيضا أو كانت لغيره فإنه يفوت الغرض من التوكيل.

ودليل اللزوم ما تقدم من أدلة لزوم الشرط في العقود اللازمة فلما كان الرهن لازما من جانب الراهن فقط فكانت الوكالة أيضا ـ من جانبه فقط ـ لازمة ، لا من جانب المرتهن فله عزل نفسه.

وكذا الغير ، فإنه لمصلحته فكأنه نفسه فلما رضي بكونه وكيلا فكأنه رضي جعله كنفسه.

ويؤيّده جواز عقد الوكالة إلّا مع ثبوت اللزوم وهنا غير ثابت ، ويحتمل لدليل لزوم الشرط وخرجت الوكالة الغير المشروطة وبقي الباقي فتأمّل.

قوله : «ووضع الرهن على يد أجنبيّ» يعني يجوز وضع الرهن على يد أجنبيّ برضاهما كما يجوز وضعه على يد أحدهما.

__________________

(١) يعني قول الماتن ره : الا مع الغبطة والحاجة كان ذكر الأول مغنيا عن الثاني وانما جمعهما لان العطف تفسيريّ وتوضيحيّ لا مغاير.

١٥٢

فلو مات بطلت الوكالة دون الرهن.

ولو مات المرتهن لم ينتقل الوكالة إلى وارثه الّا مع الشرط.

ويسلّمه العدل إليهما أو الى من يتفقان عليه ، ولو غابا سلمه الى الحاكم مع الحاجة ، لا بدونها.

______________________________________________________

والظاهر عدم اشتراط اذن المرتهن في وضعه على يد الراهن ، لانه ملكه وتحت يده ، ولا ينافي تعلّق حق الغير به كونه في يده سواء. في ذلك كون القبض شرطا أم لا ، إذ المراد بالقبض ما مرّ في البيع ، وهو لا يستلزم الدوام وما شرطه أحد ، على الظاهر.

ويحتمل ان يكون عطفا على الوكالة (١) وحينئذ يلزم كالوكالة.

قوله : «فلو مات بطلت إلخ» أي لو مات الراهن أو الوكيل في بيع الرهن في الدين وأخذه منه ، تبطل الوكالة ، كما تبطل بموت الموكّل أو الوكيل في غير الرهن على ما قد تقرّر عندهم وسيجي‌ء ولا يبطل الرهن بل ينتقل حقّ الرهانة إلى ورثة المرتهن كما كان له.

قوله : «ولو مات المرتهن إلخ» ذكره بعد إمكان فهمه ممّا سبق ، لدفع انتقال الوكالة إلى الورثة بدون الشرط وانتقالها معه.

عدم انتقالها واضح ، للأصل ، ويمكن الانتقال مع الشروط ، لأدلّة لزوم الشروط ، إذ الظاهر عدم المانع منه وكونه مشروعا. فتأمل.

قوله : «ويسلّمه العدل إلخ» إشارة إلى كيفيّة تسليم الأجنبي الذي وضع الرهن عنده ، وعبّر عنه بالعدل إشارة إلى أنه ينبغي ان يكون ذلك عدلا ، لعدم الوثوق بغيره فيجب ان يسلّمه الى الراهن والمرتهن بان وضعه في يدهما معا أو يد من يرضيانه ولو كان أحدهما.

__________________

(١) يعني يجوز للمرتهن اشتراط الوكالة واشتراط وضع الرهن إلخ.

١٥٣

ولو دفعه مع الحاجة الى غير الحاكم من دون إذنهما أو اذن الحاكم مع القدرة عليه ضمن.

ولو وضعاه على يد عدلين لم ينفرد به أحدهما.

______________________________________________________

وهذا يشعر بعدم جواز تسليمه الى الراهن فقط أيضا ، فيفهم منه ان لا يكون له الحفظ وكون الرهن تحت يده الّا مع رضا المرتهن.

وفيه تأمّل ، والظاهر الجواز كما مرّ ، والاستصحاب وكونه مالكا ، يقتضيانه ، ويمكن حمله على شرط ذلك في الرهن فتأمّل.

ولو أراد التسليم ولم يمكن (١) إليهما لغيبتهما ونحوها ، تسلّمه الى الحاكم مع الحاجة ولا يسلّمه اليه مع الإمكان ، فإن تعذر ـ مع عدم إمكانه عنده لخوف التلف من عنده أو حصول سفر ضروري ـ يمكن جعله عند ثقة ، ويمكن عدم الضمان حينئذ معه ويحتمل جواز دفنه واعلام الثقة بذلك لئلّا يفوت.

ولو دفع الى الحاكم ـ مع عدم الحاجة من دون إذنهما ويمكن معها أيضا مع إمكان الاذن أو الدفع إليهما ـ يمكن الضمان كما يشعر به كلامه.

وكذا مع الحاجة وعدمها الى غير الثقة ، والى الثقة أيضا بغير إذنهما واذن الحاكم مع الإمكان ومع الحاجة الى الثقة أيضا مع إمكان إذنهما أو اذن الحاكم أو الدفع إليهم.

وبالجملة ، لا يضمن بالدفع مع الاذن ، والى الثقة مع الحاجة وعدم إمكان الدفع إليهما وإذنهما واذن الحاكم ، والى الحاكم مع الحاجة وعدم إمكان الاذن ، وفي غيرها يمكن الضمان مطلقا وفي الإثم والضمان في بعض الصور ، تأمل وسيجي‌ء البحث عن ذلك.

قوله : «ولو وضعاه على يد عدلين إلخ» لو سلماه إليهما ولم يأذن الانفراد

__________________

(١) يعني لم يمكن التسليم الى الراهن والمرتهن.

١٥٤

«المطلب الثاني في الأحكام»

يقدّم استيفاء دين الرهن منه وان كان المديون ميّتا وقصرت أمواله فإن فضل شي‌ء صرف في الدين (لديون خ).

ودين المرتهن على غير الرهن ، كغيره ، ولو أعوز ضرب مع الغرماء بالباقي.

______________________________________________________

لكلّ منهما ، فهما معا مودعان ، فيجب النظر والحفظ عليهما معا إلّا ان لا يمكن الا عند أحدهما والنظر له فقط ، فينفرد كل منهما باذن الآخر ويتساويان.

قيل : ولا يسلّم أحدهما إلا بإذن الآخر.

والظاهر أن لأحدهما فقط التسليم إليهما ، والى من يتفقان عليه ، بل يجب فوريّا من دون انتظار الآخر ، لأن المال لهما وليس للآخر الّا حفظه لهما بإذنهما ، فإذا أرادا أخذ مالهما ، فلهما أخذه من دون إذنهما (١) ، فللعالم بذلك التسليم فلا يجوز منعهما ، نعم يمكن ذلك للإشهاد ونحوه فتأمل.

قوله : «المطلب الثاني إلخ» يعني من أحكام الرهن وفوائده أنّ الدين الذي عليه الرهن ، مقدّم على سائر الديون في استحقاق استيفائه من الرهن سواء كان صاحبه حيّا أو ميّتا ، وفي ماله وفاء لديونه أم لا فيؤخذ مقداره من الرهن ان وسع ولو بقي شي‌ء فهو لسائر الغرماء ان كان دين والا فللوصيّة أو الإرث وإن لم يسعه فصاحبه مثل سائر الغرماء في الفاضل.

ودين المرتهن الذي لا رهن عليه ، مثل سائر الديون وهو ظاهر كضربه مع الغرماء في الفاضل.

وأمّا الدليل على تقديمه على سائر الغرماء فالظاهر انه إجماعي في الحيّ ،

__________________

(١) يعني من دون اذن العدلين اللذين وضع الرهن عندهما.

١٥٥

.................................................................................................

______________________________________________________

مستنده كون ذلك من خصائص الرهن ، فان الدين المتعلّق بالرهن لا محالة ، له تعلّق الاستيفاء وان ذلك من فوائده التي شرع لها.

والمشهور انه على تقدير كونه ميّتا وقصور ماله عن ديونه أيضا ، كذلك وان خالف فيه البعض ، واليه أشار بقوله : «وان كان المديون ميتا إلخ».

ودليله انه استحقّ الاستيفاء من الرهن قبل تعلّق سائر الديون بالأموال والتركة فلا يشاركه أحد.

ودليل الشركة حينئذ ان المال بعد الموت إمّا ان يصير للغرماء أو يتعلق به الديون والكلّ دين والفرض عدم الكفاية فيجب القسمة بالحصص.

ويؤيده الاخبار ، مثل ما في مكاتبة سليمان بن حفص المروزي ، قال : كتبت الى أبي الحسن عليه السلام في رجل مات وعليه دين ولم يخلف شيئا إلّا رهنا في يد بعضهم فلا يبلغ ثمنه أكثر من مال المرتهن أيأخذه بماله أو هو وسائر الديان فيه شركاء؟ فكتب عليه السلام : جميع الديان في ذلك سواء يتوزعونه بينهم بالحصص الحديث (١). وقريب منه رواية عبد الله بن الحكم عنه عليه السلام (٢).

ودلالتهما صريحة ، ولكن سندهما غير صحيح ، غير أنى ما وجدت حديثا يدل على المشهور الّا أنه مشهور ، بل قد لا يذكر الخلاف ووجهه لا يخلو عن قوّة.

ثم اعلم انه قد يختلج التأمّل في اختصاص المرتهن بالرهن بعد الحجر بالفلس ، بل قبله أيضا في تخصيص بعض الديان ببعض دون البعض وان كان

__________________

(١) الوسائل باب ١٩ حديث ٢ من كتاب الرهن.

(٢) الوسائل باب ١٩ حديث ١ من كتاب الرهن ، والاولى نقل متن الحديث ، عن عبد الله بن الحكم (الحكيم خ ل) قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام ، عن رجل أفلس وعليه دين لقوم وعند بعضهم رهون ، وليس عند بعضهم فمات ولا يحيط ماله بما عليه من الدين؟ قال : يقسم جميع ما خلف من الرهون وغيرها على أرباب الدين بالحصص.

١٥٦

والمرتهن أمين لا يضمن إلّا بالتعدي ولا يسقط بتلفه شي‌ء من الحقّ.

______________________________________________________

المفهوم من شرح الشرائع (١) الإجماع على الاختصاص بالرهن حال الحياة وجواز تخصيص بعض الديان بتمام ماله وكون الاختيار إلى المالك في الترجيح مع عدم الحجر ، وانه انما التعارض والنزاع بعده.

لما يفهم من الرواية عدم الاختصاص فلا فرق بين الحيّ والميّت.

ولأنّ الكلّ ممّا يجب ان يؤدّي عوضه ، فجواز الترجيح ـ من غير مرجّح وإعطاء البعض الكلّ ، وجعل غيره محروما بالكليّة ـ لا يخلو عن شي‌ء ، ولهذا شرع الجحر.

وان كان كونه مالكا وله التسلط على ملكه بما يريد يقتضي ان يكون له ان لا يعطي واحدا منهم ويصرفه في غيرهم على طريق الهدية والهبة.

ولكن فيه تأمّل من جهة وجوب الصرف الى الديان بلا خلاف مع الطلب.

فالظاهر انه يدل على تحريم صرفه في غيره لأنه ضد ، وعدم صحته أيضا ، إذ الغرض من النهي وصول المال الى الديان ، وهو لا يتم الا مع فساد الإعطاء للغير وعدم تملكه فهو الظاهر فتأمّل.

قوله : «والمرتهن أمين إلخ» دليل عدم الضمان حينئذ وعدم سقوط شي‌ء من الحقّ بتلف المرهون ، هو الأصل ، وان المرتهن بمنزلة الودعيّ فلا وجه للضمان والأخبار ، مثل صحيحة جميل بن درّاج ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام في رجل رهن عند رجل رهنا فضاع الرهن؟ قال : هو من مال الراهن ويرجع المرتهن عليه

__________________

(١) حيث قال عند شرح قول المحقق ره : «والمرتهن أحق باستيفاء دينه) : ما هذا لفظه : يتحقق التعارض في الحيّ إذا كان مفلّسا محجورا عليه ، إذ بدونه يتخيّر في الوفاء ، والخلاف ، في تقديم المرتهن على غرماء الميت وقد روي حينئذ انه وغيره سواء ، والأقوى تقديمه مطلقا لسبق تعلق حقه بالعين (انتهى) المسالك ج ١ ص ٢٣٠.

١٥٧

.................................................................................................

______________________________________________________

بماله (١).

وحسنة الحلبي ، في الرجل يرهن عند الرجل الرهن فيصيبه توى (٢) أو يضيع (ضياع ئل)؟ قال : يرجع بماله عليه.

ويدل عليه أيضا رواية عبيد بن زرارة ، وكذا مرسلة أبان عن رجل ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، في رجل رهن عند رجل دارا فاحترقت أو انهدمت؟ قال :يكون ماله في تربة الأرض ، وقال في رجل رهن عنده مملوك فجذم أو رهن عنده متاع فلم ينثر (فلم ينشر خ ئل) المتاع ولم يتعاهده ولم يحرّكه فتأكّل (٣) هل ينقص من ماله بقدر ذلك؟ قال : لا ، والاخبار في ذلك كثيرة جدّا.

ولكن روي أخبار يضادّها مثل صحيحة أبي حمزة ، قال : سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول علي عليه السلام في الرهن يترادّان الفضل؟ قال : كان علي عليه السلام يقول ذلك قلت : كيف يترادّان؟ فقال : ان كان الرهن أفضل ممّا رهن به ثمّ عطب ردّ المرتهن الفضل على صاحبه ، وان كان لا يسوي ، ردّ الراهن ما نقص من حقّ المرتهن ، قال : وكذلك كان قول علي عليه السلام في الحيوان وغير ذلك (٤).

وموثقة ابن بكير ، قال : سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرهن؟ فقال : ان كان أكثر من مال المرتهن فهلك ، أن يؤدّي الفضل إلى صاحب الرهن ، وان كان أقل من ماله وهلك الرهن أدّى إليه صاحبه فضل ماله وان كان الرهن سواء فليس عليه شي‌ء.

__________________

(١) أورده واللذين بعده في الوسائل باب ٥ حديث ١ ـ ٣ و ٩ من كتاب الرهن.

(٢) والتوى مقصورا ويمدّ هلاك المال (مجمع البحرين).

(٣) في الوسائل نقلا من الصدوق ره : فأكل يعني أكله السوس.

(٤) أورده والذي بعده في الوسائل باب ٧ حديث ١ و ٣ من كتاب الرهن.

١٥٨

.................................................................................................

______________________________________________________

وحملتا على ما إذا فرّط المرتهن وقصّر وتلف في يده ، وذلك غير بعيد للجمع ، ولعدم (صراحتهما ظ) في ضمان المرتهن مع عدم التفريط.

ويؤيده أخبار مثل مرسلة أبان عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام انه قال في الرهن إذا ضاع من عند المرتهن من غير ان يستهلكه رجع في حقه على الراهن فأخذه ، فإن استهلكه ترادّا الفضل بينهما (١).

وعليه يحمل صحيحة إسحاق بن عمار ـ وان كان فيه قول ـ قال : سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يرهن الرهن بمأة درهم وهو يساوي ثلاثمائة درهم فهلك ، أعلى الرجل أن يردّ على صاحبه مأتي درهم؟ قال : نعم ، لأنّه أخذ رهنا فيه فضل وضيّعه ، قلت : فهلك نصف الرهن؟ فقال : على حساب ذلك. الحديث (٢).

ويؤيد الحمل قوله : (ضيّعه).

وكذا رواية سليمان بن خالد ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إذا ارتهنت (رهنت خ) عبدا أو دابّة فماتا فلا شي‌ء عليك ، وان هلكت الدابّة أو أبق الغلام فأنت ضامن (٣).

فكأنه يريد هلاك الدابّة بتفريطه ، والّا فيصير منافيا لقوله : (فماتا فلا شي‌ء عليك) ويحتمل أن يكون بمعنى (أهلكت) وكذا كون الإباق بتفريطه وعدم حفظه والشهرة يؤيّده بل الإجماع على الظاهر حيث ما نقل الخلاف ، والاحتياط واضح.

وقوله : (٤) (ولا يسقط) بعد قوله : (لا يضمن) للإشارة إلى ردّ هذه الرواية

__________________

(١) الوسائل باب ٥ حديث ٧ من كتاب الرهن.

(٢) الوسائل باب ٧ حديث ٢ من كتاب الرهن.

(٣) الوسائل باب ٥ حديث ٨ من كتاب الرهن.

(٤) يعني المصنف.

١٥٩

ولو تصرف ضمن العين إن تلفت بالمثل في المثلي ، والقيمة يوم التلف في غيره والأجرة.

وله المقاصّة لو أنفق.

______________________________________________________

للتأكيد ، وهو ظاهر.

قوله : «ولو تصرف ضمن إلخ» يعني لو تصرف المرتهن الذي كان أمينا في الرهن تصرفا غير مأذون فيه ، خرج عن كونه أمينا ، بل صار غاصبا ضامنا ، فيضمن المثلي بالمثل والقيمي بقيمته ، ويضمن أجرته أيضا ـ من يوم تصرف الى حين تلفه أو تسليمه الى مالكه ـ ان كان ممّا له اجرة ومضى زمان يقتضيها ، سواء استوت النفقة أم لا.

دليله هو انه بعده خرج عن الأمانة ، وهو ظاهر فيضمن كسائر المتصرفين غير الأمناء في أموال الناس بدليله كالإجماع ونحوه.

واما كون القيمة يوم التلف فكأنه مبنى على ان التصرف كان متلفا والا يحتمل أعلى القيم ، لانه بالحقيقة صار غاصبا ويقولون فيه بذلك.

الا ان الظاهر هو القيمة يوم التلف فيه أيضا ، لأنه حين لزوم القيمة عليه الا ان ينقص منه ماله قيمة مثل صوف وسمن فيضمن ذلك أيضا لا القيمة السوقيّة ، لما يظهر من الإجماع على عدم ضمانها وأخذ الغاصب بأشق الأحوال في الدنيا لا دليل عليه.

قوله : «وله المقاصّة لو أنفق» : الظاهر أنّ للمرتهن ، الرجوع على الراهن بما أنفق على الرهن بما هو واجب عليه بشرط عدم كونه متبرّعا فينبغي اذنه ، فان تعذر فاذن الحاكم والا ، الإشهاد ، والا ، القصد فقط.

واما المقاصّة به من مال الراهن رهنا كان أو غيره ، فالظاهر انه مشروط بشروطها كما في غير الإنفاق.

ويمكن ان يراد بالمقاصّة مجرد الرجوع ، وان يراد شرب اللبن وركب الظهر

١٦٠